أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يونس بنمورو - السوسيولوجيا الكلاسيكية و المسألة الحضرية [1]















المزيد.....

السوسيولوجيا الكلاسيكية و المسألة الحضرية [1]


يونس بنمورو

الحوار المتمدن-العدد: 3986 - 2013 / 1 / 28 - 22:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كيف إهتم علماء الاجتماع الكلاسيكيون بالظاهرة الحضرية ؟ ما هي رؤيتهم العلمية للمدينة إذن ؟ و ما هي أهم الظروف التاريخية ، و مختلف العوامل الموضوعية ، التي دفعت أل السوسيولوجا الأوائل إلى الإهتمام بالمدينة ؟ و المجال الحضري ؟ و لما يعتمل فيهما ، و أيضا في أحوازهما ؟ و كيف قاربت إذن ، كل المدارس التقليدية ، بدأ بالألمانية المتمثلة في كل من « كارل ماركس » و « ماكس فيبر » و « جورج زيمل » و أيضا المدرسة الفرنسية ، في شخص « إميل دوركايم » الظاهرة الحضرية ، و ظاهرة التحضر ؟ و ما هي وجهة نظرهم السوسيولوجية ، لأهم التغيرات ، و مجموع التحولات ، و أيضا مختلف التبدلات الاجتماعية الكبرى ، التي عرفتها التربة الإجتماعية الأوروبية ، إبان المرحلة التاريخية التي وجدوا فيها ، و عايشوها ؟

نالت الظاهرة الحضرية إهتمام المفكرين و جموع العلماء ، على إختلاف مشاربهم منذ بداية الفكر الإنساني ، إذ جعلوا من إشكالية التحضر و الحضرية ، و ما يرتبط بهما من مجموع الإشكاليات ، فرعية و أساسية ، أحد المواضيع المركزية التي إشتغلوا عليها ، و إنصبوا بعمق على أسببها و خصائصها ، لدراستها و إستيعابها ، عن طريق آليات البحث و أدوات التحليل ، إذ حاولوا تقديم طبق تفسيري علمي لها ، و ذلك ، بسبب التغيير السريع التي عرفته بلدان المركز الرأسمالي الغربي ، بعد إنكسار سلاسل الإقطاع ، و الذي مس ـ التغير السريع ـ جميع أركان و جنبات ، المجتمع الأوروبي بمختلف نظمه ، بسبب التصنيع و ما صاحبه ، من مشاكل و قضايا تستدعي التأمل و الدراسة ، الأمر ، الذي جعل من المدينة مجالا حضريا معقدا و متشعبا ، يزخر بمجموعة مختلفة من التفاعلات و النظم ، و محيطا مكتنزا لجملة من الظواهر الإجتماعية ، المتنوعة الأسباب و التأثيرات ، و العصية عن الفهم و التفهم في أن ، و هذا ما حفز بقوة علماء الاجتماع الكلاسيكيين ، كغيرهم من باقي تخصصات علوم الإنسان و الإجتماع ، في فترة ، القرنين الثامن عشر ، و التاسع عشر أيضا ، و كذلك علماء القرن العشرين ، من صياغة مفاهيم إجرائية ، و محاولة بناء قوانين نظرية ، و أيضا ، إختبار فرضيات سوسيولوجية ، و ذلك من أجل فهم أولا ، ما يعتمل في التربة الإجتماعية الأوروبية ، ثم فهم و محاولة تفسير ، و كذلك تحليل ، مختلف النتائج المترتبة عن تلك التحولات العميقة ، التي مست البناء المجتمعي ، و الحياة الإجتماعية في شموليتها ؛ أي محاولة ، معرفة المناخ السببي العام ، الذي عصف بمجموعة من الثوابت ، ذات الأبعاد الاجتماعية من جهة ، و كذلك الاقتصادية من جهة أخرى ، و أيضا الثقافية و حتى السياسية ؛ التي عرفتها مجتمعاتهم ، إبان المرحلة التاريخية التي وجدوا فيها و عايشوها ؛ و من أجل فهم كذلك ، العديد من الظواهر و الأفعال الاجتماعية ، التي طفت على السطح ، و أيضا ، مختلف السلوكيات الفردية و العادات ... داخل المدينة ؛ أي محاولة فهم ثقافة المدينة بالخصوص ، و المنطق العام للمجتمع الصناعي الجديد ، بمنظور سوسيولوجي خالص ، يعنى بفهم و تحليل و تفسير أثار التصنيع على البناءات الأوروبية المختلفة ؛ و الذي أدى إلى تغيرات هيكلية بنيوية ، في النشاط الإقتصادي ( الإنتاجي ) و بنية النظام الإقتصادي و مؤسساته ، و ساهم في بروز النظام الرأسمالي ، كنظام إجتماعي و إيديولوجي للحياة الغربية ؛ و قد كان وراء اهتمام رواد السوسيولوجيا الأوائل إذن بالظاهرة الحضرية علاوة على ما سبق ، عدة عوامل مركزية و محورية ، دفعتهم بقوة ، للإرتهان على المدينة و تحليلها ، على إعتبار أنها الحاوي لمختلف تلك التبدلات و التحولات ، و كان أهمها ، طبيعة المرحلة التاريخية التي زامنوها ، و التي عرفت جملة من التحولات ، و التغيرات الكبرى في تاريخ مجتمعاتهم ، خاصة إبان الثورات التي عرفتها أوربا آنذاك ، بداية من الثورة السياسية ( فرنسا ) التي غيرت و أدت إلى تبدل البناء الإجتماعي ، رأسا على عقب ، إذ أصابته ـ الثورة ـ بكثير من التصدع و التفكك ، و الإنهيار ؛ نتيجة لمجموع الحريات الفردية و الجمعية ، التي أعطيت للأفراد و الجماعات ، و التي أهدرت الكثير من مقومات الحياة الإجتماعية التقليدية [ عبد الله محمد عبد الرحمن ] إذ أسهمت ـ الثورة الفرنسية ـ في تحديث العديد من العادات و التقاليد ، و الأعراف و القوانين ، و الثقافات و السلوكيات العامة و الجمعية ؛ كما تسببت في إحداث ثورة إجتماعية شاملة ، في نوعية البناءات و النظم الإجتماعية الموجودة ، الأمر ، الذي أدى إلى تغير نمط الحياة الإقتصادية ، و تغيير أساليب المعيشة ، و فرص الحياة ، و أحدثت الكثير من عمليات التطور ، و التغير الإجتماعي [ عبد الله محمد عبد الرحمن ] بالإضافة للثورة الفكرية - الثقافية ( ألمانيا ) المتوجة بأبحاث و إكتشافات علمية ، سعت لتغيير الفكر اللاهوتي السائد آنذاك ،عن طريق تحرير الإنسان و العقل الإنساني من الماورائيات ، من خلال تقديم معرفة عقلانية علمية خالصة ؛ زيادة على الثورة الصناعية ( انجلترا ) التي أدت إلى نشوء المصانع و أيضا الأسواق ، و مختلف المراكز التجارية الرأسمالية ... الأمر ، الذي أدى إلى تحول المركز الإجتماعي للإنتاج من القرية إلى المدينة ؛ و إلى ترك الطبقة العاملة في الزراعة ، لمصدر قوتها الأساسي ، لتتجه للعمل في المؤسسات و الشركات الرأسمالية الجديدة ، التي ظهرت في المدن ، أو في أطرافها الشبه الحضرية ؛ الأمر ، الذي أفرز جملة من المشاكل الإجتماعية و الإقتصادية ... كمشاكل المدينة الصناعية من فقر ، و إزدحام ، و تعدد المناطق و الأحياء المتخلفة ؛ ناهيك عن مشاكل أخرى ، كالأجور و إنخفاضها ، نتيجة هجرة الأفراد من القرية ، إلى المدن الصناعية الحديثة طلبا للرزق ، مما أدى لإنخفاظها ـ الأجور ـ نتيجة لكثرة العرض ، و كذلك لتكدس الناس في الوسط الحضري ؛ زيادة على المشاكل المرتبطة بظروف العمل ، كإرتفاع ساعات العمل ، و خروج النساء و الأطفال للإشتغال ؛ و طبيعة الإنتاج و الأرباح ، مرورا بالعلاقات الإنسانية و إضطرابها ، و مشكلات الطبقات مع الإدارة ، أو أصحاب الرأسمال ، دون إغفال نشوء الحركات العمالية الإشتراكية الراديكالية ؛ و ظهور طبقتين متقاطبتين متباينتين ، تتجلى في الطبقة الرأسمالية المهيمنة ، و الطبقة البروليتارية المهين عليها ؛ فكل هذه الظروف أدت إلى حدوث العديد من التحولات و التبدلات ، كانت رقعة المدينة مسرحا لها ، حيث تغيرت أنماط الحياة ، و تبدلت طرق العيش ، و تضخمت المدن ، و إنتفخت بجملة من الظواهر ذات الصبغة الإجتماعية ؛ كما انتشرت حركة تمدين واسعة ، و صاحبها انتشار حركة تصنيع كبرى ، و بروز ظواهر اجتماعية جديدة بالمدن ، لم تعهدها أوروبا من قبل ، كما ارتفعت نسبة الهجرة و الفقر ، و خلافه من الظواهر ، ذات البطانة السوسيولوجية المركبة ؛ خاصة تلك المرتبطة بظهور الطبقات الإجتماعية العمالية و الرأسمالية ، التي لم تكن موجودة خلال العصور الوسطى ، و التي أخذت أشكالا و أبعادا و أنماط من العلاقات فيما بينها ، و أدت بصورة عامة إلى تغير البناءات ، و النظم الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية (...) كما ظهرت العديد من التغيرات ، على البناءات و النظم التقليدية ، مثل النظام الأسري و العائلي على سبيل المثال ؛ و جاء ذلك التغير نتيجة لوجود نظام المصنع ، كمؤسسة إقتصادية و إنتاجية جديدة ، عملت على تغير نمط العلاقات الإجتماعية الأسرية ، مثل تغير العلاقات بين الزوج ، و الزوجة أو بينهما و بين الآباء ؛ و جاء ذلك نتيجة خروج المرأة للعمل ، و ما يترتب عليها من تغيرات إجتماعية ثقافية متعددة [ عبد الله محمد عبد الرحمن ] فالثورة الصناعية إذن ، هي التغيير الجذري الذي عاشته أوروبا ، و في مقدمتها بريطانيا ، حيث تحولت المجتمعات الزراعية إلى مجتمعات صناعية ؛ و توسعت مدن جديدة ، بفعل الإختراعات ، و ظهور نظام المعامل في كبريات العواصم الأوروبية ، وظهرت طبقات إجتماعية ، و قيم و تقاليد ، لم تكن موجودة من قبل [ محمد مظفر الأدهمي ] و التي أحرجت علماء الإجتماع الأولين ، و دفعتهم لتقديم تفسيرات إبستمولوجية عقلانية لتلك الظواهر ؛ كل هذه التغيرات و التحولات ، كانت من بين الأسباب الجوهرية التي جعلت من آل السوسيولوجيا الكلاسيكيين ، يوجهون إهتمامهم للظاهرة الحضرية آنذاك ؛ فدراسة المدينة و الحياة الاجتماعية في الوسط الحضري ، و ما يفرزه هذا الأخير ، من ظواهر إذن ، تحتل مكانة جد رئيسية في المقدمات السوسيولوجية الكلاسيكية ، نظرا لتعقيدات الظاھرة الإجتماعية التي فرضت نفسها ، و أيضا لتنوع أوجھھا ، و كذلك أبعادھا ، فمسألة الاهتمام بالظاهرة الحضرية ، شأنها شأن باقي الظواهر الاجتماعية الأخرى ، التي دفعت الرواد الأوائل ، إلى محاولة الانتباه السوسيولوجي لها ، و محاولة مقاربتها بمنظار عقلاني ، يتأسس على إستخدام التفسيرات العلمية ، التي تقوم على الملاحظة و التجرية ، و إستخدام العقل في نقل الحقائق ، و الأشياء التي توجد في الواقع [ عبد الله محمد عبد الرحمن ] ففي علم الاجتماع الكلاسيكي إذن ، يمكننا التمييز بين عدة مدارس ، و إتجاھات نظرية ، تختلف فيما بينھا ، في اختبار المناھج و المقاربات ، و في إبراز الحياة في الوسط الحضري .

