أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد عبعوب - الربيع العربي يلد صنما














المزيد.....

الربيع العربي يلد صنما


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 3888 - 2012 / 10 / 22 - 17:13
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


باغتتنا مثل غالبية العالم انتفاضات الربيع العربي التي اشتعلت شرارتها الاولي في سيدي بوزيد بتونس وانطلقت تجتاح عروش الجمهوريات الملكية، اليمن ثم مصر ثم ليبيا فسوريا، ولازال الحبل على الجرار.. تفألنا بهذه الانتفاضات وصفقنا لها بحرارة وشاركنا فيها بقدر ما أتيح لنا كل في مجاله.. وكان تفكيرنا منصب على آفاق نجاح هذه الانتفاضات في اجتثاث تلك الديناصورات المهترئة التي أعمت ابصارنا وحجبت عنا الرؤيا وأعاقتنا عن التفكير بعقل سليم يستشرف المستقبل ويضع الرؤية الواقعية والممكنة التي ستنتجها هذه الانتفاضات التي خرجت من ركام متهالك لا يصلح لنمو اي كائن ولو طحلبي، فكان مولودها البكر صنم اسمه القبيلة التي تأبى الاندثار من وعينا رغم وجودنا في عالم تجاوز هذه الحالة منذ اكثر من خمسة قرون .

ازهر هذا الربيع في اربعة بلدان، ولكن بورود مشوهة، هي نتاج طبيعي لتربة ملوثة بكل أمراض العصر وتلك الموغلة في القدم.. فكك التونسيون وبإمكاناتهم الذاتية المتواضعة النظام العسكري الذي حكمهم لأكثر من عقدين، واستفادوا من بقايا مؤسسات دولة ومجتمع مدني -كان الراحل بورقيبة قد اسسها- في إعادة تفعيل مؤسسات الدولة وفرض سلطة القانون ولو بشكل جزئي في مدن الساحل التي كان لها نصيب الاسد في التنمية خلال حكم بورقيبة وبن على. وفي مناطق الجنوب والوسط الغربي الذي يتواجد دائما على أطراف مشاريع التنمية والذي انطلقت منه شرارة الثورة، لم يزهر هذا الربيع بل انتج اوضاعا مأساوية زادت من تدهور الاوضوع فيه، وبدات تظهر من جديد في تونس ظاهرة الإنكفاء الى الماضي والاحتماء بالقبيلة والجهة التي كادت تنتهي في هذا البلد الذي شهد فترة انفتاح وتنوير تتجاوز هذه الانتماءات.

في اليمن الذي بدأت الانتفاضة فيه في وقت مبكر، كان الربيع كاذبا منذ البدية، فبيئة اليمن بيئة قبيلة بامتياز، المرجعية في كل اركانه قبلية، نظام على عبدالله صالح عمل طيلة فترة حكمه على تجذير هذه المشاعر واستغلها لضمان بقائه في السلطة، ولم يفلح الشيوعيون الذين حكموا شطره الجنوبي لعقدين في زعزعة قبضة القبيلة، فرجعت هذه الأخيرة وبقوة لتحكم وتدير حياة اليمنيين بقوة . وكان ربيع اليمن ربيعا لحروب قبلية لا زال اليمنيون يدفعون حتى الساعة ثمنها من دمائهم وارواحهم ومواردهم الشحيحة.

في مصر كان الربيع بمستوى تربة دلتا النيل التي انهكها الاستنزاف والإدارة السيئة، فما نراه عبر الميديا والمؤسسات الثقافية في هذا البلد حسب تقديري لا يزيد عن كونه قشور لماعة تخفي داخلها واقعا سيئا يعيشه المجتمع المصري، ذلك الواقع المؤلم انتجه الافقار والاستنزاف الممنهج لهذا الشعب والبلد الذي مارسه تحالف الاستبداد وقوى الراسمالية العالمية على مصر منذ سقوط دولة محمد علي وحتى اليوم.. فكان ربيع مصر ربيعا بزهور ذابلة، فتربتها لا زالت تحتفظ بسموم القبيلة المتدثرة بعباءة سياسية ودينية، ولا زالت مصر في وعي الغالبية العظمى من عامة الناس غنيمة لكل حسب قوته وجهده، و لا يفكر هؤلاء في كيفية تنمية هذه "الغنيمة" وتطويرها لتكون مصدر رزق دائم لهم يكفيهم شرور العوز والغربة. وهكذا كانت زهور ربيع مصر مشوهة بأهواء وأطماع قوى متناحرة تأتي مصر في الرتيب الرابع او الخامس من تفكيرهم المرتهن لمصالح وشعارات لاتراعي مصالح مصر وشعبها.

في ليبيا رغم فائض الموارد الذي يكفي لسد احتياجات شعبها صغير العدد، ورغم بيئتها التي مقارنة بغيرها من دول الربيع العربي لا تحتوي على بواعث للفتنة، نجدها بعد أن استأصلت استبداد القذافي وبمساعدة دولية لها حساباتها، نجدها تنحدر وبسرعة صاروخية نحو الماضي، وتبعث في كل أرجائها روح القبلية النتنة، وينكفيء شعبها الى ظلام القبيلة، وبدل أن يندمج ويتحد لإعادة بناء الدولة التي حرمت منها ليبيا على مدى اربعة عقود من حكم القذافي، نجده ينقسم الى قبائل متقوقعة على نفسها تعمل ضد نواميس الحياة معتقدة انها يمكن ان تقيم دولة على مقاسها كقبيلة موتورة بأوهام القوة وغير مدركة لمنافع وإيجابيات التعدد الثقافي والقبلي..
تحول حلفاء الامس الى أعداء، وبسرعة مذهلة نسي هذا الشعب بلد اسمه ليبيا، واصبحت القبيلة هي المرجع الأول والوحيد لكل ليبي، وتخندق الليبيون ضد بعضهم وراء قبائلهم يستعيدون مآسي التاريخ وينفخون في نيران خلافات عفى عنها الزمن ويتغنون ببطولات وهمية تجاوزها الزمن واضعين مستقبلهم ومستقبل أبنائهم في مهب الريح .. وهكذا كان ربيع الانتفاضة في ليبيا هو الآخر كاذبا ، لازهور ولا خضرة فيه، بل ربيع للدماء والقتل والنهب الممنهج لموارد البلاد، رغم محاولات التجميل والتلميع التي نحاول إضفاءها على هذا الواقع المؤلم..

وهكذا وبعد هذا الحمل الموجع والقاسي لانتفاضات الربيع العربي المفاجئة للجميع يولد صنما اسمه القبيلة او الجهة وإن يكن في بعض البدان قد غلف باسماء مدنية ، ويبدو ان هذا الخلل سيطول ويتطلب إصلاحه معالجة نفسية طويلة الأمد يخضع خلالها المواطن الى عملية تشريح نفسي تستأصل كل الامراض النفسية التي ألحقتها به حقب الاستبداد والقهر التي عاشها وتلك التي ورثها عن أجداده ..



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسكين أيها الخروف!!!
- حان موعد الثورة الثانية.. ايها الليبيون هبوا..
- شرعنة انتقائية لتشكيلات خارج الشرعية
- نص.. قراءة في لوحة -بوهيمية- للرسام ويليام بوغيرو
- أين سلطة الدولة مما يجري في ليبيا؟
- اللحظات الأخير لرحيل طاغية..
- تسويغ الفساد ثقافة شعبية
- فزاعة فضائية بمواصفات قذافية..
- ذكرى الاولى لتحرير طرابلس.. فرح يخالطه الحزن
- حتى لا تدنس الثورة السورية..
- إمارة شمال مالي الإسلامية .. عواقب التفكيك ومخاطر التغول
- حرب كيميائية اسرائيلية ضد العرب الفلسطين
- ديمقراطية الدم في العراق
- في عرس الديمقراطية بُعث الامل وصمتت البنادق..
- لا للعسكرة.. نعم للتمدن..
- الخطوط المغربية.. واقع دون الطموح!!
- الأفريكوم تطرق الباب .. ما سر صمت حكومتنا؟!!
- (س ص) لماذا التخلي عن أمانته العامة؟
- ملتقى بني وليد القبلي.. إستنساخ لثقافة هدامة
- حق العودة .. الوجه الآخر


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد عبعوب - الربيع العربي يلد صنما