حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 3966 - 2013 / 1 / 8 - 13:20
المحور:
الادب والفن
لم تمر سنة أكثر مشقة ومكابدة على قلبي أكثر من سنة 2012، التي ازدحمت علي أيامها الخربة، بالحزن الذي أدمى عيوني، والهموم التي كسرت قلبي، مند بدايتها، إلى آخر ليلة منها والتي كانت إستثنائية بما إمتلأت به من ترقب جعل كل أفراد العائلة يتحلقون حول سرير الأم المحتضر، و في صباح تلك الليلة الاستثنائية، -والذي صادف فاتحة السنة الجديدة 2013- جاء الأصحاب والأقرباء وكل أطفال الحى والأحياء المجاورة، وحتى البقال، يسألون عن سبب غياب الأم الحنون عن مائدة الإفطار؟ اجتاح الغرفة صمت مريب .. لبضع دقائق مضت كأنها دهور، ثم سالت بعدها دموع غزيرة، بللت الأجفان والمناديل..
عرف الجميع بمصاب رحيل الأم صاحبة الابتسامة الملائكية والقلب الكبير, الأم المسكونة بالحياة، التي لم تقطب حاجبا أبدا، حتى فى أحلك أيام مرضها، وكأنها على موعد يومى مع السعادة,
كم كنت أظن وبسذاجة أنها ستبقى خالدة، لتحضني وتحميني، وتربت على رأسي بحنانها المتفرد، لكنها فجأة توقفت عن الحكي الذي عشقته من أعماقي. لا أدري لماذا تتوقف الأمهات عن سرد حكايات الأطفال.. آه ما أقسى أن تصمت الأمهات قبل أن يشبع الأطفال من حكاياتهن الشيقة، ويرتو الكبار من قصصهن...
وما أشد أن يحجمين عن السرد، وفي جعبتهن عشرات القصص والحكايا التي لم يقصصنها بعد على الأطفال؟..
أماه لو تعودين لاتمام كل ما بدأته، أم أن حياتك الجديدة بجنان الله الموعودة، أنستك أن هناك أبناءً وأحفاداً يحبونك ؟ أماه لماذا لا تقاومين لتبقي خالدة لسنين من أجل من يحبونك وباقي الأطفال، ومن أجل كل أشيائك التي تركت: مصحفك، سبحتك، وماكينة الخياطة.. أماه كل شىء كما هو في مكانه، إلا أنت.. عنيدة مصرة على الرحيل !
أماه لقد أحببناك جداً وسنشتاق جداً جداً إلى لمستك، وأينما تكونى: فقلوبنا وعقولنا معك.
أماه، بمصاب رحيلك الجلل، آمنت بأرقام الحظ وأرقام الشؤم، وأن العام 2013 حزين هذا العام، ومشؤوم رقمه بين الأعوام، لكن ما يعزينا، هو وجودك الآن في الفردوس مع الشهداء والقديسين الأبرار..
فقري عينا بما انت فيه من نعيم الخلود، لأنك أهل له.. ووداعا وإلى اللقاء عند من إليه وحده الرجوع سبحانه..
ابنك الذي انفطر قلبه وتصدع فؤاده عليك..
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