أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سونيا ابراهيم - أنين ( قصة قصيرة من نسج الخيال )














المزيد.....

أنين ( قصة قصيرة من نسج الخيال )


سونيا ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3973 - 2013 / 1 / 15 - 23:01
المحور: الادب والفن
    


اليوم هو ذكرى زواج زوجي .. ليست مناسبة يحتفل بها زوجي مع أي امرأة منا .. نحن زوجتين .. و أنا كنت أولهن .. وكان اسمي أنين .. عندما تزوج امرأته الثانية في ذكرى زواجنا الثاني .. صديقته منذ أيام الدراسة ، وأذكر الآن كيف أنه فاجئني بتلك الزيجة .. وما عدت أتفاجأ كثيراً بعدما ذكر خطط زواجه من امرأة ثالثة ، وثم رابعة ..
كنا ما زلنا نقيم في بيت جده القديم ، وهو يحاول أن ينقلني إلى بيت آخر لم ينته من بنائه لكثرة الديون ، التي تكلف بها زواجه الجديد .. وعلى عكس جارتي ، كنت أفضل أن أغلق باب حجرتي ، ولا أدعه مفتوحاً أمام الأطفال .. كنت ما زلت أريد أن أحتفظ به لنفسي ..
أما هي فكانت تفضل أن تُبقي باب حجرتها مفتوح ، وهو يدعها تداعب ذقنه الطويلة ، ومن ثم يتابع قراءة المصحف .. وكانت ابنتي الصغرى تناديني بأن خالتها لطيفة جداً مع والدها .. و اتفقتُ معها على ألا نبدأ أي شئ حتى ننهي اعداد الطعام .. و صرت أعود كل يوم من الجامع الصغير في حينا ، و بعد أن أنهي زيارة قصيرة لخالتي ، كنت أجدها راقدة على الفراش ، و في أحيان كثيرة كانت تغلق الباب حينما تراني قد وصلت .. ليلة يقضيها في غرفةٍ بابها مغلقٌ طيلة الوقت ، وليلة يقضيها في غرفة تغلق بابها في الليل فقط .. أما طيلة النهار تظل مفتوحة ، ولا يجرؤ أحد من أطفالي أن يدخل إلى حضن والده .. وهو معها ..

وجدني زوجي في إحدى المرات أحاول الوصول إلى صندوق مدخراتي ، وهو نائم ويديه أسفل المخدة .. كنت أحاول أن أتحقق من أنه لم يعطيها أي شئ مما أملكه .. وظننت حينها أنه في حين فقدته فأني سأكون قد ادخرت ما يسد حاجتي وقت مماتي ..

كيف له أن يقضي ليلته معها ، ومن ثم يأتيني اليوم التالي حتى يشاركني الفراش ..
****
والليل ينقضي ، والنهار يمر ، وأنا عاجزة عن الهروب من حمام مشترك ، وصالون يملأ أرضيته فتات الخبز ، والأطفال ، وتلفاز لا أشاهد فيه إلا محطات تنوح عن دور الزوجة في بناء الأسرة ، ومن ثم مذياع قديم يستخدمه والده العجوز ليزعج من في المنزل وقت كل صلاة ..
كنت أجدني في ساعات كثيرة غير واثقة مما يخططه لي ، أنا وزوجته التي كانت في أحيان كثيرة عدو لدود ، وأحيان كثيرة صديقة قريبة .. لم أعرف كيف أجانسها مع طبيعتي .. وهي تغتاظ مما يحكيه زوجي عني .. وأنا أبادلها الشعور .. عندما يكون معها يثير غيرتها ، لكي لا تهمل نفسها – كما كان يدعي – وأنا معه يظل يقنعني بطيبتها ، وجدارتها بأن تكون شريكته الثانية ..
كانت في ذلك المساء تداعب شعر ابنتي الصغرى ، وكانت تحبها لأن عينيها ملونتين مثل والدتي .. وكنت أصرخ وأنا في الغرفة عندما سحبني زوجي من يدي ، وأخذ يفتش عن بقية المدخرات التي سرقها قبل وصولي لغرفتي .. كيف استطاع ذلك ؟ ضربني كثيراً في ذلك المساء ، ولم أجرؤ على أن أخبر أحداً .. كانت أمه تراقبنا ، وهو يشد الحلقات الذهبية من يدي ، وأنا في الشرفة الضيقة ، أظنه قد جاء ليمتدح زوجته الثانية ؛ حتى أظل أغار عليه ..
وفي بعض الأحيان كان يترك علامات كثيرة على وجهي ، و كنت أصرخ من شدة الألم في داخل غرفتي ، كيف لي أن أخرج إلى أبنائي وأنا حائرة لا أدري أين ستكون وجهتي ؟
****
لملمت أغراضي بسرعة ، و أنا أسمع جد أولادي يحضر نفسه للصلاة , و علمت أنهما سيخرجان إلى الجامع القريب لأداء الصلاة .. نزعت عني ما تبقي من إصراري و عزيمتي ، و خرجت بسرعة ، و هي – زوجته الثانية - تتوسلني بأن أظل في البيت من أجل أولادي .. و لم تنفعني وعودها بأنه سيتحسن معي بعدما تهدأ أعصابه .. لم أكن أسمع أي صوت في داخلي غير أن أتوجه إلى هروبي عند بيت أخي ..
هناك وجدتني لا أعلم شيئاً عن الحقيقة .. و السائق لا يعرفني .. يدور في عربته بسرعة جنونية ، و كأنه يمنعني عن الرجوع عن قراري .. و لم يكن هروبي شرطاً لأجبره على أن يتوقف عن حبها .. شريكته الثانية .. لم يكن نداءاً مني بأني لا أشعر بقيمتي معه .. لم يكن فيه أي نوع من الحذر .. لقد كان هروباً من أجل حريتي .. لقد كان هروبي من أجلي ..
تحمست لفترة طويلة بأن أقيم عند اخواني .. كانت بنايتهم تتكدس فيها الشقق ، و كم كنت أتمنى وفاة أخي الذي يكبرني حتى أستطيع الحصول على نصيبي من الورثة .. لم أكن أحتمل شراء قطعة أرض ، و أنا أنفق كل ما ادخرته يوماً بعد يوم .. وجدت أني أسابق السنوات ، و أكبر ، و هو يصالحني مرة ، و يطردني من المنزل مرات تتبعها .. أعود إلى منزل اخوتي ,, و تطول اقامتي لديهم .. و أنا أعهد إلى شريكته الثانية بالاهتمام بأولادي ..
آخر مرة كنت أقيم فيها لدي أخي ، كانت زوجته قد تذمرت طيلة الليل والنهار من مكوثي الطويل في بيتها ، و كأنها كانت تتجاهل نصيبي من عشها ، الذي ورثته من عائلتي التي باعتني .. وجدني أخي أقفل باب حجرتي بإحكام ، وهو يحاول اقناعي بالرجوع إلى بيت زوجي ، وهو يحضر لزيجته الثالثة .. لم يكن أحد منهما – زوجي أو أخي – يستطيع الاستماع لدموعي .. كنت أشعر بالحزن والضيق ، وأنا أدرك أن أخي لن يساعدني على الطلاق ، وأن زوجته لن تستوعبني .. لن يجعله - مطالبتي بقطعة أرضي - إلا أكثر الحاحاً بأن أعود إلي بيت زوجي ..
وكما اتفق مع زوجته ، التي لم تتحملني في أي يوم من الأيام ، عدت إليه ، وتحملت قسوته ، وتهديداته ، ومن بعد مجاملتي لأخوتي ، تحاملت مع كل مرة و هو يذكرني بمذلتي ، و اهانة أخي الأكبر لي .. كان يهددني : سأطردك كل مرة ، و ستعودين إلي كما أشاء ..
****
أخي لم يتحمل بقائي لديه في منزل العائلة ، و أختي كانت تخشى على زوجها و غضبه ، و كنت قد توقفت عند درجة من السنين و لم أتحمل البقاء بعدها ، و هو ما زال مستمراً في زيجات رابعة .. حتى توقفت عن البلوغ .. صرت أصغر كل سنة مع السنين الطويلة ، و أجدني أصبح لئيمة .. صغيرة .. حقيرة جداً مع طول الأيام .. أنا امرأة صغيرة ..



#سونيا_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرق الأوسط و باقي الخيانات
- هل ستدق النساء العربيات أجراس الخطر ؟
- هل القبلية هي عملية ممنهجة في نظام العالم الجديد ؟
- الكراهية المدعية في وجه الريح
- ما نحتاجه بعد المجزرة الانسانية في غزة!
- أن تثق فيمن لا يثق بنفسه .. وهمٌ آخر في الأراضي المحتلة
- هكذا يقول - الشعب - لحكام الفساد : كنت دائماً لوحدي !
- هل يحب الآباء الفلسطينيون أبناءهم ؟
- تحية مباركة و إغلاق مبكر
- متلازمة ستوكهولم .. هل بعض الفلسطينيون مصابون بها ؟؟
- العدوانية
- من أجل رقي حركة حماس
- الهوس الجنسي في غزة
- صورة عن الشرق المرئي في غياب الحل الأوسط
- حجة خروج
- متعة الفراق المذّل
- مشهدٌ لعمقِ امرأة كانت تعشق صوتَ النوم
- ذكور ممتنعون عن الرجولة
- نختارُ أن نحلم بوطن
- حياة تسقط في الوجوه .. هنا غزة


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سونيا ابراهيم - أنين ( قصة قصيرة من نسج الخيال )