أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - غرفةحسين الحسيني














المزيد.....

غرفةحسين الحسيني


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1123 - 2005 / 2 / 28 - 09:29
المحور: الادب والفن
    


إلى عبد الستار ناصر ..
يأتي الموت عندما لا نريده ويبتعد عنا عندما نتمناه وتلك واحدة من مفارقات خليقة الهاجس التي تتعدى رغباتنا للحصول على شيء وتجعلنا نغوص في التمني بين ارتداء معطف جلجامش وبين التخلص من هذا الوجع الذي تصنعه الدكتاتوريات والحب والفقر والأحتلالات .ورغم هذا فالموت وردة القادمة التي علينا أن نشمها ونحن نرتجف من الخوف لأنه سيذهب بنا كما خطوات الجند في ساحة العرض إلى ذلك البيت المحفور بمعول قاس حيث سنمدد بطريقة عدمية وبزاوية يكون فيها وعينا باتجاه القبلة التي سيأتي من جهتها ملاكي الحساب وهم يعلكان من لبان الجنة ويورقان السجل الضخم المدون فيها حتى تأشيرات الميت التي حصل عليها وهو يتنقل بين بلدان النفي ..
مات الشاعر حسين الحسيني وفق قواعد وضوابط التصور أعلاه ، مات وماتت معه عينيه الغائرتين كبئر وهما تطلقان طرافة الشعر والصحبة والرغبة بأن يظل هكذا معلقا في عزوبيته وفنجان القهوة وتلك الغرفة الصغيرة في مبنى وزارة الأعلام التي لم تعد وزارة . احترقت مع صحافها بشربة سيجاره ..
حفل شعر الحسيني بتدوينات الموسيقى ولكنه لم ينل من ضوء النقد وسعة الانتشار ما يوازي شاعريته وتدفق خياله وثقافة الشعر لديه ، غير انه بين أوساط من يقدرون وعي روحه وشعره أمتلك صفة أن يكون عرابا كما كنت أشاهد في علاقته مع القاص عبد الستار ناصر .
ولأني من أدباء المحافظات فلا أعرف من روح الحسيني سوى مجاملات المرابد والمنتديات وكان يستقبلنا بعبارة .
وكان من لا يعرفه يستنكر تلك الطرافة المفاجأة فيضطر عبد الستار ناصر أو حسين حسن لتدارك الأمر وجعله جزء من بروتوكولات الحملة الانتخابية لمرشحي المجلس المركزي للاتحاد.
انتبهت إلى هذه الشخصية وسعيت إلى فهم عالمها يوم طلبت من صديقي عبد الستار ناصر قصة لمجلة كنت رئيس تحريها تدعى أيام كان المثقف العراقي ينتظر في طابور طويل ولأشهر كي يحصل على فرصة النشر في ثقافيات صحف البلاد الأربع وكان عبد الستار من أشد المعجبين بالمجلة عندما أهديته عددها الثاني وقد كتب عن هذا الإعجاب حينها في صحيفة العرب العالمية . وتقديرا للمجلة أعطاني قصة للنشر لم ينشرها وأخبرني أن هذه القصة يخاف نشرها في الأقلام لأنها توجع . قلت:هاتها فأنا أتحمل الوجع ، وكانت القصة موسومة بعنوان < غرفة الحسيني > .
ويوم نشرت القصة في العدد الرابع من المجلة أحدثت جرأتها وفنيتها صداعا في ذاكرة السلطة فهي تتحدث عن غرفة الشاعر حسين الحسيني والتي تشغل مساحة مترين بمترين في زاوية ما بمبنى وزارة الأعلام حيث تعود أن يقيم حفلاته النهارية بأسطرة الضحك والنكتة وتأويل الشعر بعذوبة تمسك العدم من قميصه حيث يدرك الحسيني بفطرة عجيبة أن عمره سيطول ربما ألف عام . وحقا كما توقع لقد مات بعد ألف عام .
تحدثت قصة غرفة الحسيني عن جور المؤسسات المسيسة ورغبتها في عدم جعل الحب يجلس هادئا في مكان واحد وعن شفافية وطيبة ورقة وشعبية صاحب هذا النزل الذي يشع بطقوس يومية لا يحيد عنها وكان ذلك المربع المركون في نقطة ما في بناية هائلة منتجعا جميلا لكل من تريد أن ترى بختها في فناجين قهوة الحسيني المرة . لكن الوزارة تصر على إخلاء الغرفة ورمي شاعرها بعيدا إلى المقاهي أو إلى غرفة يشارك فيها عشر موظفين أو أكثر وبذلك فهم يقتلون الفطرة الطبيعية كما يقتل الصيادون باندا الصين المخططة ..
ظلت قصة عبد الستار ناصر معلقة في ذاكرتي كلما صادفت الحسيني وشاهدت . وآخر أيام زمنه الألف ركن إلى مسؤولية صفحة ثقافية وبين الحين والحين تصلني منه وريقات إعجاب بتدويناتي التي أرسلها احتراما لروحه التي تسيطر على تلك الصفحة وتجعلها تملى ذاكرتي برائحة القهوة البرازيلية التي كانت تعطر تلك النقطة المضيئة في مبنى الوزارة المرمي الآن في زاوية من زوايا الصالحية كأي ورقة عتيقة ..
مات حسين الحسيني وماتت روح الشعر الطيبة . غير أن تلك المحسوسات الأنيقة في قصائده تظل ترسم شجن المودة والدمعة حين يمسحنا الاستذكار بخرقته كي يزيل غبار ألألم الذي يحدثه موت الشعراء ..
أولئك الذين يقول عنهم جاك بريفر أنهم مثل عجينة الخبز لا تستوي إلا مع النار الملتهبة بشدة ..

أور السومرية 27 شباط 2005



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوردة الأيرلندية
- الليلة على وسادة واحدة ..المسيح والحلاج وسارتر
- جورج حبش يسأل
- العصافير تنشد في الأهوار لثقافة الحب والرب
- رسالة أنتريت الى نابليون وبابليون وكيس النايلون
- رسالة انترنيت الى البابا
- امريكا ورؤى سبتمبر
- نهار في دهوك
- العودة الى حاج عمران
- رسالة انترنيت الى ارشاد منجي
- رسالة انترنيت الى رفيق الحريري
- نبؤة المقال وأيام الحرب على العراق
- ماذا ترك لنا زمن السنيور برايم…………ر…؟
- ذاكرة المكان .. بين المشهد والشاهد تمثال لينين أنموذجاً
- أتحاد الشعب وأتحاد القلب
- ماركس أيها الطيب ..مالذي يحدث بالضبط


المزيد.....




- ظهور جاستن ببير مع ابنه وزوجته في كليب أغنية Yukon من ألبومه ...
- تونس: مدينة حلق الوادي تستقبل الدورة الرابعة لمهرجان -نسمات ...
- عشرات الفنانين والإعلاميين يطالبون ميرتس بوقف توريد الأسلحة ...
- حكايات ملهمة -بالعربي- ترسم ملامح مستقبل مستدام
- مسرحية -لا سمح الله- بين قيد التعليمية وشرط الفنية
- أصالة والعودة المرتقبة لسوريا.. هذا ما كشفته نقابة الفنانين ...
- الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ضربة موجعة جديدة لقطاع الإعلام ا ...
- نقل الفنان المصري محمد صبحي إلى المستشفى بعد وعكة صحية طارئة ...
- تضارب الروايات حول استهداف معسكر للحشد في التاجي.. هجوم مُسي ...
- ديالا الوادي.. مقتل الفنانة العراقية السورية في جريمة بشعة ه ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - غرفةحسين الحسيني