أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - مرسي مُتَرْجَماً بالفارسية!














المزيد.....

مرسي مُتَرْجَماً بالفارسية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3837 - 2012 / 9 / 1 - 15:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في طهران، وفي قِمَّة "عدم الانحياز"، وفي الخطاب الذي ألقاه في هذا "التَّجَمُّع الدولي"، الذي لا حَوْل له ولا حيلة، كان الرئيس المصري محمد مرسي عند حُسْن الظَّن الشعبي (المصري والعربي) به، فقال في الشأن السوري ما كان ينبغي له، ويجدر به، قوله، فَلَمْ يكن بالأمر المُسْتَغْرَب أنْ يَقَع كلامه على أسماع إيرانية (هي أسماع حُكَّام إيران) لا تشبه سمعه؛ لكن ما أدْهَشَ عقلاء العالَم، وأثار استغرابهم، أنْ يتوفَّر "المُتَرْجِم الرَّسمي الإيراني" على تَرْجَمة مرسي، وخطابه، بما يجَعْل المُسْتَمِع والمُشاهِد من المواطنين الإيرانيين يَظُن أنَّ مُلْقي الخطاب هو الرئيس السوري بشار الأسد وقد لَبِسَ شَخْص مرسي، وإنْ حار هذا المُسْتَمِع والمُشاهِد في فَهْم وتفسير مغادرة الوفد السوري مع رئيسه القاعة لدى بدء الرئيس مرسي يتكلَّم بلسان الحقيقة، التي تُعامِلها دمشق وطهران الآن على أنَّها، مع الناطقين بها، والمنحازين إليها، جزء من "معسكر الأعداء"!
"المُتَرْجِم"، وفي سياق ترجمته خطاب مرسي (للتلفزيون الإيراني) بالفارسية، تَرْجَم مواقف مرسي (التي تضمَّنها خطابه) بما يجعلها نسخة من المواقف الإيرانية، وبما يَتَّفِق كل الاتِّفاق مع تعريف طهران لـ "الحقيقة" على أنَّها كل رأي أو فكرة أو موقف أو قول يَقَع من حُكَّام إيران موقعاً حسناً؛ فكل قَوْلٍ لمرسي في الشأن السوري تُرْجِم بما يجعله قَوْلاً في الشأن البحريني؛ وكفى الله المُسْتَمِع والمُشاهِد الإيراني شَرَّ معرفة "الحقيقة"، والاستماع إليها!
الأمر لم يكن من قبيل خطأ في الترجمة ارتكبه المُتَرْجِم؛ فالخطأ يَقَع مرَّة، أو مرَّتين، ولا يكون كـ "أمْر الاستبدال"، فَتُحْذَف كلمة "سورية" دائماً، لتَمْلأ كلمة "البحرين" هذا الفراغ؛ و"الخطأ" دركات؛ ولكَ أنْ تُقارِن بين خطأ من قبيل "1 + 1 = 3"، وخطأ من قبيل "1 + 1 = قِرْد".
ولو كان المُتَرْجِم هو المخطئ والملوم، لاعتذرت طهران رسمياً إلى مرسي (وإلى شعبها) عن هذا الخطأ، موضِحَةً لكل من استمع إلى الخطاب مُتَرْجَماً بالفارسية أنَّ الرئيس المصري كان يتحدَّث عن سورية، لا عن البحرين؛ لكنَّها اختارت الصَّمْت موقفاً، وكأنَّها مع كيسينجر في قوله "إنَّنا لا نتعامَل (أيْ يجب ألاَّ نتعامَل) مع الحقائق؛ وإنَّما مع ما يشبه الحقائق"؛ وهذا قَوْلٌ يَجْعَل لـ "الكذب"، الذي هو إحدى علامات المنافِق، جذوراً في تربة الفلسفة، ويُذكِّرنا بذاك المتعصِّب للدكتاتور الإيطالي موسوليني والذي تجرَّأ على تعريف "الحقيقة" على أنَّها "ما يُفكِّر فيه موسوليني الآن"!
بهذه "الترجمة"، التي تشبه كثيراً "التأويلات العلمية" للدكتور زغلول النجار، أساءت طهران إلى الضَّيْف (المصري) الكبير؛ وإذا ما أحْسنَّا الظن نقول إنَّ نيَّتها الحسنة هي السبب؛ فهي ربَّما رغبت في أنْ تُظْهِر مرسي ومواقفه في الهيئة (السياسية) التي تُحبِّذها، وفي أنْ تُصوِّر "الربيع (الشعبي الديمقراطي الثوري) العربي" على أنَّه جزء من "الصَّحوة الإسلامية" التي عرفتها إيران من قبل، لعلَّ شعبها يَفْهَم "الربيع العربي" مع "قوَّة المثال" الكامنة فيه، على أنَّه النُّسْخَة العربية من الثورة الإسلامية الإيرانية، فيَهْتدي ويرعوي؛ ولقد نسيت طهران أنَّ الزَّمن الإعلامي قد تغيَّر، وأنَّ أحداً ما عاد في مقدوره خداع أحد في هذا الزمن (الرِّديء بحسب وجهة نظر كل نظام حكم شمولي).
لكنَّ إساءتها الكبرى هي التي ارتكبتها في حقِّ الشعب الإيراني؛ فإنَّ استهزاء واستخفاف الحاكم بذكاء شعبه، بمثل تلك الترجمة، هو أسوأ إساءة إليه، وكأنَّ زعماء إيران يريدون أنْ يقولوا لشعبهم: إنَّنا نَكْذِب عليك، بترجمتنا الخطاب، أيْ بنَقْلِنا إيَّاه من "لغة الحقيقة" إلى "لغة الكذب"، ونتحدَّاك، في الوقت نفسه، أنْ تثور لكرامتك التي امْتَهنَّاها إذ استهزأنا بذكائكَ.
وهذا الاستهزاء قد يَصْلُح تعريفاً لـ "الغباء السياسي"؛ فاستهزاء المرء بذكاء الذَّكي هو دليل على غباء المُسْتَهْزِئ؛ والحاكم يكفي أنْ يستهزئ بذكاء شعبه على هذا النحو حتى يجعل شعبه يزداد كُفْراً بإعلام الحاكم، ويُسْرِع في مغادرة "زريبته الإعلامية"، بحثاً عن "الحقيقة" في مصادِر إعلامية خارجية؛ وهذا إنَّما يعني أنْ يُضْعِف الحاكم نفسه بنفسه سياسياً لدى شعبه.
وكيف للشعب الإيراني أنْ يُصدِّق الرواية الإعلامية الإيرانية الرسمية لكل ما يَحْدُث في سورية بَعْد، وبسبب، هذه الترجمة لخطابٍ ألقاه رئيس دولة كبيرة، في تَجمُّع دولي كبير، يحظى باهتمام إعلامي عالمي كبير؟!
لقد اعتدنا إنكار الحقائق، وتزويرها، نهجاً سياسياً وإعلامياً ينتهجه نظام حكم بشار، في صراعه من أجل البقاء؛ وها هي طهران تُرينا، بترجمتها لخطاب مرسي، من الكذب أسوأه، أو دركه الأسفل، ألا وهو الكذب الذي يخالطه كثير من الوقاحة والصَّلف والرعونة، والذي فيه يقول صاحبه للناس: إنَّني أكذب عليكم من غير أنْ أتجشَّم عناء إتقان الكذبة؛ ولتشربوا مياه البحر إذا ما بلغ بكم الغضب والاستياء مبلغهما؛ فوالله لو تعارضت بديهية هندسية مع مصالحي لناصبتها العداء!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رِحْلَة نظريَّة في أعماق المادة!
- في -السقوط-!
- موت -اللغة- في جرائدنا اليومية!
- لهذه الأسباب لا أُشارِك في الانتخابات؟
- أجَلْ ثمَّة ثورة في سورية ومصر وتونس!
- -الجيوش- من وجهة نظر -الربيع العربي-!
- سَطْوَة الدِّين!
- قانون -الانتخاب الطبيعي- بنسخته الاجتماعية!
- جُمْلَة واحدة.. هل ينطقون بها؟!
- لا تَخْشُوا ما لا وجود له!
- مرحى مرسي!
- هذا العداء لإسرائيل لن يخدعنا!
- ما هو -العمل-؟
- العمل!
- -الرِّبا- إذْ سُمِّيَ -مُرَابَحَة-!
- في السِّلاح والتَّسَلُّح
- حرب التمهيد ل -أُمِّ المعارك-!
- حتى لا يأتي -الربيع العربي- بمزيدٍ من التجزئة والانقسام!
- هل لتركيا مصلحة الآن في لعب -الورقة الكردية-؟
- -الثقب الأسود- في تفسير آخر!


المزيد.....




- السعودية.. فيديو مرعب لجدار غباري في القصيم وخبير يوضح سبب ا ...
- محكمة استئناف أمريكية تلغي حكما قضائيا حول إعادة موظفي -صوت ...
- رئيس كوبا يعتبر فرصة زيارة الساحة الحمراء في التاسع من مايو ...
- الشرطة البريطانية تعتقل 5 أشخاص بينهم 4 إيرانيين للاشتباه بت ...
- إعلام حوثي: القصف الأمريكي يعاود استهداف مديرية مجزر في محاف ...
- يديعوت أحرونوت: تقرير واشنطن بوست بشأن تنسيق نتنياهو مع والت ...
- الاحتلال ينسف المباني السكنية في رفح ويكثف قصف خان يونس
- زلزال بقوة 5.4 درجة يضرب تكساس الأمريكية
- ترامب يجب أن يتراجع عن الرسوم الجمركية
- تلاسن واتهامات بين إسرائيل وقطر، والجيش يستدعي جنود الاحتياط ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - مرسي مُتَرْجَماً بالفارسية!