أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يونس بنمورو - دناسة الثقافة و رجاسة الإنتماء















المزيد.....

دناسة الثقافة و رجاسة الإنتماء


يونس بنمورو

الحوار المتمدن-العدد: 3802 - 2012 / 7 / 28 - 18:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


شذرة البدء " اخطر ما يمكن أن نصاب به، هو أن نسمع فقط صوتنا الداخلي، لأنه يحول بيننا و بين معرفة ما يجري حولنا " محمد سعيد طيب.
جميل أن يصبح المرء جسدا مجتمعيا واحدا يقر خصامه لثقافته، و يعلن الانتماء للفكر الإنساني و ينتصر لشاعرية الكوني و طيف العالمي، بعيدا عن ضيق الإنكماش الجغرافي، وحدود الانتماء الأرثوذوكسي، بالتعصب الوسواسي لهذا الوعاء الاجتماعي آو لأخر طائفي، أو الانخراط في سجل ثقافي يعج بالمضمرات الكئيبة، المكبلة لشفافية الفرد في مخفر الترفع، و قفص الأنانية و الإستعلاء، مدجنين بإسم الوطنية، وهستيريا الذوبان المذهبي و التلوث القومي، و متسامحين بتدفق عاطفة العدوان، وانسيابية غرائز الجلد و التسليخ، بمجرد الإحساس بالتميز و الإنفراد أو الشموخ و الإرتفاع، بإباحة التكشير عن مخالب الكيد و العداء، و الدعوة لإظهار مساحيق التطرف و البغضاء، بغير إتزان و لا إتساق، تنحية للأخر و تغييبا لفطرة الحوار و التحاور، وتعطيلا لملكة العقل و التعقل، و قتلا لجبلة العرق البشري، بالإنكفاء على الذات و النوم على مخلفات التاريخ. فتقلص هنيهات السلام دليل على أجواء اللاتفاهم و اللاإنصات، نتيجة الشذوذ الثقافي و التمركز العرقي و التصلب الشوفيني، كحجة لهضم مبدأ الصراع، و تلميع ضراوة الإحتراب، وهيمنة نزوات التطاحن الثقافي، و بؤس التقاتل الإثني، فحبذا لو إنحزنا لإعلاء الخطاب الإنساني و سيادة الإنسان كمبدأ فعال لتقاسيم الكون، و كقيمة أسمى في فضاء الحضارة ورحاب التاريخ، بعيدا عن مفاهيم الانغلاق الظالمة المظلمة، وهروبا من فوهة الكليشيهات الحارقة، و بلادة الإقصاء الناخرة، و بعيدا عن التخندقات الثقافوية المجلدة للقلوب، و المفسدة للسيرة والسلوك. فمع الثقافة تتضح شراسة الحيف و ضراوة الإجحاف، و قساوة الميز و التميز، كيف لا وهي مركبة بطبيعتها، و فوق الأرض استنبتت حركية تشكلها، و أمنت إستمرارية تكونها ، بجدل متراكم شديد التعقيد، إذ لم تسقط جاهزة فوق الرؤوس، بل ترسبت و تكونت بإفرازات الإنسان السلوكية، واحتكاكاته الجسدية بأمكنته الهوياتية، ليحس بالتضخم الذاتي و الامتلاء الوهمي، ليتعصب لتراهات ثقافته المتراخية، و لوعود مرتزقة اللاهوت الثقيلة، لتنسب لها مسؤولية كافة الشرور، بإعتبارها المعقل السجني لكل المصادمات و الحزازات، و الدافع الرومانسي لكل تمزق و انتحار، فما من مدنس غيرها لبراءة الإنسان ، وما من مسئول سواها عن الإحتراقات و التطاحنات، و كافة المصادمات و المعاكسات، لنشرها ديناميت الكره و جرعات البغضاء، فلا تبدو معقولة إلا الذي لا عقل له، فهي متخمة بالمغالطات و متعفنة بالتفاهات، و مدججة بالمسبقات الاستعلائية و المحاكمات التكبرية، كما أنها تحريض عمومي معاكس لطبيعة الإنسان، فمبدأها التعصب الجاهلي لوحدة الانتماء، القائم على قيم رثة و مبادئ بالية، نتمسك بها، لمجرد أنها نابعة من قعر قبيلتنا، و من قاع نظمنا العشائرية و الجماعية التي لا تنظر إلا في حدود أنفها، كما أنها مصدر للتميز والتفاضل، فهذا مَلَك و الأخر اخص من الشيطان، و هذا المجتمع يتجرثم تحت التخلف، و ينهار باتجاه دركات الركود و الجمود، أما الأخر اقر رفع علم النمو في كوكب التقدم و الازدهار، و كل هذا نتيجة انتفاخ الثقافة و تعجرفها، و إحلالها للسالب عوض الموجب، و تمييزها للصالح من المتعفن، و إنكارها للأخر و استباحتها دم الآخرين، و إبادتها لقيم الإنسانية و الإنسان، فهي المتمسكة بنرجسية الانتماء العمياء، المحقونة بجرعات من الأفكار المريضة، القابضة على عقل الفرد و المتحكمة في إقفاله و تسييجه، وحتى التأثير عليه، بغسل دماغه و حشوه بتيارات ثقافية متغطرسة، قائمة على الطاعة بدون قناعة، و على العبودية بدون حوار، وعلى حملات الكراهية و حروب الكلام، و دوس على القيم الإنسانية و مبادئ العقل و العقلانية، من اجل إمتصاص الفرد لقوالبها الجاهزة و خطاباتها العمومية، ليسهل دمجه فيها و إنتاجه جسدا طيعا لها و لكافة تعاويذها، ليصبح المرء دمية يحرك خيوطها المجتمع و يؤثر فيها بالقوة و الإكراه. ومن اجل بعث الحنين لعصور البراءة و النقاء، يجب تحاشي الرواسب الأخلاقية الهجينة، والمزايدات الديماغوجية الغوغائية، وكل التراكمات التاريخية الصدئة، بالإضافة إلى إجتراح ألياف القيم المتكلسة و السخيفة، بخلع عباءة الماضي و جلباب الثقافة، الأمر الناهي ، من أجل الانتصار لحياة صافية، تنعدم فيها الروائح الكريهة و النتنة، المنبعثة من أكوام أعتا الثقافات و أهونها، وذلك بالقفز بالحياة الإنسانية قفزات مذهلة نحو التقدم و التطور، ترويجا لديانة الإنسان، حيت يترأس العقل و التعقل صداقة النوع البشري، نصرة للأريحية العامة و رفاهية البشرية، المنزهة عن عاطفة التزمت و التشدد، و الخروج من جحر الذات الضيق المنزوي، الكامن تحت الأغلال التربوية و العقائدية المنهجية ، و المتقوقع تحت ركام الجهل و إسمال الماضي البائد العنيد. فكلما نضج الإنسان و تمرغ في الثقافة و حب الانتماء ، كلما زادت درجات شره في التفاقم و النماء، و بقدر تبحره في عمقها و تعصب لإيديولوجياتها كلما أصبح ماكر و مخادعا، يفضح فطنته في التمييز و التقويم، و يعلي مجتمعه سيدا على الجميع، وحتى نتخلص من هذه الشرور و نتملص من قذارة هذا السلوك، و جب القفز عليها بالتجاهل و التقبير، و أن ننفصل عن الذات المتحجرة فينا المضطربة الضعيفة، و المهزومة المتراجعة ، و أن تحرر من سجنها و أن نخرج بقوة الإرادة من نطاق الجاذبية الاجتماعية، حيث الانغلاق و التحقير و سهولة الانقياد و هشاشة التفكير ، وذلك بالانبعاث في فضاء الحياة الفسيح، و في الأفق الواسع اللامتناهي حتى نستطيع أن نضطهد كل ما تعلمناه و كسبناه، و أن نميل إلى الخير العام، بتحقيق الانسجام و النظام، الذي سيؤثر في أريحياتنا فيجذبنا إلى لب الفضائل الإنسانية و نقاء قيمها و خصالها، وذلك بإنتشال عقولنا من تكالبات التشنج الفكري و التزمت الباثولوجي، و أن نزيل لباس الثقافة من فوق أجسادنا، لنمشي في الشارع حفاتا عراة، دون أن نحتمي بدرع الثقافة و كسوة الانتماء، و أن نعلن الحياد نصرة لإنسانية الإنسان، في مغامرة وجودية غايتها مركزية الإنسان، ليتولد الفرد من جديد مصرحا بموت الثقافات و أحكام الكسل و الاجترار، ليعود بريئا نقيا من أي أوامر لهذا الخطاب أو ذاك، أو نواهي لهذا العرف أو ذاك ، فكلما بدأت قلوبنا في التعلم و التلقين كلما ازداد حقدها ومكرها، و كلما دجن الكائن وسمي بالخطأ اجتماعيا، كلما زادت غيرته على خبث ثقافته وسذاجة عاداته وترتيلات تقاليده، ليغدوا لا هوادة شريرا محبا للغزو و النهب، و متيما بالعداء للآخرين، لهذا توجب علينا الاستيقاظ من وهم الدغمائية و الجحود، و أن نصغي السمع لشيء اسمه اليقظة و إحياء العقول، باعتبارات تجعل من الإنسان أعلى ما في الوجود، لنعود بشرا مسالمين لا تكبلنا قيود آو تعجزنا حدود، آو تسيجنا أحكام و قوانين ، أو تطوقنا عقول و ماض التاريخ، فتحت يافطة الثقافة تراق الدماء و تلتهب حرارة الحروب، و تطفوا العنصرية و التمييز، فالثقافة كذب و تظليل، و دعاية هدامة لطبيعية الانسان ، فالأصل فيها أسر للفرد و استعباد لإرادة حريته، فمعها قمع لعذوبية تصرفاته، وبها عرفت البشرية كيف تظلم نفسها و الآخرين معها، فبدونها ستكون الحياة أفضل بكثير و أنقى من لهيب العادات والقوانين، التي سطرت و فرملت سجية الجميع، وساهمت في الظلم و التهميش، و أنجبت الذبح و التسليخ ، فشرعنت منطق الحروب و التدمير، و إستساغت نكهة المكر و التنكيل، و تواطأت مع النزاعات و التقتيل، فأفيقوا من غفوة التدجين و صورة التعتيم، فالأصل عراء للإنسانية من مساحيق الثقافة و أقنعة المجتمع و المعايير، لان المرغوب فيه إقصاء للعبودية و التحكم و التحكيم، إنتصارا لشمولية الكون و كونية الإنسان .



#يونس_بنمورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانسان شيء لا بد من تجاوزه
- فخامة السوسيولوجيا
- في بحث عن هوية لبحثي
- أنصحكم بعدم الزواج


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يونس بنمورو - دناسة الثقافة و رجاسة الإنتماء