أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - البناءُ التحتي القبلي العابرُ للتاريخ














المزيد.....

البناءُ التحتي القبلي العابرُ للتاريخ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3954 - 2012 / 12 / 27 - 10:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



عبرتْ القبيلةُ عن الوحدة السكانية الصوانية للجماعات في ظل حياة الرعي. امتدت عبر ألوف السنين مؤكدةً أن الطبيعة الصحراوية هي الأساس، والثابت، بينما الأنهار والزراعة هي نقاطٌ صغيرة، تحيطُ بها الصحراءُ والقبائل.
البقاءُ شبهُ السرمدي للقبيلة جعلَ مبناها مهيمناً، متحركاً، غازياً، فاتحاً، قوقعته الصوانية لا تقبلُ دخول الكائناتِ لتصير لآلئ وأفكاراً جديدة، والمدينة عدوتُهُ وكنزه ومحطة ترحاله ولحظة تفسخه.
يحملُ إليها تماثليَّهُ وأوثانَهُ وقصائدَه فتُحضرُه، وتربطهُ بسلطتها، وتقودُهُ للغنائم والكنوز التي لا تبقى للجميع، بل لقواد القبيلة.
لا تستطيع المدينة عاصمةً بدوية أن تشيعَ الزراعة والحِرف في كل مكان، وأن تحجم الصحراء، وتسيطر على العلم، لأنها لا تحملُ مشروعاً ديمقراطياً في جوفها المنقسم أبداً بين قمةٍ وقاعدة، بين رؤوساء وجمهور يعودُ إلى صحرائهِ يؤسسلا قبيلة جديدة.
تغدو القبيلةُ بناءً تحتياً جاهزاً عبر التاريخ في صحراء الشرق المترامية، تؤسسُ العبوديةَ المُعمَّمة حيث يغدو الفرعونُ (الملكُ باللغة المصرية القديمة) مالكاً أكبر للعبيد.
قوى الإنتاج هنا هم البشرُ العاملون، في طفولةِ التاريخ، ولكن تحولَ القبيلةِ الحرة لمجموعة عبيد جرى عبر ألوف السنين، وهم عبيدٌ غيرُ مسلسلين بقيود، بل تابعون لكيان فوقي يحركهم كموادٍ لبناءِ قبر هائل، أو ليُقتلوا في الحروب.
لكن القبيلةَ أقوى من ممالك العبودية التي بدت كأنها سرمدية من طول ما أناختْ على أعناق البشر، فخلقت الخلافة.
إمتدادُ الإلهِ على الأرض يُستبدلُ بخليفةِ الله في الأرض، والامتدادُ غير الخلافة، لأنها نتاجُ لحظةٍ ديمقراطية في القبيلة، حين لم تعد القمةُ نائيةً عن القاعدة، والملاكُ أخوة العبيد، ولكن القبيلةَ تضمرُ في كيانها الخلية الأساسية العتيقة، وتغدو تلك لحظةً نموذجية استثنائية، لأن القبيلةَ تقوم بالفتوح وتحوزُ الكنوز، وتنقسمُ ثانية بين القمةِ والقاعدة، وتنفي ماضيها العابرَ لتبقى في حاضرها الدائم المنقسم ككيان قرابي اجتماعي متناقض.
تؤسس المدينةَ الحضارية الدينية كقبيلةٍ مسيطرة، فتبقى القمةُ فيما تتحللُ القاعدة، القمةُ تستأثرُ بالخراج فيما تبحث القاعدةُ عن أعمال صغيرة تقتات بها.
ويزدادُ التناقضُ في المدينةِ القبلية الدينية كلما ضاع الخراجُ في البذخ والمنافع الخاصة، وكلما جاءت القبائلُ المستأجرة للخدمات العسكرية، وتفاقمت مشكلاتُ المعيشةِ والحروب وتكاليف الحياة، وكثيراً ما تغدو كثيراً القبائلُ المُستأجَرة عسكرياً لأن تكون حاكمة فعلياً، فيما تذوب قاعدة القبيلة المؤسسّة بين الأنقاض السكانية والمادية المتساقطة عبر القرون.
