أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - عودة ُ النّورس ** قصّة قصيرة














المزيد.....

عودة ُ النّورس ** قصّة قصيرة


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 1061 - 2004 / 12 / 28 - 09:46
المحور: الادب والفن
    


جلستُ في الصفّ الأخير , في الزاوية , أراقبُ الجميع ولا أحد يراقبني.
الضجيج من حولي , وأنا وحيدة , وحيدة كعجز بيتٍ في قصيدة ,
كجمرة ٍ في مهب ريح ٍ عنيدة.
قلبي يقرع بصخب . ثـمـّة يد تمتد من خلف ظهر فتاة, تحاصرها ,
تتلمس عنقها , ترتدّ الفتاة إلى الأمام بخجل .
ترتدّ نظراتي عنهما إلى الرسائل المتراكمة في حضني .
يفوح عطر الكلمات ..

***

وردة ..
دعينا نتعاهد أمام ضمائرنا أن نكون لبعضنا روحاً وفكراً وجسداً وأنا أمد لك شرايين قلبي وروحي وأبدؤك العهد فهل تعاهديني..؟
حبيبتي ..
نحن نمثل حالة فريدة .امرأة في وطن , ووطن في امرأة وأنا الذي في الشتات وجدت فيكما نفسي وحياتي وهويتي فصرتِ وطني وصار الوطن أنت .
أحبك رغم الشتات .. رغم المنفى .. رغم الغربة ..
وسأحبك أكثر لو كنتِ أنتِ أماني وموئلي وسكني ووطني.
ثقي أنّكِ لي..
واسلمي لعمري يا عمري.


***


أنت سنونوتي ما دام في الأفق جناح يخفق.. وأنا نورسك ما دامت الشواطئ ميادين ثورتي.
ليتني أستطيع أن أجمع لك من بساتين الدنيا عطر زهورها.. ومن حدائق القصور أريج ورودها.. وليتني أجمع من واجهات المحلات كل جميل يسعدك.. وكل رقيق ساحر يلمس ثنيات جسدك.. الألوان كلها والعطور كلها وقبلها وبعدها.. أنا...؟
ولا أملك من حلمي غير الحلم.. ولا أملك من أمر نفسي غير نفسي فهل تقبلي وفائي وإخلاصي وعشقي وروحي وجسدي لك هديّة...؟
خذيني فأنا لك .
أحبك حتى آخر مدى الحب وأنتظرك.

***

أطفئتْ الأنوار . أطبق الصمتُ على الشفاه . نما لي جناحان , حلقتُ في فضاء القاعة أراقب العيون المحدّقة في الشاشة الصمّاء .
الأضواء كما البرق , تلمع بكل الألوان والقلوب تترقب الحَدَث .
الفارس يقتحم الأسوار الشائكة على الشاشة الصغيرة ليخطف الأميرة من ظلام القلعة .
حاصرني عطر رجل هبط على المقعد الخاوي قربي . هبطتُ من سقف الحلم إلى مقعدي .تفتحتْ كلّ الورود على فستاني وحررتْ عطرها . انتشل يدي عن الرسائل الكثيرة كما تنتشل الصّنارة سمكة من صخب موجة .
راح يرددّ : معقول ..!! معقول ..!!
وقلبي يزقزق ويرنــّم : أنا وردة .. أنا وردة ..
صوته يحاصر ذهولي: وردة , ما بك حبيبتي.. أنا هنا .. هنا .. ما بك..

***

* تسألني ما بي؟
ألا تدري أن هذا اللقاء أكبر من كل أحلامي ! أحقا أنت هنا ..روح وجسد ؟
ألم يكن حلمي وهما؟ هل أصدق أن مئات الرسائل المتكومة كالنوارس في حضني , بدأت ترفرف بحقّ...؟
يده تتسلل إلى يدي . يحتويني كما يحتوي البحر قاربا صغيرا. يشدّني إليه . أستكين .
- تعالي نغادر هذا المكان . أحتاج أن أراكِ في الضوء .
أتشبث بمقعدي وأنا أهمس بارتياب:
* حبّنا ولد في العتمة .. ليس له مكان تحت الشمس.
_لا يا حبيبتي ! نحن من نصنع أحلامنــا..
* ولكـنــّك تدرك أنــّه حبّ مستحيل رافقنا منذ الطفولة .
أنا أنثى في وطن, وأنت رجل في شتات . بيننا حدود وجوازات سفر ووثائق وشتّى العوائق التي ستقف دون التحامنا . أنا أملك هوية من وطن مغتصب وأنت تملك وثائق.. مجرد وثائق..
- أنا أملك قلما وقلمي هويتي..
* ما جدوى الكتابة, ما جدوى كونك أديبا وصحفيا متألقا ؟ حتى الرسائل تبادلناها عبر طرف ثالث منذ النكبة . وها نحن نلتقي كالغرباء على أرض محايدة لأن اللقاء في الوطن مستحيل0
- حبيبتي, أنتِ المطر ُالذي يأتي بالعصافير الصغيرة والزنابقِ والثمرِ المُنتَظَرْ . هات يدكِ .
قد آن الأوان أن نحاصر حصارنا.

***

في اللحظة التي جذبني فيها إليهِ , وبدأنا نخطو معا في الظلام نبحث عن منفذ
للنور , شلَّ خطواتي صوتُ طلقة ما .
فجأة ...
صرختْ كلُّ الورود الحمراء على فستاني الأبيض,
وهي تكتسي بلون أحمر أكثر نقاء.



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجسُ الميلاد
- وقد لا يأتي ..؟! ** قصة قصيرة**
- الحبرُ أبْقَى منَ الحبّ ** شذرات **
- سأحاولكَ مرّة أخرى
- ومضاتٌ وجعيّة
- قصة قصيرة - فَرَاشَة ٌ في زمن غائم
- إصــْرَار - قصة قصيرة
- أنا جنونك - قصة قصيرة
- جَمَرَات
- يحـِــقّ لي كلّ ما يحِــقّ لكم
- الفستان الأحمر - قصة قصيرة
- حـلمٌ آخـَر - ومضة قصصيّة
- أميرةُ حكاياتِهِ - قصة قصيرة
- محكومون بالأمل - قصة قصيرة
- خمس ُ لوحات ٍ لجنون ِ لحظة
- أحبـــُّكَ إلى ما بعد الحــُلم
- الحَكايا العَشْر
- السنونوّة العاشقة - قصة قصيرة
- شـر..طة * ومضة وجعيّة
- -أنا هي..!-


المزيد.....




- جان بيير فيليو متجنياً على الكرد والعلويين والدروز
- صالة الكندي للسينما: ذاكرة دمشق وصوت جيل كامل
- وزارة الثقافة اللبنانية تنفي وجود أي أسلحة تعود لأحزاب في قل ...
- في النظرية الأدبية: جدل الجمال ونحو-لوجيا النص
- السينما مرآة القلق المعاصر.. لماذا تجذبنا أفلام الاضطرابات ا ...
- فنانون ومشاهير يسعون إلى حشد ضغط شعبي لاتخاذ مزيد من الإجراء ...
- يوجينيو آرياس هيرانز.. حلاق بيكاسو الوفي
- تنامي مقاطعة الفنانين والمشاهير الغربيين لدولة الاحتلال بسبب ...
- من عروض ايام بجاية السينمائية... -سودان ياغالي- ابداع الشباب ...
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - عودة ُ النّورس ** قصّة قصيرة