بنغازي تصحح مسار الثورة

عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 3859 - 2012 / 9 / 23 - 17:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الثائر الحقيقي الذي نعتز به، هو الذي خرج ليناضل ضد من سلبه كرامته، وسرق حريته، وسلبه إنسانيته، وهو يعرف حدود الله فلا يتعداها.

الكل يعرف،الصديق قبل العدو والبعيد قبل القريب، والقاصي والداني ، كيف أن ليبيا صارت مرتعا للمليشيات المسلحة و التنظيمات العسكرية الموازية التي تنهى وتأمر . شاهدنا كيف هدمت مساجد وزوايا وانتهكت مقابر وديست حرمات وقتل أبرياء،وكيف أصبح صبية مسلحون يهينون كبرياء الليبيين تارة باسم الثورة وتارة باسم الإسلام.
صبر الشعب الليبي على كل ذلك بانتظار أن يتخذ المجلس الانتقالي والمكتب التنفيذي ومن ثم الحكومة موقفا ، فلم ير شيئا،بل وجد أن هذه المؤسسات المناط بها اتخاذ الموقف تستعين بهم ، لحمايتها وتستجيب لما يأمرون به،حتى تحولوا تدريجيا الى مليشيات من المرتزقة والبلطجية!!! يفجرون ويغتالون ويسرحون ويمرحون في محاولة لفرض تفكيرهم الظلامي على شعب بكامله وهم القلة المرفوضة من عامة الناس الذين لا حول لهم ولا قوة!
وجاء المؤتمر الوطني ففرح الناس بقدومه على أمل أن يضع حدا لتصرفات وأفعال هذه المليشيات، لكن لم يرى الشعب شيئا ملموسا ولم يتأكد له وجود رغبة أو أرادة صادقة لإنهاء هذه المظاهر المسلحة التي باتت تثير الرعب وسط الناس. وكانت حادصة الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير،.. نفد صبر اهل بنغازي، وقرروا أن يضعوا بأنفسهم نهاية لتصرفات هؤلاء الجهلة المغرر بهم من شيوخ وهابيين، لا احد يعرفهم، حتى في الحي أو الشارع الذين يسكنون فيه!!!.

هكذا جاءت الدعوة لإنقاذ المدينة فخرجت في مسيرة سلمية يدعمها الرجال المخلصون الشرفاء من جيشنا الوطني وشرطتنا الوطنية، التي تم تهميشها وتقليص رجالها ومحاربيها، لصالح كتائب ومليشيات مدعومة بالمال الخليجي!!
وعلى هتافات "دم الشهداء ما يمشيش هباء"،انتفض الآلاف من سكان بنغازي يوم الجمعة على الميليشيات المسلحة وتمكنوا من إخراج المجموعة المتطرفة الرئيسية من الثكنة التي كانت تحتلها في وسط بنغازي. ثم توجهوا الى مقر كتيبة "راف الله السحاتي" وهي مجموعة إسلامية، اطلق جماعتها النار على المتظاهرين، فقتلت اربعة من خيرة شباب بنغازي، قبل ان تنسحب من المكان!!
ثم هاجم المتظاهرون، كتيبة 17 فبراير ،ذات التوجه الإسلامي، واستولواا عليها.
كل ذلك وسط ترحيب وقبول شعبي، من الناس الذين سئموا رؤية أشخاص يرتدون الزى الأفغاني،يوقفونهم في الشارع للتحقق من هوياتهم ويعطونهم الأوامر!!
بعد كل هذا يا ترى ماذا كان رد فعل من نسميهم بالمسأولين وهم للأسف غير مسئولين إلا عن أنفسهم!!
رئيس الأركان، المنقوش قال: يجب ان يرجعوا الى بيوتهم، وهي عبارة ذكرتني بعبارة الساعدي القذافي عندما حضر لبنغازي بعد الانتفاضة، " امشوا ارقدوا وبكرة انتفاهموا!!" ( العبيط.. أفتكر انه مازال فيها بكرة!!).
مصدر من كتيبة راف الله السحاتي، قال: هؤلاء الشباب من مدمني المخدرات ومتعاطي الخمور، وهي نفس العبارة التي استخدمها من قبل الطاغية القذافي!!!( أين هو القذافي الآن)!!.
وزير الداخلية فوزي عبد العالي قال: هناك أشخاص اندسوا بين المتظاهرين، وبعضهم كما قال ينتمون الى أجهزة الامن ويريدون إشاعة الفوضى والتمرد".

أما رد فعل مجلسنا الوطني الموقر، على هذه الهبة الشعبية؟ وهو المؤتمر الذي كان عليه أن يقف في صف الشعب،باعتباره يمثلهم!! .حذر من انتشار حالة من "الفوضى". وكآن البلد كانت قبل ذلك هانئة آمنة، ودعا المتظاهرين الى التمييز بين الكتائب "غير الشرعية" وتلك الخاضعة لسلطة الدولة. وعلى افتراض أنها كتائب شرعية، فلماذا لا تلتزم بلبس زى الجيش الليبي وتحمل شارته؟ولماذا لم تسلم أسلحتها وعتادها الثقيل، ليكون تحت إشراف الجيش الوطني الليبي؟

إذا لم يقدم الذي أعطى الأوامر بإطلاق النار على المحتجين وقتل الشباب الاربعه وعشرات الجرحى الذين سقطوا ويصدر قرار من اعلى سلطة في ليبيا،بإنهاء خدمة رئيس الأركان، وحل الكتائب والمليشيات،و دمجهم كأفراد في الجيش الليبي و ليس كمليشيات.

إذا تأخرت الحكومة القادمة أو أخطأت في الأولويات وتطهير مؤسسات الدولة من القتلة والمجرمين واللصوص وعودة سيادة الدولة، دولة العدالة وسيادة القانون ..

فذلك يهني الإصرار على السير في الطريق المسدود ، وإضاعة للوقت، وتمديدا للأزمة. أي إدخال البلاد في النفق المظلم الذي لا مخرج منه
حفظ الله ليبيا من كل شر.

#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل