أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد عبعوب - ذكرى الاولى لتحرير طرابلس.. فرح يخالطه الحزن















المزيد.....

ذكرى الاولى لتحرير طرابلس.. فرح يخالطه الحزن


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 3814 - 2012 / 8 / 9 - 02:04
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تطل علينا اليوم الذكرى الأولى لتحرير مدينة طرابلس التي تصادف يوم 20 رمضان، من قبضة الطاغية معمر القذافي الذي طواه النسيان، ولم يترك في ذاكرتنا سوى ذكريات المآسي والألم الذي جرعه لنا طيلة فترة حكمه البغيض..

تطل هذه الذكرى العزيزة على النفوس وتبعث في فينا فرحة غامرة لكنها مضمخة بالألم والحزن.. فرحة بإزاحة كابوس جثم على قلوبنا لأكثر من 40 عاما، فرحة بتنفسنا نسائم الحرية التي صادرها منا هذا الطاغية وتحت شعارات رنانة جوفاء عن حرية وهمية ينتهي من يطالب بتجسيدها على ارض الواقع الى غياهب السجون، هذا إذا لم تزهق روحه في واحدة من أعراس الموت التي كان ينظمها شراذم القتلة من أعضاء اللجان الثورية لكل مطالب بالحرية كلما تعطش قائدهم للدم واللحم البشري.. فرحة باكتشافنا للوطن الذي اسمه ليبيا والذي غيبه الطاغية ونفاه من وعينا ليتموضع بدل عنه شخصه المقرف في وعي كل الليبيين ضحايا آلة التضليل الجبارة التي سلطها على عقولهم.. فرحة باستعادتنا لصوتنا الحر الذي ظل طيلة هذه الحقبة المظلمة حبيس صدورنا حتى تكاد تنفجر من هول ما تكتمه، وكان الانفجار العام لها يوم 17 فبراير من العام الفائت..

هذه الفرحة الغامرة يخالطها وفي لحظات متقطعة حزن ومرارة .. حزن على الذين غادرونا وهم يصنعون لنا فجر هذا اليوم بدمائهم وقدموا أرواحهم سخية لنعيش نحن هذا اليوم الذي طالما حلموا به مثلنا واختارهم الله ليخلودا في نعيم جنته الدائم ويغنيهم عن هشم الدنيا الزائل.. مرارة لا تطاق والم يعتصر النفوس لتبديدنا لهذه التضحيات وعبثنا المقصود وغير المقصود بدماء هؤلاء الشهداء والجرحى الذين قدموا تضحياتهم الجمة من أجل بناء ليبيا الجديدة، ليبيا دولة القانون والحريات والعدل والمساواة، ليبيا لكل الليبيين.. فإذا بنا نحولها إلى بؤر للصراعات القبلية والجهوية والاسرية وندفع بها حثيثا إلى مرحلة الصوملة والأفغنة، ولأسباب تافهة جدا لا تستحق حتى الوقوف عندها او التعاطي معها..

وأنا اتنقل بين حروف لوحة المفاتيح لأفضي لكم أصدقائي وقرائي الأعزاء بما يعتمل في نفسي في هذا اليوم العزيز على نفسي من مشاعر مختلطة، تفيض عيوني بالدموع وأنا أتذكر تلك الشهور الست من الثورة ونحن نواجه الموت في طرابلس ونترقب في كل لحظة كتائب الموت وفرق التصفية لتقتحم بيوتنا وتجهز علينا، بعد أن جاهرنا بالصوت العالي في شوارع طرابلس منذ مساء 20 فبراير بانحيازنا للثورة ورفضنا للبقاء في ظلام جماهيرية القذافي التعيسة ووثقنا هذا الرفض بمقالات على صفحات الفضاء الافتراضي وعلى حوائط شوارعنا..

تصيبني قشعريرة ورغبة في الثأر من شرذمة اللجان الثورية الذين أطلقوا علينا وابلا من الرصاص عندما خرجنا من مسجد النصر بعد صلاة العشاء ليلة 20 رمضان بمنطقة الدريبي ونحن نكبر انتصارا للثورة ، وأتذكر ذلك القاتل المأفون الذي كان يحاول قتلي وزميل آخر عندما احتمينا بباب أحد البيوت الملاصقة للمسجد، وعندما لم يتمكن من إصابتنا اقترب ليواجهنا مباشرة مشهرا رشاشه الكلاشنكوف في وجهنا ويأمرنا بالتوجه الى سيارة الاعتقال، ولأني كنت ادرك مصير من يعتقل قررت المغامر والفرار الى داخل المسجد، فما كان منه إلا أن رماني بخمس إطلاقات مزقت إحداها كف يدي الشمال وأخرى بنطلوني وثالثة حذائي الصيفي.. ولم يتمكن من اقتحام المسجد الذي كان البعض يقيم فيه صلاة التراويح، ما كتب الي النجاة تلك الليلة والعودة الى البيت بعد أن اعتقد أنني فارقت الحياة, حيث عدت الى البيت سالكا شوارع داخلية، ليتولى الجيران معالجة جرحي، لكن الرعب لم يفارقني تلك الليلة من قيام جيران لي مسلحين ومؤيدين للطاغية بالقبض علي وتسليمي الى كتائب الطاغية التي كانت تلك الليلة تمارس آخر فصول مسرحيات القتل الجماعي لكل من تحول حولهم شبهة الولاء للثورة بعد تأكد لديهم زوال ظلام سيدهم عن سماء ليبيا..

تسيح دموعي وأنا أتذكر في هذا اليوم تلك الجلسات والحوارات التي نعقدها في الشارع العام وفي مكاتب اصدقاء كان يجمعني بهم الانحياز والانتماء للثورة والرهان على نجاحها رغم ضوضاء وهذيان ابواق الطاغية وتهديد شراذمه التي كانت تقرأ الثورة في عيوننا لكنها لم تعرف كيفية القبض عليها ووأدها.. تلك الحوارات التي أسست لتوبة الكثيرين وإعادتهم الى الطريق الصحيح قبل فوات الأوان وأكدت لهم زيف دعاية القذافي وبطلان كل وعوده وخواء كل تهديداته..

يتدفق الدمع حارًا من عيني اليوم وأنا أتذكر تلك الليالي من القلق والرعب الذي أُداريه عن اسرتي وحتى اصدقائي خوفا على إبني البكر الذي اختار حمل السلاح والقتال كطريق للثورة على الطغيان، وغادرنا فجر أحد ايام شهر يونيو 2011 ليلتحق بالثوار في الجبل الغربي متسللا رفقة ابن عمتي، ولم نعرف عنه شيئا سوى في مرات نادرة، حتى قابلته بعد تحرير طرابلس ضمن مفرزة للثوار دخلت المدينة ليلة 20 رمضان الماضي، وكان ذلك عيد ميلاده الحقيقي بالنسبة لي.. كما لازلت أتذكر ساعات السهد الطويلة -خاصة بعد أن يهدأ ضجيج النهار- وأنا أطارد طيفه ، وأحاول أن ارسم صورة له في خيالي؛ أحيانا كمقاتل تبعث فيا نشوة النصر، وأخرى كشهيد تبعث فيا الحزن، وثالثة كمشرد في الفيافي تطارده كتائب الموت في وديان الجبل تفجر قلقا ورعبا يجتاحني ويدفعني لمغادرة فراشي والبدء في حوار مسموع مع نفسي لأبعد عنها هذه الهواجس.. كما لن أنسى تلك الإجابات المتهربة على اسئلة بعض الأقارب والأصدقاء عن ابني الذي لم يعد يشاهد بالحي، وما إذا كان قد التحق بالجبهة في الجبل، وهو ما كنت أخفيه خوفا عليه وخوفا على نفسي وبقية الاسرة من تسرب نبأ التحاقه بالثوار الى الأجهزة الأمنية التي أدرجتني على لائحة المطلوبين الممنوعين من مغادرة البلاد بسبب كتاباتي وموقفي المعلن من الثورة، والذي كانت تؤجل عقوبته الى حين فراغها من سحق الثورة، إذ عقوبة الثورة في ليبيا في ظل الطغيان كانت تشمل المخالف واقاربه الى الدرجة الرابعة فما بالك بمن يحمل السلاح ضد النظام او يكتب لكشف مفاسده ويدعوا للثورة ضده.

هذا يوم للفرح الذي يخالطه الحزن .. لكنه قطعا وبكل ذكرياته المريرة التي قد يغيب بعضها عني في هذه اللحظات، لن يكون إلا يوما للاحتفاء والبهجة باندحار الظلام وبزوغ النور رغم ما تبقى من غبش ظلام خلفه الطاغية في سمائنا التي سيعمها الضوء ونور الحرية، عندما نتخلص من أنانيتنا ورؤيتنا القاصرة للأمور ونتحلى بنكران الذات ونترجم انتماءنا لليبيا عمليا من خلال احترامنا لتضحيات شهدائنا وآدائنا لواجباتنا نحو الوطن بسخاء وكرم يحاكي كرم الشهداء .



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا تدنس الثورة السورية..
- إمارة شمال مالي الإسلامية .. عواقب التفكيك ومخاطر التغول
- حرب كيميائية اسرائيلية ضد العرب الفلسطين
- ديمقراطية الدم في العراق
- في عرس الديمقراطية بُعث الامل وصمتت البنادق..
- لا للعسكرة.. نعم للتمدن..
- الخطوط المغربية.. واقع دون الطموح!!
- الأفريكوم تطرق الباب .. ما سر صمت حكومتنا؟!!
- (س ص) لماذا التخلي عن أمانته العامة؟
- ملتقى بني وليد القبلي.. إستنساخ لثقافة هدامة
- حق العودة .. الوجه الآخر
- يائيل برتانا.. خطوة على الطريق الصحيح..
- الازمة الايرانية الخليجية طوق نجاة للطرفين
- عندما يُمسخ عيد العمال.
- مركز لحجز المُعنِّفين.. قبل دور المعنَّفات.
- برقة الهادئة هل يعكر صفوها السنوسيون؟
- الاسد او.. بحرق البلد!!!
- صور فيروزية (3) ها قد أقبل نيسان
- الحوار.. الحوار.. لدرء الأخطار
- استشر.. حتى لا تستجر..


المزيد.....




- بيسكوف: نرفض أي مفاوضات مشروطة لحل أزمة أوكرانيا
- في حرب غزة .. كلا الطرفين خاسر - التايمز
- ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم -كروكوس- الإرهابي إلى 144
- عالم فلك: مذنب قد تكون به براكين جليدية يتجه نحو الأرض بعد 7 ...
- خبراء البرلمان الألماني: -الناتو- لن يتدخل لحماية قوات فرنسا ...
- وكالة ناسا تعد خريطة تظهر مسار الكسوف الشمسي الكلي في 8 أبري ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 795 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 17 ...
- الأمن الروسي يصطحب الإرهابي فريد شمس الدين إلى شقة سكنها قبل ...
- بروفيسورة هولندية تنظم -وقفة صيام من أجل غزة-
- الخارجية السورية: تزامن العدوان الإسرائيلي وهجوم الإرهابيين ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد عبعوب - ذكرى الاولى لتحرير طرابلس.. فرح يخالطه الحزن