يا سيد الدمار

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3929 - 2012 / 12 / 2 - 22:04
المحور: حقوق الانسان
    

يا سيدي يا سيد العمران وسيد الخراب والدمار الذي يحصل في العالم إلى متى سيبقى بيتي مُخربا وعصفوري طائرا لا أعرفُ له شجرة أو عشا ينام عليه؟ يا سيد الخوف والرعب يا ناشر الرعب في كل مكان ويا زارع الخوف في قلوب الأطفال قبل الكبار,يا ناشر الوباء في كل مكان ويا سارق النوم من عيون الكبار والصغار ويا سيد الأرزاق يا من تقطعها بكلمة ومن ثم توصلها بكلمة أخرى عبر الأثير الأسطوري وكأنك الخالق لي ولها,ويا كاسر العظام يا من تسلخ لي جلدي عن لحمي ليل نهار إن الأشجارَ في بلادي تموت واحدةً تلوى الأخرى والعصافير تهربُ من بلادي والينابيع ينضبُ معينها والآبار قد جفت والبحار قد انحسرت وكل معنى من معاني الحياة قد انتهى,وأنا أشعرُ بنهايتي المحزنة ويا سيد الأصحاب والأصدقاء ويا سيد الأغنياء والفقراء إن أجملَ ما بالفقر أنه لا يجلبُ لي أصدقاء المصلحة.. يا سيد الأعداد الذرية أخبرني كم بلغ حتى الآن عددي الذري في مداري الأخير ومتى سيأتي دوري لأنعم في هذه الدنيا ؟ فأنا منذ سنين لم أدخل إلى داخلي لأعرف نفسي وكم بلغت عدد الخلايا في مخي وفي دمي ولا أعرفُ من مات منها ومن بُعث من جديد, يا سيد كل الناس منذ زمنٍ لم أخرج من بيتي لأعرف من مات من الناس ومن طاب,يا من تعرفُ الأسرار المخبأة في باطن الأرض،يا سيد المعطف الشتوي.... ويا سيد التجار في هذا العصر كل ما أرجوه منك في هذه اللحظة لحظة ضعفي وقلة حيلتي أن تخبرني كم بلغ سعري اليوم في السوق السوداء تحت جنح الظلام على حائطك المالي فأنا منذ أن أصبحتُ سلعة تُباع وتشترى لم أعرف عن السوق ودهاقنة الأموال والذهب أي شيء وتكاد روحي أن تكون حبيسة في هذا الجو العاصف,ومنذ أن أصبحت أُباعُ وأُشترى لم أعرف لي صديقا أو صاحبا.

يا سيدي يا سيد المنديل المبلل بماء عيوني,يا سيد كل المشاكل التي أواجهها كل يومٍ في حياتي, يا سيد الخير وسيد الشر وسيد الأبيض والأسود يقال : بأن سعري بلغ بيضتين من بيض النعامة وأحيانا يقال عني بأنني لا أساوي عندك سعر برميل نفط واحد..يا سيد الحرائق المشتعلة بدمي يا سيد البحار يا من تأمر بالموج أن يعتلي فيعتلي خلصني من هذا الموج العالي...يا سيد الجبال:يا من تأمر بالجبال أن تنهار فتنهار...يا سيد التجارة بالجملة وبالمُفرّقْ ويا سيد المهربين للدخان وللحشيشة,ويا سيد الأمزجة والكيف وسيد كل أنواع التجارة الممنوعة ويا سيد الأسلحة الخفيفة منها والثقيلة. يا سيد الثورات العربية متى ستسمحُ لي بأن أثور عليك كما ثُرتُ على نفسي؟.ويا معجزة هذا العصر ويا بطل العالم في رفع الأسعار ويا سيد الأسعار التي تأمرها أن ترتفع فترتفع ويا من بيدك رفعها وبيدك خفضها ويا سيد الجوع والشبع يا من يحكم عليّ بأن أجوع وبأن أتعرى أتراك تراني عارياً ولا تراني جائعا؟ يا سيد الموت والحياة يا من تأمرني أن أموت فأموت ويا من تأمرني أن أحيا فأحيى إلى متى أنا سأبقى هاهنا وحدي حيث مر الأصحاب جميعهم من قُربي إلا أنا ما زلت جاثيا تحت قدميك الناعمتين وعينيك الساهرتين اللتان تشتعلان مثل شعلة أولمبية,يا سيد الخير ويا سيد الشر.. يا سيد الجائحة الكبيرة والصغيرة, ويا سيد الكهرباء: يا سيد الشحنات السالبة منها والموجبة يا من تأمرها أن تنقطع فتنقطع,ويا سيد كل الآبار النفطية والغازية ويا سيد آبار المياه ويا أيها الذي بنا السدود المائية يا سيد الماء الذي أغسل به وجهي صبحَ مساء إلى متى سيستمرُ عطشي؟.

ويا سيد الكلمات: يا من تأمرها أن تركع فتركع أمامك يا سيد الحروف التي تجمعها ومن ثم تبعثرها..ويا من بيده سعادتي وشقائي ويا من يأمرني أن أكتئب فأكتئب ...ويا سيد القهوة والأرز والسكر والعدس.. يا سيد الكبريهات ويا سيد الرقاصات..يا سيد كل البلاوي(البلاء) التي أنا فيها,يا سيد الغيوم يا من تركبُ غيمتك وكأنها زورقٌ بحري ويا سيد البرق والرعد ويا سيد الشمس يا أيها الذي تغير لي لون وجهي يا سيد الألوان الزاهية والداكنة في عيني,ويا سيد كل المجرمين ويا أيها المسئول عن كل الضحايا التي تمشي على وجهها..يا سيد الحيوانات والطيور ويا سيد الملابس العتيقة والجديدة والأحذية ويا أسرع مخلوق على وجه الأرض في اقتناص الفُرص....يا من أكلتني لحما ورميتني عظما,يا سيد الثلج ويا سيد النار,يا سيد البُقع الضوئية ويا سيد الثقوب السوداء في الفضاء الواسع وتلك المخرومة في صدر الأبواب المغلقة افتح عليّ بابك المغلق,يا سيد الأطباء ويا سيد السكاكين الحادة لا تذبحني فأنا مذبوحٌ من قبل أن تمد إليّ سكينك الأبيض ويا سيد المنارات العالية والكبيرة,يا من تعرف ملامح وجهي ولا أعرف ملامح وجهك,يا من تأمرُ الأشجار أن تأتيك طائعة يا من تراني في خلوتي ولا أراك في خلوتك ويا من تسمعُ صوتي ولا أسمعُ صوتك ويا من تسكن بعيدا عني ويا سيد الشعراء ويا سيد القلم والحبر السائل والحبر الجاف لا تمحو أسمي من ذاكرة الزمان,دع الزمان ينتظرني على باب البيت وتحت الشرفة الشرقية.

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل