أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالمنعم الاعسم - كاظم الحجاج.. مرثية توماس اديسون














المزيد.....

كاظم الحجاج.. مرثية توماس اديسون


عبدالمنعم الاعسم

الحوار المتمدن-العدد: 3449 - 2011 / 8 / 7 - 15:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كاظم الحجاج..
مرثية توماس اديسون

اعرف ان حياة كاظم الحجاج لا تعني شيئا بالنسبة لاولئك الذين يمعنون في معاقبة الملايين بحرمانها من الكهرباء، وربما، صاروا يتسلون بإقدام شاعر رائد، عميق الاحساس بمحنة اهله ومواطنيه، على قتل نفسه جوعا اذا لم يفرج "اولي الامر"عن حق الملايين في الحصول على "نعمة" الكهرباء التي يتصرفون بها، ويتعسفون في ادارة خدماتها، ويتقاذفون التهم والشتائم والصفقات من على الشاشات الملونة متجاهلين مكابدة بشر يعيشون في افران خانقة، فيما يعربد في المدينة، وفي كل العراق، صيف لهّاب لا سابق لقسوته.
واعرف ان توماس اديسون الذي اخترع المصباح الكهربائي قبل مائة واربع وعشرين سنة، ويسّره الى كل منزل ومشغل ومشفى، لم يكن ليعتقد ان مدينة مثل البصرة التي تملك ثروات تؤمن انارة قارة كاملة، تنام على ظلام دامس عاما بعد عام، ووعودا بعد وعود، وعقودا زائفة مع شركات موهومة بعد عقود، فيما صيف هذا العام يعربد في منازلها، ويموت فيها اطفال وشيوخ كثيرون، وعلى مدار الساعة.
لم يكن كاظم الحجاج يملك غير حياته وفضلة العمر التي بين يديه لكي يهدد بها المتغافلين عن محنة ابناء شعبه من ابسط لوازم الحياة، المستهترين بمصائر سكان الصرايف والعائلات الفقيرة، الواهمين باننا نصدق رواياتهم عن الاحتباس الحراري واعتلال شبكات الكهراباء، وهو لا يجهل المهمة الشاقة التي اخذها على نفسه، ومن يعرف كاظم الحجاج يتذكر انه لا يعبث بمواقفه، وانه ابن بار لقضية الشعر والانسان، لا يعرضهما للبيع او الدعاية، ولا يزجهما في معارك صوفية، وقد جربته الحياة والقصيدة فكان صادقا ومرهفا ونبيلا وفارسا بكل المعايير.
كاظم الحجاج يعرف لعبة السياسة التي انتجت مهربين محترفين كما يعرف ان موازين القوى لا تسمح باشعال عود ثقاب في منطقة مزحمة بحقول النفط، لكنه يغامر ان يلوح لهم بخزين الغضب الذي يهدد بالاشتعال.
لقد اضرب الشاعر البصري الرائد كاظم الحجاج عن الطعام في منزله بمدينة البصرة، حتى الموت، احتجاجا على عدم توفير الكهرباء لملايين من العائلات في البصرة وفي كل مدن العراق التي تعيش تحت رحمة حر يتجاوز حدود الاحتمال، ورسالته فصيحة ومدوية بكل المعاني: انهم يعاقبونا، ويحوّلون سكوتنا الى صفقات واموال طائلة يهربونها الى خارج الحدود باكياس الزبالة، ونداؤه بليغ بوجوب التخلي عن الصمت والتفرج على هذه المهزلة التي تنفذ على مسرح العراق، وحين يقتدر على الامتناع عن تناول الطعام حتى الموت فانه وصل الى تلك النقطة التي فاض فيها صبره وانتظاره، وترك القضية لنا لكي نجبر اصحاب المهزلة على الكف عن اهانتنا، وليوفروا لاهلنا الكهرباء من بعض ما يسرقون..
ولكي ننقذ حياته.
*
"مراقبة الالم من وراء الزجاج شئ مضحك، كالاطرش الذي يسمع الموسيقى".
محمد الماغوط
.



#عبدالمنعم_الاعسم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القاعدة في اوربا.. فوق النظر وتحت السيطرة
- الحراك السوري.. معارضتان وسلطة واحدة
- الطفل المدلل الذي صار سفاحا
- افتحوا ملفات المافيا العراقية
- مقتل ابن لادن.. عراقيا
- -الجزيرة-.. هل غيرت مسارها؟
- خيارات المالكي.. المُر والأمَرّ منه
- اليمن: 12 الف سنة حرب وانجلز مرّ من هنا
- اسقاط نظام المالكي.. رأي آخر
- الخبز والحرية
- لماذا يُستهدف المسيحيون؟ ومن الذي يستهدفهم؟
- الوزارة المالكية الثانية.. تأشيرات مبكرة
- قراءة لتشوهات الصراع السياسي في العراق
- كانوا يتكلمون الفصحى
- مقاضاة -العالم-..
- توصيف دقيق لما يجري
- بين عهدين.. والمنعكس الشرطي
- فيلم كرتون عراقي
- 14 تموز والصراع على السلطة في العراق
- إذابة الجليد..


المزيد.....




- تظاهرات ضد ترامب.. حشود غفيرة في احتجاجات -لا ملوك- تجتاح أن ...
- وزير الخارجية السوري: لا اتفاقيات جديدة مع روسيا.. والقديمة ...
- ما مدى جودة البطارية في السيارة الكهربائية المستعملة؟
- دخان ولهب داخل المقصورة.. اشتعال بطارية ليثيوم يتسبب بهبوط ا ...
- بروتوكول دفاعي جديد بين تركيا وسوريا .. يستثني الدخول في خلا ...
- هيلسنكي أول مدينة تُسجل عاما خاليا من حوادث السير: ما إجراءا ...
- طهران تستعد لافتتاح محطة مترو أطلقت عليها -مريم العذراء-
- الدوري الإنكليزي الممتاز: آرسنال ينفرد بالصدارة بعد فوز عسير ...
- تعليق الرحلات بمطار دكا في بنغلاديش بعد حريق ضخم
- القاهرة تبحث مع طهران وواشنطن تحقيق انفراجة بالملف النووي


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالمنعم الاعسم - كاظم الحجاج.. مرثية توماس اديسون