|
هل تأتي على يَدَيِّ مرسي؟
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3844 - 2012 / 9 / 8 - 15:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جواد البشيتي كان الرئيس المصري محمد مرسي (والذي تَجْتَمِع فيه الآن صفة أوَّل رئيس منتخَب لمصر، وصفة أقوى رئيس لها في السلطات والصلاحيات) واضحاً كل الوضوح في شرحه "مبدأ الحل النهائي" لـ "الأزمة السورية"، أو "مبتدأ هذا الحل"؛ فـ "التغيير لا الإصلاح" هو الذي ينبغي له أنْ يكون الآن، أو من الآن وصاعداً، مدار ما يُبْذَل، أو يمكن أنْ يُبْذَل، من جهودٍ ومساعٍ دولية وإقليمية وعربية؛ و"التغيير" إنَّما هو "إطاحة نظام حكم بشار الأسد"، أو التغيير الذي يبدأ (أيْ يمكن ويجب أنْ يبدأ) بإطاحة نظام الحكم هذا؛ فخيار "الحل من طريق الإصلاح"، أيْ من طريق إصلاح سياسي يقوده بشار، ويبقي على نظام حكمه، من حيث الجوهر والأساس، ما عاد بالواقعي، أو الممكن عملياً. ولقد كانت للرئيس مرسي، في الوقت نفسه، "مبادرة (للحل)"، ظاهرها (فحسب) لا يتوافَق مع ذاك المبدأ للحل، الذي شرحه وبسطه في وضوح؛ فما الذي يَنْقُص هذه المبادرة حتى تَكْتَسِب طابعاً عملياً واقعياً؟ ما ينقصها، على ما أحسب، هو "الإجابة الإبداعية والخلاَّقة" عن السؤال الآتي: "كيف (وليس "هل") يمكن التوفيق، أو مَدَّ جِسْرٍ، بين إطاحة نظام حكم بشار الأسد (بصفة كون هذه الإطاحة مبتدأً ومَدْخَلاً للحل) وبين حِفْظ وصَوْن مصالح إستراتيجية (في سورية الجديدة) لروسيا (والصين) وإيران (و"حزب الله" اللبناني) وتركيا والسعودية ومصر؟". وإنَّه لنجاح ما بعده نجاح أنْ تُوفَّق مصر (ورئيسها) في أنْ تتوصَّل إلى هذه "الإجابة الإبداعية والخلاَّقة"، وفي أنْ تُقْنِع بها القوى الدولية والإقليمية التي ما زالت منحازة إلى نظام حكم بشار، وتَمُدُّه بما يطيل أمد بقائه، وهو الذي سقوطه أقرب إلى "الفعل الماضي" منه إلى "الفعل المضارِع". إنَّ على مصر الجديدة أنْ تبدأ بزيادة وزنها ونفوذها (السياسي والإستراتيجي) في "الثورة السورية"، قيادةً، وخياراً، وسياسةً، وقراراً؛ فالولايات المتحدة، وغيرها من القوى الغربية، أثبتت، غير مرَّة، وفي جملةٍ من مواقفها السياسية والعملية، أنْها غير معنية بحسمٍ نهائي للصراع في سورية، من طريق تغليب كفَّة "الثورة السورية" على كفَّة نظام حكم بشار، في هذا الصراع، الذي لو تُرِكَ يسير في المسار الذي رأيْناه، ونراه، لأفضى إلى نتائج تَذْهَب بما قامت من أجله هذه الثورة العظيمة. إذا اكتسبت مصر ما يكفي من ذاك الوزن والنفوذ فإنَّ قيادات الثورة السورية يمكنها، عندئذٍ، أنْ تَتَّحِد في هذا الاتِّجاه، وأنْ تُعْطِيَ، من ثمَّ، في برنامجها، ومهمَّاتها، وأهدافها، وغاياتها، وشعاراتها، ما يفي بـ "الغرض"، والذي هو "الشِّراء السياسي والإستراتيجي لمواقف روسية وصينية وإيرانية جديدة، وجيِّدة للثورة السورية، وتسمح بالإسراع في إنجاز مهمتها الثورية التاريخية، وهي إطاحة نظام حكم بشار الأسد". وهذا إنَّما يعني، أوَّلاً، أنْ تنجح مصر في حَمْل "الثورة السورية"، المتَّحِدة، قيادةً، وهدفاً، على أنْ تُعْطِيَ من المواقف (السياسية والإستراتيجية) الجديدة ما يجعل روسيا مُطْمَئِنَّة إلى أنْ إطاحة نظام حكم بشار، وانتصار الثورة السورية، ومساعدتها في هذا وذاك، لن يَضُرَّ بمصالحها الإستراتيجية في سورية (وفي ميناء طرطوس على وجه الخصوص) ولا بالعلاقة الإستراتيجية (بأوجهها كافَّة) بينها وبين سورية الجديدة؛ لا بل يمكن أنْ يعود بمزيدٍ من النفع والفائدة على هذه العلاقة، وعلى تلك المصالح؛ ولِمَ لا إذا ما أَخَذَت روسيا بهذا الخيار (الإستراتيجي) الجديد، والجيِّد لها، وللثورة السورية، ولـ "الربيع العربي" على وجه العموم؟! ويعني، أيضاً، أنْ تنجح مصر في حَمْل "الثورة السورية" على أنْ تُوضِّح لإيران و"حزب الله"، وعلى الرُّغْم من مواقفهما المشينة من الشعب السوري، وثورته، أنَّ سورية الجديدة لن يكون لها من النهج السياسي والإستراتيجي ما يمكن أنْ يُظْهِرها على أنَّها تَقِف، ولو ضِمْناً، مع العدوِّ القومي الأوَّل للعرب، وهو إسرائيل، ضدَّ إيران و"حزب الله"؛ فسورية الجديدة، الديمقراطية، هي التي تقيم الدليل (النَّظري والعملي) على أنَّ ارتفاع منسوب الديمقراطية في حياتها السياسية، بعد، وبفضل، القضاء على نظام حكم بشار الأسد، لن يَقْتَرِن أبداً بخفض منسوب عدائها القومي لإسرائيل، لا بَلْ سيَقْتَرِن بما يُثْبِت ويؤكِّد أنَّ العهد البائد كان "لَفْظِيَّاً (ليس إلاَّ)" بعدائه لهذه الدولة، التي بذلت ما في وسعها لجَعْل بقائه، أو زواله، مَصْدَر أمنٍ وأمانٍ لها. وفي هذا السياق، يمكن ويجب أنْ يَقِف العرب، من ذوي المصلحة في انتصار "الربيع العربي"، ومُشْتَقِّه السوري على وجه الخصوص، من "البرنامج النووي الإيراني"، ومن الضغوط الغربية لِحَمْل طهران على التخلِّي عنه، مواقف يتَّضِح فيها، ومنها، أنَّهم مع كل ما من شأنه النَّيْل (ولو قليلاً) من قوَّة عدوِّهم القومي الإسرائيلي؛ فَيَا أَيُّها الروس والصينيون والإيرانيون تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاَّ نَقِف مع نظام حكم بشار الأسد ضدَّ ثورة شعبه عليه؛ تعالوا إلى الاتِّفاق على حلٍّ نهائي للصراع في سورية، تتخَلُّون فيه عن نظام حكم بشار، وتنتصرون للثورة السورية، فتُحْفَظ لكم، وتُصان، مصالحكم الإستراتيجية، التي ليس ثمَّة ما يَمْنَع من أنْ تتآخى مع المصالح القومية الإستراتيجية للعرب، والكامنة في أساس "الربيع العربي"، وفي الدوافِع الشعبية إليه، وفي غاياته النهائية؛ فالشعوب العربية إنَّما تريد تغييراً تاريخياً لأحوالها كافَّة، لا يَنْزِل بَرْداً وسلاماً على عدوِّها المُثَلَّث، وهو "الحُكْم الاستبدادي" وإسرائيل والقوى الإمبريالية التي لا يمكنها أبداً أنْ تكون بمصالح وأهداف متصالحة مع "ربيع عربي"، تتصالح فيه، وبه، حقوقنا الديمقراطية وحقوقنا (مع مصالحنا وقضايانا) القومية؛ فهل من مجيب في موسكو وبكين وطهران و"الضاحية الجنوبية (لبيروت)"؟!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لله يا ناخبين!
-
كاوتسكي حليفاً لبشَّار!
-
البنك الدولي يقرع ناقوس الخطر!
-
مرسي مُتَرْجَماً بالفارسية!
-
رِحْلَة نظريَّة في أعماق المادة!
-
في -السقوط-!
-
موت -اللغة- في جرائدنا اليومية!
-
لهذه الأسباب لا أُشارِك في الانتخابات؟
-
أجَلْ ثمَّة ثورة في سورية ومصر وتونس!
-
-الجيوش- من وجهة نظر -الربيع العربي-!
-
سَطْوَة الدِّين!
-
قانون -الانتخاب الطبيعي- بنسخته الاجتماعية!
-
جُمْلَة واحدة.. هل ينطقون بها؟!
-
لا تَخْشُوا ما لا وجود له!
-
مرحى مرسي!
-
هذا العداء لإسرائيل لن يخدعنا!
-
ما هو -العمل-؟
-
العمل!
-
-الرِّبا- إذْ سُمِّيَ -مُرَابَحَة-!
-
في السِّلاح والتَّسَلُّح
المزيد.....
-
الأمن الأردني يعلن سقوط طائرات مسيرة و-أجسام مشبوهة- في عدة
...
-
من أسرّة المستشفيات في طهران.. إيرانيون أُصيبوا بالغارات الإ
...
-
الجيش الإسرائيلي يكشف إجمالي عدد المسيرات الإيرانية على البل
...
-
-معركة شرسة- داخل الدائرة المقرّبة من ترامب بشأن التعامل مع
...
-
-حبوب منع الشخير-.. أخيرا قد يستمتع شريك حياتك بنوم هادئ!
-
الولايات المتحدة: خوف وغضب واحتجاجات ضد شرطة الهجرة -الملثمة
...
-
شاهد.. استقبال حاشد للنيجيري صادق بعد عودته إلى بلاده لقضاء
...
-
وسيم الأسد تاجر المخدرات الذي ساهم بقمع معارضي النظام السوري
...
-
هل تنهار إستراتيجية إيران العظمى؟
-
عراقجي يحذر من انضمام واشنطن للحرب وماكرون يتحدث عن تسريع ال
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|