أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - بلفور بأُصوله وفروعه!















المزيد.....

بلفور بأُصوله وفروعه!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3900 - 2012 / 11 / 3 - 09:21
المحور: القضية الفلسطينية
    



سنوياً، وفي الثاني من تشرين الثاني، اعْتَدْنا أن نَلْعَن بلفور ووعده، فكفانا الله شرَّ لَعْن أنفسنا، فنحن "الضحية"؛ أمَّا مأساتنا التي تَعْظُم سنوياً فليست من صُنْع أيدينا في المقام الأوَّل، وقد يشتد قنوطنا ويَعْظُم، فَنَشْرَع، بَعْدَ أن نُذلِّل بأيدينا العقبات من طريق "إسرائيل الكبرى"، نَرْجُم بلفور كما نَرْجُم إبليس!
"المأساة".. مأساتنا، ومأساة "العقل" معنا، لَمْ تبدأ في الثاني من تشرين الثاني 1917. لقد بدأت إذ أصبح لبريطانيا (ولقوى دولية أخْرى) مصلحة في إقناع نفسها، وإقناع العالَم، بأنَّ ما جاء في "سِفْر التكوين"، وسِفْر الخروج"، هو الحقيقة التي لا ريب فيها، وليس بأسطورة من أساطير الأوَّلين؛ وهل غير المصالح ما يُسوِّل للمرء أن يناصِب بديهية العداء؟!
كان الكنعانيون هناك إذ ظَهَرَ "الرَّبُّ" لأبْرام العبراني، على ما جاء في "سِفْر التكوين"، ليُخاطبه قائلاً: "لِنَسْلِكَ أُعْطِي هَذِهِ الأَرْضَ مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ نَهْرِ الْفُرَاتِ".
ثمَّ ظَهَرَ بلفور لعزيزه البارون روتشيلد ليخاطبه قائلاً: "إنَّ حكومة صاحب الجلالة تَنْظُر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين..".
ثمَّ ظَهَرَ كليم الرَّب، في القرن الحادي والعشرين، جورج بوش، لآخر أنبياء بني إسرائيل (شارون) ليخاطبه قائلاً: إنَّ "الحقائق الجديدة" تَذْهَب بكثير مِمَّا يَنْظُر إليه الفلسطينيون على أنَّه "حقوق قومية" لهم، فإنَّ إسرائيل، بوصفها "دولة يهودية"، أو "دولة الوعد الربَّاني"، يحقُّ لها أن تَضُمَّ إليها ما يحتاج إليه "الاستيطان اليهودي" من أراضي الضفة الغربية، وأنْ ترفض "عودة" أي لاجئ فلسطيني إليها.
"العلمانيون" و"الديمقراطيون" الأقحاح في الغرب باركوا "دولة الوعد الرَّباني" حتى وهي تَجْعَل "السياسة" امتداداً لـ "الأسطورة التوراتية"، التي اقْتَرَنت بمصالح "بريطانيا العظمى"، فأنجبت، من ثمَّ، تلك الجريمة الكبرى التي ارْتُكِبَت في حق الشعب الفلسطيني، والتي لَمْ يتورَّع العرب عن المشاركة فيها، وعن الاستمرار في المشاركة فيها، حتى كاد بلفور أن يغدو عربياً!
ولقد رأيْنا "الأسطورة الدينية" تتحوَّل إلى "سياسة" إذ قال بيغن سنة 1978 "لقد وَعَدَنا الرَّبُّ بهذه الأرض، فَلَنا فيها كل الحق"، وإذ قال في كتابه "العصيان" سنة 1950 "إنَّ أرض إسرائيل الكبرى ستعود إلى شعب إسرائيل كلها، وإلى الأبد"، وإذ قال ناثان وينستوك (في كتابه "الصهيونية ضد إسرائيل") سنة 1969 "لو ألْغينا مفهومي الشعب المختار والأرض الموعودة لانهارت الصهيونية من أساسها"، وإذ قال موشي دايان سنة 1967 "إذا كنَّا نملك التوراة، وإذا كنَّا نعتبر أنفسنا شعب التوراة، فإنَّ من الواجب علينا أن نمتلك كل الأراضي التوراتية".
والآتي أعْظَم.. فها نحن بدأنا نرى محاولة للتأسيس لاعتراف "ديني ـ إسلامي" بحق "دولة الوعد الربَّاني" في الوجود من خلال تفسير وتأويل مُغْرضين لآيات قرآنية تضمَّنتها سورة "المائدة"؛ وهذه الآيات هي: "وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنْ الْعَالَمِينَ. يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ. قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ. قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ. قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ. قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ".
هؤلاء الذين ارتضت لهم مصالحهم الشخصية والفئوية الضيِّقة أن يكونوا خَدَماً عند "شعب الله المختار" بدأوا يُلَمِّحون إلى أنَّ الله قد كَتَبَ فلسطين لـ "بني إسرائيل" إذ قال "يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ"، وإلى أنَّ "عقوبة تحريمها على بني إسرائيل" قد انتهت إذ قال "قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ".
قَبْلَ أن يأتوا إليها، قديماً، كان فيها أسلاف وأجداد الشعب الفلسطيني، وهَمْ الكنعانيون (القوم الجبَّارين). وقَبْلَ أنْ يأتوا إليها، حديثاً، كان فيها أحفاد الكنعانيين، أي الشعب الفلسطيني، المَدْعو الآن إلى أن يعي وجوده وحقوقه وحاجاته ومصالحه "وَعْياً قومياً ـ ديمقراطياً"، فإنَّها لجريمة يرتكبها الشعب الفلسطيني في حقِّ نفسه إذا ما تَشَبَّه بالإسرائيليين لجهة "تديين" قضيته، التي هي "قضية قومية من ألفها حتى يائها"؛ ولقد حان للفلسطينيين أن يَخْلُقوا أنفسهم سياسيا على مثال قضيتهم، التي هي في جوهرها وأصلها قضية قومية ـ ديمقراطية.
لقد قرأنا في القرن العشرين قصة "شعب" باد، عِرْقا، منذ آلاف السنين، وإنْ بقيت ديانته حيَّة، ينتمي إليها أفراد وجماعات من أعراق وأجناس وقوميات أخرى. وعاينَّا وعانيْنا المفارقة التاريخية الآتية: شعبٌ أصبح في وجوده العرقي والقومي جزءا من الماضي، والماضي البعيد؛ لكنَّ "حقوقه القومية والتاريخية" تُبْعَث حيَّة، وتُتَرْجَم، بعد وبفضل وعد بلفور، بوطن ودولة، هما ثمرة اغتصاب وطن لشعب آخر، وثمرة ذبح وتشريد لهذا الشعب؛ فمَنْ ليس له، في الشرعية الدولية وفي قرارات الأمم المتحدة، حقَّا في العودة (إلى فلسطين) يعود؛ أمَّا مَنْ له، في تلك الشرعية، وفي تلك القرارات، هذا الحق فلا يعود، ويُمْنَع من العودة بطرائق وذرائع شتى.
ولإقامة الدليل على أنَّ "الشرَّ الخالص" لا وجود له، وعدت الولايات المتحدة الفلسطينيين بـ "دولة ديمقراطية، مسالمة، متَّصلة جغرافياً، تُقام في قطاع غزة كله، وفي أجزاء من الضفة الغربية"، فتصبح "العودة" ممكنة إليها فحسب؛ لكن عليهم أوَّلاً التخلِّي نهائياً عن حقِّهم في العودة إلى إقليم دولة إسرائيل، التي لا بدَّ من "كمالها العرقي اليهودي" بعد "كمالها الديمقراطي". وعليهم، ثانياً، أنْ يكونوا "الضحية" التي شاركت المجرم جريمته، فيعلنوا، عبر اتِّفاق "الحل النهائي"، أنَّ تخليهم النهائي عن "حق العودة" إلى ديارهم هو "خير تنفيذ" لقرار الأمم المتحدة الرقم 194. وعليهم، ثالثاً، بعد هذا "الحل الديمغرافي" العادل أنْ يقبلوا "حلاًّ جغرافياً" لا يقلُّ "عدالة"، فإقليم دولتهم الموعودة، الذي يسمح به "الواقع"، لن يتعدَّى 8 في المئة من مساحة فلسطين التاريخية، بعد ضم الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية إلى إسرائيل، عملاً بضرورة "الاتِّصال الديمغرافي والجغرافي اليهودي"!
أمَّا إذا اعترض الفلسطينيون على هذا الحل غير العادل "جغرافياً"، بدعوى أنَّ 8 في المئة من مساحة فلسطين التاريخية لا تكفي لـ "توطين" ملايين اللاجئين فيها، فسوف تعترض الولايات المتحدة على هذا الاعتراض قائلاً لهم: "أُنظروا إلى حال أشقَّائكم في الجليل والمثلث والنقب. عددهم الآن مليون وربع المليون إنسان، أي نحو خُمْس سكان إسرائيل؛ ومع ذلك فهم يملكون أقل من 3 في المئة من الأرض"!
أمَّا إذا اعترضوا على "تجزئة الشعب"، بعد هذه التجزئة غير العادلة للأرض، فلن تمانع الولايات المتحدة، عملاً بمبدأ "مزيد من النقاء العرقي اليهودي لدولة إسرائيل"، بنقل أشقَّائهم من إقليم "الدولة اليهودية" إلى إقليم "الدولة الفلسطينية"!
أصبح "السلام" في متناول أيدينا بعدما..
أصبح اليهود، الذين كانوا سنة 1948 يملكون أقل من 10 في المئة من مساحة فلسطين التاريخية، يملكون منها الآن أكثر من 90 في المئة!
الولايات المتحدة مُحبِّة لـ "الواقعية" في حل المشكلات، وتُفضِّل الانحياز، دائماً، إلى "الحقائق الإسرائيلية" ضد "الحقوق الفلسطينية"، ولو شملتها "الشرعية الدولية".
ولكننا نسألها: أين هي "الواقعية" في رفضها عودة أي لاجئ فلسطيني إلى إسرائيل وهي التي تعلم علم اليقين أنَّ أراضي اللاجئين الفلسطينيين المصادَرة ما زالت، حتى الآن، ملكاً عاماً لدولة إسرائيل، ولم تُنْقل بَعْد إلى الملكية الخاصة للسكان الإسرائيليين؟!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المكيافلية والصراع في سورية!
- إسرائيل تَضْرِب في السودان ردَّاً على -طائرة إيران-!
- الدولار الأردني!
- وللكويت نصيبها من -الربيع العربي-!
- إشكالية -الدِّين- و-السياسة- في -الربيع العربي-!
- الضفة الغربية.. قصة -التِّرْكة والوَرَثَة-!
- معنى -فيليكس-!
- الأُسطورة الجريمة!
- الرَّقم 2.3 مليون!
- إمبريالية أفلاطونية!
- متى نتعلَّم ونُجيد -صناعة الأسئلة-؟!
- حتى يتصالح نظام الصوت الواحد مع الديمقراطية!
- من يتحدَّث باسم الشعب في الأردن؟!
- -سؤال الإصلاح- في الأردن الذي ما زال بلا جواب!
- جهاد -حزب الله- في سورية!
- المتباكون على -الربيع العربي-!
- معركة -كامب ديفيد- في سيناء!
- طهران إذْ غَيَّرت تقويمها للتهديد الذي تتعرَّض له!
- جامعات لوَأْدِ النِّساء!
- لِمَ الاعتراض على هذا الحل للأزمة السورية؟!


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - بلفور بأُصوله وفروعه!