أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يونس بنمورو - ترجمة [6] كيف تصبح أبا















المزيد.....

ترجمة [6] كيف تصبح أبا


يونس بنمورو

الحوار المتمدن-العدد: 3937 - 2012 / 12 / 10 - 15:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المراهقة الأولى : من السنة الثانية إلى السنة الثالثة .

مرحلة خطى الطفل الأولى جد رائعة و غنية أيضا ، فخلالها يتمكن الأب من اللعب و الإستمتاع مع الطفل ، لكن المرحلة العمرية اللاحقة بعيدة كل البعد ، على أن تكون مثالية هي أيضا إذ لم يعي الأب المشاكل الحقيقة التي تفرض نفسها خلال هذه المرحلة ، و لما تظهر أيضا فقط في هذا العمر بالذات ، لذلك غالبا ما يغيض الأب من تصرفات طفله و من سلوكه ؛ فأنا أسمي هذه المرحلة ب " المراهقة الأولى " إذا نجد تشابها كبيرا بينها و بين المراهقة الحقيقة " و التي أسميها أنا بالمراهقة الثانية " فبعض الكلمات عن المراهقة الثانية ، تمكن الآباء من فهم طبيعة و خصائص المراهقة الأولى .

المراهقة ، هي مرحلة إنتقالية من الطفولة إلى سن الرشد ؛ فقبل أن يصبح الطفل مراهقا فقد تمكن فيما سبق من تثبيت توازن سيكولوجي مرض بما فيه الكفاية لنفسه ، كما يمكننا كذلك هذا التوازن من ربط علاقات جد رائعة معه ؛ لكن ليصبح المراهق ناضجا راشدا ، يتوجب عليه تكسير هذا التوازن ، و خلخلة كافة المعايير السلوكية التي كان عليها في صغره ؛ فالمراهق متمرد و سلبي أيضا ، ما يميزه هو طبيعته الصعبة ، فهو لا يعرف ما يريد ، لكن يعرف جيدا ما لا يرغب فيه ، و يرفض قطعا كل ما نطلبه منه فعله و القيام به ، إذ يظهر فقط رغبته في رفض و معارضة رغباتنا و طلباتنا .

المراهق يبحث دائما عن معنى خاص لهويته الإيجابية ؛ لكن أولى خطواته نحو هويته الذاتية الإيجابية و نحو معنى الذات عنده ، يجب أن يمر عبر الخطوات السلبية ، و ذلك برفض رغبات و مطالب الآباء ، فسنوات المراهقة هي سنوات إنتقالية ، مليئة بالإرتدادات العكسية ؛ فالأب الغير واعي بالخصائص الإنتقالية لهذه المرحلة ، و غير واع بأن الهوية الذاتية السلبية يجب أن تسبق الهوية الإيجابية ، لن يستطيع فهم ، بأن عدم توازن الطفل السلوكي هي مسألة إيجابية في مسيرة تكونه كمراهق ، لذا سيظن بأن طفله يتصرف بشكل سيء وجب معه قمعه بشراسة ، و هذا الحل السلبي لن يزيد إلا من تعقيد الوضعية .

يتوجب على كل أب لطفل ذو السنتين ، أن يفهم بأنه ما بين السنتين إلى الثلاث سنوات ، هي مرحلة إنتقالية قريبة من مواصفات المراهقة الكبرى ؛ فالمراهقة الأولى هي العبور من مرحلة الطفل الذي بدأ لتوه في المشي إلى طفل صبي ؛ فالمراهق الأول هو أيضا متمرد و سلبي ، كما هو الحال بالنسبة للمراهقة الثانية ، فالكلمة التي توحد المرحلتين هي " لا " حتى أن الطفل المراهق نادرا ما يعرف ما يريد ؛ فإذا قدمتم له الحليب ، سيطلب عصيرا و العكس صحيح ؛ و هذا أمر و طبع شنيع ممقوت من جهة الآباء ؛ فبإعتباركم أبا ، إبتهجوا في هذه الوضعية بالذات ، و تصرفوا برفق مع زوجتكم ، خاصة لأنها تتحمل الطفل طيلة اليوم ، لذا ستكون في أمس الحاجة لقليل من التفهم و التشجيع من جهتكم كزوج ، خصوصا عندما ينتهي يومها الشاق ، الذي تكبدت خلاله عناء مراقبة الطفل لثمان ساعات متعبة أو تسع شاقة مرهقة ؛ خذوا إذن كامل عنايتكم لإضطرابات الطفل السلوكية ، و لبداية كذلك الطور السلبي من المراهقة الأولى ، و التي تعتبر خطوة حاسمة في تطوره السيكولوجي ، لذا سيكون من الأفيد بمكان للآباء فيما بعد ، لو تم تطوره النفسي برفق و سلاسة ، و بشكل منتظم أيضا ؛ لكن للأسف الأمور لا تتم غالبا بهذه الطريقة ، لأن مراحل التوازن السيكولوجي متبوعة بمراحل أخرى مضطربة و غير مرنة ، خصوصا خلال السنوات الأولى .

إن كل ما أسميه بالمراهقة الأولى أي السنة الثانية و الثالثة ، هي مرحلة غير متوازنة ، يليها ما بين السنة الثالثة و الرابعة ، و هي فترة متوازنة ، يليها فيما بعد السنة الخامسة و الرابعة ، و هي مرحلة غير متوازنة ؛ و حتى نفهم جيدا هذا السياق ، يكفي أن نتذكر جيدا بأن السنوات الفردية ــ السنة الثالثة و الخامسة ــ هي سنوات متوازنة ، بينما السنوات الزوجية ــ السنة الثانية و الرابعة ــ تشير لفترة غير متوازنة ، لكن يجبوا أن تعرفوا بالموازاة لما سبق ، بأن هذه التمايزات ليست سوى للتقريب فقط و لا يمكن دائما تطبيقها على طفلكم بشكل صارم ؛ لكن عندما لا تبارح كلمة " لا " فم طفلكم ، و يجعلكم تنساقون وراءه ، فتذكروا وقتئذ بأن طفلكم يتموقع ضمن المراهقة الأولى .

ما الذي يكتسبه الطفل إذن في هذه المرحلة ؟ أي عدسة ستنضاف لنظامه البصري ، و كذلك لمفهوم الذات عنده ؟ و خاصة ، كيف ستتأسس هويته الذاتية ــ تذكروا بأن ما يمر به الطفل خلال مراهقته الأولى ، سيعيد تجربته من جديد ، بين السنة الثالث عشرة و التاسع عشرة ــ لكن ما الذي يتوجب على طفلكم إكتسابه و تعلمه في هذه المرحلة إذن ؟ من الضروري جدا أن يبني الطفل شخصية متينة ، و وعيا بالذات صلبا ، لكن في نفس الوقت يتوجب عليه أيضا الإمتثال لقوانين مجتمعه ــ أي الأب و الأم ــ و ما ينتظره منه ؛ لكن خلال هذه العملية يمكن أن ترتكبوا خطأين فادحين ؛ الأول ، يمكن أن ترهقوا طفلكم بكثرة التحكم فيه ، و ذلك بحثه على للإنضباط المبالغ فيه ، و الإمتثال المتطرف لقواعد معينة جد صارمة ، هذا الجو التربوي الجد حازم ، سينتج لنا فردا خجولا ، و إذا ما إستطاع التكيف مع الوضع ، فأنه سيقاوم بكبت فضيع ، مما سيجعل من هذه المرحلة بالنسبة إليه كحرب ضروس ، مؤلمة و مستمرة بدون توقف أو إنقطاع ؛ كما يمكنكم أيضا أن تترددوا في توجيه طفلكم كما يرغب هو ، إذ ستتنازلون دائما عن مبادئكم التربوية في كل مرة يصرح فيها عن شيء ما ؛ فعندما يرفض الطفل الخضوع و التقيد بالقواعد المنطقية التي وضعتموها سابقا و جعلتموها أساسا و قاعدة للتربية ، ستضطرون لتغييرها مرارا و تكرارا حتى يحصل توافق متبادل ، في هذه النقطة سيتضح بأن طفلكم هو الذي يوجه الأسرة و يقودها و ليس أنتم بتاتا ؛ فالبنسبة لهذا النوع من الأطفال ، لم يستوعب مطلقا الدرس الحقيقي المتعلق بالإمتثال و الإنضباط ، للقواعد العامة طيلة هذه المرحلة ؛ لكن بشكل تدريجي و خلال إحتكاكه بمجموعة من المؤسسات على رأسها المؤسسة المدرسة ، سيعي آنذاك بأن المعلم و بجانب رفاقه في القسم ، ينتظرون منه الإمتثال لمجموع القواعد العامة المدرسية .

ليس سهلا كذلك على أي أب أن يعرف أي القواعد أفيد و أجدر ، كي يتم وضعها كأسس تربوية ، و ليس من اليسير أيضا ، أن يعرف الكيفية المناسبة لجعل الطفل يمتثل لتلك القواعد ، فطفلنا المراهق يتذبذب من الهامش إلى الهامش الأخر ، إذ لا يستقر على رأي ، إذ في أغلب الأوقات ينادي " أرغب في فعل هذا ، و لوحدي " لكن في لحظات أخرى يطلب منك القيام به ، أو على الأقل مساعدته في فعله ، فهو يتردد دائما بين رغبته في الإستقلال التام عن مساعدات الآباء ، و بين رغبته في الإرتباط الكامل كطفل رضيع .

