لجنة الرصد والمواجهة تتصدى للتعديات على الآثار

إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة
(Ereiny Samir Hakim)

الحوار المتمدن-العدد: 3953 - 2012 / 12 / 26 - 13:47
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

فى ظل مواقف سلبية متعددة من أثريين ومثقفين أمام ما تعانيه الآثار فى مصر من سرقات وتعديات وطمس، قامت جمعية المحافظة على التراث المصرى بتأسيس لجنة للتصدى لتلك التعديات سُميت بلجنة الرصد والمواجهة، وتعمل الآن على وضع خطط للعمل، ولتوسيع دائرة رصدها وتواصلها ودورها التنويرى، وهى خطوة جادة كانت الآثار فى حاجة شديدة لها منذ بدء التعديات المستمرة عليها، وتحتاج تلك الحركة إلى دعم من مهتمين فعليين للمساندة فى تحقيق هذا الهدف.

يذكر المهندس ماجد الراهب رئيس مجلس إدارة جمعية المحافظة على التراث المصرى وأحد مؤسسى لجنة الرصد والمواجهة، أن اللجنة تأسست فى شهر يوليو تقريبا، وجاءت الفكرة من تطور أحداث النهب والتعديات على الآثار فى جميع أنحاء مصر بعد اندلاع ثورة 25 يناير، سواء كان من التنقيب العشوائى من الاهالى أو السرقات والتعديات أو الأفكار الدينية المتطرفة التى تنادى بهدم التماثيل وتغطيتها، وتضمن الحركة دكتورة سحر عبد الرحمن ودكتور لؤى محمود سعيد وبعض الأعضاء من الجمعية.

التصدى للتعديات بشارع المعز

قال ماجد أن أول تعامل للجنة كان مع أزمة شارع المعز، فقد تحول بعد الثورة من شارع للمشاة فقط إلى شارع عادى تدخل به السيارات بأنواعها ابتداء من التوكتوك إلى السيارة النقل، وبالرغم من أن الشارع أرضيته نُفذت بالبازلت وتحتها مرافق مما يؤدى فى هذه الحالة إلى كارثة عند استمرار مرور السيارات فوقها.

وأضاف انه قد تم بدأ العمل بحركة إعلامية، وأنهم قاموا بإرسال خطابات إلى المسئولين ابتداء من الوزير حتى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ورئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية ولجنة التفتيش، وأنهم قاموا بعمل حملة على موقع الفيسبوك وكانت النتائج سريعة إلى حد ما، وفى اتصال تليفونى مع السيد الوزير ذكر انه قام بالاتصال بالسيد رئيس الجمهورية وقام بإبلاغه بتلك المشكلة وأعطى له حرية التصرف مع التأكيد على أن المنطقة لابد وان يكون لها حماية كافية، ووعد بأن الاستجابة ستكون سريعة.

وانه قد تم اجتماع بين اللجنة مع رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية وصرح بأنه تم رصد مليون جنية لعمل مصدات لدخول العربيات إلى الشارع، كما تقدم بالشكر إلى الجمعية لأنها تصدت لهذه الأزمة وتابعتها.

ثم لم تتم أية تفعيلات لأى من التصريحات التى وعد بها، لذا قامت اللجنة بعمل وقفة فى شارع المعز فى شهر أكتوبر تنديدا بهذه السلبية، ثم قامت اللجنة بإرسال إنذار على يد محضر إلى كل من رئيس الوزراء ووزير الدولة لشئون الآثار، انه فى ظرف 15 يوم أن لم يتم تفعيل تلك التصريحات وإغلاق شارع المعز، سيتم التوجه إلى استخدام القانون برفع دعوى بسبب تبديد المال العام.

وأضاف أن مشروع تطوير شارع المعز قد تكلف ما يقرب من 35 مليون جنية، وتم تعيين شركة حراسة التى لم يوجد اى حارس منها الآن، بالإضافة إلى وجود تساهل كبير من الأمن هناك.

الإعداد للحفاظ على قصر الأمير طوسون

استكمل ماجد أن من اهتمامات اللجنة عدة أماكن أخرى تعد لإنقاذها، منها قصر الأمير طوسون بشارع طوسون بمنطقة روض الفرج، وانه من المفترض أن هذا القصر تابع لوزارة الآثار لكن حالته مزرية جدا الآن، وقد قاموا بزيارة إلى القصر مع تصويره، وتم الاجتماع مع نائب المحافظ لمناقشة فكرة تحويله إلى مزار سياحى ومركز ثقافى، لان منطقة شبرا بالكامل لا يوجد بها أماكن سياحية سوى قصر محمد على بشبرا الخيمة.

وذكر أن القصر منذ سنوات كان به مدرسة شبرا الثانوية، ثم قام المجلس الأعلى للآثار بطلب إخلاء القصر من المدرسة وقام ببناء سور، لكن للأسف خلفية القصر تحولت إلى جراج خاص للسيارات استولى عليه احدهم من المنطقة، كما يؤثر على القصر الاهتزازات الأرضية والعوادم.

وأضاف أنها كانت مدرسته وانه أثناء دراسته بها كانت الأسقف والمرايا والتحف والسلالم الرخام ورسومات الأسقف موجودة، وكان القصر مازال محتفظ برونقه، لكن حين قاموا بزيارته أخر مره كان كل برامق الدرابزين الرخام قد سرقت والمرايا ورسومات الأسقف، والحديقة والفسقية أصبحتا حالتهما مزرية، كما أصبح القصر موضعا للخفافيش.