 التحليل الحضري عند « كارل ماركس »

بدت السوسيولوجيا عند « كارل ماركس » و كأنها تعكس حقيقة حياته البائسة ، فقد عاش فقيرا و مات كذلك ، فإنطلقت أفكاره من المجتمع الرأسمالي لتقدم الإنسانية ، و هي في حالة صراع أزلي بين طبقات مهيمنة ، و أخرى مهيمن عليها ، حتى أنه و صف الصراع الطبقي بالقوة المحركة للتاريخ ، و أن المجتمع الرأسمالي الذي يشكوا من تناقضات داخلية بسبب غياب التوزيع العادل للثروة و الموارد ، سينفجر مخلفا وراءه المجتمع الإشتراكي ، الذي يتساوى فيه الجميع ؛ و مما يسجله التاريخ الإنساني بطرافة فائقة ، أنه ما من نظرية أثرت على البشرية في تاريخها ، كما فعلت النظرية الماركسية التي إعتنقها نحو ثلثي سكان المعمورة ؛ و في واقع الأمر ، فالماركسية ، كانت يأسا و ردا على الظلم الذي تعرضت له البشرية من الأنظمة الإقطاعية ، و الرأسمالية على السواء ، فما كاد الفرد يتخلص من عبودية الإقطاع حتى تلقفته عبودية الرأسمال ؛ لذا ليس غريبا أن يصف المفكر التونسي ، عبد الوهاب بوحديبة « كارل ماركس » بأنه ليس سوى مناضل نقابي ، أدرك معاناته و معاناة العمال ، و الفلاحين على السواء [ أكرم حجازي ] ؛ لذا ، « كارل ماركس » يعد أكثر الفلاسفة وضوحا في مسألة التمايز و التمييز، بين مختلف فئات الناس ؛ إذ قسم المجتمعات إلى طبقات ، و قال ، إن التاريخ عبارة عن صراع بين هذه الطبقات ، بحيث تتبدل المواقع فيعتلي المضطهدون القمة ، و يغور السادة أو المستغلون إلى القاع ؛ فالتاريخ حسب « كارل ماركس » دائما عبارة عن صراع بين مستغِل ومستغل ، أي بين من يملك و من لا يملك ، بين طبقة قوية حاكمة ، و طبقة أخرى كبيرة تعاني الفاقة و الإهمال [ جهاد صالح عبد اللطيف سلامة ] فتاريخ الحضارة يحكمه التناقض و التنافس المستمر بين نمطين من العيش ، العمل الصناعي المتمدن ، و العمل الفلاحي في البوادي ، فالأول ، صراع البروليتاري مع البرجوازي ، و الثاني ، صراع القن مع النبيل ؛ وبذلك يعد هذا التقسيم ، الشكل الأول لتقسيم العمل بين البادية و المدينة [ زهير القاسمي ] فتقسيم العمل بين أمة ، يفترض أولا التمييز بين المدينة و البادية ، و تعارض مصالحهما Karl Marx فالقوانين المادية الموضوعة هي التي تسير المدينة ، و ليست القيم الثقافية ، فالبناء التحتي الذي تشكله القوانين الاقتصادية ، هي التي تؤثر على البناء الفوقي الذي تشكله المعايير و القيم الثقافية و السياسية ، و بالتالي يخضع تطور المجتمع و الحياة الحضرية داخل المدن إلى العلاقة الجدلية أو الديالكتيكية ، ما بين البناء الفوقي الذي تشكله الأفكار و الإيديولوجيات التي تحملها الطبقة الحاكمة و السياسيين ، و البناء التحتي الذي يشكله الاقتصاد و علاقات الإنتاج ؛ و لهذا ركز « كارل ماركس » على التناقضات التي تحكم سير المجتمع الحضري ، عبر مراحل تطوره التاريخية ؛ و قسم بناء المجتمع الحضري إلى طبقتين رئيسيتين ، الطبقة المالكة ( ملاك ، إقطاع ، رأسماليين ) تبعا لمرحلة التطور ، و نمط أسلوب الإنتاج ، هذه الطبقة تعيش حياة حضرية يسودها البذخ و الترف ، و تقيم في الأحياء الحضرية الراقية ، التي تتوفر على الإسكان المتطور في مراكز المدن الحضرية ، أو في الأبراج و القصور الفخمة ، التي توجد على ضواحي و مخارج المدن ، و الطبقة العمالية الكادحة ، التي تتبع قوة عملها على الرأسمالي و صاحب وسائل الإنتاج ، من أجل الحصول على قوتها اليومي للاستمرار في الحياة ، فرغم أن الطبقة العمالية هي التي تنتج الثروة و هي التي تنتج الإسكان ، إلا أنها لا تستفيد من إنتاجها هذا ، حيث يتحول ربحه إلى جيوب أصحاب رؤوس الأموال ، و تبقى الطبقة العمالية تقطن الأحياء الحضرية المتخلفة على هوامش المدن ، أو بالقرب من المصانع التي تشتغل فيها ، في سكنات على شكل أكواخ و بيوت قصديرية ؛ و يرى» كارل ماركس « إن هذه العلاقة الاستغلالية التي تحكم الحياة الحضرية ، داخل المدن و عبر المصانع و مراكز الإنتاج ، هي التي تدفع بالطبقة العمالية إلى أن تعيش في صراع دائم مع طبقة أصحاب رؤوس الأموال ، من أجل إفتكاك حقوقها و تحسين ظروف حياتها الاجتماعية و الاقتصادية ، و حصولها على الإسكان الملائم ، الذي يتوفر على خصائص الإسكان الحضري [ محمد عزوز ] ؛ فالطرح الماركسي فتحليله للمدينة ، ركز على وضعية الطبقة العاملة ، و ذلك من خلال عرض حالة البؤس و الفقر ، و كذلك حدة الاستغلال الذي تتعرض له ذات الطبقة ، كما تطرق إلى مسألة النمو الحضري العشوائي ، الناجم عن الطريقة التي تخفي بها البلدان المتقدمة و المصنعة الوجه الأخر لتقدمها الصناعي ... و تطرق فيه كذلك ، إلى أزمة السكن و انتشار الأحياء الهامشية المجاورة للأحياء الراقية ، و وجه انتقادا لاذعا للتطور الرأسمالي في بعض المدن الكبرى ( لندن ) ، و أعتبر أن أزمة السكن و الاستغلال الذي تتعرض له الفئات المقصية اجتماعيا القاطنة بالأحياء الهامشية ، هو مؤشر أساسي للاحتكار الاستغلال الرأسمالي ... و بذلك فإن أحسن وسيلة للقضاء على هذه الأزمة ، هي القضاء بشكل نهائي على الاحتكار و الاستغلال ، الذي تمارسه الطبقة الرأسمالية ، على الطبقة العاملة ؛ كما ركز « كارل ماركس » و زميله « أنجلز » على سألة تقسيم العمل ، التي فرقت بين البادية و المدينة ، إذ أن أكبر تقسيم مادي و فكري للعمل ھو الفصل بين المدينة و الريف Karl Marx فالعلاقات بين الريف و المدينة ، تتميز بالتصادم و الصراع ، و يمكننا ملاحظة ھذا التصادم في الكثير من المستويات ؛ أولها ، أن المدينة ھي مكان تركز السكان ، و إنتاج رأس المال ، و وسائل الإنتاج ، بينما يمثل الريف عكس ذلك ، بمعنى أنھ يساعد على التفرق و العزلة ؛ ثانيها ، أن الأساس المادي للمدينة ، يبنى على العمل و التبادل و ليس على الأرض ، و ھنا أيضا يمثل العمل أھم شيء Karl Marx إذ لھ السلطة على الأفراد الذين يخدعون للنشاط فيصبحون بذلك مستلبون ، و يزيد إستلابھم مع إنتاج حاجات جديدة ؛ ثالثها ، في كون المدينة ، ھي مكان تطور العلاقات الاجتماعية التي تتميز بنوع من الترابط المادي ، فالناس يحتاجون لبعضھم البعض ، كل حسب نشاطھ الخاص يلجأ إلى المركز بتقديم مصالحھ الخاصة ، و ھذا ما يؤدي إلى المنافسة و العزلة ، لأن ھؤلاء الناس ، لا يمثلون في النھاية إلا قوى منتجة ؛ ھذه القوى ليست ملك لأفراد إنما ملك للخواص ، و من ھنا فھي ملك لھم فقط عندما يكون ھم أنفسھم ملاك خواص Karl Marx فمن أجل الحياة المادية يحرم الناس حتى من محتوى حياتھم الحقيقية ؛ رابعها ، تساعد المدينة على نشأة الطبقية فمن جھة البرجوازية ، و من جھة أخرى ، البروليتاريا بما يحملانھ من تعارض. و حتى يتم القضاء على هذا التعارض بين البادية و المدينة ، و يتم إختفاء التبعية و إنهائها ، تبقى المهمة رهينة بالطبقة العاملة ؛ إذ إن إزالة ھذا التعارض بين الريف و المدينة ، ھو أحد الشروط الأولى للتجمع Karl Marx . لذا فقد نادى « كارل ماركس » بضرورة المحو التدريجي للفوارق ، بين النظام البدوي و النظام الحضاري ، فالفوارق بين هذين النمطين من العيش ، أخذ يلوح في سماء الحضارة الإنسانية ، مع الإنتقال من التوحش إلى الحضارة ، و من التنظيم القبلي إلى الدولة ، و من الجهوية إلى الأمة ؛ فوجود الدولة ، رهين بوجود الإدارة و الشرطة ، و الضرائب [ زهير القاسمي ] إن المدينة إذا وفق المنظور الماركسي ، هي تلك الأشكال المبنية حيث يتحقق مبدأ تقسيم العمل إنطلاقا من الحراك ، و إنطلاقا أيضا ، من الإستخراج و التمركز الجغرافي لأعداد مهمة من المنتوجات الناتجة عن فائض القيمة ، و بذلك يصبح من السهل على طبقة معينة السيطرة على و سائل الإنتاج ، و بالتالي فإن نشأة المدينة و ظهورها ، هو تعبير عن تحول نوع من الإندماج الإقتصادي المبني على التبادل ، إلى نوع أخر ، مبني على إعادة التوزيع Jean-Bernard Racine ، فبالنسبة « لكارل ماركس » إذن ، تدخل دراسة المدينة ضمن تحليل تقسيم العمل ، و وسائل الإنتاج ؛ الأمر ، الذي يعكس أشكال الملكية ، و الإنتماء الطبقي ، و كذلك الصراعات بين الطبقات المالكة و غير المالكة لوسائل الإنتاج ؛ زيادة على الإحساس بالإغتراب ، و أيضا التناقضات التي ترتبت عن عملية نشوء المدن ، و بروز التحضر .


يتبــــع ...



#يونس_بنمورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترجمة [8] كيف تصبح أبا
- ترجمة [7] كيف تصبح أبا
- ثقافة المقاولة : مكوناتها و خصائصها
- ترجمة [6] كيف تصبح أبا
- جاك بيرك : شيخ المستشرقين المنحاز لقضايا العرب و المسلمين
- حسن المجاهيد : سوسيولوجيا العالم العربي لدى جاك بيرك
- ضيف و حوار : الدكتورة عائشة التاج
- ترجمة [5] كيف تصبح أبا
- ترجمة [4] كيف تصبح أبا
- ترجمة [3] كيف تصبح أبا
- ماكسيميليان فيبر: مسار عالم
- ترجمة [2] كيف تصبح أبا
- ترجمة [1] كيف تصبح أبا
- أوغست كونت : عندما تكون الإنهيارات الداخلية وراء الخلق و الإ ...
- بيير بورديو : مفكر الخلخلة و الإزعاج
- برقية سابعة من صديق على عتبة الإلحاد
- برقية سادسة من صديق على عتبة الإلحاد
- برقية خامسة من صديق على عتبة الإلحاد
- برقية رابعة من صديق على عتبة الإلحاد
- برقية ثالثة من صديق على عتبة الإلحاد


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يونس بنمورو - السوسيولوجيا الكلاسيكية و المسألة الحضرية [1]