أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - تركي الحمد والقراءةُ التقليديةُ














المزيد.....

تركي الحمد والقراءةُ التقليديةُ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4004 - 2013 / 2 / 15 - 08:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كتب الكاتب والروائي تركي الحمد العديدَ من الكتب الفكرية المحضة، وهي كتبٌ غالباً لا تحقق الاتصال بالناس، وهي التي تعطي تحديداً دقيقاً لوجهة نظر المؤلف كذلك، ويمكن عبرها إجراء المحاكمات العقلية لا المحاكمات القضائية لآرائه.
لكن الكاتب المشغول بهموم مجتمعه وتطوير شعبه يتوجه لصلات مباشرة حية، تبتعد عن التجريدات الفكرية والفلسفية نحو المفهوم والبسيط ونحو القارئ العادي.
وتتصاعد هذه المهماتُ وتتسع مع ظروف الناس الصعبة وضرورات تطورهم، وعرقلة المفاهيم المغلوطة عن الدين والتراث لانتاجهم وتقدمه.
من هنا تغدو الرواية مكاناً للقاء الكاتب والقراء، وساحة لتلاقي الأفكار وعرض التجارب، ونقل الصور الحقيقية لما يجري في الواقع.
وفيما الثقافة الدينية من أقوال مأثورة وخطب تعتمد الوعظ الأخلاقي المباشر ولا تقيم علاقة تحليلية واقعية لواقع الناس وتصدرُ من موقف فوقي، فإن الرواية لا تلتزم بذلك فهي ساحة حرة، ديمقراطية، ينزل فيها الكاتب للشارع، ويعرض فيها وجهات نظر متضادة، ونماذج مختلفة حتى عن نفسه، يصور فيها المؤلفُ ما يتراءى له وما يقتحم ذاته، سواء كان خيالات وأوهاماً أم أقوالا ولقطات حقيقية من الحياة، حسب رؤيته الخاصة التي قد تكون مضيئة وقد لا تكون. فهو ليس في موقف الواعظ ولا مدون للثقافة الدينية ولا يمتلك الحقيقة المُسبقة.
لم تستطع الثقافة الدينية التقليدية في الزمن الماضي أن تتابع تطور الأدب العربي والفنون، فقد تقوقعت حول ذاتها، مرتكزة فقط على المرويات المتعلقة بالقرآن والسنة دون تحليلات عقلانية داخلهما، مع توجه الخطابات التقليدية المذهبية للتداخل مع سلطات الأسر الحاكمة من أمويين وعباسيين وعلويين وغيرهم، وعجزها عن كشف الاستغلال والتخلف، وإذا حدث بينها وبين واقع الناس من تداخل فهو مقاربة للأساطير التي يعيش حولها العوام، ولهذا رفضتْ العلومَ التي أُسميت دخيلة وخاصة الفلسفة والمنطق، وحدث توارثٌ لهذا التقوقع إلى الزمن الراهن.
وإذا كانت بعض البلدان العربية حسمت هذه الظواهر قبل عقود واكتسبت الثقافة الحديثة مكانتها بين الناس، فإن البلدان العربية والإسلامية الصحراوية لم تشهد هذا الاحتكاك العميق إلا في السنوات الأخيرة، وفيها نشهد الاحتكاكات الحادة بين ما هو مذهبي تقليدي ماضوي وما هو إسلامي تحديثي توحيدي.
ويؤثر الواقع نفسه على التحديثيين فهم كالتقليدين أبناء الواقع وغالباً ما تكون مواقفهم إما مواجهةً حادة وإما تبعية مشوهة لهذا التاريخ الأولي، نظراً لطابع التحديث البسيط الذي لم تؤسسهُ موجاتٌ من التراكم الثقافي ولم يدخل معاركَ النقد والتمييز.
لهذا فإن الثقافة التحديثية في السعودية تواجه هاتين الظاهرتين، الحدة والتبعية، بشكل متطرف.
