|
من يتحدَّث باسم الشعب في الأردن؟!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3874 - 2012 / 10 / 8 - 15:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الصراع، في عالَم السياسة، عِلْمٌ وفَنٌّ، له أصوله وقواعده، التي لم نتعلَّمها ونتمثَّلها بعد، بما يكفي لجَعْلنا أبناء حقيقيين وشرعيين لكل صراعٍ تَكْمُن للشعب مصلحة حقيقية واقعية في خوضه، والانتصار فيه؛ ولقد اتَّضَح هذا، وثَبْت، في معركة (أو لعبة) الأوزان (الشعبية) بين جماعة "الإخوان المسلمين" و"الدولة"، التي، في بعضٍ من مواقفها، كادت أنْ تخوض هذا الصراع (الذي تضاءل كثيراً وزن الواقعية والموضوعية فيه) كما تخوضه الأحزاب، أو كأنَّها خصم حزبي لتلك الجماعة، التي لا يمكنني أنْ أفهم ثقلها الشعبي والسياسي إذا ما زاد وعَظُم إلاَّ على أنَّه دليل على أنَّ مجتمعنا الأردني لم يَعْرِف بعد من قيم ومبادئ الحياة الديمقراطية، ومقوِّمات الدولة المدنية، إلاَّ ما يشبه الظِّلال منها. الصراع الذي لنا جميعاً مصلحة في خوضه، توصُّلاً إلى حياة ديمقراطية، تَرْجَح فيها كفَّة الحياة الحزبية المُفْعَمة حياة على كفَّة الحياة الحزبية التي تكاد أنْ تصلح تعريفاً للموت، مُسِخ وشُوِّه؛ وعُدْنا، موقفاً وخياراً ووعياً وشعوراً، إلى زمن "الأبيض والأسود" من الصُّوَر؛ فَمَن ليس مع "الجماعة" ينبغي له أنْ يكون مع خصمها في "الدولة"، ومن ليس مع هذا الخصم ينبغي له أنْ يكون مع الجماعة؛ وكفانا الله شرَّ "قوس قُزَح" بألوانه كافَّة! ومرَّة أخرى، أرى "المنطق"، في التفكير، وفي الصراع، يتداعى؛ فإذا قُلْتَ، عن صواب، إنَّ كلَّ موالٍ لخصم جماعة "الإخوان المسلمين" في "الدولة" يجب أنْ يكون مناوئاً لهذه "الجماعة"، فها هُمْ معارضِون من يساريين وقوميين وليبراليين يقولون، عن خطأ، إنَّ كل مناوئٍ لهذه "الجماعة" يجب أنْ يكون موالياً لخصمها في "الدولة"؛ فبئس "ثنائيةٍ"، تُلْزِمكَ أنْ تكون مع "الأبيض" أو مع "الأسود"؛ ولقد مُزِجَت "لعبة الأرقام" بشيءٍ من "لعبة الألوان"، فقال بعض المتطيِّرين من مَدِّ "الإسلام السياسي"، على المستوى الإقليمي، إنَّ تَرْك "اللون الأسود" يَسُود (وهذا اللون هو كناية عن "الإسلام السياسي") سيتمخَّض حتماً عن إصاببتنا بالعجز عن تمييز شيء من شيء، وكأنَّ سيادة "اللون الأبيض (أو أي لون آخر)" لا يتمخَّض عن النتيجة نفسها! إذا اتَّخَذْنا "الرَّقم (أي عدد المواطنين الذين حشدتهم "الجماعة" لإظهار وتأكيد قوَّتها)" مقياساً نقيس به القوَّة النسبية لكل طرف من أطراف الصراع فإنَّ الموضوعية في النَّظر إلى الأمور تُلْزِمنا أنْ نقول إنَّ "الجماعة" فَشِلَت؛ لأنَّ النتيجة الواقعية ذهبت بتوقُّعها؛ أمَّا "الدولة" نفسها، وبصفة كونها الخصم الأكبر لهذه "الجماعة"، فَلَمْ تنجح؛ واستكمالاً للموضوعية في النَّظر إلى الأمور، أقول إنَّ "القوى البَيْنِيَة" كافة، أيْ قوى المعارضة جميعاً والتي هي شكلاً ليس إلاَّ في منزلة بين هاتين المنزلتين، هي التي مُنِيَت بفشلٍ يفوق أضعافاً مضاعفة فشل "الإخوان المسلمين"، إلاَّ إذا تجرَّأت على الهزء بعقول الناس، وتصوير فشل "الجماعة" على أنَّه "نجاح" يُحْسَب لها! والمأساة أراها واضحة جلية إذا ما نظرنا إلى الأمر نفسه من وجهة نظر أخرى؛ فهل ينجح خصوم جماعة "الإخوان المسلمين"، أكانوا في "الدولة" أم في الأحزاب والقوى اليسارية والقومية