البلد الأول في النمو الإقتصادي

امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3936 - 2012 / 12 / 9 - 14:45
المحور: كتابات ساخرة
    

" إحدى العوائل التي أعرفها منذ زَمن .. كانتْ تُعاني الكثير من المشاكل ، المادية والصحية والنفسية ، جراء ما مّرتْ بهِ من أوقات صعبة ، وكذلك بسبب ان آباءهم وأمهاتهم طالما إنشغلوا بأمورٍ تافهة ومُغامرات بلا معنى وتبذيرٍ أرعن ، ولم يبذلوا جُهداً كافياً لتربيتهم بصورةٍ جيدة . بعض أفراد العائلة كانوا يُعانون من الفقر والعوز .. بعضهم الآخر كان يئن تحت عُقد الشعور بالنقص والدونية .. آخرين كانتْ مشكلتهم هي الحرمان الجنسي والعاطفي والإفتقار الى التوازن النفسي ... مّرتْ الأيام وإذا بهذه العائلة تربحُ مُصادفةً .. بطاقة يانصيب كُبرى .. فقفزتْ مواردها الى مَدياتٍ لم تكُن مُتوقعة . غير ان هذه الثروات التي هبطتْ عليهم من السماء .. كانتْ على الاغلب وِبالاُ عليهم .. فلم يكونوا مُستعدين ذهنياً وفكرياً ، للتصرف بهذه الموارد بطريقةٍ معقولة ورصينة في سبيل الإرتقاء بأنفسهم . فتمادى بعضهم في الفساد الاخلاقي ، وبعضهم في التبذير على موائد القمار ، وآخرين في بعثرتها على إثارة المشاكل والفتن ، وآخرين على إقتناء السلاح وعقد التحالفات المشبوهة والتحضير لجولة عُنفٍ اُخرى .. الأشقياء من العائلة هُم مَنْ فعلوا كل هذه الأفاعيل .. في حين حُرِمَ الضعفاء والبُسطاء من هذه الموارد " .
..............................................
ماذا نُريدُ بعد ؟ فبلدنا العراق تصّدر بلدان العالم في سنة 2012 في نسبة النمو الإقتصادي ، حيث بلغتْ 10.5% ، مُتجاوزاً الصين ، التي إحتلتْ المرتبة الثانية عالمياً ، بنسبة نمو 7.7% فقط ! . نعم أيها السادة .. فرغم كُل شكاوانا التي كانتْ كما يبدو ، فارغة .. ورغم تذّمُرنا الذي لم يكُن له معنى .. ورغم عدم رِضانا ، عن أداء الحكومة .. ورغم إنتقاداتنا اليومية حول الفساد .. فأن العراق العظيم .. حّققَ نمواً إقتصادياً بلغَ أكثر من عشرة بالمئة ، مُخّلفاً وراءه الصين واليابان والمانيا والولايات المتحدة الامريكية وكوريا ، وغيرها من هذه الدول المسكينة ! . نعم فحسب " وول ستريت جورنال " ونقلاً عن مراكز بحوث إقتصادية دولية ، فأن العراق بميزانيته لسنة 2012 ، والتي تجاوزتْ المئة وخمسة عشر مليار دولار ، بفضل الزيادة في كميات النفط المُصدرة .. قد حققَ نموا قدره 10.5% مقارنة بالسنة الماضية .. وهي اعلى نسبة نمو في العالم ! .
هل تعرفون ماذا يعني هذا ؟ إذا إستلهَمنا طريقة الإعلام في المرحلة الصدامية ، وحتى في المرحلة المالكية الحالية ، فأننا إنتصرنا على الولايات المتحدة الامريكية إنتصاراً ساحقاً ماحقاً .. صحيح ان امريكا إحتلتْ بلدنا وإنتهكتْ سيادتنا .. ولكن العبرة بالنتائج : الولايات المتحدة تُعاني من ازمة إقتصادية خانقة ، ونسبة النمو فيها لاتتجاوز الواحد بالمئة .. بينما نحن ماشاء الله علينا ، وعين الحسود فيها عود .. فأننا نُحّلِق في الاعالي بنسبة نمو 10.5% !. وفوق ذلك ، فان جميع التوقعات ، تقول ان العراق ، سيحتفظ بالمركز الاول في النمو الإقتصادي ، للسنتَين القادمتَين 2013/2014 على أقل تقدير . دقوا على الخَشَب !.
..........................................
الميزانيات السنوية العملاقة ، للعراق ، هي [ جائزة اليانصيب ] .. ولكن ايها السادة .. هل تعرفون [ العائلة ] التي حّدثتكم عنها أعلاه ؟؟!.

#امين_يونس (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل