أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عذري مازغ - تأملات في المشهد الأوربي: حول الإضراب العام















المزيد.....

تأملات في المشهد الأوربي: حول الإضراب العام


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3900 - 2012 / 11 / 3 - 20:43
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


يقترب في أوربا موعد الإضراب العام ضد سياسة التقشف التي ينهجها الإتحاد الأوربي، ويبدوا ان الشارع سيكون ساخنا جدا في الدول التي تعرف أزمة خانقة بلغت حدا يستحق الجدل الصاخب الذي بدا يتبلور بشكل انتقادي صارخ خاصة في بلدان إسبانيا، اليونان، البرتغال، إيطاليا وإرلاندا، لكن المثير فيها حقا أن الدعوة لهذه الإضرابات من طرف النقابات الكبيرة "الكلاسيكة" كما يسميها الاوربيون جاءت متأخرة بشكل بدأت الامور تنفلت إلى حد ما نتيجة فورة الإحتجاجات التي تؤطرها هيآت المجتمع المدني الحديثة التي خرجت لتوها على القاعدة النظامية في احتواء الأزمات التي عادة كانت تؤطرها هذه النقابات إضافة إلى الأحزاب السياسية التقليدية. حيث بدا دورها غير فعال للحد من تفاعلات الشارع الأوربي، جاءت دعوتها متأخرة كونها لم تحرك ساكنا أمام الهجمة الساحقة التي تعرضت لها الكثير من المكتسبات التي حققتها الطبقة العامل طيلة قرنين من الزمن، فالكثير من التشريعات التي طالت مدونات الشغل سعت في مجملها إلى هضم الكثير من الحقوق العمالية وحقوق الشغيلة بشكل عام، مست في كليتها ما كانت تمجده الرأسمالية على مستوى ما توفره مؤسساتها في حقول التضامن والتكافل الإجتماعي، ،التعويضات الإجتماعية بشكل عام، التعويض عن البطالة، التعويض في المرض المهني (او الامراض بشكل عام بغض النظر عن التمييز بين المرض المهني وغير المهني) العطلة، ساعات الشغل الإضافية، ساعات العمل اليومي، التعويض في السكن، في التنقل والنقل كما مست قانون التقاعد، بالإضافة إلى كل هذا، وبسبب من الفقاعة الإقتصادية سنت التشريعات الجديدة قوانين تضرب في الصميم القدرة الشرائية للمواطنين، وهكذا فإن هذه الإصلاحات، بقدر ما هي خطوة كبيرة في الإستغلال، بقدر مااحتوت أثارها كل ما له علاقة بحياة المواطنين، بشكل فجر حركات احتجاجية لم يشهد مثلها التاريخ، حركات اجتماعية من مختلف المواقع الطبقية وكذا من كل مجالات الحياة المهنية حتى رجال الأمن المكلفون موضوعيا بحماية شرعية النظام، ومكذا فإن كل ماراكمته الحكومات في سعيها الحثيث للحد من الأزمات المتفجرة لا يعدوا من وجهة نظر الجمهور الواسع سوى ذر الرماد في العيون، ويتلخص في جملة صغيرة هي إعادة بناء البنية المؤسساتية للرأسمالية، أي إعادة بناء نفس الأنساق الرأسمالية التي في مسعاها، لم تأتخذ الوضع العام المتفجر اجتماعيا، ولم تعطي اهمية قصوى للتحولات الكونية التي تعرفها البشرية، بل أخذت شكل استعادة بناء نفس الأنساق التي عاشتها الرأسمالية زمن طبخ خرافة الرفاه، ويمكن استخلاصها في كل الخطاب الإيديولوجي الذي يبثه الإعلام الرسمي الأوربي الذي سعى في الزمن الأخير إلى مسح خطوات التقهقر السياسي والتبذب والكذب لكل القادة السياسيين على مختلف توجهاتهم وتموقعاتهم في اليسار واليمين. بشكل لم يستطع احد التوامين استصاغة الوضع الجديد تجاوزا له بقدر استكانتهما لوضع البناء القار للنظام الرأسمالي. وهو خيار الرجعية، إن مضمونا عاما تختزنه جمل مثل استعادة الإستقرار، إستعادة عافية النظام المالي والإستقرار البنكي، إن سياسة عامة تنهجها الدول الأوربية في مجال الإستقرار البنكي وإعادة السيولة لها عن طريق الإقتطاعات الإجتماعية، لهي في الصميم رجعية قاسية، الثمن الفاحش لسنوات الرفاه الذي لا يمكن استعادته إلا بإعادة بناء أسسه بنفس الأشكل تقريبا، إن راخوي رئيس الحكومة الإسبانية مثلا، قد جفت حنجرته بإعادة هذا القول المجيد: إن الطريق الوحيد لاستعادة الإستقرار، لخلق مناصب الشغل للشباب العاطل واستعادة العافية لدينامية العمل لا يمكن تحقيقه إلا بهذه الإصلاحات. وطبيعي جدا أن وجهة النظر هذه تتضمن درجة من المعقولية الصادقة التي يخمن تحقيقها كل رأسمالي، خلق مناصب الشغل يفترض توفير فائض مالي من جيوب المواطنين لأجل تنشيط قطاع الشغل وتوفير العمل للمواطنين، والخلاصة أن المواطنون في حاجة أن يُمنحوا مناصب الشغل، في حاجة إلى العقل المدبر المانح، لكن الطامة الكبرى هي أن التضحية باهظة الثمن اكثر، يجب أولا استعادة عافية الوطن بدفع ديونه، إن ديون الوطن هي ديون خاصة، ديون مؤسسات مالية خاصة، وهذا مايستوعبه بشكل جيد المواطن الإسباني، وثانيا يتوجب ملأ الخزينة العامة للوطن لتمنح للمؤسسات