أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نعيم عبد مهلهل - امريكا ورؤى سبتمبر















المزيد.....

امريكا ورؤى سبتمبر


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1116 - 2005 / 2 / 21 - 10:48
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


مرة قال الشاعر النازي عزرا باوند[أمريكا هي بندقية موجهة على شاخص غير مرئي ] ولأن باوند المتمكن من سبك القصيدة ، كان غاضبا على خرائط روزفلت ونواظير أيزنهاور ،راح يرى أمريكا . كما يراها عدوها .وقد دفع ثمن عدم تقدير الأمور أتجاه ميل حسب أنه أنحراف أخلاقي وليس حضاري من رجل كان له الفضل أن يكون الصانع الأمهر ويعدل في بناء واحدة من أشهر قصائد القرن العشرين وهي قصيدة[الأرض الخراب ]لتوماس ستينزر أليوت.وكان ذلك في رأي بعض المثقفين أن باوند لم يعرف ذاكرة البلد الذي سيصبح بعد حين سيد العالم بدون منازع.ولو كان باوند حي الآن لرأى خطأ عبارته أعلاه ،فأمريكا توجه بندقيتها صوب شاخص مرئي،أي أنها تعرف الى أين تذهب ،وفي أختيارها للسيد ميخائيل غورباتشوف الرئيس السوفيتي السابق مثالا على ذلك عندما بدأ بأزالة تماثيل جده الروحي لينين من ساحات موسكو الرئسية حالما أعلنت أحدى مجلات الموضة الأمريكية أنها أختارته ليكون أكثر روساء العالم أناقة ،وكان معه في المنافسة الرئيس العراقي السابق صدام حسين لكن الأكمام الطويلة لبدلات صدام قللت من نقاط المفاضلة .ففاز الدب الروسي .وكان هذا اللقب الصابونة التي تزحلق تحتها غورباتشوف ، ومعه تزحلقت دولة عظيمة تدعى[الأتحاد السوفيتي] . ورغم هذا بدت أمريكا أن هذا الأمر لايعنيها وأنه شأن داخلي يهم الروس أنفسهم ،وهدفها الحقيقي هو أطفاء جمرة سيكار الرئيس الكوبي فيدل كاسترو . وقد تستطيع أن تفعل ذلك بأقل من دقيقة،لكنها أخذت بنصيحة رئيسها الذي أغتيل برصاص مسدس قريب الرئيس[جون كيندي] والقائلة:ينبغي أن يكون لك جار شيوعي ضعيف تتسلى بتصريحاته..رغم أن كاسترو لم يكن مسليا أذ أثبت لأمريكا أنه[عظمة في الحلق] ورغم هذا أدارت أمريكا له قفاها وأمتنعت حتى عن أعطاؤه بدل أيجار عن أشغال معسكر غوانتينامو الذي تحتجز فيه مقاتلي القاعدة والطلبان الذين ألتقطتهم من كهوف تورو بورو بعد أن أفرغت هذه الكهوف من الهواء بقنابل متطورة . أذن أمريكا تشتغل بعقل مفتوح مثل هوة كونية لاتقف عند حدود الأهتمام بدولة صغيرة مثل كوبا مساحتها بقدر مساحة حقل التجارب النووية في صحراء نيفادا .أنها تطبق ما قاله لونكلن قبل مئات الأعوام [نفكر بالذهاب الى ماوراء المحيط ] لكن هذا الذهاب لم يتحقق إلا بعد عقود ،ليكون القرن العشرين ،قرنا أمريكيا صرفا ولتبدأ رؤى الروح الأمريكية تستخدم تعويذة الهنود الحمر [طحن الجماجم ] وتقديمها مادة غذائية للشعوب التي تود مغازلة ثرواتها . ويمكن فهم التفكير الأمريكي من خلال المادة الثقافية لمحاضرات أساتذة هارفرد لا من خلال تصريحات ساستها .لأن الفكرة الأمريكية هي وليدة النشوء الجديد للروح الحضارية المنفتحة على حداثة التكوين لذاكرة الأنسان الجديد ، وأطروحة صاموئيل همنجتون صاحب الكتاب الشهير [ صدام الحضارات ] والقائلة[ أن الفردوس الأمريكي وأن أرتدى البدلة المرقطة ،فهو أجمل فردوس ] ومع هيمنجتون سعى أباطرة الوعي التوراتي الجديد على عقد محالفة الود بين الفكرة الأنجيلية والفكرة المختارة .وكان ذلك يتطلب شجاعة فائقة لتقول أمريكا :أن رهانها هو أن تكون [ أورشليم العالم الجديد] . وأن أنعكاسات التأثر الحضاري لأي أمة مهما أوغلت في القدم ،أنما هو أستلاب تضعه في الواجهات الزجاجية لمتحف المترو بولس.