أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - هذا ما فعلناه بأنفسنا














المزيد.....

هذا ما فعلناه بأنفسنا


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 3878 - 2012 / 10 / 12 - 18:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأزمة في العالم العربي ليست وليدة اليوم، وهي ليست نتاج فعل شيطاني طارىء حل علينا وأدخلنا في حالة الفوضى العارمة التي تجتاح بلداننا . فمقدمات هذه الأزمة ومظاهرها كانت جلية وواضحة ليس منذ سنوات، وإنما منذ عقود، ووجدنا تشخيصاً لها في برامج العديد من القوى السياسية والمجتمعية، وفي الدراسات النابهة للمختصين والأكاديميين، الذين حذروا من المستقبل الذي بات اليوم واقعاً نعيشه، صحيح إنه ما من سبب وحيد يتيم لما آل إليه الوضع، فهناك عوامل مختلفة، بينها قصورات قوى التغيير وعجزها البنيوي، وهناك التدخلات الخارجية والاقليمية التي تمليها مصالح الدول الأجنبية وحساباتها الأنانية، لكن السبب الجوهري كامن في الطريقة التي أديرت وتدار بها البلدان العربية .


منذ سنوات قدم عالم الاجتماع العربي المعروف حليم بركات مصفوفة صفات عن الإنسان العربي: فهو كائن عاجز، مسحوق، منفعل، مغلوب على أمره، مدجن، اعتمادي، هامشي، مسلوب من حقوقه . المناخات العامة لا تسمح للإنسان بممارسة حريته وتنمية طاقاته الإبداعية، لا تشجع على الاعتزاز بتراثه وكرامته وهويته، لا تشمخ به ولا تعتبره غاية، لا تعزز أصالته وصدقه، إنها على العكس من ذلك تعطل امكاناته وتذله، وتمنع عليه الريادة والاكتشاف وتزيف وتفقر حياته، في الصميم، وتمارس عليه العبودية والقهر، فأصبحت الخيارات نادرة أمام المواطن العربي، هذا إذا كانت موجودة أصلا، فليس أمامه إلا أن ينسحب ويعلن بصوت مرتفع نعيه الذاتي، أو أن يرضخ ويتمسك بالصبر ويمارس الرقابة الذاتية والمساومة على حياته والتنازل عن حقوقه .


مصفوفة الصفات هذه وجدت تعبيرها الأساسي، قبل التغيرات الدراماتيكية التي شهدناها ونشهدها، في انصراف الناس عن الشأن العام، والشأن السياسي خاصة، وإن كانت هذه سمة تطبع زمننا الراهن وتظهر بنسب مختلفة في المجتمعات كافة، بما فيها المجتمعات الغربية بالغة التطور، وذات التقاليد السياسية العريقة حيث يشكو الباحثون والناشطون في العمل السياسي من انحسار رقعة الاهتمامات والأنشطة السياسية عن الرأي العام، إلا أن مسببات هذه الظاهرة في المجتمعات الغربية مختلفة عن أسبابها في عالمنا العربي، فإذ تظهر الدولة هناك كفاءة ملحوظة في احتواء أو حجب التناقضات الاجتماعية الصارخة، وتضع قيوداً مشددة يضمنها القانون، على ظواهر الفساد أو التصرف غير المشروع بالمال العام، هذا إضافة الى الدور المهم الذي تقوم به وسائط »الميديا« في إشاعة جو عام من الاسترخاء والثقافة الاستهلاكية تعززها وفرة السلع وكثافة انتاجها وسهولة الحصول عليها، فإن الأمر في عالمنا العربي مختلف .


هذه اللامبالاة عندنا كانت ناجمة عن شعور عام بالاحباط واليأس والعجز عن فعل شيء يمكن أن يسهم في تغيير الأوضاع الى الأحسن، أمام سطوة بيروقراطية أجهزة الدولة واستشراء نفوذها واختراقها حتى للفضاءات الصغيرة الخاصة بكل مواطن بالطريقة التي تجعل هذا المواطن منتهكاً في أدق تفصيلات حياته، وتفقده بالتالي القدرة على المبادرة وعلى الاشتراك النشط في الحياة العامة التي تتطلب مقادير لا بد منها من الحرية ومن الشعور بالكرامة، وهما القيمتان اللتان دمرتا من روح ومن ذهن هذا المواطن العربي ليصبح عاجزاً ومشلولاً ومحبطاً وخائباً، وحين طفح الكيل بهذا المواطن، الذي جسده النموذج الصارخ للبائع التونسي محمد البوعزيزي، كان الانفجار الذي لم يكن بوسع أي قوة أن ترده . فجرى ما جرى .



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المهمة المستحيلة للإبراهيمي
- الديمقراطية الهشة
- على المحك الديمقراطي
- أفول السيادة أم تجديدها؟
- للعمال الأجانب حقوق
- رحمة بالعمال الآسيويين
- كلمة د.حسن مدن الأمين العام للمنبر التقدمي في افتتاح المؤتمر ...
- يا عقلاء البحرين اتحدوا
- أمريكا والمنطقة العربية
- مجلسنا النيابي والفساد
- هل نستبدل الإستبداد بآخر؟
- الحل في أفق المصالحة الوطنية
- التيار الديمقراطي مدعو لإجراء مراجعة نقدية.. وألاّ يدير ظهره ...
- يوم أُستشهد هاشم
- السِنة أيضاً يريدون الإصلاح
- سقوط الجمهوريات الوراثية
- سايكولوجيا السلطة
- ارفع رأسك يا أخي
- نحن أيضاً نتغير
- الظاهرة القذافية


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - هذا ما فعلناه بأنفسنا