|
سيناريو طرد الاحتلال .. قصة قصيرة
باسم السعيدي
الحوار المتمدن-العدد: 955 - 2004 / 9 / 13 - 11:08
المحور:
الادب والفن
كنت أمسك بقلمي ، وأخط بضع كلمات ، حولها بضعة أشكال غريبة ، ودوائر تبدأ رحلة القلم فيها من نقطة لتنتهي بعد 360 درجة الى النقطة ذاتها ، بدأ المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده قادة الجيوش المتحاربة التي توصلت الى هذه الهدنة ، الجنرالات الأربعة كانوا يرتدون أفخر الثياب ، مزينة بالنياشين التي تشيد ببطولاتهم التي خاضوها على أرض بلدي ، وحول كل منهم مجموعة من المرافقين والمستشارين جلسوا على بعد أمتار قليلة من المائدة التي يجلس عليها أطراف النزاع . الجنرال الايراني كان بلحيته المعهودة المشذبة بعناية ، التي لطالما كان يتبجح بها أمام عدسات المصورين حين كان يتنقل بين الجبهات الأمامية لأرض المعركة ، وكان يفرك بها بعصبية خصوصاً في معركة أبي غريب الشهيرة ، ومعركة الدورة التي تكبد فيها الجيش الايراني مسنوداً بالميليشيات الشيعية خسائر لاتعوض ، لكنه في ابي غريب اوقع أشد الخسائر في الجحيشين الخصم . على شماله جلس الجنرال المصري ، هذا الرجل كان شديد المرح مع الصحافيين ، وسريع النكتة ، لكن روحه الفكهة تلك فارقته في مؤتمره الصحفي الذي أعلن فيه انسحاب الجيش المصري من جبهة الشعلة ليتمترس في أبي غريب . في الطرف الأيسر للطاولة جلس القائد التركي ، شخصية جادة جداً ، كانت له سجالات مع رجال الصحافة ، ومشادات معهم ، حتى انه نهر صحافي كردي قارن بين ما صنعته الجيوش التركية في قرى كردستان ابان معركة ( تحرير) القصبات التابعة لكركوك ، وبين ما حصل في حلبجة . على يمينه ، وعلى يسار المصري جلس ضابط برتبة عقيد في الجيش السوري ، كانت منطقة عملياته تختص في المرابطة عند المدن الغربية للعراق ، لتحمي خط الدعم اللوجستي للجيش المصري ، عملياً لم تكن له حاجة ، لأن الميليشيات المسلحة التابعة لهيئة علماء المسلمين كانت تقوم بهذا الدور بجدارة ، لكن ادارة المعركة من قبل القوات المفوضة من قبل الجامعة العربية كانت أمراً رسمياً خططت له قمة القاهرة التي عقدت قبل ثلاثة أعوام واتخذت الدول العربية قراراً ملزما بالتدخل ، وها هي الجيوش على الارض تنفذ ذلك القرار . حين بدأ المؤتمر الصحفي كنت قد قلبت الصفحة التي (خربشتها) في دفتري الصغير ، بدأ خطاب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الذي كان يتوسط الجنرالات الأربعة ، قال الرجل أنه تم التوصل الى هذه الهدنة بعد جهود (رائعة) قام بها المجتمع الدولي بالتعاون مع منظمة المؤتمر الاسلامي ، والجنرالات الأربعة في صدد التوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق ، الذي يقضي بوقف فوري للعمليات العسكرية في جميع ارجاء العراق ، وسيتم التفاوض لاحقاً مع كافة الأطراف المعنية – الدول الأربع- لغرض وضع جدولة زمنية لتسليم المواقع التي تحتلها هذه الدول الى قوة دولية من المؤتمر الاسلامي ، كمقدمة للانسحاب من العراق ، واجراء استفتاء شعبي في كل اقليم لتحديد مصير ذلك الإقليم . حتى هذه اللحظة كان الجنرالات صامتون واجمون كأن على رؤوسهم الطير ، لكن ابتسامة لاحت من طرف خفي للجنرال الايراني ، والتركي ، حين وصل الأمر الى عبارة (استفتاء) . أصبحت المدن الكبرى –عدا بغداد- اليوم بمثابة الخطوط الخلفية للجبهة ، فالبصرة تم خروج القوات الايرانية منها باتفاق منفرد مع الكويت والسعودية ، وسلمت المدينة الى قوة حفظ سلام اسلامية ، وانتهت الحرب بالنسبة لها ، عدا بعض التجمعات للميليشيات التي تغذي الجبهة الأمامية الى جنب الجيش الايراني لحماية العتبات المقدسة في النجف وكربلاء والكاظمية ، أما بقية المدن الجنوبية فقد كانت هادئة تقريباً ، عدا بعض الأعمال الارهابية التي تفجر هنا وهناك ، الناصرية والكوت والعمارة كانت هادئة جداً ، منذ أن خرج آخر جندي بريطاني ، ودخل أول جندي ايراني ، الموصل بيد القوات التركية بالاضافة الى كركوك والسليمانية واربيل ، وتتوقف الآن القوات التركية بمواجهة الجيش الايراني على منطقة مثلث اضلاعه بعقوبة بغداد كوت ، بينما سامراء وتكريت وبيجي بيد الاتراك ، ولم تتوقف أعمال المقاومة هناك مطلقاً ، حتى وصل الأمر بالاتراك ان تنهي من الوجود القرية التي تخرج منها اطلاقة واحدة . الجيش المصري ، مقر قيادته كانت الرمادي ، وتتمترس الجيوش المصرية المسنودة بقوات للميليشيات السنية ، وفيلق المتطوعين العرب ، على الخط الأمامي لجبهة ابي غريب ، والتاجي ، وذلك بعد أن حدث الخرق الايراني للدفاعات المصرية في مدينة الشعلة ، أعمال المقاومة لم تتوقف في الأعظمية ، والفضل ، بينما مازال حي الجهاد والسيدية بيد الجيش المصري وترتبط شمالاً مع جبهة أبي غريب . وصل الأمر بان الجيش الايراني مكشوف الأجنحة ، فمن الشرق الترك ، ومن الغرب والشمال كان المصريون ، لكن الميليشيات الشيعية التي تقاتل في الثورة وبغداد الجديدة والكاظمية ، أصبحت تشكل عموداً فقرياً في حماية ظهر الجيش الايراني . وعموماً ، فقد انهك الجميع من قتال دامٍ ، دام لثلاثة أعوام كاملة ، وتبدو الحرب وكأنها لا نهاية لها ، وقنع كل فرقاء الساحة انهم لا يمكنهم تحصيل المزيد من المكاسب ، وبقيت مشكلة الأعظمية قائمة ، فلا يمكنها البقاء تحت رحمة الجيش الايراني الذي صنع فيها ما صنع . الاتفاق الذي يتم توقيعه اليوم ، لا أدري لكنه شعور لدي ، انه لن يصمد امام تهديدات الدعم اللوجستي للمقاومة في كل بقاع العراق ، كل الأطراف يدعمون كل فصائل المقاومة ، وما زالت اللطيفية والمحمودية مشتعلة ، رغم كل القصف المركز ، والعقاب الجماعي الذي مارسه الايرانيون . والمقاومة الكردية لا تترك فرصة دون ان تنقض على ارتال الدبابات التركية . حتى بعقوبة ، لم يسلم الترك من هجمات فصائل شيعية للمقاومة . لكن الجيوش الكبرى تبدو وكأنها قد حققت القسم الأعظم من أهدافها ، ويمكن التفاوض حول الأهداف الصغيرة ، التي تركت أصلاً لأجل مثل هذا اليوم . سامراء هدف ايراني ، لكنها تعلم ان المقاومة هناك لن تسمح بالسيطرة الايرانية ، لذلك تخلت عن الكعكة السامرائية لتبتلعها الجيوش التركية . صورة غائمة ، تتناسب مع الخربشات التي تركتها على واحدة من صفحات دفتري . بغداد
#باسم_السعيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تقييم الساسة غير الحكوميين في العالم العربي
-
فرية كامل السعدون ... حول الإسلام
-
الى وزير التجارة العراقي ... تحذير
-
الجيش الاسلامي .. والمطالبة بالفتوى
-
هل تقدر الحكومة على الصمود ؟
-
أي الاسلام .. هذا الذي يقبل بما يجري؟؟
-
مخالب الأسد .. من بعبدا الى الدستور
-
عدنان الزرفي..النموذج
-
مسرح الطمأنينة
-
الإسلام البوهيمي … والإسلام المحمدي
-
هيئة علماء المسلـ(حـ)ين والشرطة
-
الى الكتاب والنخب العراقية
-
النجف الأسيرة ..فجعت مرتين
-
الى الكتاب والنخب العراقية
-
من اوراق الحرب بين مطرقة التحالف وسندان صدام
-
محاكمة التاريخ لعبد الكريم قاسم
-
ما بعد الانتخابات في ايران
-
في اليوبيل الفضي للثورة الايرانية.. الانكفاء
-
اصفاد ..المتوارث
-
عاكف .. يطلق النارعلى العراقيين
المزيد.....
-
-زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب
...
-
اصدار جديد لجميل السلحوت
-
من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي
...
-
انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري
-
الزنداني.. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان
-
الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي
...
-
مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|