أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالمنعم الاعسم - الطفل المدلل الذي صار سفاحا














المزيد.....

الطفل المدلل الذي صار سفاحا


عبدالمنعم الاعسم

الحوار المتمدن-العدد: 3373 - 2011 / 5 / 22 - 03:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



انها قصة قصيرة جدا، كتبت نفسها في نفق من الثعابين، وصار بطلها، فجأة، على كل لسان.
لقد وُلد وفي فمه ملعقة ذهب في قصر مهيب من قصور الرئاسة. حمله طابور من الخادمات الى مهد من قصب الجواهر. وقبل ان يشب عن الطوق تعلم، اول ما تعلم، رماية الرصاص، وركوب الخيل، وبناء قصور من مكعبات البلور، ثم جرى تلقينه نشيدا قوميا عن العدو، وذلك قبل ان يعرف انه متحدر من صلب رئاسة، عليه ان يحافظ عليها، ويشدّ عليها بنواجذه.
كان الشعب بالنسبة لذلك الطفل المدلل عبارة عن صفوف منظمة انيقة تجيد التصفيق والمديح والتضرع الى الله ان يحفظ الرئيس، والده، ولم يكن ليسمع شيئا عن ملايين العائلات التي تنام على خواء بطونها، وهي لا تصفق للرئيس لانها لا تستطيع الوصول الى حيث يطلّ من شرفة او من على شاشة ملونة.
كما انه لم يكن ليعرف، او مسموح له ان يعرف، ان ثمة سجون كثيرة في طول البلاد وعرضها تطبق على اصحاب الرأي والاحتجاج والمغضوب عليهم، وعلى جميع الذين رفضوا ان يصفقوا للرئيس، ومن اين له ان يعرف ذلك وقد اخضعوه منذ ولادته الى تربية استاتيكية لا يدخلها اوكسجين الشكوى، ولا تصلها انباء الرعاع والمهمومين؟.
وفيما كان ذلك الطفل منصرفا الى دروس الميكانو المستوردة وتسليات اولاد النعمة في التزحلق على الماء المعقم والنط من فوق ظهور الحراس، ابلغوه ان مقعد الرئاسة سيؤول اليه يوما، وان عليه ان يتعلم فنون الكلام وفروض الصرامة والحذر اللازم حيال الاغراب وعدم الثقة بأحد.
في هذا الوقت جاءه الحكم على طبق من فضة، ولم يكن ليسعى اليه، بل ان الدرس الاول الذي تلقاه، وأقلقه كفاية، يفيد ان هناك من يسعى الى الحكم ، ويزاحمه عليه، وقد يطيح به اذا ارخى الحبل وتهاون في ردع من تسوّل له نفسه التمرد على مشيئة القصر وصاحبه.
وفجأة، وربما قبل ان يفرك عينيه من بقايا تثاؤب، احاطته الاضواء والكاميرات، وهطلت عليه قصائد المديح، وانحنت له الرقاب، وتقدمت نحوه صفوف الجنرالات وامراء وحدات الردع والتأديب والكلاب البوليسية المدربة، والجميع يلقون بتحيات الولاء، ومنهم من ابلغه، وهذه وظيفته، بان البعض من الرعية ينحرف الآن عن الولاء للحكم وجوب استئصاله والقضاء عليه، وان على الرئيس ان لا يصدع رأسه في متابعة هذا الملف، فان حراسه وحماته سيتكفلون الامر بالتصدي للمؤامرة، حتى لو تطلب الامر سبي مدن كاملة وتسوية ابنية على ساكنيها.. وهذا ما حدث، فيما حرص خبراء الماكياج في قصر الرئاسة ان يظهر طفلهم المدلل بأرق اشكال الحبور والسعادة وان لا يتخلى عن ابتسامته وبراءته وحركات يديه الجامبازية.
الشارع يغلي. والرصاص يلعلع في المدن والحارات، والجثث تتشامر في الشوارع، فيما الطفل المدلل، وبسرعة مذهلة، صار سفاحا من العيار الثقيل، من دون ان تفارقه الابتسامة.
*
"كنت أود أن أكتب عن بلاد تسير كالريح نحو الوراء".
محمد الماغوط



#عبدالمنعم_الاعسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افتحوا ملفات المافيا العراقية
- مقتل ابن لادن.. عراقيا
- -الجزيرة-.. هل غيرت مسارها؟
- خيارات المالكي.. المُر والأمَرّ منه
- اليمن: 12 الف سنة حرب وانجلز مرّ من هنا
- اسقاط نظام المالكي.. رأي آخر
- الخبز والحرية
- لماذا يُستهدف المسيحيون؟ ومن الذي يستهدفهم؟
- الوزارة المالكية الثانية.. تأشيرات مبكرة
- قراءة لتشوهات الصراع السياسي في العراق
- كانوا يتكلمون الفصحى
- مقاضاة -العالم-..
- توصيف دقيق لما يجري
- بين عهدين.. والمنعكس الشرطي
- فيلم كرتون عراقي
- 14 تموز والصراع على السلطة في العراق
- إذابة الجليد..
- القاعدة والعالم.. من يفكك من؟
- العراق.. بديل وقائي عن حرب اهلية
- الى رحمن الجابري.. حيا


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالمنعم الاعسم - الطفل المدلل الذي صار سفاحا