المدينةُ الدينية تصيرُ حاراتٍ وقرىً مذهبية، لكن الحارات والقرى تغدو هي الأخرى مساكن مخططةً قَبلياً، ومناطقَ قبائل للزحفِ الرعوي نحو مدن الثروات الضائعة في السراب، وكما تحملُ المدينةُ السياسية القبليةُ جرثومةَ القبيلة، فكذلك تكونُ القريةُ قبيلةً تعيشُ بين الحِرف والزراعة، تحكمها القرابةُ والمذهبيةُ والانقطاعُ عن حركة التاريخ.
البناءُ الرعوي القبلي المؤسسُ يستمرُ في نخر المتتالياتِ العمرانية، لهذا تغدو تناقضاتُ وصراعات المدنِ والقرى هي صراعاتُ القبائلِ في لحظاتٍ متعددة من تطور التاريخ الذي لا يتغيرُ جوهرياً، وصراعاتُ المذاهبِ هي صراعاتُ قرى تعيشُ ما قبل الحداثة، لم تستطع السوقُ أن تدمجها وتوحدها وتخلق منها شعباً.
حين تصير المدينة القبيلةُ أو القريةُ إمبراطوريةً تحكمُ أجزاءَ من العالم لا يتغير الجوهرُ القرابي الطائفي.
وقد تتصادم الإمبراطورياتُ الطائفية لتتحطم وتحترق في أتون التاريخ، لتعود من جديد مدناً صغيرة رثة، وقرى على حدود العالم لم تؤد تراكمات التاريخ الغني كله لتبديل كود الانصهار الذاتي في القبيلة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معسكرانِ متخلفانِ
- مرحلةُ دخولِ الأريافِ في الديمقراطية
- انزلاقٌ نحو الفوضى
- في انتظارِ غودو
- المذهبيون السياسيون إلى الوراءِ دائماً
- الإسلامُ التوحيدي والوطنيةُ
- المحافظون أمريكيين وعربا
- المذهبيون السياسيون والقومية
- المذهبيون السياسيون والاستبداد
- الفكرُ الغربي في حقبتهِ الحديثة
- حقبتانِ من الدين
- سلبياتُ التحديثيين والدينيين
- دعْ الإنسانَ حراً
- المنضمون إلى التقليديين
- الطائفيون والهياكلُ السياسية
- مرحلةٌ جديدةُ للريفيين
- الأساسُ الفكري للانشقاق
- الوحدة الأوروبية نموذجا للخليج
- لعبةُ الكراسي الاجتماعية
- الطليعيون والتحول إلى الطائفية


المزيد.....




- الكرملين يكشف عن موعد وصول بوتين إلى ألاسكا.. فهل يتأخر عن ل ...
- السفير زملط في بلا قيود: نحن مع أي ترتيبات انتقالية تنهي الح ...
- قمة ترامب وبوتين في ألاسكا.. ما رمزيتها وماذا يريد الطرفان؟ ...
- قرى درزية في الجنوب السوري معزولة عن العالم واتصالها الوحيد ...
- عقب صلاة الجمعة.. قتيل ومصاب في إطلاق نار قرب مسجد في السويد ...
- نتنياهو وحلم “اسرائيل الكبرى”
- مالي: المجلس العسكري يتهم -قوى أجنبية- بالتخطيط لزعزعة استقر ...
- فشل مفاوضات جنيف بشأن معاهدة جديدة للحد من تلوث البلاستيك
- فيديو - قبيل قمة ألاسكا... احتجاجات مناهضة لبوتين في أنكوريد ...
- تنديد أممي دولي متصاعد بخطط إسرائيل الاستيطانية


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - البناءُ التحتي القبلي العابرُ للتاريخ