أفضل نصيحة يمكن أقدمها لكم في هذا الطور ، و هي بدون شك أن تحافظوا على مرونتكم ، سواء من حيث المبادئ و الحدود التي وضعتموها كقواعد تربوية ، إذ سيكون من الخطأ أن يكون الأب جد صارم في طرق اللباس و أيضا في ساعات الإستحمام ... فالقواعد الثابتة مستحيلة و عصية عن التطبيق في هذه المرحلة ، لأن مشاعر و حماس الطفل جد متناقض و كامل التعقيد ؛ فعندما كان طفلي الأصغر في نفس هذه المرحلة ، أتذكر بأن أخته الكبرى طلبت منه الذهاب مع أصدقائه لحصص ترفيهية تقام في المدرسة ، في بداية الأمر رفض و أبدى عدم رغبته في الذهاب ، لكن بعد هنيهات معدودات عن قراره هذا ، قال " إنتظروا قليلا سآتي معكم " لكن في لحظة إنتظار زملائه لصعود للسيارة قال مرة أخرى " لا ، لا أرغب في الذهاب " في هذه اللحظة قررت المعلمة و باقي التلاميذ الذهاب ، لكنه صرخ مرة أخرى قائلا " إنتظروني سأذهب معكم " ففتح باب السيارة ، تردد للحظة و قال " لا ، لن أذهب معكم " و في هذه اللحظة تدخلت قائلا " يا راندي ، أعلم بأنك ترغب في الذهاب و الترفيه مع أصدقائك ، و ستضجر و تسأم إذ ذهبوا بدونك ، إصعد إذن للسيارة ، و إذهب معهم " فبالرغم إذن من صراخه دفعته بليونة لكي يختار الصعود للسيارة و الذهاب مع الآخرين .

فهذا حادث جد نموذجي فعلا في هذا الطور من النمو ، و الأب الماهر اللبيب يجب أن يكون مرنا ؛ لكن حتى لا يتم فهمي خطأ ، فمن الضروري على الآباء الحرص كذلك على بعض المبادئ و الحدود المقننة المحبذ تطبيقها في عمر الثلاث سنوات ، لكي تستمر و تدوم فيما بعد ؛ لكن من الضروري على الآباء بالموازاة لذلك ، أن يرتهنوا على جرعات المرونة حتى يتم التخفيف من حدة تلك القواعد و الضوابط .



#يونس_بنمورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جاك بيرك : شيخ المستشرقين المنحاز لقضايا العرب و المسلمين
- حسن المجاهيد : سوسيولوجيا العالم العربي لدى جاك بيرك
- ضيف و حوار : الدكتورة عائشة التاج
- ترجمة [5] كيف تصبح أبا
- ترجمة [4] كيف تصبح أبا
- ترجمة [3] كيف تصبح أبا
- ماكسيميليان فيبر: مسار عالم
- ترجمة [2] كيف تصبح أبا
- ترجمة [1] كيف تصبح أبا
- أوغست كونت : عندما تكون الإنهيارات الداخلية وراء الخلق و الإ ...
- بيير بورديو : مفكر الخلخلة و الإزعاج
- برقية سابعة من صديق على عتبة الإلحاد
- برقية سادسة من صديق على عتبة الإلحاد
- برقية خامسة من صديق على عتبة الإلحاد
- برقية رابعة من صديق على عتبة الإلحاد
- برقية ثالثة من صديق على عتبة الإلحاد
- برقية ثانية من صديق على عتبة الإلحاد
- برقية أولى من صديق على عتبة الإلحاد
- عبيد بقوة الإكراه و أقنان بشدة الإلزام و إماء بروح الإجبار ف ...
- دناسة الثقافة و رجاسة الإنتماء


المزيد.....




- مذيعة CNN تواجه بايدن: صور الأطفال في غزة مروعة وتكسر القلب. ...
- أردوغان: تركيا تتابع الوضع في أوكرانيا عن كثب
- وزير التجارة التركي يحسم الجدل بعد تصريحات كاتس عن عودة التج ...
- صحة غزة تعلن الحصيلة اليومية لضحايا الحرب في القطاع
- زيلينسكي يعين رسميا قائد قواته السابق سفيرا لدى بريطانيا
- بعد تهديد بايدن.. رسالة من وزير الدفاع الإسرائيلي إلى -الأصد ...
- بوتين يرأس المراسم في الساحة الحمراء بموسكو للاحتفال بيوم ال ...
- طلاب ليبيا يتضامنون مع نظرائهم الغربيين
- أبو ظبي تحتضن قمة AIM للاستثمار
- أغاني الحرب الوطنية تخلد دحر النازي


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يونس بنمورو - ترجمة [6] كيف تصبح أبا