أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عذري مازغ - -الديموأعرابية-














المزيد.....

-الديموأعرابية-


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 4005 - 2013 / 2 / 16 - 14:20
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في الصدى بهجة الصيف، يحملها أديم الليالي الحامية إلى خريف أحمر حيث الدماء تجري إلى مستقر، إلى ربيع همجي يفور إلى مجد صاقع فيه الرخاء حلم ينبت فقاعا في مخيال الضفادع، في الزمن العربي، تملك الضفادع مخيلة: أن ينبت الربيع في حمى الجمار..
لذلك نضجت في الجماهير همة الكينونة، اكتشفت فجأة كينونتها في "الديموأعرابية": اكتشفت لحية فاحمة فأنضجتها..وكانت الحكمة تقتضي أن تكتمل الأصناف، شعت فينا المخيلة فصنعت من ضلعنا اخطبوطا من الأنوثة، امرأة ليست امرأة، كائن غريب عن كنهه، امرأة فقط في المخيلة، امرأة الظلام، وفي الحقيقة كانت المرأة، زهرة الحراك الإجتماعي ذاك، كانت خلاصة حرث ليلي وكان الحرث مضمون ربيعنا الهمجي.. من الممكن جدا أن تختلط الكلمات لتصنع بديعا، ثورة جديدة، قفزة نحو الآتي، قفزة نحو الجنة التي، في مخيلة الضفادع قفزة إلى البدائع، قفزة إلى الآخرة، نفي للحياة... أليس الخطاب الديني المتشبع برنيم الجنة هو في الآن نفسه خطاب مناهض للحياة؟
تبدو الآخرة انعكاسا للفانية، وتبدوا في الخطاب الديني أفضلية قصوى، رغبة جامحة للغزو، للحج، للرحيل، للجهاد، للإنتحار في المطاف الأخير، سبق شعوبنا إلى المحجة القصوى، محجة لا تحسدهم عليها الحشرات.
كل قنواتنا منتجة لخطاب العقم، خطاب مناهض لسنة الحياة، والغريب أيضا، وبشكل محجم، أن لا أحد يستهلك وقته الضائع لسماع هذه القنوات برغم فيضها، وهو في الحقيقة المهضومة، شعور عميق نحو استرجاع الذات، وكان من الجميل جدا، على الرغم من الإدانة الفجة للخطاب السائد، أن يحن المرأ برحب شاسع، أن يكتوي بلذة استرجاع كل ما ارتسم في ذاكرة الجنة، أن يعيش نزعته نحو طبيعته الحقيقية، أن يعشق كل مرح الحياة وأن يستلذ في سره كل ما حرمته آلاق التدين. من من الرجال الفحلة، من الملتحين بالتحديد، يقشعر بدنه حين تلوح في الشاشة نجمة "أولويز" ومن منهم لم يتجرع ارتسام ملامح أجساد نساء الجيمباز، نساء السباحة، نساء احتجبن بسحر الرياضة، أليس في الأمر فتنة؟ "فن" بتعبير حجابي... ومع ذلك فهي كانت وما تزال فتنة محببة لدى أغلب الجمهور، رغما عن انف الجحيم.
الآخرة انعكاس للفانية، إذا كانت الجنة متاع، فماالذي يمنع أن تكون الفانية متاع؟ هذا هو السؤال الفلسفي المغيب وهو في الحقيقة سؤال الإغتراب، ويبدو أنه سؤال يؤسس لمصداقية التبئيس. يؤسس الجحيم في الآخرة لمخيلة الفانية في الفكر الديني، يذهب أغلب الظن عند الجمهور العظيم، عند الفقراء بالتحديد إلى أن الأغنياء ذاهبون إلى جحيم أكيد، والحقيقة أن الذي يعيش ويسير في طريق الجحيم الدنيوي، كل الفقراء والمعدمين بالتأكيد، هم بهذا الإيمان الضفدعي المتخيل، يسيرون نحو الجحيم، من الأكيد أن الأغنياء يشترون الحسنات بالصدقات وهو أمر مستصاغ حتى في عيون الفقراء، وهو امر معروف بالتمام الكامل،، بأي ثمن يشتريها الفقراء؟
يشترونها بالتسول، التعبد، القيام والسجود، الزكاة، الصدقة، أضف إليها قوائم الوعظ والتوعيظ والنفاق الإجتماعي مشفوعا بالحمدلة، وهي كلها قيم البداوة الجرداء، قيم القحط في لباس الحداثة، كل الدول التي مسها جنون الديموأعرابية هي وحدها التي لا تشهر أثمنة السلع في منتوجاتها لتبقى هامش التسول في اية عملية بيع شراء.
ينتج الخطاب الديني في الأمة كائنات متسولة بينما تنتج قيم الحياة استنادا إلى فعل الإنتاج، والخبيث فينا أننا لا نعتبر قيما كل ماننتج، نعتبره استثمار الآخر، فنحن نستند إلى عطف الآخرين في قضايانا، كل قضايانا، نستند في الأحوال الحسنة إلى مقياس مدونة الأحوال الدولية: حقوق إنسان لم نستوعبها على اعتبار أنها شأن الفانية، ديموقراطية رومية تختلف بنيويا على قيمنا الأعرابية، وبعبارة نحط أنفسنا في غربة قاحلة عن الآخر، عن الحضارة بكلام بليغ، وبناء عليه لا نؤسس لمعيار التعامل: نعتبر امتصاص مقوماتنا الإقتصادية من طرف الآخرين استثمارا، ننبهر لمقومات الآخر رغم أنها تنتج بقوانا وطاقاتنا، بفصاحة بليغة ننتج ضعفنا..
من الأشياء البليغة في ضعفنا ان نكون ننتمي إلى سلالة الشرفاء، ومعنى ذلك ببساطة، أن نكون ننتمي إلى سلالة مناهضي الحياة، الشرفاء عادة لا يعملون، فقط يقتلون، يقتلون الذين لا يوفرون لهم عيشهم، الشرفاء يعيشون على نمط تدجين الآخرين، يعيشون على نمط اغتراب الآخرين، يعيشون حيث الشعوب تغيب ذاتها، يعيشون حين تغترب شعوبها، حين تعيش الآخرة في الذوات وتغيب آنيتها، حين تغيب حياتها: السنا شعوبا ميتة رغم ربيعها الهمجي؟
ربيعنا همجي على الرغم من اننا، في "الديموأعرابية" انتخبنا حكومات ملتحية، انتخبناحكومات مناهضة لحق الحياة . لم نؤسس نمطا ديموقراطيا بل أسسنا نمطا "ديموأعرابيا"، اسسنا نمطا ضفدعيا.
ربيعنا متدفق بالقتل لأجل القتل، ربيع رعته قبائل الهمجية، ربيع يخجل من اسمه، ربيع الغزو الهمجي، هكذا يستقيم اسمه، إذا كان من البد أن يقفز الشعب نحو مرحه، فجميل هذا الشعب أن يعي قبل كل شيء منتهى المرح، أن يعي أنه وصل قعر التخلف على كل المستويات، والمستويات هذه تتحدد استناد إلى قيم الفانية، وليس إلى أحلام مخيلات الضفادع، حين تصل إلى القاع، فليس في القاع منزل آخر، هناك فقط أفق الصعود: للصعود منزلاته، وشعوبنا، برغم عطاء الله، أو عطاء الطبيعة، تحتل أحط القيم: نحن أمة تعيش غربتها عن خيراتها، شعوب تأبى الصعود في توق عارم إلى الإنحطاط، ترفض الدنيا، الفانية، ترفض الحياة وتعشق أن تعيش في القبر لذلك تمشكل كل شيء فينا في سواد قاتم، في السلوك البشري، في اللحي، في الأحجبة النسوية، في اللباس، في كل شيء يثبت آدميتنا او يزكي هويتنا، في كل شيء يقتل التنوع فينا.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عظمة الرأسمالية: نقض مفهوم العولمة
- عظمة الرأسمالية: حول“القدرة المدهشة-
- وطن الجحيم
- لم أحمل الصهيونية شيئا من عندي
- الصهيونية تعني قتل أطفال
- الحب الإيكولوجي
- تأملات في المشهد الأوربي: الإضراب العام وحركات الإحتجاج
- تأملات في المشهد الأوربي: حول الإضراب العام
- مريرت وأومدا
- ديموقراطية البيعة
- العالم الآخر ممكن بالقوة وبالفعل ايضا
- قنصليات البؤس: قنصلية ألميرية نموذجا 2
- قنصليات البؤس: قنصلية ألميريا نموذجا
- ثلاثة عشرة دقيقة للهبوط نحو الإنحطاط
- ماريناليدا
- وداعا لهوس الكتابة
- ماركس في كتابات -الشلة- 2
- ماركس في كتابات -الشلة-
- أزمة عمال كوماريت
- عمال كوماريت والخوصصة المستدامة


المزيد.....




- غزة: السابع من أكتوبر في المنظور التاريخي
- بحجة “اللاساميّة” تترافق إبادة شعب فلسطين مع محاولة إبادة قض ...
- الشرطة تعتقل متظاهرين مناهضين للحرب الإسرائيلية على غزة في ج ...
- العدد 555 من جريدة النهج الديمقراطي
- الجيش التركي -يحيد- 17 مسلحا من حزب العمال الكردستاني
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى الاستنف ...
- اتحاد النقابات العالمي (WFTU – FSM)”، يُدين استمرار المحاكما ...
- شاهد ما قاله السيناتور ساندرز لـCNN عن تعليق أمريكا شحنات أس ...
- م.م.ن.ص// يوم 9 ماي عيد النصر على النازية.. يوم الانتصار الع ...
- آلاف المتظاهرين احتجاجا على مشاركة إسرائيل في -يوروفيجن-


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عذري مازغ - -الديموأعرابية-