ولهذا غدت الرواية في السعودية ورواية تركي الحمد خاصة منتجة لجهود واسعة من وجهات النظر الفنية المختلفة، التي تندفع اندفاعة هائلة للتعبير عن الأصوات الخاصة وما يجري في الواقع من ظواهر بنقل حرفي حيناً ومبالغة تعبيرية حيناً آخر.
ويرى التقليديون الطائفيون كل ما هو تحديثي ثقافي منقول إلى الرواية على أنه من معتقدات المؤلف، وأن ما تقوله الشخصيات وتصوره الأحداث أنما هو آراؤه الشخصية، فإذا دعت شخصيةٌ للإرهاب يكون المؤلف إرهابياً، فليست هناك قراءةٌ كلية للأثر، ورؤية أنه تصوير للواقع.
المنابر التقليدية التعليمية لم تقطع علاقتها بثقافة الطوائف النقلية ولم تتعرف على الفلسفات الحديثة، ولم تعد النظر في تاريخ الطوائف وتتجاوزه، وهي عملية تحدث الآن ببطء وعادة في المراكز المتحضرة والتي راكمت ثقافة دينية عقلانية واتجهت للأبحاث والرؤى المتعددة.
ولهذا لا غرابة أن يجمع التقليديون الحَرفيون الكثير من الانتقادات الفجة لأعمال تركي الحمد الروائية مصورين أقوال شخصياته وأحداثها كجزء مباشر من شخصه. بدلاً من قيامهم بدراسة الفكر والنقد الحديثين وتقبل التطور في مجتمعاتهم وإثراء النقد الموضوعي لهذا الانتاج الزاخر الذي هو بحاجة للغربلة وتمييز جيده من رديئه وبالتالي يساهمون في تطور مجتمعهم التي يغدو الأدب الحديث فيه مرآته ومحاكماته العقلية لنفسه وجماعاته.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرحلةٌ جديدةٌ من التغيير
- بلزاك: الروايةُ والثورةُ (2- 2)
- بلزاك: الروايةُ والثورةُ (1-2)
- التوصيفُ الطبيعي للربيع العربي
- تسريحُ العمالِ ومسئوليةُ الانتهازيين السياسيين
- أسباب تمكن الحركات الطائفية من الاختراق
- تصادمُ المذاهبِ المُسيّسة
- مشكلاتُ عمالِ الريف
- ثورةٌ مع مَن وضد مَن؟
- الجمهوريةُ والمَلكيةُ عربياً
- الأشكالُ السياسيةُ والتطور الصناعي
- الجمهورية والرأسمالية
- إسحاق يعقوب الشيخ وحلمُ شعب (4-4)
- إسحاق يعقوب الشيخ وحلمُ شعبٍ (3)
- ديمقراطيةٌ متدرجةٌ في الخليج
- ثورةٌ تقودُها البرجوازيةُ الصغيرة (2-2)
- ثورةٌ تقودُها البرجوازية الصغيرة (1-2)
- العمال والنقابات والطائفية
- الديمقراطيةُ أو الفاشيةُ
- إيران و مخاطر تجربة ألمانيا الهتلرية


المزيد.....




- فيديو متداول لـ-إطلاق نار كثيف بمحيط قصر الشعب استهدف مستشار ...
- -التحالف- يرد على بيان الإمارات بـ-إيضاحات- بشأن السفينتين ا ...
- إيران: التحركات الاحتجاجية تدخل يومها الثالث وتتوسع نحو الجا ...
- إسرائيل تعلّق عمل أكثر من 20 منظمة إنسانية بغزة وسط نقص حاد ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن إحباط محاولة دهس وقتل منفذها شمال الضف ...
- اتفاق ميناء بربرة - مكاسب إثيوبية ومخاوف من بؤرة نزاع جديدة ...
- تونس تتعادل مع تنزانيا وترافق نيجيريا إلى ثمن نهائي كأس أمم ...
- 10 دول كبرى تطالب إسرائيل بفتح المعابر الحدودية مع غزة
- صحف عالمية: إسرائيل غير جاهزة للتصدي مجددا لصواريخ إيران
- ترامب ونتنياهو يتفقان على تفاصيل للمرحلة الثانية بغزة


المزيد.....

- صفحاتٌ لا تُطوى: أفكار حُرة في السياسة والحياة / محمد حسين النجفي
- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - تركي الحمد والقراءةُ التقليديةُ