أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - أنثى الظلّ ** قصّة قصيرة














المزيد.....

أنثى الظلّ ** قصّة قصيرة


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 1151 - 2005 / 3 / 29 - 12:09
المحور: الادب والفن
    


ليست الحكمة أن تعرف الطريق, بل أن تمشي فيه.هكذا طفقتُ أوسْوَسُ لصاحبي الى أن بدأت الفكرة تختمر في رأسه.
أخيرا, نجحتُ في بث اليقين في صدره أنّ الزحام على هذا الطرف من الشارع خانق وأنّ الوجوه بائسة مُثقلة بأخبار ويلات, حروب ومجاعات. ناهيكَ عن الظلال التي تصطدم بي من كلّ صوب فتشوّه معالمي , وتطرحني في ظلمات الحيرة, لا أدري أأنا ظلّ أم مجرد انعكاسات عبثيّة لهذا الرجل اليافع!.
بعدما تيقنتُ أنّي نجحتُ في زرع بذرة الفضول في قلبه, أردفتُ أنّه كشاعر مغمور يحتاج أن ينهض من الدوائر المغلقة لينطلق الى أقصى أقطاب التجربة, فمن يسعى لصيد ٍ أوفر عليه حتمًا أن يمضيَ الى العمق.
ألقى صاحبي عليّ نظرة امتنان وبدا لي كأنّه عثر على قارب سيبحر به الى الضفّة الأخرى ليشرب من كأس ابداع سيكون مزاجها كافورا. وثبَ
عن مقعده كأسد زائر, وراح يقطع الشارع الى الرصيف الآخر حيث النخيل والأعناب والتين والزيتون, وأنا أهرول خلفه بفرح غامرالا أنّه سرعان ما شرّد قطعان أحلامي , إذ هوى على أول مقعد خشبي بعدما خلبته الأشجار الوارفة فجلس يتأمل روعتها وغرق في مخاض قصيدة.
تكورت على الأرض أمامه, لا أجرؤ على أن أنطق ببنت شفةلئلا يعنفني بعباراته النرجسيّة المألوفة:" ما أنت الا ظلّ ".
رحتُ أطالع النشرات النفسيّة على وجوه العابرين . بدوا لي كالأطياف يتحركون بهدوء
عجيب , كلّ يسير مع ظلّه الى هدف لم أتمكن من رؤياه لكنّي تيقنتُ من وجوده في مكان ما خلف الأفق.
مرّت ساعات الى أن سقط ظلّ فوق ظلّي.أثقلّ عليّ وسرعان ما انشقّ عنّي وجلس قرب صاحبي.لا أدري ما الذي شدّني الى هذا الظلّ بالذات. أهي الرائحة العطرة التي فاحت فجأة من حولي؟
باستحياء, رفعتُ نظراتي الى صاحبة الظلّ.
ما شاء الله , سبحان الله ..!!!
تمتمتُ.
يا أجمل الإناثِ.. يا أطهرالوجوه..يا أنتِ , يا أنثاي..!!
راقبتها .
بدت لي كأنّها حوريّة من الفردوس الأعلى. راق لي ثوبها الأبيض الهفهاف وذلك القفص الصغير الملقى على حجرها.
كانت تراقبُ بحسرة سنونوة صغيرة طفقت بجنون تضرب قضبان القفص بجناحيها.
تمنيت لو يعود صاحبي من رحلة أحلامه البعيدة ليرى هذاالحلم لكنّه ظلّ على موعده مع حلم بعيد.
تزاحمت الأفكار في رأسي. لا بدّ أن أبث لواعج قلبي ل (أنثى الظلّ) قبل فوات الآوان.
ما أن هممتُ بالاتيان بحركة ما, الى أنّ وقع ظلّ آخر فوق أنثايَ,ثمّ.. انشقّ عنها وتكور قربها ككومة رمل. رفعتُ نظراتي اليهما فأبصرتُ شابا,شاحب الوجه.
بفضول وبعض غيرة أنصتُ للحوار بينهما..
- أما من بديل..؟
- ليتني أجد ..
- تهجر وطنك لأجل دينار..؟!
- من يملك دينارا فهو موجود ..
- وأنا ..تتخلى عنّي بهذه السهولة..؟
- لأجل أن أكون جديرا بكِ أتنازل مؤقتا عن زمن الياسمين والتجئ الى الغربة لأحترق برمالها..
- لو تحبني لا تسافر..
- لأنّي أحبّك كماينبغي, سأسافر. لأنّي أحبّك كماينبغي سأحتمل البرد والحرّ. ثقي أنّي أينما أكون تظلّين في القلب سوسنة وعلى غصن الشوق سنونوةوأعدكِ بعودة مهما تأخر الزمن..
طبع قبلة على جبينها ومضى..
سقطتْ شجرة النخيل المجاورة.هربتْ كلّ عصافير الفرح.
صعدتُ من زنزانتي لأرتل لهذه الأنثى لواعج القلب وأعوّضها بحناني عن الفقد فأعينها على خلّ تلك اللحظة, لكنّ قَرْعُ الأجراس الذي ارتفع فجأة من المدى يعلن الصلب المُرتقب ويدها التي امتدتْ داخل القفص لتجذب السنونوةبرفق الى صدرها,تمسدّ ريشها, ثمّ تطلق أجنحتها للريح وصمت المساء وزخة المطر المباغتة ..ألجمتني.
نهض صاحبي عن مقعده مفزوعا. نفض عن معطفه ما علق به من قطرات مطر ..ودون أن يدري بما اعتراني ..راح يعبر الشارع عائدا..والشمس تتوارى من خلفنا ..وأحلامي تهوي كأوراق التقويم , تتطاير ورقة تلو الورقة..وأنا..أسعى جاهدا أن أختطف ولو نظرة من أنثاي قبل أن تُغيّبني عتمة
هذا المساء ويلغيني صوت كلب راح يطلق بين الفينة والأخرى نباحا حزينا.

