باسم السعيدي
الحوار المتمدن-العدد: 1093 - 2005 / 1 / 29 - 08:52
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
استوقفني كثيراً الخبر الذي تناولته جميع وكالات الانباء قبل عدة أيام حول تبرع رجل الاعمال الأشهر على مستوى العالم – بيل غيتس – بمبلغ سبعمائة وخمسين مليون دولار الى وكالات تلقيح الأطفال للدول النامية ، واذا كان الخبر قد مر على البعض مرور الكرام فهو عندي كان ثقيلاً ، وبخيلاً ، حتى استفرغ ما في كنانتي من أفكار ، وجعلني أدور في حلقة مفرغة من الاستطرادات .
ببساطة المبلغ أكبر من أتخيله ، فضلاً عن أن يملكه رجل واحد ، والافدح في الأمر كله هو أن يتبرع به رجل واحد ، فبمبلغ كهذا يمكن للرجل أن يشتري دولة ، وينصب نفسه ملكا عليها ، ويأمر وينهى كأي دوق في دوقيات القرون الوسطى ، وسيفرح به ذلك الشعب سعيد الحظ كونه الشعب الوحيد الذي يقبض ثمن بلده دون أن يدفع للطغاة حتى يحكموه رغم ذلّ الانسحاق تحت أقدام الديكتاتوريات .
بيل غيتس دفع من ماله الخاص هذا المبلغ ليساهم في حملة عالمية انسانية لتلقيح ابناء العالم الثالث ضد الامراض ، دفعني هذا التساؤل الكبير للوقوف على حقيقة قديمة حديثة الا وهي – اسلام بدون مسلمين , ومسلمين بلا اسلام – كما روي عن سيد قطب رحمه الله .
ذكرني الموضوع برسالة وزير دفاع نظام طالبان الشيخ اسامة بن لادن الأخيرة التي وجهها الى الشعب العراقي والتي عين بموجبها الشيخ أبي مصعب الزرقاوي أميراً على العراق ، ففي رسالته تلك ذكر أنه ينفق في اليوم الواحد مئتي ألف يورو للعمليات الجهادية في العراق ، واذا ما استذكرنا ما ينفقه في السعودية والخليج (وهنالك النفس البشرية الانتحارية أغلى وثمن الضحية وتكلفة معدات القتل والاغتيال اكبر ) ، ولو عرّجنا على افغانستان واليمن وباكستان ، وما ينفقه في اسبانيا والمانيا وعموم اوروبا ، فضلاً عن أميركا ، نصل الى أرقام خرافية ، وهو – أي اسامة بن لادن – بمثل هذه المبالغ قادر على أن يشتري حب البشرية جمعاء ، وأن يصبح روبن هود القرن الواحد والعشرين ، وان يؤسس لنظام دولي جديد قائم على الحب والاحترام ومساعدة الفقراء .
ترى لو أنفق بن لادن مئتي ألف يورو يوميا على أطفال العراق بدلاً من قتلهم (كما حصل في مناسبات عدّة كحي العامل) فماذا سيكون رأي العراقيين فيه ؟
للحديث بقية
باسم السعيدي
#باسم_السعيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