لأن الرؤى الجديدة تم أستنباطها من خلال عدة خيارات وقبل أن يعلن لينين دولة البلاشفة وضحت الصورة وعرف مثقفو أمريكا وأساتذة جامعاتها ،ماذا يفعلون بعد مائة عام . وحدث الذي حدث .فكان على العالم أن يأكل الطعم .ليس خداعا من أمريكا .بل أن تراث بعض الأمم وبقصدية عجيبة من الولاة وكتبة الدواوين ظل يراوح في مكانه ،مما دفع بأهل الدار للذهاب بعيدا خارج المحمية ،حيث نقل التلفاز المكتشف حديثا،صورة لجمهرة من مواطني تكساس يرمون رئيس جمهوريتهم بالبيض الفاسد.ورغم أن أمريكا خرجت من حرب الأستقلال ضد أنكلترا وحربها الداخلية بين الشمال والجنوب ، إلا أنها أظهرت للعالم تماسكا في كيانها القومي وبدت وكأنها حضارة موغلة في القدم من خلال ذكاء أولئك الذين راهنوا على قدرة مزاوجة أنجيلية الفكرة بعقل التوراة . وكانوا ينحتون بصبر في صخر الأزمنة ليصنعوا واحدة من أحدث حضارات القرن العشرين ، مستفدين من أحترام وأيواء ما كان الجهر به مصيره في الشرق السجون والمشانق . حد الذي جعل الكاتب المصري مصطفى أمين يقول وهو يتشفى بالجلطة القلبية التى داهمت الرئيس عبد الناصر في المطار وهو يودع أمير الكويت في مؤتمر القمة العربي العقود في القاهرة ومات على أثرها { أن عبد الناصر لو كان يفكر مثلما يفكر الرئيس الأمريكي جونسون،لجعل من مدينة القاهرة أجمل من باريس ألف مرة} ولاأدري لماذا أختار أمين باريس مثالا ولم يختر نيويورك مثلا.لذلك أظهرت بنود الحرية للرئيس ولسن شيئا من هذا التفكير المقصود بعد أن رفع العالم قبعة الأحترام لأدباء كبار مثل جون ريد وفوكنر ومارغريت ميتشل صاحبة رواية ذهب مع الريح التي حولت الى واحد من أجمل الأفلام السينمائية . ورغم هذا لم تكن هذه البلاد تمتلك عصورا ذهبية كما في بريطانيا وفرنسا وألمانيا .لأنها تعيش في القريب ولكنها مثلت مؤى للكثيرين من اللذين سأموا حتى ديمقراطيات بلادهم حتى صار الشك أن أمريكا تشتري مبدعي العالم بأي ثمن ولذلك تشرفت بمنح جنسيتها لأثنين من حملت جائزة نوبل في الشعر ،الأنكليزي توماس أستنزر أليوت ، والفرنسي سان جون بيرس . وتعبير فرجينا وولف الرومانسي عن الشوق الأمريكي يكاد يكون أصدق تعبير عندما قالت{ وددت أن أكون أمريكية لأخلع ثيابي على ضفاف البحيرة بحريتي } . وفي أجتماع يالطا في الحرب الكونية الثانية رد تشرشل على مجاملات الزائدة للرئيس ترومان : أنك أيها الرئيس تفكر بمنحني الجنسية الأمريكية ؟ رد عليه ترومان:ونحن ساعون الى ذلك بجدية.
أذن أمريكا هي أمريكا بعد وقبل سبتمبر ،أن المتغير الكوني الذي أحدثه التفجير ساعد في تفعيل النظرية الأمريكية وديمومتها بل وطورها الى خدمة ما كانت الولايات المتحدة تتمنى أن يكون.وكأنها جعلت من الضحايا الثلاثة آلاف قربانا لترسيخ فكرة المهيمن التي تريد أمريكا تسويقها للعالم وفق منظور تحدده طبيعة ذات فهم مغلق ، أي أنك لا تعرف مصدرها .فالقرار الأمريكي ليس قرارا برلمانيا رغم وجود مجلس الشيوخ والكونجرس ،أنما هناك من هو قابع خلف الكواليس ويؤشر بيديه مثلما فعل راسبوتين مع القيصر . وأذا كان راسبوتين قد نال عقابه لأنه متهور ويتحرك بثمالته وداعارته بين غرف قصور الكرملين إلا أن راسبوتين الأمريكي غير منظور ولكنك تحسه موجودا . ولو تتبعت أفلام هوليود التي تتحدث سيناريوهاتها عن مشكلة ما في البيت الأبيض لأنتبهت الى هذا الراسبوتين ووجدته يرتدي عدة أقنعة فمن مستشار الرئيس الى رئيس طهاة الرئيس.
أذن أمريكا بفهمها الغامض والذي تعممه بالطريقة التي تختارها على أي مكان في العالم ،تريد أن تجعل الهيمنة فعلا مستحدثا نضجت حلاوته في فرن الشكولاته وصار على الجميع تذوقها:لذيذة كانت أم رديئة .المهم أنها تسوق وتصبح مقبولة .والأعتراضات التي يبديها الساسة أو المثقفون أو السلفيون لاتوقف رغبة أمريكا لأنها تعلمت من بريطانيا التي تهيكل وجودها بأصابع أمريكية تعلمت مبدأ :لاتلدغ الآفعى في حجرها مرتين .
هذا الغموض هو من يجعل حمى التسابق لكسب الكرسي الرئاسي مشتعلة حتى آخر لحظة . وحين تعجز مايكروسوفت عن حساب الأصوات . يلجأ الى الطريقة البدائية [ العد اليدوي ] كما في الأنتخابات قبل الأخيرة . ولأنها عاشت في هكذا شكل حضاري ينزح الى خلق الصخب والسيناريوهات الغامضة ونتيجة اللحظة الأخيرة ، يعيش الأمريكي بهاجسه المتقلب ويحاول أن يقترب من فكرة السوبرمانية التي خلقها الظرف الحضاري الذي لاحساب له في أقدار الأمبراطوريات سوى أنه وليد الضعف الأممي الذي أصاب دول الأرض الأخرى بعد الحرب الكونية الثانية . ولأن الأمريكان نجحوا في نقطة مهمة من أجل حصر التقنية الجيدة التي ولدت في ذاكرة آينشتاين عندما أستقطبوا وسرقوا جميع العقول الفيزياوية في العالم ووظفوها في صناعة القنبلة الذرية التي حسمت الحرب بعد مأساتي هيروشيما ونيكازاكي . ومنذ تلك اللحظة مشت أمريكا على خارطة العالم بجزمة من حديد . وأخذت تفكر بطريقتها الخاصة في خدمة اللوبي الذي يتحكم في سير عجلة الحياة ويحدد أستراتيجيات الأمة ويكتب خطابات الرئيس ويصنع الساسة والمستشارين .
أن أمريكا اليوم . هي عقل الأرض الهائل . شئنا أم أبينا ، ولكن الرضوخ أليه لايمنح أي وطن أو أمة شرفاً وجودياً لأنها حين تمنح تأخذ في المقابل لهذا ولد الرفض وولد التطرف وولدت المقاومة . ومهما يكن الرئيس القادم وبوش هو الأقرب لأنه يلعب جيداً بورقة أمن الولايات المتحدة ، تظل أمريكا تفكر كما رأى هيمنغتون : الأسباب تخلق المسبب وتبرر خطوتنا في الذهاب الى أي مكان نريده . وهذا وعي شمولي مقاد بفكرة صارمة تتعرض الى كثير من الأشكاليات والرفض وربما أحداث منهاتن منها . ولكن كلا الطرفين بدا أنهما يحترمان فكرة الصراع بينهما . وأن حربهما المعلنة لاتمتلك ساحة واحدة . فيوم في قندهار وآخر في بغداد ، في كوناكري ، أسطنبول ، عدن ، الخبر ، نيويورك .. طور سيناء ، أي مكان في العالم هي حرب سجال . أتكأت عليها امريكا لتذهب أينما تريد وكأنها أةىلا خذت في الحسبان فكرة [ نعوم جوميسكي ] : ذاكرتنا تحب المشاكسة كي تكشف علاقتها بالآخر ولتتصرف في ضوء ذلك . نلك المشاكسة التي استخدمت مع العراق وليبيا وأثمرت . ازيح عن بغداد ورقة التوت وسقطت مغشية عليها . والرئيس القذافي سلم كل مخزونه من اسلحة الدمار الشامل . وعوض كل ضحايا النفجارات التي اتهمت بها ليبيا حتى تلك التي لاعلاقة لها فيها .
تلك هي ذاكرة أمريكا . وهي تقف على أبواب أنتخابات رئاسية جديدة . ذاكرة مفتوحة الى مالانهاية . قدرية عجيبة . لاينفذ صبرها . ولاترتدع من قصف بيت بكل أطفالها لشعورها ان ثمة ظل لأرهابي فيه . موجودا ام غير موجود .. وفي الحالتين يقول الرئيس بوش من على أحدى حاملات الطائرات : هي حرب تتنوع . ولو بمقدورنا ان نختار الوقت والمكان لفعلناها الآن ولكنهم ارادوها على طول الأرض وعرضها وقد قبلناها .
هذا القبول الذي كلف الكثير من الأوطان انتهاكات لساساتها وأيضا سقوط أصنامها الحاكمة . يقف اليوم على منصة خطابات البرنامج الأنتخابي لرجلين كيري وبوش . من يأتي لايهم ،
فخارطة العالم لن تتغير . الذي سيتغير فقط ربطة العنق التي يلبسها الرئيس الجديد في حفل التنصيب .

