أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - المتباكون على -الربيع العربي-!














المزيد.....

المتباكون على -الربيع العربي-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3865 - 2012 / 9 / 29 - 21:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بألَمٍ وحَسْرة، وكأنَّه ينعى فقيداً غالياً، ويترحَّم على روحه، تكلَّم رئيس الحكومة العراقية المالكي عن ثورات الربيع العربي؛ فهذه الثورات، وعلى ما اكتشف بَعْد فَوْت الأوان، بدأت شعبيةً صادقةً نبيلةً طاهرة..، مطلبها وغايتها الحرِّيَّة والديمقراطية والخلاص من الاستبداد والدكتاتورية؛ لكنَّ المتربِّصين بها الدوائر مِنْ سُرَّاق الثورات، وفي مقدَّمهم تنظيم "القاعدة" الإرهابي، سطوا عليها، وشرعوا يُخْرِجون الصراع عن سِكَّتِه (أيْ عن "سلميته"، وغاياته النبيلة) ويعيثون فيه فساداً؛ وهذا ما يراه المالكي على وجه اليقين في سورية؛ وهذا، من ثمَّ، ما يبرِّر ويُعلِّل انحيازه، "عن اضطِّرار"، إلى "أهون الشَّرَّيْن"، أيْ إلى حُكْم بشار الأسد؛ فالمفاضَلة عنده ما عادت بين هذا الحكم الاستبدادي وبين ثورة شعبه عليه لدى بدئها، وإنَّما بينه وبين تنظيم "القاعدة"، وأشباهه.
أمَّا لماذا لم يُبارِك المالكي ثورة الشعب السوري قبل أنْ تُسْتباح عذريتها، ويفسدها المفسِدون، فهذا سؤالٌ فضَّل المالكي عدم إجابته، وإنْ لم تكن إجابته بالمتعذِّرة عليه؛ فربَّما يجيب، إذا ما اضطُّر إلى الإجابة، قائلاً إنَّه لا يستطيع أنْ يميِّز الشيء إلاَّ من نقيضه، فلمَّا اكتمل هذا النقيض (سَطْو "القاعدة" على الثورة) عَرَفَ المالكي، واكتشف، أنَّ ثورة الشعب السوري كانت في بدئها ثورة طاهرة بريئة، لا غاية تنشدها إلاَّ "الحرِّيَّة"؛ وهي غاية سعى إليها، من قبل، وجاهد في سبيلها، المالكي نفسه؛ ولقد كاد أنْ يُصوِّر غزو الولايات المتحدة لأرض الرافدين، واحتلالها لها، وتنصيب حكومة عراقية مستخذية تماماً لمشيئتها، ثمَّ استئثاره هو شخصياً بحصَّة الأسد من السلطة، على أنَّه الإرهاص للربيع العربي!
ولو أراد المالكي أنْ يبدو متحلِّياً ولو بنزرٍ من "الحِكْمَة المتأخِّرة"، أيْ التي لا يدركها المرء إلاَّ بعد فَوْت الأوان، لقال إنَّه لو عادت به عقارب السَّاعة إلى الوراء، أيْ إلى الثورة السورية في "عهدها الملائكي"، لاجتَنَب ارتكاب "الخطأ" نفسه، ولأعلن على رؤوس الأشهاد مباركته لهذه الثورة، وكأنَّ المرء يمكن أنْ يعود إلى الماضي من مواقفه من غير أنْ تعود معه الدوافع نفسها، ومن غير أنْ يرتكب "الخطأ" نفسه، من ثمَّ!
قصارى ما أراد المالكي قوله هو الآتي: من قَبْل، وفي البدء، كانت ثورة شعبية نبيلة في سورية؛ ثمَّ سطا عليها تنظيم "القاعدة" الإرهابي؛ وينبغي للعراق الآن أنْ يَقِف مع "الطرف الآخر"، أيْ مع حُكْم بشار في صراعه ضدَّ "القاعدة"؛ فالصراع في سورية الآن ما عاد بصراعٍ يخوضه الشعب ضدَّ الاستبداد والدكتاتورية، ومن أجل نَيْل حرِّيَّته؛ إنَّه صراع تخوضه "الدولة"، التي ليست بديمقراطية إذا ما قُورِنت بديمقراطية الدولة العراقية، ضدَّ تنظيم "القاعدة" الإرهابي؛ ولا بدَّ لكل "ديمقراطي معادٍ لهذا التنظيم الإرهابي" من أنْ يَقِف مع تلك "الدولة" ضدَّ هذا التنظيم!
المالكي أراد، في موقفه، أنْ يكون، أو أنْ يبدو، الوحدة العليا للنقيضين؛ فهو يَنْتَسِب إلى "الربيع العربي" من حيث الجوهر والأساس؛ والدليل على ذلك هو أنَّه جاء مع "الفاتحين" لينضم إلى شعبه في صراعه من أجل الحرِّيَّة والديمقراطية، ومن أجل "دولة القانون"؛ لكنه لا يستطيع إلاَّ أنْ يكون من جِنْس بشار الأسد في "الصراع الآخر"، أيْ في الصراع ضدَّ تنظيم "القاعدة" الإرهابي الذي نجح في سورية في السطو على ثورة شعبها، بعدما فشل فشلاً ذريعاً في مسعاه لتقويض "الديمقراطية العراقية الفتيَّة"!
هذا هو جوهر منطق المالكي الذي مهما تمنطق لن يصل إلى منطق أفضل منه، وأقوى؛ لكنَّ المنافحين عن حُكْم بشار من مثقَّفين عرب يساريين وقوميين استطاعوا أنْ يأتوا بما يعتدونه منطقاً أفضل وأقوى.
هؤلاء اكتشفوا الآن "الأهمية التاريخية والحضارية والثورية" لـ "الدولة" في سورية؛ فـ "الشَّرُ المستطير" الكامن في عواقب وتبعات سقوط حُكْم بشار هو الذي يَحْملهم، على ما يزعمون، على الوقوف معه، ولو بصفة كونه "أهون الشَّرَّيْن"؛ فهُمْ، وحتى لا يَفْقِدون البقية الباقية من روحهم اليسارية والثورية، لا يُنْكرون ما يعتري هذا الحكم من فساد عظيم، ويقولون بضرورة أنْ تَعْرِف سورية من "الإصلاح (بأوجهه كافة)" ما يكسبها مزيداً من "صلابة المقاوَمة القومية".
لقد فاضلوا بين "إيجابيات" بقاء حكم بشار و"سلبيات" سقوطه، فتبيَّن لهم أنَّ بقاءه خير وأبقى؛ وإنَّها لمفاضَلة لا تختلف في نتيجتها العملية والنهائية عن مفاضَلة أعم وأوسع هي المفاضَلة بين "إيجابيات" الدكتاتورية و"سلبيات" الديمقراطية؛ فالذين لهم مصلحة في الانحياز إلى الدكتاتورية يتوفَّرون دائماً على تضخيم هذه "السلبيات" وتلك "الإيجابيات"، ليقولوا، بعد ذلك، وفي "لغة جدلية ركيكة"، إنَّهم يفضِّلون شرَّ الدكتاتورية على شرِّ الديمقراطية؛ فهذا الشِّر يذهب بـ "الدولة (التي صارت معبودهم)"، وذاك يُبْقي عليها؛ مع أنَّ القراءة الموضوعية لتجربة "الربيع العربي، بكل متناقضاتها، تقود إلى استنتاج مؤدَّاه أنَّ الدكتاتورية هي المسؤولة في المقام الأوَّل عن انهيار "الدولة"، إذا ما انهارت.
وأحسبُ أنَّ استنتاجاً آخر لا يقلُّ أهمية يمكن ويجب التوصُّل إليه، ألا وهو أنَّ الوقوف ضدَّ الدكتاتورية ومع الديمقراطية هو وحده خيار الشعوب، مهما كانت "إيجابيات" الدكتاتورية، و"سلبيات" الديمقراطية.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معركة -كامب ديفيد- في سيناء!
- طهران إذْ غَيَّرت تقويمها للتهديد الذي تتعرَّض له!
- جامعات لوَأْدِ النِّساء!
- لِمَ الاعتراض على هذا الحل للأزمة السورية؟!
- البابا في شرحه الفلسفي ل -حرِّيَّة التعبير-!
- -وسطيون-.. -سلفيون-.. -جهاديون-.. -تكفيريون-..!
- -النووي الإيراني- يتمخَّض عن -هيروشيما سوريَّة-!
- جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القار ...
- كَمْ نحتاج إلى -التنظيم الذاتي المستقل-!
- هل تأتي على يَدَيِّ مرسي؟
- لله يا ناخبين!
- كاوتسكي حليفاً لبشَّار!
- البنك الدولي يقرع ناقوس الخطر!
- مرسي مُتَرْجَماً بالفارسية!
- رِحْلَة نظريَّة في أعماق المادة!
- في -السقوط-!
- موت -اللغة- في جرائدنا اليومية!
- لهذه الأسباب لا أُشارِك في الانتخابات؟
- أجَلْ ثمَّة ثورة في سورية ومصر وتونس!
- -الجيوش- من وجهة نظر -الربيع العربي-!


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - المتباكون على -الربيع العربي-!