أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - في -السقوط-!















المزيد.....

في -السقوط-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3835 - 2012 / 8 / 30 - 11:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعجبتني كثيراً مقالة، عنوانها "في السقوط"، للصديق العزيز الدكتور هُمام غَصيب؛ ولقد شَدَّدت لديَّ الرغبة في الإضافة إليها، والبناء عليها، والتوسُّع في شَرْح ما اختزنته، وانطوت عليه من معانٍ؛ ولسوف أبدأ من حيث انتهت مقالته، أيْ من قوله "السقوط الأخير (للإنسان) ليس الموت؛ وإنَّما الخوف من الموت".
الخوف من الموت، وعلى عِظَمِهِ، هو أسوأ شعور (أو خوف) يمكن أنْ يَسْتَبِد بالإنسان؛ فإنَّ عاقبته تشبه عاقبة "الخوف من الفشل"؛ وطالما رَأَيْنا أُناساً يَمْتَنِعون عن "المحاولة"، و"التجربة"، و"العمل"، خَوْفاً من أنْ يفشلوا، ضاربين صفحاً عن أهمية وضرورة أنْ يفهموا "الفشل" على أنَّه "أُمُّ النجاح"، أو التجربة التي يمكنهم وينبغي لهم أنْ يُحْسِنوا فهمها، وتَمثُّل معانيها، وأنْ يستخلصوا منها الدروس والعِبَر، بما يجعلها طريقاً إلى النجاح.
وإنِّي لأَنْسِبَ "الخوف من الموت" إلى "ثقافة الموت" في مجتمعنا، والتي هي كناية عن بناء شامخ؛ لكنَّ حجارته من الأوهام، التي يكفي أنْ تستبد بعقولنا ومشاعرنا حتى نغدو أمواتاً ونحن على قَيْد الحياة، نقضي حياتنا ونحن في خوف دائم من أمْرٍ ليس فيه ما يدعو إلى الخوف، ألا وهو "الموت"؛ وكأنَّ الميِّت يُوارى الثَّرى مُحْتَفِظاً بكل قواه العقلية والنفسية، يشعر بما يشعر به الحي، ويخاف، من ثمَّ، مِمَّا يخاف منه الحي؛ فلا تخشوا الموت؛ لأنَّه الأمر الوحيد الذي لا سبب، ولا مبرِّر، لخشيته؛ وليس من وجه للمقارنه بين الخشية من الموت والخشية من المرض (مثلاً).
وأعود الآن إلى "السقوط"، لأُجيب عن سؤال "هل من سقوط مُطْلَق (ومن صعود مُطْلَق)؟".
كلاَّ؛ ليس ثمَّة من سقوط مُطْلَق؛ لأنْ لا سقوط لا يخالطه شيء من الصعود، أو الارتفاع؛ و"السقوط"، إنْ أمعنا النَّظر فيه، منطقاً وواقعاً، نجده "الصعود نفسه، وقد نُفِيَ واحتُفِظَ به في الوقت نفسه"؛ فلا يسقط إلاَّ الذي هو في حالة من الصعود والارتفاع، فإذا نَفَدَ صعوده وارتفاعه كَفَّ، حتماً، عن السقوط.
والسقوط في عالَم السياسة والفكر لا يختلف، من حيث الجوهر والأساس، عن السقوط في عالَم الفيزياء؛ وأحسبُ أنَّ ظاهرة "السقوط الحُر للأجسام" لها شبيهها في عالَم السياسة، أيْ في عالمها الواقعي الذي لا تُفْسِده الأوهام والأباطيل الفكرية.
إنَّهم الآن يسألون "هل يسقط نظام حكم بشار الأسد؟"، ولو أنَّهم تمثَّلوا معنى "السقوط" لكَفُوا أنفسهم، وكَفُونا، شرَّ إشغال أذهاننا بهذا السؤال الفاسِد؛ فـ "الربيع العربي" يُرينا، في سقوط (أو في إسقاطه) أنظمة الحكم العربية التي من جنس نظام حكم بشار، ما يشبه ظاهرة "السقوط الحر للأجسام"؛ فكل أنظمة الحكم هذه، ومهما اختلفت في "الكتلة" و"الحجم" و"الشكل"، شرعت تسقط، في اللحظة نفسها، ومن الارتفاع نفسه؛ وكان ينبغي لها جميعاً أنْ تَصِل، في اللحظة نفسها، إلى الدرك الأسفل من سقوطها، أيْ إلى تحطُّمها وتمزُّقها إرباً إرباً؛ لكنَّ ما يشبه الهواء، أو الرِّيح، من القوى المقاوِمة لسقوطها، والمُبْطِئة لسرعة سقوطها، هو ما جَعَل بعضها، كنظام حكم بشار الأسد، يتأخَّر سقوطاً. وقوى المقاوَمة والإعاقة والإبطاء تلك هي، في المثال السوري، روسيا والصين وإيران و"حزب الله" في المقام الأوَّل.
وهذا الذي قُلْت لا يعني، ويجب ألاَّ يعني، أنَّ سقوط أنظمة الحكم هو نُسْخَة من سقوط الأجسام في العالَم الفيزيائي؛ فثمَّة فَرْق (واختلاف) هو من الأهمية بمكان.
وهذا الفَرْق يكمن في كَوْن نظام الحكم (الذي حَكَم عليه الواقع والتاريخ بالسقوط) يَسْقُط فكرياً (وأخلاقياً) قبل أنْ يَسْقُط واقعياً؛ ولا شكَّ في أنَّ سقوطه في "سياسة الإنكار (لِمَا يَفْقَأ العيون من الحقائق والوقائع)" هو معنى من معاني "السقوط الفكري السابق للسقوط الواقعي".
وإنَّ من معانيه أيضاً أنْ يَجِدَ نظام الحكم هذا صَدَّاً (متعاظِماً) له في حاجات الناس الواقعية، وأنْ تتلاشى وتَنْضُب قدرته على "الإقناع"، أيْ إقناع مواطنيه بجدواه وضرورته وأهميته، وأنْ يَقَعَ كلام "رئيسه" على أسماع شعبية لا تشبه أبداً سمعه، وأنْ يصبح "الرئيس" نفسه آخر مَنْ يُصَدِّق أقواله ومزاعمه وشعاراته، وأنْ يُتَرْجِم الشعب كل "وَعْدٍ" لـ "الرئيس"، يَقَع موقعاً حَسَناً من نَفْس المواطِن، بـ "نقيضه"؛ فإذا "وَعَدَ" بـ "الإصلاح"، فَهِمَ الشعب وَعْدَه هذا على أنَّه توعُّدٍ له بـ "أُمَّ المعارك (الحلبية)".
إنَّ صعود نجم نظام حكم، كما أُفوله، يُرَى، أوَّلاً، في سمائه الفكرية، وفي مشاعر وأحاسيس الناس؛ فليس من محتالٍ يَفُوق "التاريخ" احتيالاً.
والتاريخ يُعْلِمنا، ويُعَلِّمنا، أنَّ "التطوُّر الواقعي" لنظام حكم جديد (جديد قَلْباً وقالَبَاً) هو نفسه التلاشي والاضمحلال والنفاد في "عقلانيته" التي ظَهَر فيها عند ولادته، والتي بين سطورها كَتَبَ التاريخ عبارته الشهيرة "إنَّ كل ما يُوْلَد جدير بالموت"!
و"الساقِطون"، أو الذين هُمْ قاب قوسين أو أدنى من السقوط، يشعرون دائماً أنَّ سقوطهم هو "نهاية العالَم"، وأنَّ موتهم هو موتٌ لكل جَمَالٍ وخَيْرٍ في العالَم.
أمَّا أسوأ ما يستبدُّ بهم من مشاعر فهو شعورهم أنْ لا شيء فيهم يمكن أنْ يكون سبباً في سقوطهم؛ فـ "داخلهم" إنَّما هو مَوْطِن الفضيلة، وهو، من ثمَّ، السبب "لبقائهم الأبدي"؛ فإذا سقطوا، أو أصبحوا عُرْضَة للسقوط، فالسبب لا يكمن فيهم، وإنَّما في "خارجهم"، الذي هو عالَمٌ يعجُّ بالمتآمرين عليهم، والذين يكيدون لهم، ويحسدونهم على أشياء يتوهَّمون أنَّهم يستحقِّون أنْ يُحْسَدوا عليها!
إنَّهم، كلَّما ضاقت بهم سُبُل البقاء في مناخ "الربيع العربي" ضاقت آفاقهم، فَلَم يروا (على كثرة عيونهم واتِّساعها) سبب هلاكهم في ذواتهم؛ وكأنَّ قوى الكون كلها تستطيع إسقاط ما لا ينطوي على سبب سقوطه.
قَبْل "الربيع العربي"، سعت شعوبنا في تعليم حُكَّامها "فَنَّ الطيران"؛ لكنَّ سعيها باء بالفشل؛ فإنَّ استنبات أجنحة لهم كان من الاستعصاء بمكان؛ فلمَّا جاء "الربيع العربي" سعت شعوبنا في تعليمهم "فَنَّ السقوط"؛ لكنَّهم سرعان ما أَطْلقوا "أُمَّ المعارك" على شعار "سِلْمِيَّة، سِلْمِيَّة، سِلْمِيَّة"، مقيمين الدليل على أنَّهم لن يسقطوا إلاَّ كما صعدوا؛ لقد صعدوا بالحِراب، ولن يسقطوا إلاَّ بها؛ وهل من رَيْبٍ في أنَّ تلك هي "عدالة التاريخ"؟!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موت -اللغة- في جرائدنا اليومية!
- لهذه الأسباب لا أُشارِك في الانتخابات؟
- أجَلْ ثمَّة ثورة في سورية ومصر وتونس!
- -الجيوش- من وجهة نظر -الربيع العربي-!
- سَطْوَة الدِّين!
- قانون -الانتخاب الطبيعي- بنسخته الاجتماعية!
- جُمْلَة واحدة.. هل ينطقون بها؟!
- لا تَخْشُوا ما لا وجود له!
- مرحى مرسي!
- هذا العداء لإسرائيل لن يخدعنا!
- ما هو -العمل-؟
- العمل!
- -الرِّبا- إذْ سُمِّيَ -مُرَابَحَة-!
- في السِّلاح والتَّسَلُّح
- حرب التمهيد ل -أُمِّ المعارك-!
- حتى لا يأتي -الربيع العربي- بمزيدٍ من التجزئة والانقسام!
- هل لتركيا مصلحة الآن في لعب -الورقة الكردية-؟
- -الثقب الأسود- في تفسير آخر!
- متى نشفى من -تَدْيين- صراعنا الواقعي؟!
- حتى لا نَحْفُر بأيدينا قَبْراً ل -الربيع العربي-!


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - في -السقوط-!