أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهير المصادفة - ميس إيجيبت الفصل الرابع















المزيد.....

ميس إيجيبت الفصل الرابع


سهير المصادفة

الحوار المتمدن-العدد: 2254 - 2008 / 4 / 17 - 06:33
المحور: الادب والفن
    



امنح نفسك لصاحب حلم كبير في محبتك وجرب أن يبتلعك تماماً..فحتى لو قذفك مجرد جثة فحسبك أنك رأيت ما لا عين رأت.

عارف تاج


دون مقدمات سوى الحوار السريع الذي دار بينه وبين أبيه عنها ، ظلت "نفرت جاد" تطارد " عارف تاج" طوال الليلة الأولى لمقتلها، فوجد نفسه بعد سهاد طويل يقفز في سيارته وينطلق للبحث عن "عمر الجوهري" ولم لا ؟! لقد ألح عليه "عمر " كثيرا طلبا لوده وصداقته بالطبع حتى يتقرب من " تاج العريان"، فلم لا يلجأ إليه الآن ويستغله ؟.

استقبله " عمر الجوهري " على الباب وقد ظهر الهم على ملامح وجهه ، يبدو أنه لم ينم ليلته أيضا ، لكنه حياه بحرارة وقبلات وصوت متهدج :

- عارف بيه شخصياً !

لـ"عمر" رائحة هي خليط من الصابون الفاخر وبارفان "وان مان شو". فإذا ما عانقته فكأنك عانقت صابونة أو زجاجة.

- لا اسمع يا "عمر" ، والنبي بلاش بيه دي، انا باكره "بيه" و"باشا" وكل الحاجات الغريبة بتاعتكم دي ، قول لي يا "عارف" وانا أقول لك يا"عمر".

- اتفقنا .. و"الباشا " بخير؟

- "عمر" أنا جايلك فى خدمة كبيرة قوى ، بابا قال لي إن قضية " مس إيجيبت" معاك أنا عايز أشوف صور" نفرت جاد" ، انت عارف صورها في الجرائد النهارده مش واضحة.

فتح " عمر الجوهري" فاه بغباء وتساءل:

- أنت كنت بتعرفها؟

ضحك "عارف" :

- اعرفها إيه يا جدع .. انت هاتودينى في داهية، أنا نفسي يطلع من الحدوتة دي كلها فكرة فيلم يكسر الدنيا.

عادت ملامح عمر الجوهري إلى مكانها وابتسم ببلاهة :

- آه .. ماهو فيلمك الأول كسر الدنيا.

المهم ها تساعدنى .. هه، وطبعاً من غير ما " الباشا" يعرف.

"نفرت جاد" همس "عارف" برعب من وجد أمامه ميتاً دفنه بيديه أو من شاهد وجهاً لأول مرة في حلمه ليلاً فقابله على الباب صباحاً... شعر غجري أسود كثيف وطويل ومتموج موجة خفيفة كما لو كانت على نهر هادىء ، حاجبان أسودان وكأنهما مرسومان رسماً فوق عينين لوزيتين واسعتين تظللهما أهداب طويلة ، ما إن تتطلع إليها حتى يهيأ إليك أنها لن تنتهي، أنف تتوارى بخجل فتحتاه الصغيرتان لعلمهما أنهما شهوانيتان، أسنان مصفوفة بعناية ومصقولة بضوء أبيض خاص جداً وآسر ، شفاه غليظة بلطف .. عنق طويل ممتليء يجعل الوجه مائلا ًللاستدارة . ولكن تلك النظرة !! تلك النظرة في العينين والتي تكررت في كل الصور حتى التي اتخذت لها وهى تضحك وتلهو مع زملائها أو فوق حصان أو بروفيل أو وهى تلعب التنس بشورت أبيض قصير وتى شيرت عاري الأكتاف.. تلك النظرة. . كيف يتم وصفها ؟ كيف ؟

ظن في البداية أن الأمر سينتهي عندما يرى صورة واضحة لها في مكتب " عمر الجوهري" ظن أنه سيخرج من عنده وهو يشعر بأنها كانت فكرة سخيفة ، ولن يخرج منها شيء ذو قيمة ، فالقصة تقليدية، فتاة قتلت مثل عشرات الفتيـات اللاتي يقتلن كل يـوم ، فمـا المثيـر هنا حتى لو كانت القتيلة هي المرشحة لتكون ملكة جمال الكون ؟

جدران غرفته مغطاة تماماً ب " البوسترات " ، وجه " فلليني" المخرج الإيطالي ، كادر من فيلم " دعاء الكروان" لفاتن حمامة وزهرة العلا بوجهيهما الملائكيين وملابسهما السوداء، " نيكولاس كيدج" في عباءة ملاك سوداء وهو يطير حباً فوق" مدينة الملائكة"، " بوستر " كبير لــ"سعاد حسنى" وهى دامعة العينين خلف ستارة شفافة في آخر كادر من فيلم " وغروب وشروق" ، مجموعة من الخيول عليها فرسان يتقدمهم " أحمد مظهر" من فيلم" صلاح الدين الأيوبى" وإلى جواره "بوستر " لـ" "يوسف شاهين" وفى فمه سيجارة ومن عينيه تكاد تقفز ملايين المشاهد..يبحلق "عارف" في الصور وهو يفكر بأن عليه أن يجد مكاناً يعلق فيه بوستراً كبيراً لـ"نفرت جاد" ..أغمض عينيه على صورتها .. فتاة في الثامنة عشرة استطاعت أن تجيد لغتين ، وركوب الخيل، وتكون بطلة تنس، وقارئة نهمة ، وفى الوقت نفسه هي ابنة داعرة ، قضت طفولتها وهى تلعب على أرض كوافير ربما شاهدت فيه إبرام صفقات بيع اللحم الأنثوي بما فيه لحم أمها شخصياً، بل ربما تكون قد شاهدت كادرات لأمها وهى تمارس مهنتها.

فكر " عارف" بجدية تامة .. كيف سيسرق صورة لها من "عمر الجوهري" ليكبرها ويعمل لها بوستراً يملأ على الأقل نصف جدار من جدران غرفته .

لم يعد " عارف تاج" يدرى منذ متى أصبحت تجثم عليه " نفرت جاد" ؟ ينام عادة على ظهره وذراعاه معقودتان على بطنه وأحياناً على صدره ، يصحو ليلاً فيجد ذراعيه إلى جواره وهى راقدة تتطلع إليه بعينيها اللوزيتين وأهدابها الطويلة.. يفزع من نومه عندما يجد أمام السرير ستارة سوداء سميكة معلقة في الفراغ. يضىء الأباجورة ، ودونما صراخ يشرب جرعة ماء ، ويظل يدخن وهو في فراشه مستعيداً كابوسه لحظة لحظة ، يغلق أزرار بيجامته، إذ أنها تحب أن تلقى برأسها على صدره العاري.. لا يشبه ما يعيشه معها شىء ، لا كابوس ، ولا حلم ، ولا فيلم سينمائي شاهده منذ زمن ويحاول تذكره ، ولا ذكريات ... إنه كما لو كان يتجسس على عاشقين من خلال ثقب باب ، ثم تستقر عيناه فجأة على وجه العاشق فيكتشف أنه وجهه هو.

تغيرت عاداته كثيراً، صار يغلق باب غرفته بالمفتاح كل ليلة، يجرى مواعيده الصباحية بشيء من الفتور، يعتذر لجميع أصدقائه عن المشاركة فى حفلاتهم ولهوهم أو حتى مجالس الاتفاق على أعمال جديدة.

وضع يده على جرس عيادة الدكتور " عبد الرحمن " ولم يرفعها، سيارته أمام باب العمارة ولكنه لا يفتح، طلب رقمه عدة مرات دونما إجابة..أرسل له أخيراً رسالة من محموله ... أحتاج إليك بشدة . أنا لا أنام ، وإجابتك عن سؤال واحد ستساعدني، كنت هنا في الثامنة صباحاً.. كلمني.

يداهمه حزن لم يذق طعمه طوال حياته، يشعر بأنه كبر فجأة عشرات السنين ، يدهس جسده كل ليلة جسد فتاة قتيلة لا يستطيع الإحساس بالرعب من نظراتها بل إنه يستمتع بثقل جسدها ويكاد يؤلمه صدره ، إذ انها تحب أن تنظر في عينيه وهى مستندة بكوعها إلي صدره ، ساقاها بين ساقيه وشعرها هائج حول وجهها ووجهه ، يحتضنها بيأس من يعرف أنها ستموت الآن أو أنها ميتة بالفعل ، يخمش عريها كله كغريق استيقظ فجأة في قاع بحر ، ويكاد يجن ليقينه أن من عمدته رجلاً حقيقياً هي في الحقيقة مجرد فتاة مقتولة.

ما زالت التاسعة صباحاً، يوم خريفي ربما كان هو اليوم الوحيد في طقس مصر الذي يحمل ملامح الخريف، مازال أمام الليل الكثير ليغمض عينيه ويدوس على صدره صدرها الناعم الوفير من جديد، توقف عند كشك جرائد ، اشترى كل الجرائد والمجلات وجلس في سيارته يتتبع أخبارها التي يحفظهـا عـن ظهر قلب والتي يحصل عليها أولاً بـأول من " عمر الجوهري " تم اختصار مسار الجديد فى التحقيقات فى بضعة أسطر في صفحة الحوادث ، بينما تخلى الكثير من المجلات والجرائد عن الإشارة إلى الجريمة من بعيد أو قريب - أحس بالخيانة - لقد مرعلى مقتلها خمسة أيام فقط . أحس أن البلد كلها تتخلى عن القصاص لملكة جمالها ، قطع خبرا صغيرا من مجلة تعيسة ضعيفة التوزيع ، كان الخبر في صفحة بها تحليل سياسي كبير عن الوضع في أفغانستان.. الخبر تعلوه صورة لمجموعة من الجميلات يرتدين البكينى الأسود الساخن وقد كتب هكذا ... في مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية تعرضت المتسابقات الإسرائيليات لاختيار ملكة الجمال إلى هجوم عنيف من قبل المستوطنين اليهود المتشددين دينياً، واعتدوا عليهن، باعتبار أن هذه المسابقة منافية للدين والشرائع اليهودية.

اجتاز ميدان لبنان بالمهندسين فاقداً الأمل في رد من الدكتور " عبد الرحمن " صعد محور 26 يوليو متوجهاً إلى " عمر الجوهري" بالهرم.

أراد أن يسأل الدكتور عبد الرحمن عما يحدث له، إن كابوسه يتطور يوماً بعد يوم، ظل يتساءل.. مالي أراها إذا نظرت خلفها تفزع وتضغط رأسها في صدري أكثر ؟ ! احتضنهـا بشـدة بينمـا أظل أتطلع إلى ستارة سـوداء سميكـة معلقة في الهواء.

جلس على كرسي خارج مكتب " عمر الجوهري " ينتظر أن يسمح له بمقابلته وكان " عمر الجوهري " غارقاً مثله تماماً في زئبق أيام " نفرت جاد" اكتشف من خلال تحرياته أن مصر بها جزيرة فوق السحاب مكونة من أبناء كبار رجال الأعمال والسلاح والمخدرات والدعارة والسياسة والفن والسياحة ، أخذوا أموال ذويهم وانطلقوا يركبون مالا يركبه البشر ويأكلون مالا يأكله البشر ويعيشون في قصور مصفحة معزولة تماماً عن بيوت الناس ، يعلقون أسرتهم فوق قمم جبال البحر الأحمر أو يؤسسون قلاعاً على الشواطىء المهجورة، يشترون رجالا فقراء من صالات " كمال الأجسام " ويتبادلونهم فيما بينهم كالعبيد تحت اسم " بودى جارد " ، يتباهون بإمكانيات هؤلاء البلطجية وما يتقنون من فنون التشويه بماء النار أو تزويق جسد خصمهم بمطاوي قرن غزال أو القتل من أول رصاصة..

- وفين يا زميل ؟ في قضيبه وحياتك .

- طيب ما أنا الولد بتاعى كسر ظهرها.. بصراحة واد أسطورة ، خلاها لا تنفع ترقص ولا تمثل ولا تغنى ولا حتى تتاكل .

خـرج " عمر الجوهري " مـن تحقيقاتـه خـاوي اليديـن ، أنكر معارف " نفرت جاد " أنها صديقتهم " الأنتيم" وادعوا أنهم شاهدوها في مناسبات عامة برغم وجود أرقام تليفوناتهم جميعاً على تليفونها المحمول .. نحاهم " عمر الجوهري" على كل حال من دائرة شكوكه، فلقد تأكد أنهم جميعاً كانوا ينصبون خيامهم مع حراسهم فى سفارى الغردقة ويعربدون هناك وقت ارتكاب الجريمة، حصر شكوكه في الكوافير وما يمت له بصلة وفى النادي وفى علاقاتها المتعددة والمتشابكة بالراعي الرسمي لمسابقة miss Egypt وأصدقائه وعائلته وشركته " تى" للتجميل ومصنعه في 6 أكتوبر.

زاغت عيناه على تقرير الطبيب الشرعي ، وأخذت تقفز فوق السطور...

" تقرير طبي شرعي " في القضية 29972 جنايات الجيزة – الشهيرة بقضية miss Egypt .

- بتشريح الجثة وجدنا أن " نفرت جاد " عذراء لم يمسسها رجل ، ولم تغتصب قبل مقتلها .

- تقبع في جمجمتها رصاصة من مسدس9 مم / كاتم للصوت .

- وجدنـا حرقاً فوق ثديهـا الأيمن ، وتشوهـا للحلمة مــن تأثير مكواة شعر ساخنة وكذلك ثديها الأيسر .

- ينقص الجثة جزء من عضوها التناسلي ، هو شفرا العضو وقد تم استئصالهما بموسى حادة بعد موتها.

- وجدنا حروقا وتشويها واضحا في مدخل المهبل جراء مكواة شعر ساخنة ولا شك لدرجة الاحمرار.

- تم حرقها وتعذيبها بهذا الشكل وفى هذه الأماكن بعد موتها، حيث أنها ماتت بعد دقيقة تقريبا من إطلاق رصاصة محترفة على رأسها.

- تم التحفظ على ثلاث مكوات شعر ملوثة بجلد وجزء من لحم المجني عليها من الأماكن السابق ذكرها.

حاول " عمر الجوهري " أن يضع أفكاره إلى جوار بعضها البعض ليتأملها ولكنها أخذت تصطدم ببعضها البعض وكأنها بالونات العيد المعلقة على عصا يمسك بها بائع مخبول.. تمنى أن يدخل عليه " تاج العريان" ويقدم له بكل ثقة وصلافة وغرور قاتلها ، وليسبه حينئذ ولينعته كما يحب بالغباء .

دخل عليه " عارف تاج" فوجده سابحاً في ملكوت يقترب من ملكوته، ممتقع الوجه، حائراً.. يهيأ لمن يراه أنه قد يكون هو قاتلها .

قابلـه ببرود،أجاب عـن أسئلته باقتضـاب وصوت خافـت، ولكن فجأة وفي أثناء كلام " عمر الجوهري " خبط " عارف تاج" جبهته وخرج مهرولاً وهو يغلق رنين هاتفه على اسم الدكتور " عبد الرحمن" .

نزل سلالم مبنى المباحث قافزاً،أدار سيارته وأغلق زجاج النافذة بعد فتحه وانطلق وهو يصرخ صراخاً مروعاً ... انحرف إلى طريق الفيوم السريع . ركن السيارة على حافة الأسفلت وخرج منها ببطء رجل في السبعين ، ركع على الرمل الدافيء ..أمامه الأهرامات الثلاثة وفوقه الشمس عمودية وحانية وفى كفه قبضة رمل يعتصرها بكل قوة روحه المضطربة.

حكى له " عمر الجوهري" بصوت محايد أن القاتل أغلق باب الكوافير من الداخل وأخرج اللافتة المكتوب عليها " مغلق" كان متأكداً أنها وحدها في الدور العلوي، صعد السلالم وربما رفع عباءته حتى لا يتعثر فيها ، دخل عليها بهدوء بينما ينطلق من المسجلة صوت " ماجدة الرومي " وهى تغنى :

يسمعني حين يراقصنى
كلمات ليست كالكلمات

كانت مسترخية على الأريكة تستمع إلى الأغنية .. ربما كانت تتأمل نفسها بين ذراعى من تحب ، بينما تنتظر" نهلة " خادمتها ، لتغلقا الباب وتناما.

ربما اندهشت قليلاً لوجود امرأة منتقبة معها في تلك الساعة .. ربما أخبرتها أن الكوافير مغلق .. لم يستغرق الأمر ثواني ، أخرج فيها القاتل مسدساً من عباءته وأطلق عليها رصاصة صائبة . ثم مددها على الأرض ، فتح الغاز وسخن ببرود ثلاث مكوات شعر مختلفة الألوان ، وأخذ يجردها من ملابسها وهو ينتظر احمرار الحديد على النار.

ظل "عارف تاج" ملقى على الرمل يفكر ... أين كان في الساعة العاشرة مساء يوم الاثنين الذي قتلت فيه " نفرت جاد" .

هل كانت حياته قبل أن يحبها مزدحمة إلى هذا الحد ؟ إنه يتذكر موعده مع " ميرنا" الذي انتهى في الثامنة .. فماذا فعل بعد ذلك ؟ لا يتذكر.. هل يرد الآن على الدكتور " عبد الرحمن " الذي يطلبه منذ ساعة بإلحاح؟ هل يحكى له عن كابوسه المتكرر المتطور المتصاعد إلى ما لانهاية ؟هل يقول له إن ذاكرته مثل إناء مثقوب وقع منه مساء يوم الإثنين ذلك بكل تفاصيله ؟ وماذا لو لم يكن كابوساً ؟ هل يسأل أمه وأصدقاءه أين كان ؟ هل يعطى للجميع فرصة الشك فيه ؟ أين تعرف على" نفرت جاد" ؟ ولماذا يقتلها ؟ وإذا كان قد قتلها فلماذا ترقد فوقه بكل هذا العشق؟ وتنظر بكل هذا الفزع إلى الستارة السوداء المعلقة، والتي اتضح له اليوم أنها لم تكن إلا القاتل نفسه . لا. لم يعرفها إلا من صورها بعد موتها وليس قاتلا فهي تلوذ بصدره . ولكن أين كان ؟ أين؟ نام تحت سماء غائمة ، فوجد نفسه في مقبرة مغلقة تحلق فوقه طيور سوداء كثيرة مجهولة النوع ، يكتشف أنه حي فيصرخ صراخاً متصلاً .ينظر حوله فإذا بـ " نفرت جاد" تأخذه من يده وتجلسه على حجر أمام بحر هائج وتجلس على ركبتيه تنظر طويلاً في عينيه بعينيها اللوزتين فيهرب من عينيها ، ينظر إلى بحر يحيط بهما وكأنهما في جزيرة ، ثم إن " نفرت جاد " أخذته إلى غرفتها وتركت يده ، فتحت خزانة ملابسها ، ظلت ترتدي ملابس غريبة بسرعة كبيرة وكأنها سرعة إسقاط كادرات في تيتر فيلم سينمائي ، ثم إنها أخذته من يده وألقته على حافة بحيرة ممتلئة بأزهار اللوتس ، يتقافز منها سمك مختلف ألوانه ثم يعود للسباحة، نظر خلفه فوجد أن كل المنازل مبنية من جذوع النخيل والغاب . تساءل..أين هو؟ .

بينما كانت هي تقف على الماء وسط أغصان البردي وقد ارتدت هذه المرة فستانا أبيض خفيفاً يشف عن أعضائها الفاتنة ، ومزخرفا بأغصان ذهبية وأوراق اللوتس، ذراعاها العاريتان ممتلئتان بأساور على شكل ثعابين تلتف حتى مفصل كتفها ، ساقان مزدانتان بخلاخيل تلمع تحت فستانها المشقوق من الأمام، من أعلى فخذها وحتى قدميها ، طرفا عينيها مصطبغان بلون سماوي ضيقتهما وهى تنظر إليه وتبتسم وتدعوه بإصبعها ، فيلقى بنفسه في البحيرة ... فزع على لكزة في كتفيه : يا كابتن .

تمتم وهو يفتح عينيه وكأنه يقرأ في كتاب :

- نعم أنت جميلة.. أنت مليكة جميلة .. فيا أيتها الجميلة لماذا لا تدلينني على قاتلك كما اعتدنا في القصص القديمة؟

ابتسم في وجه رجلين وقفا فوق رأسه ،وبقفزة واحدة كان واقفاً معهما ، تثاءب وهو يقول :

- مش عارف نمت هنا إزاى ؟

- ياأخى حرام عليك .. ده احنا افتكرناك من بعيد ،لا سمح الله- ميت.

شكرهما وركبا سيارتهما نصف النقل ، وركب سيارته وهو يلوح لهما ويصفر بشفتيه في وجه الشمس الغاربة، وكأنه حصل لتوه على موعد غرامي من فتاة ظل يحبها سنوات طويلة دونما أمل.

= يتبع =



#سهير_المصادفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميس إيجيبت الفصل الثالث
- ميس إيجبت - الفصل الثاني
- ميس إيجيبت


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهير المصادفة - ميس إيجيبت الفصل الرابع