|
أمطار الجحيم -25- رواية
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4016 - 2013 / 2 / 27 - 16:55
المحور:
الادب والفن
أمطار الجحيم -25- رواية ***************** اغتظت ، هاجت أفكاري وأحسست بتقلص ضلوعي ، كأنني أصبت للتو بنزلة برد حادة . لكنني أحس بسخونة شديدة . لا شيء يمشي في هذا الوطن بشكل طبيعي ، كل شيئ فيه مقلوب ، حتى الحلزون أصبح أسرع منا . حتى القنفذ صار أملس من أفكارنا ، الشيطان !!!!كل الوطن أصبح شيطانا ، كأننا نعيش لحظة نهاية العالم . كل شيئ توقف ، وارتفع العمل والدعاء ، وأقفلت أبواب السماء ، وابتهجت الأرض لعقمها . هل نحن فعلا ننتمي لفصيلة البشر ؟ ام نحن قردة الرباح ؟ مجموعة من الكائنات التطورية التي تختص في مجتمعاتها بسلوكات ثابتة ومنظمة على أساس قوة البنية وضخامتها . يهيمن الذكر على قبيلة الرباحين ، يعتدي على ما حوله من اناث وأولاد ، يستحوذ على أكل الجميع ولا يترك لهم الا الفتات ، بما في ذلك أولاده ، يضاجع الأنثى متى شاء ، يعتدي عليها يسلبها جميع حقوقها . مجتمع قردة الرباح، هو نوع من القردة الأكثر تطورا في هذه الفصيلة من الحيوانات ، وليس مجتمعا انسانيا ، متحضرا ، متعلما ، ارتاد أرقى الجامعات الغربية ، من نسل سلالات رفيعة كما يدعون ، له دين يتبعه ويؤمن به ، وايديولوجية تميل الى الطبقات الفقيرة والمظلومة والمسحوقة و....و...و...و.واااااااااا . صرخت في ظلامي ، في غربتي ، في اغترابي ، في استيلابي ، في تشردي ، في اغتصابي ، في محق وسحق جميع حقوقي . حتى الحق في الحياة سلبوه مني ، ومن عائلتي ، من جيراني ، من سكان حيي ، من سكان منطقتي ، من سكان مدينتي ، من سكان وطني ...ماذا بقي ...طبعا هم يستمتعون بوهني . وهني هو وهنهم ، هم أضعف مني ، أنتم أضعف مني ، صرخت بأعلى صوتي في وجهمم . قمت من نومي مفزوعا ويد زوجتي تتفقد جبيني ، وتسألني : - خيرا عبد القادر . - هل أنا حي ؟ سألتها . -باسم الله عليك يا حبيبي . قالت بوجهها الشاحب . قامت وملأت كأسا بالماء وقدمته لي . شربت الماء ، واستلقيت على ظهري ، قلت لها أنا كبير السعادين " اختلطت أسماء القردة في رأسي " . لكن جوابها لم يترك لي فرصة تصحيح الخطأ . فقد اختلف عليها الأمر ، هي لا تعرف ماهو السعاد ولا الرباح ولا قبيلتهما ، لهذا بادرتني بجواب خارج سياق عبارتي : - طبعا طبعا يا حبيبي أنت كبيرنا ، نحن سعداء معك . نظرت الى وجهها وانا لا أزال مستلقيا على ظهري ، وابتسمت . حمدتْ الله ، وقالت لي تصبح على خير . لم يكن مهما ، طبعا ، أن أخبرها عن حقيقة مجتمع الرباح وأشرح لها الأمر ، تركتها تخلد الى نومها ، بينما رحت أفكر أنا في هذا الكابوس المزعج. في كتابه القيم ، ماوراء التاريخ ، يذكر العالم الأمريكي "وليام هاولز " ، نقلا عن أحد علماء الأنثروبولوجيا الذي درس جيدا مجتمع الرباح ما يلي : الرباح حيوان ضخم شديد البطش ، وكل رباح حيوان باغ جبار ، لكن كل جبار منها يعرف من النظرة الأولى الحيوان الذي يفوقه في البطش والجبروت ، فيذعن له عادة في سكون ، بحيث يسيطر في النهاية رباح واحد ،بينما يقنع الآخرون بالخضوع والاستسلام . والذكور المسيطرة تستحوذ على كل الاناث . وفي الوقت الذي لا تكون للبعض الا زوجة واحدة- مثلي - يكون للبعض الاخر حريم -هكذا- صغير خاص . وعلى الزوجات الطائعات أن لايبتعدن عنه الا بأقدام قليلة . أو يقبعن الى جانبه في صبر وهو يلتهم طعامه حتى تمتلئ بطنه . ههههههههههههههه ، أنا باعتباري انسانا عقلانيا ، أعترف أنني لا أزال أعيش طور وحقبة الرباح ، ولم أتطور في علاقاتي الانسانية الى علاقات انسان القرن الواحد والعشرين . والرباح الضخم يلتهم طعامي ، ويضاجع زوجتي ، ويعتدي على أبنائي وأبناء سلالتي . وكل هذه الأدوات والآلات والاختراعات ، من تلفزات وسيارات وووو، هي نفس ديكورات الحديقة البريطانية التي يعيش فيها جماعة الرباح بانجلترا ...
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمطار الجحيم -24- رواية
-
حر أنا مني
-
تسفيه العمل السياسي بالمغرب
-
سامر العيساوي والقضية الفلسطينية
-
في مفهوم التواضع-2-
-
جلباب المخزن المخروم ، وعري المجتمع الفاضح
-
أمهليني.....
-
حركة 20 فبراير : المنزلقات الموضوعية
-
عيد ميلاد ديكتاتور
-
أبحث عن امرأة ثائرة
-
محاولة محاصرة وقائع جناية
-
الثورة السورية تكشف حقيقة أوباما
-
استراتيجية البلد العشوائي
-
أمطار الجحيم -23- رواية
-
كان الشعر ولا يزال...
-
منتعلا أملي أمشي
-
الرويبضة...وضرورة الحسم
-
الاغتيال السياسي والرهان الخاسر
-
أمطار الجحيم -22- رواية
-
الغيب ليس من شأننا -قصة قصيرة -
المزيد.....
-
سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا
...
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
-
“العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
-
المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب
...
-
نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط
...
-
تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
-
السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
-
فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف
...
-
بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|