______________
20-1-2005



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نبدأ الحكاية..!؟
- أكانَ لا بدَّ من نزف ٍ كي نفقهَ لغة َ السّماء..!؟
- غدا ** قصة قصيرة جدا
- صَرْخَة ُ آخِر الليل ** قصة قصيرة
- لو كنتَ العَيْن أكون لكَ الدمعة
- قــبــل الاختِنــاق بدمعــة
- ثلاثة ُ وجوه ٍ وحكاية ** ومضة قصصيّة
- الضَّوْءُ الأحْمَر ** قصّة قصيرة
- حينَ تنامُ على حُلم ** قصّة قصيرة
- هذي جراحي فادخلوها آمنين ** شذرات
- أحلامٌ صغيرة ** قصة قصيرة
- ** ستعيدُكَ إليَّ الحكاية **
- عودة ُ النّورس ** قصّة قصيرة
- هواجسُ الميلاد
- وقد لا يأتي ..؟! ** قصة قصيرة**
- الحبرُ أبْقَى منَ الحبّ ** شذرات **
- سأحاولكَ مرّة أخرى
- ومضاتٌ وجعيّة
- قصة قصيرة - فَرَاشَة ٌ في زمن غائم
- إصــْرَار - قصة قصيرة


المزيد.....




- السينما مرآة القلق المعاصر.. لماذا تجذبنا أفلام الاضطرابات ا ...
- فنانون ومشاهير يسعون إلى حشد ضغط شعبي لاتخاذ مزيد من الإجراء ...
- يوجينيو آرياس هيرانز.. حلاق بيكاسو الوفي
- تنامي مقاطعة الفنانين والمشاهير الغربيين لدولة الاحتلال بسبب ...
- من عروض ايام بجاية السينمائية... -سودان ياغالي- ابداع الشباب ...
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- وَجْهٌ فِي مَرَايَا حُلْم
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- نظارة ذكية -تخذل- زوكربيرغ.. موقف محرج على المسرح
- -قوة التفاوض- عراقجي يكشف خفايا بمفاوضات الملف النووي


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - أنثى الظلّ ** قصّة قصيرة