أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهير المصادفة - عاصمة ثقافية














المزيد.....

عاصمة ثقافية


سهير المصادفة

الحوار المتمدن-العدد: 4032 - 2013 / 3 / 15 - 12:16
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


سمعتُ اسم العراق وأنا فى الخامسة من عمرى تقريبًا، كنتُ بعْدُ لم أعرفْ هل العراق هذه بيتٌ أم بلدة مثل بلدتى في الشرقية التى نذهب إليها من حين إلى آخر، أم مصيف مثل الإسكندرية التى نذهب إليها كل صيفٍ، أم أنها مشفى، لكن المدهش وقتذاك أننى وقعت فى حبِّها فور سماع اسمها وأنا لا أعرف بالطبع بعْدُ مكانَها على الخريطة، والحكاية ببساطة أن أبى كان في إحدى الأمسيات العائلية آنذاك يردد أبياتٍ من قصيدة قيس بن الملوح الشهيرة: يقولون ليْلى بالْعِرَاقِ مريضةٌ / فَمَا لَكَ لا تَضْنَى وأنْتَ صَديقُ. سقى الله مرضى بالْعِراقِ فإنني / على كلِّ مرضى بالْعِرَاقِ شفيق. فإنْ تَكُ لَيْلَى بالْعِراقِ مَريضَةً / فإنِّى في بحْرِ الحتوفِ غريق.
كان أبى كأنه يشدو بهذه الأبيات شدوًا يتسلل إلى الروح دون المرور على العقل ثم يأبى أن يغادر، تعلمتُ فى المدرسة ــ فيما بعد ــ أن بغداد عاصمة العراق هى ثانى أكبر مدينة فى العالم العربى بعد القاهرة، وتعلمت من التاريخ أنها كانت ملتقى المبدعين والعلماء والدارسين لعدّة قرون خلت، وأنها كانت قِبلةَ الشعراء والأدباء والمترجمين والكُتَّاب والفنانين، وأن بها شارعًا على اسم مَنْ أحبُّ من الشعراء.. شارع "أبو نواس"، وأن كلمة بغداد ــ باللغة الآرامية السريانية التى كان يتكلمها أهل بابل القدماء ــ تعنى بستان الحبيب.
حلمتُ أن أتجول فى بستان الحبيب / عاصمة الرشيد، وأستريح قليلاً فى رحاب تمثال شهرزاد وهى تحكى لشهريار حكايات ألف ليلة وليلة التى مازالت تمثل أعلى ذروةٍ للسرد فى العالم حتى هذه اللحظة، وحلمت أن أرى تماثيل المتنبى والرصافى وأن أتنسم الهواء الذى ــ دون شكٍّ ــ داعبَ نازك الملائكة والجواهرى وناظم الغزالى.

ليس غريبًا إذًا أن تكون بغداد عاصمة للثقافة العربية لعام 2013، وليس غريبًا أن تنهض العراق مما ألمَّ بها لتقوم بدورها فى المساهمة لنهضة الثقافة العربية فى السنوات القليلة القادمة، أن تكون بها أكبر دار أوبرا تليق بتاريخها الذى أهدى للعالم صروحًا موسيقية مثل إبراهيم الموصلى وإسحق الموصلى وزرياب، وأن يكون بها العديد من دور العرض المسرحى والسينمائى، وأن يكون في كلِّ ميدان من ميادينها سوق عكاظ جديد، وأن تُؤلفَ حكاياتٌ وأبياتٌ شعريةٌ جديدة على ضفاف دجلة والفرات، وأن تُقام صالونات الفكر والثقافة لكى تمتلئ المكتبات.
ليس غريبًا أن تكون بغداد عاصمة للثقافة العربية فهى تستحق وتاريخها حافل بدعم الثقافة العربية، وفي الواقع نحن نحتاج فى هذا الوقت الحرج الذى تمرُّ به شعوبنا العربية أن تكون كلَّ العواصم العربية عاصمةً للثقافة العربية ليس في كلِّ عامٍ فقط، وإنما فى كلِّ شهرٍ بل فى كلِّ يومٍ، نحتاج إلى عواصم ثقافية عربية باستطاعتها تحمل حرية الفكر والتعبير والعقيدة وتزدهر في أرجائها مدارس فلسفية وفكرية مختلفة مثلما خرج فى الماضى المعتزلة من على منابر البصرة، نحتاج إلى عواصم ثقافية عربية لا تُهمش مثقفيها ولا تغيبهم أثناء كتابة تاريخ أوطانهم الحديث، نحتاج إلى عواصم ثقافية عربية تشيدُ فيها أثناء المهرجانات والاحتفاليات البُنى التحتية للمؤسسات الثقافية والفنية، نحتاج أن ندرأ خطرًا يزحف لتقويض هذه الثقافة ووأدها والوقوف بالمرصاد لنهضتها، ولن يتغلب على هذا الخطر الداهم إلا الاحتفاء بالثقافة العربية والعمل على نهضتها ليلاً ونهارًا حتى يرتدُّ هجوم التيارات المتشددة التى تريد العودة بها إلى الوراء إلى نحورهم، وتنطلق الثقافة العربية إلى آفاقٍ أرحب لأنها بالفعل هى القاطرة التى ستجرُّ البلدان العربية إلى مصاف الدول المتقدمة.



#سهير_المصادفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غرفتى الأولى
- -بيت الديب- وفِتنة السرد فى رواية الأجيال
- كأنه يعيش
- يكاد الأدب أن يكون متمردًا
- -عبد المنعم رمضان- وحنينه العاري
- إلى الكاتب المصرى
- طيب يا حلمى
- اليونانُ.. هنا تعيشُ الآلهة
- تاء التأنيث
- إلى محمد عفيفى مطر
- مانهاتن .. مدينة المرايا
- ميس إيجيبت الفصل الثاني عشر والأخير
- ميس إيجيبت الفصل الحادي عشر
- ميس إيجيبت الفصل العاشر
- ميس إيجيبت الفصل التاسع
- ميس إيجيبت الفصل الثامن
- ميس إيجيبت الفصل السابع
- ميس إيجيبت الفصل السادس
- ميس إيجيبت الفصل الخامس
- ميس إيجيبت الفصل الرابع


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهير المصادفة - عاصمة ثقافية