التي مهمتها تنشيط الإقتصاد، ببساطة إعادة توزيع أموال المواطنين بنفس الأنساق التي كانت توزع بها، إن حاجة الناس في العمل هو حاجتهم لمن يمنح لهم هذا العمل، هي حاجتهم لمن يوزع عليهم أموالهم بشكل يفترض جهدا جبارا مبذولا، إنها انساق تولد في سعيها وعيا موازيا في اتجاه ضدي يتلخص في إعادة النظر في كيفية التوزيع، ولفهم هذه الظاهرة المتجلية في الحياة العامة التي بها تستفيذ الكائنات الخفية للرأسمالية بشكل نظامي شرعي إلى أقصى الحدود (اقصد الحدود الرأسمالية): تتكلف كل البلديات بمهمة النظافة في احيائها العامة وهذه بداهة قصوى، يدفع المواطنون أيضا ضريبة كافية لتوفير هذه الخدمة الهامة للبلدية تسمى ضريبة النظافة، تطرح البلديات (في إطار نظام الخوصصة) مناقصة عامة للشركات المتخصصة في هذا المجال، وتبدوا المناقصة هنا مجالا مؤثرا لمصداقية التدبير المالي من طرف البلديات لأموال المواطنين (ضريبة النظافة طبعا) فالمناقصة تعني توجيه هذا المجال الخدماتي لشركة ما تقوم بالعمل كاملا بأقل تكلفة، والامر من الوجهة الأولى يبدوا ضربا رائعا ومقنعا في التقشف الإقتصادي، لكن الشركة مع ذلك تسعى لتخفيض الخسائر وتوسيع هامش الربح في مسعاها، فهي لم تدخل المناقصة لتبذير اموالها بل هي تقوم بالأمر بعد دراسة قيمة لكيفية تدبير ربحها ايضا، لذلك في كثير من الأحيان، وما ان تدخل الشركة على القطاع إلا وتقوم بهيكلته هيكلة خاصة تتماشى مع آلياتها الخاصة وشكل عملها الخاص، بفهم بهجوي رائع نقول بأنها تطور القطاع: استراد آلات خاصة، توفير بنية تحتية لتسهيل العمل،توزيع صناديق القمامة في كل الأحياء، بنية هامة لتوزيع سلة مهملات في كل الارجاء العامة، شبكة كهربائية لاستخدام الألات، يتبع ذلك تقليص عدد العمال، تنشيط الوعي المدني بأهمية النظافة عبر قنوات الإشهار: قمامات متعددة ونوعية، قمامة خاصة بالمواد الزجاجية، بالزيوت، بالورق والكارتون وما إلى ذلكء وبشكل عام تقوم بتحفيز المبادرة الفردية للمواطنين لتسهيل أمر النظافة، أي أن جوانبا من العمل القيم الذي كان يقوم به العمال يعاد جزء منه إلى العمل الواعي للمواطنين، إلى الإرادة الطوعية للمواطنين وهو ما يشكل جزءا من قيم الربح لدى الشركة، وهو الجانب الذي يغفله الوعي اليومي للناس بشكل يتغيب فيه الوعي بقيمة العمل الذي يقوم به المواطنون طوعيا، وهو عمل يبني لمستوى الوعي عند الناس، مستوى التمدن الحضاري بكلمة اخرى، لكن من الجهة الأخرى يبدو عملا قيميا تستفيذ منه الشركة، هو بالتحديد عمل العمال المطرودون من العمل أو جزءا منه، هذه الأعمال الطوعية هي ما أخذت تتبلور في الوعي الحداثي للناس، عن طريق الضرائب يدفع الناس ثمن الخدمات المتوفرة، (بها يمكن شراء الأجهزة والمعدات وما إلى ذلك، بالمبادرة الطوعية يقومون بتنظيم عمل النظافة للتتوافق مع تلك التجهيزات، وبما أن المواطن هو المصدر لكل هذه القيم فلماذا عليه أن يقبل ان يتولى الراسماليون امر النظافة بتوسيع هامش الربح لديهم أي إهدائهم شيئا لا يستحقونه، هذا الوعي هو ما اخذ يتبلور بشكل رائع عند المواطنون الاوربيون، وبعبارة أخرى لها علاقة بالتنشيط الإقتصادي العام، بما أن "الطريق الوحيد" حسب راخوي الإسباني هو تضحية فعالة للمواطنين، ملأ خزائن الابناك والمؤسسات المالية لتعيد لهم الدينامية في العمل بنفس النسقية الكلاسيكية للأبناك، لماذا لايتم التفكير البديل في خلق هذه الدينامية، بالتفكير في نظام بنكي آخر يعيد توزيع هذه القيم وفق مصالح دافعي هذه الضرائب، لقد حاولت تجنب الحديث عن الإشتراكية او الشيوعية برغم أن كل الطرق تؤدي إلى روما لتفادي النعاق حولهما، لماذا يحتاج المواطن لنظام "الدولة" بما تعنيه الدولة كشكل لهيمنة طبقية محددة، لخلق عافيته ولا يحتاج إلى تفعيل مساهمته بتفعيل مسؤوليته الإجتماعية حول مساهمته في خلق الثروة الوطنية، لماذا سينتظر الناس مبادرة الأبناك الميتة أصلا لولا مساهماتهم، لولا قوة عملهم بلغة أخرى، لماذا يحتاج الناس إلى مانح لهم ماداموا هم المانحون الحقيقيون، هذا هو الوعي الذي بدأ يفجر الحركات الإحتجاجية في كامل أوربا بشكل خاص، وهو وعي يستند إلى مبادرة المواطنين وليس إلى مبادرة المؤسسات المالية، وهو الوعي المنفلت تحت عملية التأطير الكلاسيكية التي كانت للتوأم السياسي، اليمين اليسار، في لعبة مكشوفة شفرتها الموضوعية هذه الهلهلات بين الإرادة كبرنامج حزبي او نقابي وإرادة الإكراه كأولوية تفرضها أنساق استعادة الإستقرار واستعادة الروح لهيكل بدأ يحتضر موضوعيا، أي هذه الإرادة ذاتها التي يفرضها "الطريق الوحيد" الذي سار المسار الأوحد للتوأم السياسي نفسه.
يتبع



