أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - هل نستبدل الإستبداد بآخر؟















المزيد.....

هل نستبدل الإستبداد بآخر؟


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 3607 - 2012 / 1 / 14 - 11:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1

هناك خشية تتزايد في أوساط سياسية وفكرية في البلدان العربية من أن يؤدي سقوط الاستبداد في بعض البلدان العربية التي شملتها موجة التغييرات التي شهدناها في العام المنقضي إلى نشوء استبداد جديد تُمثله مخرجات الانتخابات التي جرت وستجري في هذه البلدان، وهي خشية لا يصح الاستخفاف بها لأسباب عدة.

من بين هذه الأسباب هشاشة التقاليد الديمقراطية في البلدان العربية عامةً، بما فيها تلك البلدان التي كانت أكثر قابلية وجاهزية للتغيير، بعد عقد طويلة من سطوة الاستبداد التي اقتلعت أي غرسه تكاد تنمو للديمقراطية، بل أن هذا الاستبداد نفسه، كما هو الحال في مصر، قام على وأد بواكير التحولات نحو الديمقراطية بين مطالع ومنتصف القرن العشرين، حين أدى حكم الضباط الأحرار إلى تصفية الحياة الحزبية في البلاد.

ومن هذه الأسباب غياب أو ضعف الحامل الاجتماعي والسياسي للديمقراطية، فالقوى التي حملتها وستحملها الانتخابات في البلدان العربية قادمة من منابت غير ديمقراطية، ولم يُعرف عنها، فيما سبق، انفتاحها على الأفكار الأخرى، بل أنها في بُنيتها الفكرية والسياسية تحمل ميولاً إقصائية واستحواذية، رأينا تجليات كثيرة لها.
لا بد هنا من استدراكين: الأول ينطلق من بعض المعطيات أو الإرهاصات التي يمكن القول أنها ما تزال جنينية عن توجهات بعض هذه القوى للتغلب على بُنيتها المُغلقة، والانفتاح على الممارسة الديمقراطية، من حيث هي في الجوهر قبول بالآخر، ولكن لأنها إرهاصات جنينية فلا بد من الانتظار لإختبار مدى جديتها وقابليتها للنمو والبقاء، وهذا يتطلب وقتاً قد يطول.

أما الاستدراك الثاني فيكمن في انه لا يجوز أن نوافق على استمرار الاستبداد القائم وتعطيل نمو الحياة السياسية بكسر حالة الجمود وتخثر الدماء في عروق النظام السياسي العربي بحجة الخوف من البديل المحتمل الذي قد لا يكون بالضرورة أفضل من القائم، وهذه فكرة سنتوقف عندها في حديثٍ لاحق.

الثقافة الديمقراطية في أي مجتمع لا تنفصل عن الممارسة الديمقراطية، وإذا كانت الأفكار تُمهد للتحولات، فان التحولات هي التي ترسخ الأفكار وتوطد دعائمها وتجعل منها نمطاً من الوعي والعيش، وبالتالي فإننا لا نتوقع أن تشيع الثقافة الديمقراطية في مجتمعٍ يهاب الممارسة الديمقراطية ويخشى ما ينجم عنها من مفاعيل.
أنظمة الاستبداد في الشرق، وعالمنا العربي جزء من هذا الشرق، روجت، وما تزال، أن شعوبنا غير جديرة بالديمقراطية، لأنها ليست ناضجة لها، فهي تتطلب وعياً وثقافة وتعليماً، ولكن هذه حجة العاجز أو الخائف من ولوج الممارسة الديمقراطية، لأنه يجد فيها تهديداً لمصالحه في الانفراد بالسلطة والثروة، فيما الديمقراطية تتطلب المشاركة والتقاسم في الأمرين.

الثقافة الديمقراطية تفترض الممارسة الديمقراطية، التي من خلالها نختبر قابليات الناس لأن يُحسنوا استخدام الديمقراطية، التي تتطور تدريجياً. والمجتمعات كافة، من خلال التدريب الديمقراطي، تتدرب على إدراك أهمية الديمقراطية وأهمية ما يقترن بها من مكتسبات، وأهمية أن تصبح هذه الديمقراطية ثقافة وتعليماً نتلقاهما في كل مفاصل الحياة، بما في ذلك في غرف البيوت وفي غرف الدراسة.


*******************

- 2


استوقفني تقرير لمنظمة العفو الدولية تنتقد فيه قيام رئيس وزراء تونس الجديد بتعيين رؤساء تحرير في التلفزيون الرسمي، معتبرة ذلك خطوة غير ديمقراطية في بلد بالكاد تخلص من نظام حكم استبدادي، ويُشرع في عملية التحول نحو الديمقراطية، أو هكذا يُفترض. لكن التقرير نفسه يُشير إلى أمر شديد الأهمية هو أن هذا الإجراء الذي وصفته المنظمة بأنه مؤشر خطير لانتهاك حرية التعبير في البلاد، قوبل باحتجاجات واسعة لمئات الصحفيين الذين تجمعوا أمام مكتب رئيس الوزراء للاحتجاج على هذه الخطوة مطالبين بالتراجع عنها.

ورفع الصحافيون شعارات تطالب الحكومة بعدم السعي لتركيع الإعلام ورفع يدها عنه، معتبرين أن هذه التعيينات تذكر بعهد الرئيس السابق بن علي الذي كان يمسك الإعلام بقبضة من حديد، فيما قالت جهات حقوقية، إنه في حال ظلَّ الإعلام صوتا للحكومة، فان تونس لن تخرج من المنظومة التي سادت فيها سابقاً.

هذا الخبر استوقفني لأمرين على الأقل، وأنا أفكر في مخاطر استبدال استبداد عربي بآخر في البلدان التي شهدت التغييرات في العام الماضي، وأول هذين الأمرين هو ما ذهبنا إليه في الحلقة الأولى حول هذا الموضوع من خشية أن يفكر من استووا إلى السلطة في نتيجة الانتخابات التي جرت في بعض هذه البلدان في إعادة إنتاج ذات الممارسات غير الديمقراطية للأنظمة التي أسقطتها الانتفاضات الشعبية، وليس الاستحواذ على وسائل الإعلام إلا أحد هذه الممارسات الفاقعة.

فأن يقوم رئيس حكومة يُمثل الإسلام السياسي بتعيين مسؤولين ومحررين من حزبه على رأس الإعلام، يعني الاستمرار في «أدلجة» الإعلام وتأميمه، وهو في هذا السلوك لا يختلف عن نهج نظام زين العابدين في الإمساك بمفاصل الدولة ووسائل تكوين الرأي العام، فيما المفروض أن الإعلام العمومي صوت للجميع وأن يتيح المجال لكل التيارات لا أن يكون صوتا للحكومة فقط.

أما الأمر الثاني في الأمر فهو احتجاج مئات الصحافيين على هذا الإجراء، وهذا لا يؤشر فقط إلى قوة المجتمع المدني في تونس فحسب، وإنما إلى مناخ الحرية الذي أتاحته التحولات التي جرت في البلاد، مما يوصلنا إلى بيت القصيد، وهو أن الممارسة الديمقراطية في مجتمعٍ حر غير مكبل قادرة على تصحيح أي تجاوز للديمقراطية، ومنع الراغبين في صنع أشكال هيمنة، جديدة في الشكل وقديمة في الجوهر، من التمادي في نهجهم.

وفي كل الأحوال فإن هذه معركة يجب أن تُخاض. فالديمقراطية لا تتأسس بالانتخابات وحدها، وإنما بتكوين الحوامل أو الرافعات الاجتماعية والسياسية لها، والتي لا مناص لها من أن تلتزم بشروط الحداثة والمدنية، وإلا فانها ستبُقينا في دائرة المراوحة في المكان نفسه، بل قد تحمل مخاطر الارتداد عن قيمٍ ومكتسبات حققتها الدولة القطرية العربية في المراحل السابقة، رغم كل التشوهات التي اعترت سلوك هذه الدولة.

وتعد تونس بالذات مختبراً لهذه الخيارات والتحديات لما لها من فضل الريادة في أمور كثيرة، ليس أولها الموقف من حقوق المرأة، وليس آخرها أنها البلد الذي منه انطلقت شرارة التغيير، ربما لأن منجزات الحداثة فيها أهلتها له قبل سواها.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحل في أفق المصالحة الوطنية
- التيار الديمقراطي مدعو لإجراء مراجعة نقدية.. وألاّ يدير ظهره ...
- يوم أُستشهد هاشم
- السِنة أيضاً يريدون الإصلاح
- سقوط الجمهوريات الوراثية
- سايكولوجيا السلطة
- ارفع رأسك يا أخي
- نحن أيضاً نتغير
- الظاهرة القذافية
- المخرج الوطني
- البحرين وطن بجناحين
- فرصة تاريخية مؤاتية
- تعبئة ال «فيسبوك» وما في حُكمه
- بين مانديلا والرؤساء العرب
- انتصر الشعب ولم يسقط النظام
- نبوءة أبي القاسم الشابي
- تفريغ العالم العربي من مسيحييه
- طفولة للموت
- السودان بدون جنوب
- نشرات الجمعيات السياسية


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - هل نستبدل الإستبداد بآخر؟