أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - الأُسطورة الجريمة!














المزيد.....

الأُسطورة الجريمة!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3883 - 2012 / 10 / 17 - 13:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ومِنْ رَحْم الأُسطورة خَرَجَت "دولة إسرائيل"؛ لكنَّ "القابِلَة القانونية"، التي على يَدَيْها وُلِدَت هذه الدولة المسخ، لم تَكُن من جِنْس الأساطير؛ فإنَّ مصالح وأهداف إمبريالية (واقعية لا أُسطورية) هي التي كانت تلك القابِلَة؛ أمَّا الجريمة نفسها، جريمة سَلْب شعبٍ وطنه القومي التاريخي، فاتَّخّذَت من تلك الأُسطورة "شرعية" لها، فكانت ولادة إسرائيل ثمرة تَزَاوُج "الأُسطورة" و"الجريمة"؛ فَلْنَفْهَم هذه الأُسطورة (المتحوِّلة إلى جريمة القرن العشرين الكبرى) فَهْماً يليق بإنسان القرن الحادي والعشرين.
في الأصْحاح الثاني عشر نقرأ قَوْل "الرَّب" لأَبْرَام: "اذْهَبْ من أرضكَ، ومن عشيرتكَ، ومن بيت أبيكَ، إلى الأرض التي أَريكَ".
أَبْرَام هذا إنَّما كانت له أرض غير تلك التي قَرَّر "الرَّب" مَنْحها له، أيْ غير أرض فلسطين؛ ولقد أَمَرَه "الرَّب" أنْ يَتْرُكَ تلك الأرض، وأنْ يَتْرُكَ حتى عشيرته (فـ "الرَّب" لم يَقْلْ له "اذْهَب مع عشيرتكَ"، التي كانت تعيش معه في تلك الأرض) ليَذْهب إلى هذه الأرض الجديدة (التي لم يَعِشْ فيها قَطْ).
وامْتَثَل أَبْرام لأمر "الرَّب"، فذهب أَبْرام، وذهب معه لوط. وكان أَبْرام ابن خمس وسبعين سنة لّمَّا خَرَج من "حاران". وأَخَذ أَبْرام معه امرأته "ساراي"، وأَخَذ معه، أيضاً، لوطاً ابن أخيه، وكل مقتنياتهما التي اقتنيا، والنفوس التي امتلكا في "حاران".
وجاء في الأصحاح نفسه: وخرجوا ليذهبوا إلى أرض كنعان؛ وكان الكنعانيون حينئذٍ في الأرض؛ وظَهَر الرَّب لأَبْرام وقال: "لِنَسْلِكَ أَعْطي هذه الأرض".
وبحسب الأصحاح نفسه، قال أَبْرام: الرَّب إله السماء الذي أخذني من بيت أبي، ومن أرض ميلادي، والذي كلَّمني، والذي أقسم لي قائلاً: لِنَسْلِكَ أَعْطي هذه الأرض..
أمَّا في الأصحاح الخامس عشر فقال "الرَّب" لأَبْرام: أنا الرَّب الذي أخرجكَ من أَور الكلدانيين ليُعْطيكَ هذه الأرض لِتَرثَها؛ أَعْلَم يقيناً أنَّ نسلكَ سيكون غريباً في أرض ليست لهم..
وجاء في الأَصحاح نفسه: في ذلك اليوم قَطَع الرَّب مع أَبْرام ميثاقاً قائلاً: "لِنَسْلِكَ أَعْطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات".
ومِنَ الجارية المصرية هاجر (جارية ساراي) جاء الابن الأوَّل لأَبْرام، وسُمِّي إسماعيل.
وفي الأصحاح السابع عشر، قرَّر "الرَّب" تغيير اسم أَبْرام وجعله إبراهيم، وتغيير اسم ساراي وجعله سارة؛ وقرَّر أنْ يجعل سارة تُنْجِب لإبراهيم ولداً، فانجبت له إسحاق، وقرَّر الرَّب أخيراً أنْ يقيم عهده مع إسحاق عهداً أبدياً لِنَسْلِه من بَعْدِه؛ فـ "الأرض الجديدة" أعطاها الرَّب (في عهده الأبدي) لإسحاق ولِنَسْلِه من بَعْدِه.
والآن، يُعامِلون كل ما أَتَيْنا على ذِكْرِه من "العهد القديم" على أنَّه "مُسلَّمة"، أو "حقيقة لا ريب فيها"، متَّخِذين من هذه النصوص التي يَعوزها الإثبات (العلمي والتاريخي) دليلاً على صِدْق وشرعية المزاعم الصهيونية؛ فأرض فلسطين (على الأقل) هي بـ "أمْرٍ إلهي" مُلْكٌ أبدي لأولئك الذين يزعمون أنَّهم من نَسْل إسحاق.
وإنِّي لأَزْعُم أنَّ أَبْرام (أو إبراهيم) الواقعي التاريخي، أيْ الذي عرفه الواقع والتاريخ إذا ما عرفاه، لم يَقْلْ شيئاً من كل هذا الذي أتينا على ذِكْرِه؛ فهذا المذكور (في "العهد القديم") من الأقوال إنَّما هو نصوص كُتِبَت عندما تهيَّأت فرصة تاريخية لبني إسرائيل القدماء لقيموا لهم مُلْكاً سياسياً في أرض فلسطين؛ ولقد كتبها زعماء لهم لِيُكْسِبوا سعيهم هذا "شرعيةً دينيةً" لدى أتباعهم.
وهذه "الشرعية الدينية (الأُسطورية)" إنَّما هي خير دليل على أنَّ أولئك الذين سعوا قديماً ليبتنوا لهم "دولةً" في أرض فلسطين كانوا مقتنعين تماماً بافتقارهم إلى "الحق القومي والتاريخي" في أنْ تكون لهم "دولة" في فلسطين؛ ولقد غرسوا خرافة "الوعد الرَّباني لأَبرام" في تربة الوعي الديني لجماعتهم حتى يسهل عليهم خَلْق الدافع أو الحافز القوي في نفوس أتباعهم؛ فهؤلاء كان ينبغي لهم أنْ يَفْهموا هذه الخرافة على أنَّها جزء لا يتجزَّأ من "إيمانهم الديني" القوي.
ومع ذلك، ظلَّت هذه الخرافة تنطوي على ما تنطوي عليه كل خرافة من عناصر واقعية؛ ومن هذه العناصر أنَّ فلسطين هي في الأصل (الواقعي والتاريخي) أرض الكنعانيين، وأنَّ نَسْل إسحاق (مع إسحاق وأبيه وأمه) كان لهم وطن آخر، وأنَّهم كانوا الغرباء في أرض فلسطين؛ فلْتتخيَّلوا معي أنَّ العِلْم (أو عِلْم التاريخ) قد أثبت اليوم، أو غداً، أنَّ كل قصة هذا "الوعد الرَّباني لأَبرام" كانت خرافة خالصة؛ فَمْن أيِّ مَصْدَرٍ سيستمد بنو إسرائيل الجدد (والذين لا صلة قربى بينهم وبين بني إسرائيل القدامى إلاَّ الدِّين) الشرعية لـ "وجودهم القومي (ولدولتهم)" في فلسطين؟!
هل يستمدونها من بلفور أم من قرار الأمم المتحدة الرقم 181 (أم من "رسالة الضمانات" التي سلَّمها بوش إلى شارون)؟!
هُمْ يعترفون حتى في أوهامهم وخرافاتهم وأَساطيرهم أنَّهم كانوا غرباء لدى عيشهم الأوَّل في أرض فلسطين (إذا ما كان لهم هذا العيش). وعليهم أنْ يعترفوا بأمرين اثنين: أنَّ "الحق القومي" للشعوب لا يُسْتَمَدُّ من السماء وإنَّما من التاريخ الواقعي؛ ومنه فحسب، وأنَّ الحقوق القومية للشعوب تزول بزوالها (ولقد زال وباد عِرْق بني إسرائيل منذ آلاف السنين (فما هي الصلة العرقية بين هذه الجماعة وبين آينشتاين وماركس.. مثلاً؟!).



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرَّقم 2.3 مليون!
- إمبريالية أفلاطونية!
- متى نتعلَّم ونُجيد -صناعة الأسئلة-؟!
- حتى يتصالح نظام الصوت الواحد مع الديمقراطية!
- من يتحدَّث باسم الشعب في الأردن؟!
- -سؤال الإصلاح- في الأردن الذي ما زال بلا جواب!
- جهاد -حزب الله- في سورية!
- المتباكون على -الربيع العربي-!
- معركة -كامب ديفيد- في سيناء!
- طهران إذْ غَيَّرت تقويمها للتهديد الذي تتعرَّض له!
- جامعات لوَأْدِ النِّساء!
- لِمَ الاعتراض على هذا الحل للأزمة السورية؟!
- البابا في شرحه الفلسفي ل -حرِّيَّة التعبير-!
- -وسطيون-.. -سلفيون-.. -جهاديون-.. -تكفيريون-..!
- -النووي الإيراني- يتمخَّض عن -هيروشيما سوريَّة-!
- جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القار ...
- كَمْ نحتاج إلى -التنظيم الذاتي المستقل-!
- هل تأتي على يَدَيِّ مرسي؟
- لله يا ناخبين!
- كاوتسكي حليفاً لبشَّار!


المزيد.....




- المرشد الأعلى الإيراني يعين مسئولين سابقين في مجلس الدفاع ال ...
- على خلفية رفض تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي.. الزعيم الروحي لل ...
- قوات الاحتلال تعتقل 12 مواطنا من محافظة سلفيت
- أسوأ يوم في تاريخ المسجد الأقصى!
- أسوأ يوم في تاريخ المسجد الأقصى!
- عالم دين سني يطالب الأمة بالإستشهاد بطريقة الامام الحسين (ع) ...
- خبيرة دولية: الحوار بين الأديان أصبح أداة لتلميع صورة الأنظم ...
- رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا: الجزيرة صوت ال ...
- الاحتلال يبعد مفتي القدس عن المسجد الأقصى لمدة 6 أشهر
- دمشق.. انطلاق مجالس سماع -موطأ الإمام مالك- بالجامع الأموي


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - الأُسطورة الجريمة!