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مريرت وأومدا
- ديموقراطية البيعة
- العالم الآخر ممكن بالقوة وبالفعل ايضا
- قنصليات البؤس: قنصلية ألميرية نموذجا 2
- قنصليات البؤس: قنصلية ألميريا نموذجا
- ثلاثة عشرة دقيقة للهبوط نحو الإنحطاط
- ماريناليدا
- وداعا لهوس الكتابة
- ماركس في كتابات -الشلة- 2
- ماركس في كتابات -الشلة-
- أزمة عمال كوماريت
- عمال كوماريت والخوصصة المستدامة
- المغرب العنصري
- مشروع سومونتي*
- حول إشكالية العمل الضروري في إنتاج فائض القيمة
- عودة إلى موضوع فائض القيمة
- فائض القيمة في -زوبعة فنجان-
- قليل من الحب
- فاتخ ماي، وقضايا الشغل
- نقض ماركسي يفقه كثيرا في الماركسية


المزيد.....




- استقالة المتحدثة الناطقة بالعربية في الخارجية الأمريكية احتج ...
- النسخة الألكترونية من العدد 1794 من جريدة الشعب ليوم الخميس ...
- الطلاب المؤيدون للفلسطينيين يواصلون اعتصامهم في جامعة كولومب ...
- لو الفلوس مش بتكمل معاك اعرف موعد زيادة المرتبات الجديدة 202 ...
- المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة ببني ملال يندد بالتجاو ...
- استقالة المتحدثة الناطقة بالعربية في الخارجية الأمريكية احتج ...
- استقالة متحدثة من الخارجية الأميركية احتجاجا على حرب غزة
- سلم رواتب المتقاعدين في الجزائر بعد التعديل 2024 | كم هي زيا ...
- الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين
- “زيادة 2 مليون و400 ألف دينار”.. “وزارة المالية” تُعلن بُشرى ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عذري مازغ - تأملات في المشهد الأوربي: حول الإضراب العام