|
تنوع الأنظمة العربية الديمقراطي التعاوني
عبدالله خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 3903 - 2012 / 11 / 6 - 05:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تقارب تجارب القوى المذهبية السياسية المنتصرة تعبير عما هو طافحٌ من ثقافة منوعة نصوصية واختلافات بين المذاهب، وهو الأمر الذي يتطلب إبعاد الأهداف الدينية وتصعيد برامج التغيير الاقتصادية والاجتماعية لأوضاع الجماهير، وبالتالي ترك فترة زمنية لتطوير جميع أشكال الثقافة العصرية والإسلامية والمسيحية وغيرها من الرؤى والاعتقادات وأول مرة في تاريخ المنطقة الحديث. المنتصرون في مثل هكذا مستويات فكرية سياسية هم القوى السطحية في وعي الدين والدنيا، وبالتالي فإن القوى السياسية المؤسِّسة للتجارب البرلمانية ستكون ضعيفة وغيرَ قادرةٍ على فهم العصر وتقديم برامج عملية تحويلية لحياة الناس. وهذا ما قد يخلق تعاونا بين هذه القوى الدينية السياسية الطافحة وقد يصل بها الغرور إلى العودة الى المصطلحات الشمولية نفسها للأحزاب القومية والاشتراكية وولاية الفقيه، وإلى فرض نظام مركزي من خلال دولة قوية واحدة على بقية الشعوب العربية. إنشاء خريطة سياسية متقاربة بهذا الشكل التاريخي السريع هو من ضمن النسيج التاريخي الاجتماعي الطويل للعرب ذوي المذهبية السنية التي كونتْ الوحدات العريضة خلال العصور الوسطى، وعزلت المذاهب الصغيرة في الجبال أو المناطق الزراعية، حيث جعلت العواصم ذات هيمنة شمولية دينية سياسية وخريطة مفككة بعمق واتساع. ونحن في العصر الحديث الديمقراطي لا نريد تكرار فرض هيمنة عواصم وبلدان كبيرة على صغيرة، بل نريد معالجة الأجسام الاقتصادية والاجتماعية المفكَّكة في كلِ دولة، وبدلا من القفزِ في مشروعات مثل هذه يجب التركيز في دمجِ الشعوب بعضها بعضا وحل مشكلات الأرياف والبوادي والأقاليم في كل دولة. وما أسهل القفزات في العالم العربي! ولكن مشروعات مثل الوحدة المصرية -السورية والوحدة الثلاثية لم تؤصل الوحدة. حتى هذه الموجة المذهبية السياسية لها مشكلاتها العميقة التي هي بحاجة الى تحليلها وحلها، فالاختلاف هذه المرة عن المد القومي السابق ذي الطبيعة التحديثية المقاربة للعلمانية انه نشأ من الفئات الداعمة للقطاعات الخاصة، التي استفادت من دول الرأسماليات الحكومية النفطية وتضررت من الرأسماليات غير النفطية. وفي كلا الجانبين عبر ذلك عن الرؤى التقليدية الذكورية المحافظة التي كانت دعاماتها في البيئات البدوية والصحراوية عامة وتغلغلتْ في الأرياف ثم المدن العربية على مدى الحقب السابقة. غزارة النفط التي ظهرت في البيئات الصحراوية كانت عاملا في تصاعد هذا المد المحافظ في التاريخ السابق. فالموجة الجديدة فيها جوانب إيجابية ولكن فيها جوانب سلبية كبيرة. ولا شك أن عمليات التعاون بين حكومات الدول الجديدة والقديمة مهمة، ولكن في إطار تطوير البُنى الاقتصادية والاجتماعية للشعوب العربية عبر مشروعات مشتركة وتغيير طابع القوى المنتجة العربية الضعيف، وهذا كله يحتاج الى وقت من الدرس وإيجاد الملامح المشتركة للنهضة الجديدة بين الأنظمة العربية بحيث تواكب مستويات تطورات النمور الآسيوية وغيرها. أما التفكير في القفزات والتوجه إلى المؤامرات لتغيير الأنظمة من الخارج فهو علامة لولايةِ فقيه أخرى وهي شكل استبدادي عسكري خطر على المسلمين جميعا. الأنظمة الجديدة بحاجة لتدرس تجاربها السابقة ورؤية كيفية نموها بعقلانية وعمق، ولتأخذ فترة زمنية كافية لرؤية مستقبلها وتعاون قواها السياسية والاقتصادية أما القفز لدولة الخلافة فهو تحليق في الفراغ ومغامرات. تشكلتْ سلسلة من الدول ذات الكثافة السكانية والقدرة تكفي لتشكل ماردا سياسيا في الشرق لكنه يجب أن يتأصل كمارد اقتصادي ويحتاج الى تفعيل مكوناته الداخلية، أما أن يديره بعض الدول الضعيفة النمو معتمدة على فيض نقدي عابر فذلك كارثة. هذه القفزةُ السياسية العربية لبعض الدول لم تتشكل من نمو ديمقراطي متواصل عميق عبر العقود السابقة، مما يعبر عن طبيعتها الذكورية الحادة، ومحافظتها ومحدودية العقلانية فيها، وسوف تدب الخلافات داخلها ومع القوى السياسية والاجتماعية الدينية والقومية الأخرى، ومع البلدان الأخرى، وسوف تؤدي القفزات إلى السلطات وتجييش الأتباع للحصول على المكاسب إلى انفجارات سياسية مختلفة في الداخل والخارج. إن غياب التراكم الاقتصادي الصناعي الخاص الطويل وتضافره مع شتى أنواع العلوم الاجتماعية والطبيعية، وغياب حضور ممثلي هذه القوى المذهبية السياسية في إدارات القطاعات العامة ومعرفة مشكلاتها وكيفية تطويرها، واعتماد هذه القوى كذلك على العلوم الدينية بشكل أساسي، والطابع الخيري الدعوي فيها، كل هذا يجعل قدراتها على إدارة الاقتصادات العربية في زمن العولمة والثورة التقنية المعلوماتية ضعيفة وربما فاشلة. مرة أخرى لابد لهذا التيارات من فهم عمليات التحالفات الديمقراطية الاجتماعية الواسعة لإدارة هذه البلدان وإنقاذها من ركودها وفوضويتها وتحجر اقتصاداتها في صناعات المواد الخام ونخبوية هذه الأشكال التي تعني تحجر العلاقات الاجتماعية وعدم مشاركة أغلبية السكان في الصناعة-
#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدساتيرُ والقلقُ السياسي
-
السيناريوهاتُ الحادةُ واحدة
-
الدساتيرُ والحراكُ الاجتماعي
-
من أسبابِ الحروبِ الأهلية
-
الأيديولوجيا والتكنولوجيا
-
الطبقة الضائعة المنتجة
-
العلمانيةُ بين المسيحيين والمسلمين
-
الإخوانُ وولاية الفقيهِ
-
موقفُ المتنبي (2-2)
-
موقف المتنبي (1-2)
-
الوعي الفكري عند ماوتسي تونغ (2-2)
-
الوعي الفكري عند ماوتسي تونغ (1-2)
-
الفرديةُ الحرةُ المفقودة
-
المحور الإيراني - السوري يطحن بعنف
-
الماوية وولاية الفقيهِ (2-2)
-
الماويةُ وولايةُ الفقيهِ (1-2)
-
قوى توحيديةٌ بين المعسكرين
-
تجاوزُ التطرفِ المحافظ
-
الأزماتُ والتحولاتُ
-
التوحيدُ والتطورُ السياسي (2- 2)
المزيد.....
-
شاهد كيف يسخر مسلسل الرسوم المتحركة -ساوث بارك- من وزيرة الأ
...
-
الناشطة الحقوقية نصيرة ديتور لفرانس24: -لن أسكت وسأواصل النض
...
-
نتنياهو: إسرائيل تعتزم السيطرة على قطاع غزة بأكمله لكنها لا
...
-
الإفراج عن حميدان التركي بعد 19 عاما قضاها في السجن بالولايا
...
-
الجزائر ترد على رسالة لماكرون طالب فيها بمزيد من -الحزم- تجا
...
-
علي صالح عبدي.. لحظة إنقاذ الطفل السوري من بئر عميق في ريف ا
...
-
صفقة جديدة لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر بـ 35 مليار دولار
...
-
الولايات المتحدة تبدأ فرض التعرفات الجديدة على منتجات عشرات
...
-
خمسة قتلى وعشرة جرحى بغارة إسرائيلية على شرق لبنان (وزارة ال
...
-
شاهد.. متجر لبيع الروبوتات في الصين بينها واحد يشبه آينشتاين
...
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|