والليبرالية، في أنْ يحشدوا من الناس أكثر مما حشدت "الجماعة"، إذا ما التزموا "السَّوي" من الأساليب والوسائل في الحشد؟! إنَّني لمتأكِّد تماماً أنْ لا طرف من أطراف الصراع يستطيع أنْ يَزْعُم، عن صدق، أنَّه يُمثِّل سياسياً (أو يحظى بثقة وتأييد) عشرات الآلاف (حتى لا أقول مئات الآلاف) من المواطنين؛ فالمجتمع، عندنا، وعلى الرُّغم من كل ما حظي به من "تنمية سياسية"، لم يَحْظَ بعد بممثِّلين سياسيين حقيقيين له، يتمتَّعون بأوزان شعبية كبيرة حقيقية؛ وكأنَّ مجتمعنا، ولجهة وزنه السياسي، هو "الأقلية السياسية" إذا ما قُورِن بأطراف الصراع التي تواظِب على تأدية الأدوار نفسها، على المسرح (المُحْتَرِق) نفسه! إنَّنا لا نحتاج إلى عباقرة وجهابذه في "الإصلاح الديمقراطي" للدستور؛ فيكفي أنْ ننسخ نسخاً ما تشتمل عليه الدساتير الديمقراطية العالمية من قِيَم ومبادئ ديمقراطية، ومن مقوِّمات وسمات وخصائص الدولة المدنية، وأنْ نُدْرِج هذا "المنسوخ" في دستورنا، وأنْ نَدْعو الشعب، من ثمَّ، إلى إقراره في "استفتاء شعبي"، حتى نشرع نسير في مسار الإصلاح السياسي والديمقراطي الحقيقي، وحتى نُلْزِم كل حزب، أو جماعة سياسية منظَّمة، أنْ يتصالح، فكراً وبرنامجاً ونشاطاً وممارسةً، مع هذا الدستور الجديد، بما يشتمل عليه من القيم والمبادئ الديمقراطية العالمية، وإلاَّ أفْقَد نفسه بنفسه شرعية الوجود. هذا هو "الإناء الدستوري" الذي ينبغي لنا صنعه أوَّلاً وسريعاً؛ وعلى الأحزاب جميعاً، من ثمَّ، وفي مقدَّمها أحزاب "الإسلام السياسي"، أنْ تغدو كالسائل يتَّخِذ شكل وهيئة الإناء الذي يُسْكَب فيه، أيْ شكل وهيئة هذا "الإناء الدستوري".
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-سؤال الإصلاح- في الأردن الذي ما زال بلا جواب!
-
جهاد -حزب الله- في سورية!
-
المتباكون على -الربيع العربي-!
-
معركة -كامب ديفيد- في سيناء!
-
طهران إذْ غَيَّرت تقويمها للتهديد الذي تتعرَّض له!
-
جامعات لوَأْدِ النِّساء!
-
لِمَ الاعتراض على هذا الحل للأزمة السورية؟!
-
البابا في شرحه الفلسفي ل -حرِّيَّة التعبير-!
-
-وسطيون-.. -سلفيون-.. -جهاديون-.. -تكفيريون-..!
-
-النووي الإيراني- يتمخَّض عن -هيروشيما سوريَّة-!
-
جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القار
...
-
كَمْ نحتاج إلى -التنظيم الذاتي المستقل-!
-
هل تأتي على يَدَيِّ مرسي؟
-
لله يا ناخبين!
-
كاوتسكي حليفاً لبشَّار!
-
البنك الدولي يقرع ناقوس الخطر!
-
مرسي مُتَرْجَماً بالفارسية!
-
رِحْلَة نظريَّة في أعماق المادة!
-
في -السقوط-!
-
موت -اللغة- في جرائدنا اليومية!
المزيد.....
-
واشنطن تعلن عن جائزة 50 مليون دولار مقابل معلومات للقبض على
...
-
هل الموعد النهائي لفرض العقوبات على روسيا لا يزال قائما؟.. ت
...
-
مستوطنون يهاجمون قرية برام الله وسموتريتش يتعهد بإعادة المست
...
-
4 أخطاء قاتلة أفشلت ثورة السودان
-
كاميرا CNN تلتقط صورًا جوية للدمار الهائل في قطاع غزة
-
الإمارات: تسجيل هزة أرضية بقوة 3.5 درجة -دون أي تأثير-
-
سون إلى أميركا والريال يحتفظ بنجمه
-
تشييع جثمان الشهيد عودة الهذالين بالضفة
-
هل ترغب في المشي أسرع وأبعد؟ 4 تمارين عليك ممارستها
-
مقررة أممية تطالب بكسر الحصار عن غزة وفرض عقوبات على إسرائيل
...
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|