أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عذري مازغ - العالم الآخر ممكن بالقوة وبالفعل ايضا















المزيد.....

العالم الآخر ممكن بالقوة وبالفعل ايضا


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3887 - 2012 / 10 / 21 - 19:16
المحور: المجتمع المدني
    


"عالم آخر ممكن"، قول بديهي إلا لمن تسكنه روح التحجر، لمن يرى الأمور في سيرورتها التطورية رهينة لفهم خاص يستند إلى منظومة ترسخ الجمود كقاعدة شرعية للبقاء، قاعدة مفصومة حقيقيا، قاعدة لا ترى في الآتي وإن فاضت أحواضه سوى بؤسا يحاول أن يستكين إلى قوانين راشية تؤسس لأن يكون العالم الآخر، الجديد بالضرورة، عالما آنيا كائنا رغم انفه، عالما لا بديل له حتى وإن بدت تنخره التناقضات. كما تنخره الأزمات. وتبدو المعضلة عصية على الفهم رغم هذا الفيضان الكاسح، هذه المفاجآت الهامة التي تهز كيان الأوضاع البشرية، هذا السعي الحثيث لاحتواء الأزمات، لاحتواء التفجيرات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية، رغم كل هذا الحث المجيد يبقى السوق حقيقة ملموسة, لكنه ايضا يبقى الكائن الأساسي فيه هو المستهلك، وتبقى أيضا اعمال الإنتاج، استنادا إلى التكنولوجية المتقدمة واستعمال الإقتصاد الرقمي و الأتمتة وما إلى ذلك، تبقى اعمال الإنتاج قوية وذات مردودية وافرة، بشكل تجعل من الحقيقة الملموسة، "اقتصاد السوق" او قل للدقة اقتصاد الإحتكار، مخاضا آخر للتناقضات. إن الجدير، الفاعلية المنشطة لاقتصاد السوق، هي السلفات، ثم إن ما تفجر يبعث على التحديث في الربع الأخير من القرن الماضي وبداية عشرية الألفية الثالثة، تلك الروح التبشيرية في مجال الإستثمار الدولي وتلك الفاقة الملهمة بالتنمية الهائلة التي اسست "لنهاية التاريخ" لم تكن سوى الإندفاعة القوية لاكتساح العالم والتحكم فيه عن طريق تدويل تلك السلفات التي اتخذت وجه البشارة التنموية التي تغنى لها الحداثيون المبشرون بعالم الإستثمار المرح. أليس الآن أن الظاهرة المتحكمة في مصير الدول هي تلك السلفات، او تلك الديون التي تبدوا فعاليتها قوية في رهن الشعوب والدول. أليس الآن كل "الدول" مدينة للشيطان العظيم؟ من الممتع إيديولوجيا ان تتخذ الديون شكلا عاما، دينا للدولة، المواطن فيها هو المدين، كل المواطنين فيها مجبرون، بمتعة الإستمناء الإعلامي في كثير من الأحيان، أن يؤدوا ثمن إفلاس نظام الدولة، دولة الإستثمارات والرفاه، دولة المعجزات، من من البشر في ارض الله الواسعة، لم يسمع من الإعلام المحلي السائد عن معجزة النظام الذي يعيش في أرضه، سواءا كان في ألمانيا أو الولايات المتحدة او الصين أو أي بقاع؟ من من البشر لم تحثه ابواق النظام، أي نظام، عن ثوابت خلوده، حتى الثقافة الحزبية المشدودة بولع جنوني إلى دفء النظام، الورعة بخرافة صندوق الإنتخابات، تتأسس على وهم الرقم الإنتخابي، إن المشروعية السياسية تكمن في الرقم الإنتخابي، أما البرامج والترقيعات والمسرحيات الأخرى فلا تمثل في أجندتها سوى وهما آخر، لعبة رائعة للدهاء السياسي، ، والطامة الكبرى هي سذاجة الشعوب التي تصدق ببراءة لا تصدق خرافات الإكراهات، في الحملات الإنتخابية تحمل الأحزاب للمواطنين بشرى التقدم، مفاتيح خالدة للمشكلات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية، يعطيها المواطن رقما تستند إليه، قوة سياسية معينة، حين تفتقد للنصاب القانوني في أي حملة تصويت، تجمع ارقامها في تحالف سياسي، قداس رائع لتدبير الملهاة، تدبير فائق الدهاء، تعديلات وتخريجات توفيقية في المسار السياسي البرنامجي، تنازلات صغيرة تسمى "إكراهات التحالف"، ثم بعدها تدبير آخر ثم آخر: أكراهات وطنية، إكراهات دولية، والنتيجة أننا نعطي اصواتا شرعية، ارقاما تقوي الأحزاب والمؤسسات لتحكمنا استنادا إلى الإكراهات المتعددة، تحكمنا الإكراهات، وكنتيجة لذلك تحكمنا الملهاة في المطاف الأخير، وهذا حتما يدفع للتفكير في عالم آخر، عالم الديموقراطية التشاركية. ديموقراطية تقوي المواطن باعتباره معادلة توازن قوة الرعب النظامية، باعتباره هو دافع الضرائب التي بها الدولة تبني مؤسساتها، وباعتباره دعامة أسايسية لوجود كيان ما، وباعتباراته هذه فهو المعني بتأسيس النظام السياسي الذي يحكمه ويحتكم به، مواطن معني بشكل تشاركي بصياغة المسار السياسي دون وصاية حزبية أو نظامية.
والحقيقة أن الأحزاب السياسية، النقابات التقليدية أيضا، بدات تفقد وهجها والقها في تاطير الجماهير، فهي كائنات مازوشية تتغذى على الإكراهات، والمواطنون في الدول المحافظة، في الدول اللبرالية تحديدا، قد شبعوا من ديموقراطية الحملات الدونكشوتية التي راكمت فصولا من المسرح السياسي يكفي بوضوح تام بتربص خيوطها، ثم إن التكنولوجية الرقمية بدأت تتيح وهج العالم الجديد، العالم الآخر الممكن، بدأت تكشف عن نقائض الممارسة السياسية، نقائض الإنتاخبات الصندوقية، نقائض الرقم الإنتاخبي، نقائض اللعبة الإستلافية، نقائض لعبة الرهن الإستثمارية، ونقائض بيع قوى العمل للمستقبل، ونقائض الرفاه المبني على رهن الذات للمستقبل، وبعبارة نقائض الإغتراب الآخر. تتيح هذه التكنولوجيا الرقمية للمواطنين، على سبيل المثل، تصويتا برلمانيا على أي مشروع دون توكيل أي ضفدع برلماني يمثلك لمدة اربع سنوات، وأما هذا المطلب الجماهيري (رهان الشباب الإسباني مثلا في حصار الكونغريس، امر طبعا لا تناقشه وسائل الإعلام لتخلق ملهاة سياسية أخرى بديلا لموضوع الإحتجاج، اسمها "دستورية او لا دستورية حصار البرلمان واحتلاله”، فصل جديد من الكوميديا الإغريقية جندت لها كل الشبيحة من خبراء الشرع والمشروعية (سابقا كنت اعتبر الشبيحة شانا عربيا)) ، قلت هذا المطلب الجماهيري الذي تخوض فيه المنتديات الإجتماعية الأوربية في صراعها المرير مع كيانات التحجر السياسية بدأ الآن يزيح قناع الممارسة الحزبية بشكل لم يعد سلخ الجلد وتبديله يوفي بتجديد الدينامية (لعبة تشبيب الأطر القيادية)، إنها الآن في حاجة لتجديد روحها أيضا، تجديد نمط ممارستها وهيكليتها إذا أرادت بالفعل أن تروي عظامها، لقد انتهى دور الزعيم ليعاد الإعتبار لدور القيادة الجماعية للمواطنين، فالمجموعات في المنتديات تحتفظ فقط بدور التحسيس بقضاياها بتعيين ناطق رسمي اما القرارات المهمة فتؤخذ بشكل جماعي. إن الآلية الفعالة في فهم قضايا ومشاكل المجتمع لم تعد تقتصر على تقارير وكتابة بيانات والنفخ في قوة التنديد في الحالات التي تتطلب التنديد، بل أصبحت مع ظاهرة المنتديات الإجتماعية تتمتع بقوة التفعيل والمتابعة من خلال التنسيق والعمل على ارضية مشتركة تضم مختلف