ويرى انه من الغريب قيام المجلس المحلى بروض الفرج بتغيير اسم الشارع من الأمير طوسون إلى بن فضل الله العامرى، ويجد أن هذا تدمير للتاريخ فشخصية بقيمة الأمير طوسون الذى له ايادى بيضاء على مصر، ويستحق أن يحظى بتكريم هو اقل من حقه بكثير جدا، حيث قام بحماية الآثار وتسجيلها واقتناء أثار من الخارج ورصد 35 دير من أديرة وادى النطرون، وله كتاب أديرة وادى النطرون.

واستكمل بأن اللجنة ستقوم بعمل حملة مع الوزير والقطاع ونائب المحافظ للمنطقة الشمالية ليتبنى هذا المشروع.

العمل على استرداد قصر ضيافة المسافر خانة

وأضاف أن هناك أيضا إعداد للحفاظ على قصر ضيافة المسافر خانة، وهو المكان الذى ولد فيه الخديوى إسماعيل وفيه غرفة الولادة التى ولد بها، والذى قام بشرائه محمد على باشا ليكون قصر ضيافة، يقع القصر بمنطقة الحسين وقد شب به حريق ضخم فى التسعينات ولم يحدد سبب اندلاعه، وكان هذا القصر فخم جدا وكان يضم اكبر مشربية بمصر، كما كان تابع لوزارة الثقافة وتقام به النشاطات الثقافية، أما حاليا حين قامت اللجنة بزيارة المكان وتصويره، وجدوا انعدام الحراسة من اى نوع بالمكان ولا توجد لافتة باسمه، بالإضافة إلى انه قد تحول إلى مقلب للقمامة ووكر مخدرات وبيت دعارة مما جعلهم يواجهون مشاكل أثناء دخوله.

الإعداد لحملة ترميم تمثال السلسلة بالإسكندرية

يرى ماجد أن الإسكندرية تعانى آثارها من عدة مشاكل منها تغطية التماثيل بالخيش مثل التى فى منطقة محرم بيك فى نافورة الميدان، بالإضافة إلى الهجوم على غيرها لتحطيمها مثل تمثال السلسلة بالإسكندرية، والذى يتم الإعداد لعمل حملة ترميم له، بعد تعرضه لمحاولة الهدم، كما تم العلم بعمل حركة منظمة لهدمه مرة أخرى وقد علم المثقفين بها فنظموا تجمع وأحاطوا بالتمثال لحمايته.

استكمل انه يوجد العديد من القصور والفيلات أيضا التى تهدم بالإسكندرية، فهناك من الورثة من لا يرغبون فى الحفاظ على تلك القصور، فيلجأون لبيعه إلى مقاول ومن ثم يستطيع أن يتحايل على القانون ويدبر قرار إزالة، بالرغم انه من المفترض أن تلك القصور تابعه للإسكان، وان كل العمارات المميزة أو القصور أو الفيلات تأخذ قرار بمنع الإزالة، وانه قد حدث الكثير من التعديات على فيلات بالإسكندرية وتم هدمها.

وأكد أن اللجنة ستعمل على التصدى لهذه التعديات، كما قد سبق وكان لها دور اساسى فى وقف هدم فيللا صيدناوى أثناء حكومة الجنزورى، وقد تم إرسال تلغرافات واستغاثات مع الحشد لعمل وقفة احتجاجية فى كلية فنون جميلة، فاصدر الجنزورى أمر بإيقاف هدمها وضمها إلى قائمة التراث.

مشكلة تأمين المتاحف فى مصر

يذكر ماجد أن المتاحف الآن بمصر تعانى اغلبها من مشاكل بتوقف عرضها، ذلك لان المديرون يكتبون تقارير بان المتاحف غير مؤمنة، حيث تحتاج المتاحف فى تأمينها إلى أموال كثيرة من تأمين بشرى والكترونى وتأمين ضد الحريق وحاليا بعد الأحداث الأخيرة موارد الآثار ضعفت جدا، فلا توجد زيارات سياحية كقبل ولا بعثات لانهم يخشون أمور البلطجة التى تحدث بكثرة هذه الأيام فى مصر.

فمثلا متحف الفنان سعد الخادم يضم أعماله الفنية وأعمال زوجته، وهما فنانين رواد لهم أعمال فنية لا تقدر بثمن، وحيث انه لا يوجد تأمين كافى للمتحف، فقد تم نقل المقتنيات بشكل كامل إلى المخازن حتى يخلى المدير مسئوليته، وهنا شدد ماجد على ضرورة تأمين المخازن أيضا بشكل جيد، حتى لا يصبح الخطر اكبر على المقتنيات.
وتقوم الجمعية بالعمل على توفير فروع لها فى كل المحافظات، وأول فرع لها كان فى سوهاج ويليه الإسكندرية، وذلك حتى تتمكن من الرصد بشكل أسهل من حيث المتابعة والتبليغ والتحرك السريع، مع عمل ندوات توعية فى كل فرع منها، حتى تكون دافع لاهالى المنطقة لحماية الآثار، مثل ما حدث بالمتحف القبطى أثناء الثورة حيث قام الاهالى بحماية المتحف أثناء هروب الآمن من المكان.

وأخيرا يشير ماجد إلى أهمية وجود أكثر من جمعية لها نفس الاهتمام والهدف، ويقول أن جمعية الحفاظ على التراث لن تستطيع تحقيق الهدف وحدها أو رصد المخالفات جميعها، إنما الاحتياج إلى العديد من الجمعيات فى كافة المحافظات مع توفير وسائل الاتصال التى تمكنهم التواصل والعمل معا.

#إيرينى_سمير_حكيم (هاشتاغ)       Ereiny_Samir_Hakim#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات