أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - المكيافلية والصراع في سورية!














المزيد.....

المكيافلية والصراع في سورية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3897 - 2012 / 10 / 31 - 12:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



"السياسة" هي، في أحد معانيها، قِصَّة "الغاية" و"الوسيلة (الواسطة)"؛ فإذا كُنْتَ مكيافلياً، مُفْرِطاً ومتطرِّفاً في مكيافليتكَ، فلا بدَّ لكَ من أنْ تَفْهَم وتُمارِس "السياسة" بما يُوافِق مبدأ "الغاية تُبرِّر الوسيلة"، والذي هو، على وجه الخصوص، "مبدأ الحُكْم (على وجه العموم)"؛ فـ "الغاية تُبرِّر الوسيلة" لدى كل ساعٍ إلى "السلطة"، مُمارِسٍ لها، مُتوفِّر على الاحتفاظ بها؛ أمَّا إذا كُنْتَ مُفرِّطاً في المكيافلية، أو مُعْتَدِلاً متوازِناً في الأخذ بها، فلا بدَّ لكَ، عندئذٍ، من أنْ تؤسِّس لصلة جديدة (جيِّدة، على ما أرى) بين "الغاية" و"الوسيلة"، تَصوغها على شكل "مبدأ" هو "الغاية تُحدِّد (وتُقرِّر) الوسيلة"؛ فبحسب "الغاية"، ومن جِنْسِها، تكون "الوسيلة"؛ فليست كل الطُّرق تؤدِّي إلى روما.
هذا التناقُض المبدئي (أيْ على مستوى المبادئ) في العالَم الواقعي للسياسة هو، في وقوفنا عليه، وتَمَثُّلنا له، خَيْر مُعين لنا على فَهْم الصِّراع في سورية (بين شعبها وبين نظام حكم بشار الأسد) نشوءاً وتطوُّراً ومآلاً.
"الغاية (الشعبية الثورية)" التي كمنت في "الحراك الشعبي السوري" لدى بدئه، ولمَّا كان "سِلْمياً" كما أراده الشعب، إنَّما كانت هي نفسها غاية "الربيع العربي"، أو كل "ربيع عربي"، ألا وهي "الدولة الديمقراطية المدنية" التي عَرَفَتْها، من قَبْلنا، الأمم والمجتمعات الرأسمالية في الغرب.
وكان أمْراً لا ريب فيه (لدى الشعب الثائر) أنَّ إطاحة نظام حكم بشار الأسد (بما، وبمن، يُمثِّل) هي و"الدولة الديمقراطية المدنية" صنوان؛ فهذه "الإطاحة" هي "الشرط الأوَّلي" لهذه "الدولة"، و"المَدْخَل الطبيعي والحتمي" إليها؛ وكانت "الرَّغبة (المَيْل) الشعبية"، والتي تكمن فيها "مصلحة شعبية واقعية كبرى"، هي أنْ يظل "الأبيض" لون الثورة الشعبية الديمقراطية؛ فالشعوب جُبِلَت على كُرْه الحديد والنار والبارود والدخان والدماء..؛ فـ "السلاح" هو للحاكِم المُسْتَبِد "خيارٌ"؛ أمَّا الشعب فيلجأ إليه لجوءاً، أيْ يحمله ويستخدمه عن "اضطِّرار".
وفي مواجهة أولئكَ الذين يَطْلبون دليلاً على وجود النهار في الظهيرة، أقول إنِّي لأعْلَم عِلْم اليقين أنَّ الغالبية العظمى من الشعب السوري لا تريد بقاء واستمرار نظام حكم بشار الأسد؛ ويكاد موقفها منه (بدرجاته الثلاث) أنْ يشبه ويماثل موقف "المُؤمِن" من "مُنْكَرٍ (رآه)".
لكنَّ هذا الذي قُلْت، والذي أقول به في الوقت نفسه، لا يطمس، ويجب ألاَّ يطمس، "الحقيقة الأُخرى"، حقيقة أنَّ "الإجماع الشعبي (السوري)" على أهمية وضرورة الخلاص من نظام حكم بشار الأسد (أوَّلاً) لم يَقْتَرِن بـ "إجماع شعبي آخر" على ماهية وخواص نظام الحكم الجديد، أيْ الذي سيحلُّ محلَّ نظام حكم بشار؛ فـ "الدولة الديمقراطية المدنية"، بمحتواها وشكلها الغربيين، لم تكن بالغاية التي تحظى بتأييد شعبي يَعْدِل التأييد الشعبي للخلاص من نظام حكم بشار؛ فالسوريون المُجْمِعون على هدف "الإطاحة" فَهِموا وفسَّروا نظام حكم بشار، وتَصَوَّروا نظام الحكم الجديد، بما تسبَّب في بَذْر بُذور الخلاف والنزاع والشقاق بينهم، أو بين قوى وجماعات المعارَضَة السورية، أكانت في الداخل أم في الخارج.
وهذه "البُذور" سرعان ما نَمَت في تربة ومناخ يَصْعُب، أو يتعذَّر، أنْ تنمو فيهما "البذور الفكرية والاجتماعية" لـ "الدولة الديمقراطية المدنية الواحدة المُوحَّدة"؛ فكل جماعة من جماعات المعارَضَة تريد لإطاحة نظام حكم بشار أنْ تأتي متوافِقَة، أو أكثر توافقاً، مع ما تَطْمَح إليه قومياً أو عرقياً أو دينياً أو طائفياً (بالمعنى الدِّيني للطائفة).
جماعة تريد إطاحته؛ لأنَّه يناصبها عداءً طائفياً؛ وجماعة تريد إطاحته؛ لأنَّه يناصبها عداءً قومياً أو عرقياً؛ وجماعة تريد إطاحته؛ لأنَّه "عِلْماني"، أو لأنَّه "كافِر".
وكل جماعة تريد لنظام الحكم الجديد (وللدولة الجديدة) أنْ يكون من ماهية وخواص تجعله أكثر شبهاً بما تَطْمَح إليه، وبما ظَهَر أو استتر من مآربها وغاياتها؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ الإجماع الشعبي على "الإطاحة" يعتريه خلاف (شعبي) مداره ماهية وخواص البديل من نظام حكم بشار؛ ولا شكَّ في أنَّ نزاع المصالح الإقليمية والدولية غدا مَصْدَر تغذية لهذا الخلاف؛ وإنَّ أخشى ما أخشاه أنْ يَعْنُف هذا النزاع، أو يُسوَّي، بما يمسخ ويُشوِّه ثورة الشعب السوري.
لقد نجح نظام حكم بشار في إخراج ثورة الشعب السوري عن "سِكَّتها السلمية"، مؤكِّداً للقاصي والداني أنَّ "الثورة البيضاء" لن تكون أبداً طريقاً إلى تغييره؛ فهو بالسيف جاء، وبالسيف بقي، وبالسيف يغادِر.
ومع اشتداد شعور الشعب بالعجز عن إطاحته بطريقته هو في الصراع؛ لِنَقْصٍ مُريع في السِّلاح والذخيرة، تعود أسبابه إلى توازنات إقليمية ودولية تَضُرُّ بثورته، تلجأ جماعات المعارَضَة المختلفة، في سعيها إلى الخلاص منه، إلى التَّقَوِّي بوسائل وأسلحة وقوى (منها التعصُّب الدِّيني والطائفي والقومي) ليست من جِنْس "الغاية" التي يريد "الربيع العربي" للثورة السورية أنْ تبلغها، ألا وهي "الدولة الديمقراطية المدنية الواحدة المُوحَّدة"، فتسود المكيافلية بمبدأها "الغاية (والتي هي إطاحة نظام حكم بشار) تُبرِّر الوسيلة (ولو كانت من نوع يقطع الطريق على "الدولة الديمقراطية المدنية الواحدة المُوحَّدة")".
وهذا (الذي يتحمَّل مسؤوليته في المقام الأوَّل نظام حكم بشار والقوى الإقليمية والدولية المؤيِّدة له، أو التي تؤيِّد الثورة السورية كذباً ونفاقاً) إنَّما يقرع جرس الإنذار، ويُشدِّد الحاجة إلى التأسيس لقيادة جديدة للثورة السورية تخوض وتُنظِّم وتقود الصراع ، عملاً بمبدأ "الغاية تُحدِّد (وتُقرِّر) الوسيلة".



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل تَضْرِب في السودان ردَّاً على -طائرة إيران-!
- الدولار الأردني!
- وللكويت نصيبها من -الربيع العربي-!
- إشكالية -الدِّين- و-السياسة- في -الربيع العربي-!
- الضفة الغربية.. قصة -التِّرْكة والوَرَثَة-!
- معنى -فيليكس-!
- الأُسطورة الجريمة!
- الرَّقم 2.3 مليون!
- إمبريالية أفلاطونية!
- متى نتعلَّم ونُجيد -صناعة الأسئلة-؟!
- حتى يتصالح نظام الصوت الواحد مع الديمقراطية!
- من يتحدَّث باسم الشعب في الأردن؟!
- -سؤال الإصلاح- في الأردن الذي ما زال بلا جواب!
- جهاد -حزب الله- في سورية!
- المتباكون على -الربيع العربي-!
- معركة -كامب ديفيد- في سيناء!
- طهران إذْ غَيَّرت تقويمها للتهديد الذي تتعرَّض له!
- جامعات لوَأْدِ النِّساء!
- لِمَ الاعتراض على هذا الحل للأزمة السورية؟!
- البابا في شرحه الفلسفي ل -حرِّيَّة التعبير-!


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - المكيافلية والصراع في سورية!