أور السومرية 20 فبراير 2005 ..



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهار في دهوك
- العودة الى حاج عمران
- رسالة انترنيت الى ارشاد منجي
- رسالة انترنيت الى رفيق الحريري
- نبؤة المقال وأيام الحرب على العراق
- ماذا ترك لنا زمن السنيور برايم…………ر…؟
- ذاكرة المكان .. بين المشهد والشاهد تمثال لينين أنموذجاً
- أتحاد الشعب وأتحاد القلب
- ماركس أيها الطيب ..مالذي يحدث بالضبط


المزيد.....




- سبعة أشياء -سيفعلها- ترامب كرئيس
- ألمانيا: شولتز يطيح بوزير المالية وسط أزمة تهدد استقرار الائ ...
- إعلام إسرائيلي: آمال بصفقة أسرى قبل تسلم ترامب السلطة
- إطلاق النار على فلسطيني بزعم تنفيذ عملية دهس قرب القدس
- تحذير أممي: المدنيون الفلسطينيون يموتون جوعا أمام أعين العال ...
- الجيش الصيني يحذر جنوده من -المواعدة والقمار- افتراضيا
- الرئيس بايدن يلقي خطابا للأمة الخميس
- بكين: نحترم خيار الشعب الأميركي ونهنئ ترامب
- مصدر لـCNN: أوروبا لم تفاجأ بفوز ترامب.. ولم تعد -الأخت الصغ ...
- بايدن: رأينا اليوم كامالا هاريس التي أعرفها وتعجبني بشدة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نعيم عبد مهلهل - امريكا ورؤى سبتمبر