أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - باسم السعيدي - رقصة السلط














المزيد.....

رقصة السلط


باسم السعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1142 - 2005 / 3 / 20 - 13:52
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


رقصة السلط*
حين كتب البير كامو (الطاعون ) .. كان يظن أنه يستفز المشاعر البشرية لتتعاطف مع الضحايا، لكنه كان يوقض قصة في خضم الصديد والدمامل المفقوءة ، حتى
بات بنو البشر تقشعر أبدانهم لمجرد تذكر تفصيلات (الطاعون) ، انها مدرسة متشاغلة عن نفسها في الخوض بمقاسات غير انسانية لانشاء انسانية جديدة .. تتأسس على أنقاض بشرية وان كانت مُتَصَوَّرة أو مفتعلة .

في السياق نفسه حوَّل كافكا غريغوري الى حشرة ، ليرقص على آهاته متربعاً على عرش الرواية والأدب في زمن ما .. هي مأساة أخرى أن نتخيل ، مجرد التخيل فكرة تحويل البشر الى ضحايا ..كي نكون .... أو كي نصنع أدباً .

أما خريف البطريرك .. كان ماركيز يرسم مأساة ، بسخرية ، لكنها لم تكن سوى وصفاً حياتياً ، سرداً معاشاتياً .. على أنغام روث البقرات ، والراديو المختنق في اسطبل يدعى (مجازاً) بالـ(قصر) ، كان ماركيز أقل عدائية من أخويه كامو وكافكا .

لكنك تصادف عدائية مفرطة في شرق المتوسط لعبد الرحمن منيف ، ولا أظنها مفتعلة ، إذ عايشها كثيرٌ منّا ، لكنها تركت فينا أثراً لايمكن للزمن محوه ..كونها تشكل (على وجهٍ ما) عاراً ، أو فضيحة ،نحن أبطالها ، أو قل نحن ضحاياها المبادرون , واذا أردنا أن نكون أكثر دقة لنقل ضحاياها المتغاضون .

يورد لنا المؤرخون والفنانون والأدباء أخباراًعن ميثولوجيا ، لا أدري مدى صحتها ، عن أفاعيل لقبائل الزولو ، يقتلون ... يذبحون ، يقطعون فراء رؤوس أعدائهم ، وفوق كل ذلك يرقصون رقصة النصر فوق جثث ضحاياهم ، ولذلك سميت طقوس كهذه برقصة الزولو .. وربما اختلقها بعض الرحالة الأوربيون لتحشيد الرأي العام للدول الاستعمارية (آنذاك) لشرعنة الغزو الثقافي والاقتصادي لأفريقيا .

كل ما قلناه لا يعدو أن يكون نقداً أدبياً ، ونقلا للخطى بين طيات الروائع الأدبية ، ومحاولة للانتقام أو النيل من ثقافة استخدمت العاطفة الانسانية النبيلة جسراً للوصول الى قلب المتلقي ، ومن هذا الاستغلال أخذت طريقها الى الشهرة .

لكن هذا التحليق في فضاءات الأدب يعد ترفاً فكرياً (وهذا مما لانقاش فيه) ، الا أننا نستفيد منه في صنع مقارنة بين الأدب المفتعل والواقع ، بين أن نكوِّن رأياً في مساحات الخيال ، وبين أن نحيا على الأرض ما هو أفدح ، وأكبر .

في الوقت الذي نحاكم فيه الأدب على انسانية وعدم انسانية الخيال ألأدبي نرى سؤالاً يلح بقوة .. ما بالك بمن يخلق الحدث واقعاً لا خيالاً ؟

لذلك تحليل الواقع (بالقدر المؤلم للموضوع) يخرج من دائرة الترف الفكري ، الى ضرورة تسطير للقيم ، وايجاد تعريفات جديدة لتصرفات بني البشر ، انها محاولة لكشف زيف ما تتفوه به الانسانية على مر الدهور من خديعة الرقي فوق مستوى الحيوانية .

أظننا أمام ظاهرة أخرى هي ( التَحَيْوُنُ) على وزن (التفوعُل) ، أي التشبه بالصفات الحيوانية ، وتلك الظاهرة ، وإن أبتعدت (زمناً) عن مفاهيمنا الانسانية ، الا أنها (على ما يبدو) ما زالت حية ، مختبئة في دواخل البشر (على قلَّتهم) ، وتنتظر الفرصة السانحة للظهور .



مستوى ذلك الظهور يبرز بالضبط في غفلة من الوعي الانساني ، مما يدحض نظرية البعد التكويني بين البشر والحيوان ، بل في بعض الظروف يسعى بنو البشر للتشبه (كما ذكرنا) بالحيوان ، مما يعني أن بعض بني البشر (في بواطنه) يظن أن بعض صفات الحيوان هي أرقى مما لديه ، مما يدعوه لتقليدها ، ولدينا شاهد حي في بعض مدارس القتال الأعزل (الكونغ فو ) بحيث يقوم المتدربون بتقليد حركات بعض الحيوانات في صدد التفوق (قوّةً) على الخصم .

بالطبع ليس من الانصاف المقارنة بين محاولة إيلام الخصم جسمانياً (كما في المدارس الشرقية آنفة الذكر) ، وبين الرقص فوق الجروح ، والدبك على جماجم بني البشر ، مما لايمكن عدُّه بحال ترفاً استعراضياً كما في الكونغ فو .

كنتيجة يمكننا محاولة فهم ( رقصة السلط ) أو دبكة السلط أو طبول السلط (سمها ما شئت) على أنها (تحيون) أي تشبه بحيوانية الغاب بأقبح مفاهيمها ، ففي شريعة الغاب لا يصطاد الحيوان المفترس ولا يقتل الا حين يجوع ، والجوع (كمفهوم حيواني) هو خلوّ المعدة ، بينما لدى بني البشر الجوع هو جوع عام يشتمل على كل ما يمتد اليه البصر ، جوع لا حد له ، يمتد مع الخيال ,لايقف ولا يتردد (كجوع لا كإقدام) ، أما الاقدام فتكبله القدرة على الفعل من عدمها ، ولذلك نقول التشبه بشرعة الغاب في أقبح المفاهيم ، كون الحيوانات لا تمتلك القدرة ذاتها ( على حد علمي) على القتل الا في حال الجوع .

رقصة السلط عليها أن تعيد الزمن الى الوراء في نقد المفاهيم والقيم التي يمكن أن ندعوها انسانية ، فرقصة السلط (ظاهراً) قام بها بشر ، وأنا (كشخص) لا يشرفني الانتماء الى الجمع البشري الذي يبادر بعض عناصره الى رقصة السلط متخلياً عن كل القيم التي آمنّا بها كبشر ... علينا أن نعيد ترتيب أوراقنا من جديد ..

والحل يكمن في موضوعين لاثالث لهما

الأول هو أن نعيد ترتيب البشر بمستويات راقية ودنيا وأدنى ، تماماً كما فعل هتلر .

والثاني هو أن نبحث لنا عن قيم جديدة تكون فوق مستوى البشر الذي تنتمي اليه السلط .

فاما ان تكون السلط دون مستوى البشر وقيمهم وانسانيتهم ؟

أو أن نرتفع بالبشر (من البقية) فوق مستوى السلط .



بغداد الجريحة





* السلط : مدينة أردنية احتفل ابناؤها بمناسبة تفجير أحد انتحارييها نفسه بين أهالي مدينة الحلة العراقية ، راح ضحيتها 132 شهيد، و 150جريح على أقل التقديرات *.

**اعتذار صادق الى الحيوانات على التشبيهات والاصطلاحات الواردة في المقالة .. أنه تجنِّي منّا نحن البشر .



#باسم_السعيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حملة للتضامن مع تيسير علوني
- الـ 169 .. رؤية للخطوة القادمة
- مشروع السلفية الإنمائية ... بدلاً من السلفية الجهادية –الحلق ...
- دموع كافكا
- تطور الجريمة المنظمة .. ناقوس الخطر يدق
- بين أصابع القدر ... الملف الأمني
- انما الأمم الأخلاق ما بقيت ..
- سيناريو طرد الاحتلال .. قصة قصيرة
- تقييم الساسة غير الحكوميين في العالم العربي
- فرية كامل السعدون ... حول الإسلام
- الى وزير التجارة العراقي ... تحذير
- الجيش الاسلامي .. والمطالبة بالفتوى
- هل تقدر الحكومة على الصمود ؟
- أي الاسلام .. هذا الذي يقبل بما يجري؟؟
- مخالب الأسد .. من بعبدا الى الدستور
- عدنان الزرفي..النموذج
- مسرح الطمأنينة
- الإسلام البوهيمي … والإسلام المحمدي
- هيئة علماء المسلـ(حـ)ين والشرطة
- الى الكتاب والنخب العراقية


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - باسم السعيدي - رقصة السلط