الهيآت المدنية المشاركة في الأرضية وتتوزع مهام تفعيل القضايا فيما بينها بشكل تشاركي مسؤول في الزمان والمكان، لقد انتهى زمن الكولسة، زمن التصويت السري والتصويت العلني وزمن الإقصاءات المغردة ليعاد الإعتبار لفاعلية الأفراد وتشاركهم دون الحساسية المفرطة تجاه المعتقدات الإيديولوجية، تجاه الكاريزما الخارقة للزعماء: كن ما شئت، وفقط، في العمل حول أرضية مشتركة في قضية ما، في القضايا التي تشكلت حولها هذه الأرضيات، يلتزم الأفراد فيها بحل تلك القضايا استنادا إلى المشترك فيها، وعلى ضوء ارضيتها ولا تهم في هذا الصدد الإيديولوجيات. على روح قضية ما يصاغ التنسيق حول الأرضية المشتركة، وعلى روح حلها تنتهي مهمة التنسيق كما تنتهي مهمة الأفراد فيها، في هذه الأجواء تبدوا مهمة الأفراد في العمل الجمعوي خلاقة مهما كانت خلفياتهم السياسية والإيديولوجية ، في هذه الأجواء ينتفي الزمن الإنتخابي الذي يستند إلى قوة الرقم في التصويت، يبقى أو يقصى الفرد استنادا إلى فاعليته ومردوديته في الإنخراط العملي تجاه القضية وليس يبقى أو يقصى استنادا إلى منظومة زمنية تؤطرها قوانين الترشيح (أو قوانين التحجر الشرعي) ليبقى يراكم ثقله المذموم كل تلك المدة الشرعية التي تؤطرها دساتير اللبرالية، في المنتديات الإجتماعية يصبح الزمن نفسه حيويا قابلا للتمدد والتجزر، أي انه ليس زمنا ميكانيكيا محددا سابقا بآلية قانونية تترصع في جوفها المخلوقات، زمنا ميكانيكيا يمارس فيها العجز وطأته استنادا إلى خرافة الإكراهات، في المنتديات المدنية يصبح الزمن خفيفا، حيويا، متجددا لحظيا قابل لاحتواء المفاجآت، يصبح الأفراد من خلاله أيضا متحررون تجاه قضاياهم، تجاه الإكراهات أيضا حيث ترجع المسؤولية الأخيرة لحكم الجماعات ومن خلالها الأفراد، تصبح المسؤولية ايضا تشاركية مرحة خفيفة الوطء إذ يتحمل عبئها الكل.
لقد بدأ عمليا العالم الآخر يتشكل جنينيا وليس فقط قابل للإمكان، وهو عالم ينولد على انقاض عالم بدا يعيش أنفاسه الأخيرة، وما المظاهرات العارمة وما تحمله من شعارات وبدائل صادمة إلا بداية لمخاض الولادة الجديدة التي بدات تبلور رؤية جديدة لعالم الغد، إن ربيع الشباب العالمي يحمل رؤيا جديدة لا تستطيع الكيانات السياسية الهرمة استيعابها، يشكل ثورة جديدة على الأنساق المتعفنة التي لا بقاء لها إلا بتحول كيانها وروحها لتتناسب مع روح العالم الجديد.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قنصليات البؤس: قنصلية ألميرية نموذجا 2
- قنصليات البؤس: قنصلية ألميريا نموذجا
- ثلاثة عشرة دقيقة للهبوط نحو الإنحطاط
- ماريناليدا
- وداعا لهوس الكتابة
- ماركس في كتابات -الشلة- 2
- ماركس في كتابات -الشلة-
- أزمة عمال كوماريت
- عمال كوماريت والخوصصة المستدامة
- المغرب العنصري
- مشروع سومونتي*
- حول إشكالية العمل الضروري في إنتاج فائض القيمة
- عودة إلى موضوع فائض القيمة
- فائض القيمة في -زوبعة فنجان-
- قليل من الحب
- فاتخ ماي، وقضايا الشغل
- نقض ماركسي يفقه كثيرا في الماركسية
- رفقا بالشهداء الشيوعيين المغاربة
- حول قضايا المرأة
- مهمة تحرر المرأة هي مهمة الرجل أيضا


المزيد.....




- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عذري مازغ - العالم الآخر ممكن بالقوة وبالفعل ايضا