ناب زرقاء .. وجباه سمراء

ماهر علي دسوقي

الحوار المتمدن-العدد: 4000 - 2013 / 2 / 11 - 20:55
المحور: سيرة ذاتية
    

ناب زرقاء .. وجباه سمراء


حدثنا قمح بن حقل انه قال:

كنت أنظر من حولي فأجد السهول الغناء ، والبطاح الخضراء، والثمار المتلألئة الحمراء والسنابل بسيقانها الدقيقة تتمايل ببهجة وهناء .. والسواعد السمر تفلح الارض ليمتزج بها عرق الكدح وجمال العناء، وجميلات القد على النبع يزدنه صفاء على صفاء، وطيور الحسون تنسج الحانا فتزيد من اللوحة اشراقا وبهاء .


في ظلال التين جلسوا وجلسن يتناولون ويتناولن خبز الطابون وحبات من "الرصيع" أخرجت من "صرة" حُملت على تطريز "فأشهت" الشجر والحجر طعم الغذاء .. تجاذبوا أطراف الكلام ورقة الأشعار والأهازيج .. والشبابة تطرب من حولها وتزرع في النفس العزة والكبرياء .

الثوب والقمباز والشماغ والشال باصحابها تتهادى بخفة بين الحقول تحث الزرع ، تزيل الشوك، تدفع المحراث ترسم الأثلام وتقني لتدفق سر الحياة للحقل فتغدق عليه ماء.

التفاح بخدوده الحمر يحاور الليمون واللوز بفروته الخضراء يداعب من عليّ زهر الحنون والتوت ببياضه يناجي خضرة الزيتون والقمح بلونه الذهبي يتواضع ليقبل الأرض بفخر وشجون .. والنخل يجادل الجبال في قامته وهي تحتضن الجمع بين سفوحها لتباهي بما يحيط بها الشمس والنجوم .. وتعانق بقممها السماء .

وفي ليلة مقفهرة ظلماء باغتتهم وحوش بانياب زرقاء .. فاجهزت على النبع وسرقت السهل والجبل "وزرعت" القتل والتشرد والشقاء، وأعملت أنيابها والمخالب ومزقت دفء اللقاء ، وبعثرت الأهل والخلان بعد أن كانوا أحبة أصدقاء ، فافترش المعظم الخيمة والعراء .


صرخت قال " قمح بن حقل" بمن بقي لاتهجروا "ماتبقى" من الأرض لتسروا الاعداء، وأن أعيدوا لي ولها على عزف ناي بعضا من عهد الوفاء ..

أشاح البعض وجهه وقال: ما الفائدة من هذا وقد تسلط علينا مالا طاقة لنا به أو رجاء .. والطعام ياتينا معلبا او مفرزا او مبكتا بلا ضوضاء ..


انتفض بعض من "أحبتي" وقالوا : هذا سم وان قيل لكم أنه دواء ..ويل لمن أكل من غير ما زرع ولم يورث الحقول بثمارها للابناء ، ما ناب
المحتل باق ولا "زرعه" وان طال البقاء


هلموا الى زرع نرعاه وأرض نسيجها بجباه سمراء، تعيد لنا قمحنا وخبزنا وكرومنا ونبعنا .. ونخلع الناب التي ارهقتنا .. لنعيش بحرية وعدل ونقاء.

وختم في يافا موعدنا ولنا لقاء .

#ماهر_علي_دسوقي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل