شنطة قرآن والدتي مريم و أنا

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3900 - 2012 / 11 / 3 - 14:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

نعم كان القرآن في داخل شنطة او محفظة من القماش لونها اعتقد كان مزيج من الاسود و الرمادي ام لربما ظهر بهذا اللون لان الشنطة القماشية كانت قديمة او تغيراللون بسبب التراب المتراكم عليها لاني لم ار والدتي و لا مرة تنظفها. كانت الشنطة على ما اتذكر منقطة بنقط صغيرة شاحبة كجلد بعض الحيوانات المفترسة معلقة على وسط الحائط الكبير كلوحة زيتية او سجاد حائط كردي. لم استطع الا مرة واحدة ان القي نظرة على القرآن في داخلها فوجدت صفحاته على ما اتذكر اصفر اللون مما دل على انه كان نسخة قديمة. اخبرتني والدتي بانه كان هدية من ابيها المؤمن عند زواجها لاجل حمايتها من الشر و عيون الحاسدين. بدى لي خط القرآن عندما رأيته لاول مرة و انا لا ازال في مرحلة الابتدائية كنوع من السحر الإلهي غامض لا يمكن حتى قرأءة حروفه كالخط الكوفي و ظهر لي كصورة تخطيطية رسمت للزينة اكثر منها للقرآءة و كأنما صب جام غضب الكاتب على الخط نظرا لتحريم الصورة في الاسلام.

دخلت يوم من الايام الى غرفة الجلوس لارى والدتي المسكينة تبكي بصوت عال و الدموع تسيل من عيونها بغزارة و شنطة القرآن بين يديها تحلف بقوة بوضع يدها على القرآن بتكرار بانها عفيفة كرد على اتهامات والدي و اقناعه ببراءتها و عندها تمنيت ان لا يكون لي اب و تمنيت ان يكون وجودي نتيجة خيانة زوجية رغم اني كنت اعلم بتطرف ايمان والدتي في مثابرتها على الصلاة و الصوم.

كانت في بعض زوايا بناية المدرسة الابتدائية الداخلية عش او اعشاش لنوع من طيور السنونو الصغيرة يقال ان بعض آلايات القرآنية كتبت تحت اجنحتها لذلك كانت تعتبر طيور مقدسة لا يجوز ملاحقتها او تهديم عشها و كنت احاول جهد امكاني رؤية الايات القرآنية اثناء طيرانها السريع وعندما رأيت بان تحت اجنحتها خطوط تشبه الخط الكوفي تذكرت قرآن والدتي و تأكدت من قدسية هذا الطير.

احيانا كنت اسمع بعض الايات كانت تطلق عليها آية الكرسي: الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة و لا نوم له ما في السماوات و ما في الارل (بدل الارض). لم افهم معنى الآية و كنت اتعجب ما معنى (الارل) لانها كانت كلمة بارزة في الاية تفوح منها رائحة الهية و كانت والدتي تقول باني اذا كنت في خطر عليّ فقط ذكر الاية و عندها يقوم الله ببناء جدار من الكراسي حولي ليحفظني من كل مكروه.

كنت اشك في قدرة الكراسي على حمايتي لان ازاحتها كانت سهلة حتى من قبل ولد صغير مثلي و كنت اتخيل جبل من الكراسي من مختلف الالوان و الاشكال حولي بدل جبال كردستان. كلمة الكرسي هي استعارة من السريانية (كرسيا) بمعنى العرش.
www.jamshid-ibrahim.net

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات