أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - كَمْ نحتاج إلى -التنظيم الذاتي المستقل-!














المزيد.....

كَمْ نحتاج إلى -التنظيم الذاتي المستقل-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3845 - 2012 / 9 / 9 - 15:38
المحور: المجتمع المدني
    



كثيراً ما نَخْلط بين "الحرِّيَّة" و"الديمقراطية"، أو بين "المجتمع الحُرِّ" و"المجتمع الديمقراطي"؛ ودَرْءاً لهذا الخَلْط نقول إنَّ "الحرِّيَّة"، مع مجتمعها، أوسع وأشمل وأعم؛ فـ "الحرِّيَّة" سَقْفها السماء؛ والسماء لا سَقْف لها؛ وهي، أيْ "الحرِّيَّة"، تشبه "المعرفة"؛ فكلتاهما لا يمكن استنفادها؛ وكلتاهما نُتَاج "وعي (وإدراك) الضرورة (أو القانون الموضوعي)".
و"الديمقراطية"، التي نَعْرِف، ومهما ارتفع منسوبها في حياة المجتمع السياسية، وفي سائر أوجه حياته، تَظَلُّ دَرَجة في سُلَّم الحرِّيَّة الذي لا درجة عليا له؛ وهذا ما يُفَسِّر طَلَبُ الإنسان، والمواطِن، والجماعات، في المجتمعات الأكثر ديمقراطية، لمزيدٍ من الحُرِّيَّة، التي هي كمثل ماء البحر، كلَّما شَرِب منه العطشان أكثر ازداد عَطَشَاً؛ و"الحُرُّ" من الناس ليس ضديد "العبد" فحسب؛ وإنَّما ضديد "السيِّد"، أيْ المُسْتَعْبِد غيره.
وكثيراً، أيضاً، ما نَخْلط بين "الديمقراطية" و"الانتخابات (البرلمانية والرئاسية)"، أو "الانتخابات السياسية" على وجه العموم؛ مع أنَّ تجربة الانتخابات في بلادنا العربية، وقبل "الربيع العربي" على وجه الخصوص، أَتَت دائما بما يقيم الدليل على أنَّ كَثْرة (وتكاثر) الانتخابات تَتَّحِد اتِّحاداً لا انفصام فيه مع قِلَّة (وتضاؤل) الديمقراطية، بأوجهها وقِيمها ومبادئها كافَّة؛ وكأنَّ الانتخابات عندنا تأتي لتَنْفي، لا لتُؤكِّد، زَعْم أنَّ الحُكْم والسلطة والسيادة للشعب.
إنَّنا نذهب إلى الانتخابات (مرَّة واحدة كل بضع سنوات) من غير أنْ نُكلِّف أنفسنا عناء التأسيس لِمَا يمكن تسميته "البُنْيَة التحتية" للديمقراطية، والتي فيها، وبها، فحسب، تغدو "الانتخابات" غُصْناً، أو فِرْعاً، من شجرة، أو دوحة، الديمقراطية.
وهذه "البُنْيَة التحتية" لها مُكوِّناتها وعناصرها، التي منها، أو من أهمها، "التنظيم (وحرِّيَّة التنظيم) الذاتي المستقل" للناس والمواطنين، والذي من طريقه تخوض كل جماعة الصراع لنَيْل حقوق، أو لتحقيق مطالب؛ فالديمقراطية ليست، ولا يمكن أنْ تكون، نَفْياً (أو إلغاءً) للصراع؛ وإنَّما تنظيمٌ (أو خَيْر تنظيم) له؛ وإنَّها تُنظِّمه (ولا تلغيه) بما يقي المجتمع (أو بما ينبغي له أنْ يقي المجتمع) شرور الاقتتال، والحرب الأهلية، أيْ شرور خَوْض وحسم الصراع بالحديد والنار.
إنَّ الحقَّ في "التنظيم الذاتي المستقل"، وبصفة كونه "أداةً" لخوض الصراع، هو، على ما أرى، سيِّد الحقوق الديمقراطية جميعاً؛ لأنَّ هذا الحق (وإذا ما كُفِلَ واحتُرِمَ) لا يأتي قَبْل، وإنَّما بَعْد، إقرار وضمان واحترام جُمْلَة من الحقوق الديمقراطية، في مقدَّمها الحقُّ في "التعبير الحُر"، قَوْلاً، وكِتابَةً، ورَسْماً، وتصويراً، ونشراً؛ ولأنْ لا شيء يمكننا الحصول عليه (في مجتمع يَحْكُمُه ويَسْتَبِدُّ به نزاع المصالح) إلاَّ من طريق الصراع، الذي لا يُمْكِننا خوضه والانتصار فيه إلاَّ بـ "التنظيم الذاتي المستقل"، والذي فيه، وبه، تَرْجَح كفَّة "الجماعية (في العمل والنشاط والتفكير والتدبير والصراع)" على كفَّة "الفردية"، التي كلَّما عَمَّت وانتشرت وهَيْمَنَت وترسَّخَت، عانت الديمقراطية مزيداً من الضَّعْف، وتوطَّد "حُكْم الفَرْد"، الذي لا يقوم، ولا يستمر، إلاَّ من طريق جَعْل "الحاكِم" مجتمعه أفراداً، لا جامع يجمعهم، ولا شيء يوحِّدهم؛ كلُّ فَرْدٍ لا مبدأ يَحْكُمه، تفكيراً وسلوكاً، إلاَّ مبدأ "اللَّهُمَّ نفسي".
وأحسبُ أنَّ "الإعلام الجديد"، وبأدواته التي أفادت كثيراً "الربيع العربي"، يمكنه، وينبغي له، أنْ يساهِم مساهمة كبيرة في نَشْر وإشاعة "التنظيم الذاتي المستقل"؛ فإنَّ كل جماعة يتشابه أفرادها في "الحقوق (المهضومة)"، وفي "المطالب" و"الغايات" من ثمَّ، تستطيع الآن أنْ تُنظِّم نفسها بنفسها، وأنْ تخوض، من ثمَّ، الصراع بتنظيمها الذاتي المستقل، الذي يبقى ما بقيت "المهمَّة" غير مُنْجَزة؛ وإنِّي لمتأكِّد تماماً أنَّ هذه التجربة في العمل الجماعي المنظَّم الواعي، والذي هو أوسع وأشمل وأعم من "الحزبية السياسية"، ويَصْلُح مَصْدَر تغذية لها، ستأتي، دائماً، بما يجعل الناس يزدادون ثِقَةً بأنفسهم، وإيماناً بمبدأ "الاتِّحاد قوَّة".
ولا ريب في أنَّ الصراع من أجل "الحقوق"، مع تنظيم (وترشيد) هذا الصراع، هو جوهر وأساس الحياة الديمقراطية للمجتمع؛ لكنَّ هذا الصراع لن تقوم له قائمة إلاَّ بـ "الوعي"، أيْ بوعي صاحب الحقِّ لحقِّه؛ فَمَن لا يعي حقوقه لا يمكنه أبداً الدِّفاع عنها، والسعي لنيلها؛ ولا ريب، أيضاً، في أنَّ أدوات الإعلام الجديد يمكنها أنْ تساهم مساهمة كبيرة في نَشْر "ثقافة الحقوق"، وفي حَضِّ كل جماعة، يتشابه أفرادها في "الحقوق (المهضومة)"، على أنْ تُنَظِّم نفسها بنفسها؛ فإنَّ أهل مَكَّة أدرى بشعابها، ولا يحك جلدك مثل ظُفْرك.
وينبغي لنا أنْ نَفْهَم الصراع، الذي تخوضه كل جماعة منظَّمة، متَّحِدة، لها مطالبها، ومُدْرِكة لحقوقها، ومصمِّمة على نَيْلها، على أنَّه جُمْلَة من "الضغوط المنظَّمة المتنوعة المتدرِّجة"، تُمارِسها، توصُّلاً إلى حَمْل مَنْ لديه سلطة الحل والرَّبْط على الاستجابة؛ ففي هذا "التنظيم الذاتي المستقل" يكمن أصل وأساس المجتمع الديمقراطي؛ وبه، ومن طريقه، نحصل على "المجتمع المدني"، ونَسْقِيه بمزيدٍ من ماء الحياة؛ وإنَّ من الأهمية بمكان الآن أنْ نتواضَع على فَهْم "المجتمع الديمقراطي المدني" على أنَّه المجتمع الذي فيه تزدهر "الحقوق"، و"ثقافة الحقوق"، والذي يُنظِّم نفسه بنفسه، فتَكْثُر فيه، وتتكاثر، "جماعات الحقوق والمطالب" المُنَظَّمة، والمُنَظِّمة لصراعها وضغوطها.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تأتي على يَدَيِّ مرسي؟
- لله يا ناخبين!
- كاوتسكي حليفاً لبشَّار!
- البنك الدولي يقرع ناقوس الخطر!
- مرسي مُتَرْجَماً بالفارسية!
- رِحْلَة نظريَّة في أعماق المادة!
- في -السقوط-!
- موت -اللغة- في جرائدنا اليومية!
- لهذه الأسباب لا أُشارِك في الانتخابات؟
- أجَلْ ثمَّة ثورة في سورية ومصر وتونس!
- -الجيوش- من وجهة نظر -الربيع العربي-!
- سَطْوَة الدِّين!
- قانون -الانتخاب الطبيعي- بنسخته الاجتماعية!
- جُمْلَة واحدة.. هل ينطقون بها؟!
- لا تَخْشُوا ما لا وجود له!
- مرحى مرسي!
- هذا العداء لإسرائيل لن يخدعنا!
- ما هو -العمل-؟
- العمل!
- -الرِّبا- إذْ سُمِّيَ -مُرَابَحَة-!


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - كَمْ نحتاج إلى -التنظيم الذاتي المستقل-!