أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالمنعم الاعسم - الانفال.. ابو حسان مرّ من هنا














المزيد.....

الانفال.. ابو حسان مرّ من هنا


عبدالمنعم الاعسم

الحوار المتمدن-العدد: 3981 - 2013 / 1 / 23 - 14:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ابو حسان، ثابت حبيب العاني، احد ابرز قيادات الحزب الشيوعي العراقي قاتل الدكتاتورية من كردستان سنوات طويلة، ونزح عنها مع مليون نازح من سكان القرى الكردية امام جرافات الانفال وحملة الابادة الجماعية، وتحت وابل القصف الجوي لطائرات علي حسن المجيد اواخر العقد الثامن من القرن الماضي، وحمل معه ذكريات القتال وجرحا غائرا من شظايا القصف ووساما من غاز الخردل كان قد ضرب رئتيه ليضع اسمه، مع انصار كثيرين، على لائحة ضحايا الانفال الطويلة، منهم من استشهد في رابية او منعطف جبلي، ومنهم من فقد بصره، وثمة بينهم من حمل اصابته لسنوات طويلة حيثما حل، اشارة لبربرية الدكتاتورية الحاكمة.

ابو حسان حين اصيب بالغاز المحرم دوليا. فقد البصر لعدة ايام قبل ان يستعيده بأعجوبة في علاجات بدائية ريفية. قال لي صاحب له في ذلك المشوار "كان ابو حسان يهتم بالاخرين، عربا وكردا، ممن يشاركونه مصاب الانفال وهو مغمض العينين.. كان يتفقدهم واحدا واحدا، ويسأل عن اقدارهم، ولم يكن ليفصح عما يعانيه من آلام، خشية ان يشمت به القتلة، وكان يرفض علاجا مميزا مخافة ان يشمت المصاب".

وحين كنت اسجل معه ذكرياته التي تمتد لاكثر من ستين سنة من النضال كان ابو حسان، احيانا، يتوقف في غمرة السرد ليصمت، إذ تداهمه صور الاحداث المروعة في كردستان.. ويطيل الصمت.. ثم يحول الحديث الى تلك المذبحة البشرية التي عاشها في وديان زيوة في بهدينان كردستان، وكنت اقول له مازحا " لا تستعجل، سنأتي الى صفحة الانفال فيما بعد".

حدثني مرة عن طفل عربي اسمه "مجد" وعن النقابي البصري حميد بخش وعن الاديب سلام ابراهيم وعن الممثل عدنان اللبان وعن سمير طبلة وابو نرجس ومناف وعن ثلاثة من الشبان الهاربين من الدكتاتورية قتلوا وتم دفنهم ، وجميعهم عرب شاءت مجزرة الانفال ان تحمل تواقيعهم وشهاداتهم مع الكرد، وفي كل مرة اقول لابي حسان"سنأتي الى تسجيل واقعة الانفال".

في المستشفى، سألني ابو حسان ما اذا سيأتي يوم يدفع فيه علي حسن المجيد، كرمز للانفال والابادة الجماعية، ثمن جرائمه، قلت اداهره: المهم هو خلاصنا من حكم كارثي جاءنا بالانفال والحروب والمهانة، والبقية تفاصيل. صمتَ ابو حسان طويلا، وقال: صحيح، لكن الفرحة ستكون ناقصة من دون القصاص من الجلادين، وكدت اقول له "انت تحلم يا ابا حسان اكثر مما يسمح به سقف احلامنا" لكني احترمت اتحاد ابو حسان باحلامه الجميلة .

كان الرجل يسعل برئتين معطوبتين بالغاز السام، ولا يكف مع ذلك عن رواية ما حدث حين القت الطائرات بحشوات غاز الخردل والسيانيد على القرى الآمنة والوديان وقواعد الانصار والبيشمركه. كان يكافح المرض بضراوة بأمل ان يرى الجناة يوما في قفص الاتهام، قال لي وقد اغارت على وجهه امارات النهاية وابتسامة التفاؤل: "سانتظر" لكن ابا حسان لم ينتظر، فقد مات، يا للحسرة، قبل ان اسجل معه يوميات الانفال، وقبل ان يحل اليوم الذي كان ينتظره حين نودي به على المتهم علي حسن المجيد الى قفص الاتهام.

تذكروا الشاهد ثابت حبيب العاني الذي اخذ معه عينة من الانفال.. ورآى.



#عبدالمنعم_الاعسم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ضد من في سوريا
- الكتابة.. والكتابة في السياسة
- ملف ىفاق المرأة والحركة النسوية
- العنف ضد النساء العراقيات.. عواطف مغشوشة
- تهميش السنة في العراق.. 5 حقائق منهجية
- العراق.. ماذا يعني انهيار تجربة الدولة الفيدرالية؟
- الكرد الفيلية.. خصوصية لا مكوّن
- هل يمكن ان تكون طائفيا ووطنيا في ذات الوقت؟
- احتراب طائفي .. هذا ما يحصل في العراق
- الغرب والدكتاتوريات.. ماض سئ السمعة
- هادي المهدي.. القاتل -معلوم- هذه المرة
- فرزات.. انهم قطع غيار
- كاظم الحجاج.. مرثية توماس اديسون
- القاعدة في اوربا.. فوق النظر وتحت السيطرة
- الحراك السوري.. معارضتان وسلطة واحدة
- الطفل المدلل الذي صار سفاحا
- افتحوا ملفات المافيا العراقية
- مقتل ابن لادن.. عراقيا
- -الجزيرة-.. هل غيرت مسارها؟
- خيارات المالكي.. المُر والأمَرّ منه


المزيد.....




- لماذا لم يذهب نتنياهو إلى قمة شرم الشيخ رغم دعوته؟ دبلوماسي ...
- بنعبد الله يعزي في وفاة المناضل والصديق المصطفى البراهمة
- ترامب مستاء من صورة -أخفت شعره- على غلاف مجلة -تايم-
- ما أبرز ردود الفعل على خطاب لوكورنو.. هل تفادى خسارة التصويت ...
- الخطة الأمريكية لإدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب لا تتض ...
- اتهام شقيق الرئيس السنغالي السابق بالفساد
- إسرائيل تقرر إغلاق معبر رفح وتقلص دخول المساعدات بحجة جثامين ...
- الرئيس الإندونيسي يعود إلى إندونيسيا والخارجية تنفي زيارته ل ...
- هل ترتبط الصحة النفسية بصحة الجلد؟
- -حياة جديدة في داخلي-.. دانييلا رحمة تحتفل بعيد ميلادها


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالمنعم الاعسم - الانفال.. ابو حسان مرّ من هنا