أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحمن خضير عباس - عفيفة اسكندر والموت الحزين














المزيد.....

عفيفة اسكندر والموت الحزين


رحمن خضير عباس

الحوار المتمدن-العدد: 3888 - 2012 / 10 / 22 - 09:16
المحور: الادب والفن
    


ماتت فنانة الشعب , عفيفة إسكندر. ماتت وكأن موتها يرمز لرثاء اللحظة التاريخية التي جعلتنا لانفرق بين احزاننا وافراحنا .حينما يغادرنا الوعي تتساوى الأشياء. وبموتها نسدل الستارة عن زمن جميل واريناه بحماقة , لنستقبل زمنا غريبا عنا , ولسنا متأكدين من هويته . لأنه ببساطة استهان بهويتنا العراقية . ومزقنا الى نتف مجهرية , منها المذهبية والعرقية والدينية . لم نلتحف بعراقنا الكبير . بل مزقناه وصرنا نلوذ برايات صغيرة صنعتها مخيلتنا المريضة , لنستبدلها بالراية الكبيرة لعراقنا البهي . ماتت عفيفة اسكندر بصمت دون ان ان نشعر بعذابات موتها , اهمالها, شيخوختها , انسانيتها المستباحة . الم نجعلها في هوة الفاقة , وهي التي لم تبخل علينا بالفرح ؟ ألم نبخل عليها بالرعاية وهي التي منحتنا الحب ؟ اي زمن عاق هذا الذي نعيشه ؟ فقد ماتت سيدة الغناء العراقي متدثرة بالفقروالحاجة والأهمال ! ونحن منشغلون عنها بأداء فرائض النفس الأمارة بالسوء . حيث الفساد يصل الى درجات قياسية في عراق يحكمه الأعداء من طبقيين ومذهبيين وحاملي حصص لا ينتمون اليها . لقد سرقوا عراقنا , فتبا لهم .
ولدت عفيفة الطفلة في سوريا عام 1921 من اب عراقي وام يونانية . وفي عمر الخمس سنوات استطاعت ان تغني وان تتقن المقامات معتمدة على موروث موسيقي هائل فكانت امها عازفة على اربع الات موسيقية .وقيل ان روح امها قد رافقتها في مسيرتها الفنية . الغريب ان رجلا عازفا وملحنا يكبرها اكثر من نيف واربعين عاما تزوجها وهي في سن الثانية عشر . وكان يدعى اسكندر فلذالك اكتسبت اسمه فنيا . فاصبحت تسمى عفيفة اسكندر . وقد بدأت مشوارها الفني في نوادي بغداد وملاهيها . في ذالك الوقت لم يكن للملاهي معنى سلبيا . وقد تبوأت النجومية في سماء بغداد , واصبحت اغانيها على كل لسان . ومن هذه الأغاني ( حركت الروح لمن فارقتهم ) و (بعيونك عتاب ) وكثير من الأغاني الرائعة التي شكلت الروح الحقيقية لبغداد .
لقد كانت عفيفة إسكندر فنانة العراقيين من طبقاتهم العليا الى الطبقات الشعبية . لقد كان الملك الراحل فيصل الأول يعشق اغانيها وكذالك نوري السعيد وعبد الكريم قاسم في العهد الجمهوري الأول . والغريب أنّ عبد السلام عارف كان يكرهها !
لقد كانت لميعة توفيق امتدادا طبيعيا للفن العراقي النسوي الذي تبنته الفنانة القديرة صديقة الملاية وبعد ذالك سليمة مراد . وقد استفادت الفنانة عفيفة من هذه المدارس الغنائية , الى أن إختطت لنفسها اسلوبها وطريقتها ومنهجيتها الغنائية . ولقد ملئت الساحة الغنائية لبغداد واشاعت الفرح في عصرها . ولكنها اعتزلت الغناء واعتكفت في بيتها . ومع مرور العراق باوقات عصيبة , اصبحت هذه الفنانة عبئا على نفسها تتوسل الشفقة . بعد ان زهدت بالدنيا وما فيها واصبحت رهينة سرير الشيخوخة لسنين عديدة . لم يساعدها سوى بعض المحسنين من اصدقائها ومحبيها .
ماتت عفيفة اسكندر الفنانة البهية والمثقفة وصاحبة الصالونات الأدبية والمعجبة والصديقة لعلماء العراق ومثقفيه امثال المرحومين علي الوردي ومصطفى جواد .
ماتت عفيفة اسكندر وهي تودع عذابات شيخوختها . ولكنها تركت لنا كعراقيين اجمل الذكريات , تركت لنا اعذب الأغاني واللمحات الفنية في افلامها واحلامها وصوتها الشجي . ماتت عفيفة الشابة العراقية الجميلة جمال النخل والنهر , ولكنها تركت لنا اغان عراقية لاتموت .



#رحمن_خضير_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبود الكرخي .. والنبوءات المرّة
- فنانون بلون الشمس
- اللامألوف في برنامج ( خارج عن المألوف )
- قصة قصيرة بعنوان ( اللوحة )
- اوراق من روزنامة كندية
- طعنات في جسد الديموقراطية
- بؤس الفنان المغربي .. حسن بوضياف مثالا
- النهر
- بين قاسم والمالكي
- ام عامر.. والمكرفون المفتوح
- ثورة تموز ..بين فداحة الفعل وشحة الحصاد
- نعيم الشطري..وديعا
- حول سحب الثقة
- وردة الجزائرية
- الغراف.. مدينة الظل
- الكًوامة
- الوطن .. بعيون مهاجرة
- شقة في المنعطف
- أخلاقيات المسرح
- القضاء العراقي.. وقضية الهاشمي


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحمن خضير عباس - عفيفة اسكندر والموت الحزين