أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد السلام الزغيبي - 17 فبراير ثورة أم أنتفاضة؟















المزيد.....

17 فبراير ثورة أم أنتفاضة؟


عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 3693 - 2012 / 4 / 9 - 00:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما نشرت مقالتي الذكرى الأولى لانتفاضة 17 فبراير لامني بعض الأصدقاء لأني لم أطلق وصف ثورة على ما حدث في ذلك اليوم من أيام فبراير 2011، قلت له أنها انتفاضة شعبية ولم تتحول إلى ثورة بعد،باعتبار أن ذلك الحدث الذي وقع في ليبيا، لم يكن ثورة لمجرد أنها أسقطت نظاما سياسيا ديكتاتوريا قمع شعبه لأربعة عقود متواصلة. فالتعريف الدقيق لما تعنيه الثورة، حسب كتب العلوم السياسية، هي انقلاب على النظام السياسي القائم باستخدام العنف، والقضاء على النخبة السياسية الحاكمة والمتحكمة، واستبدالها بنخب «ثورية» جديدة، فيمكن لنا – مع بعض التجاوز- أن نطلق على الانتفاضة الشعبية التي تمت في ليبيا أنها ثورة.

غير أننا لو تفحصنا الموضوع بشكل اقل عاطفية،ً لأدركنا أن التعريف السابق للثورة قاصر قصوراً شديداً، لأنه يركز فقط على البعد السياسي المتعلق بالقضاء على النظام القديم ولم يتطرق إلى جوهر أي ثورة حقيقية وهو أن تكون لها أهداف، تعمل على تغيير الواقع الثقافي والاجتماعي والسياسي.

وتشكل بداية جديدة لمجتمع يسعى ظل مشروع حضاري متكامل يعمل على الانتقال من نظام الاستبداد إلى النظام الديمقراطي، باعتباره النظام السياسي الأمثل الذي يحقق الحرية للمواطنين في إطار دولة القانون، ويسمح بالتعددية الحزبية، وينظم المجتمع الاجتماعي، بحيث يكون أسلوباً للحياة في مختلف المجالات.

والسؤال هنا لصديقي الغاضب.. هل بدأت انتفاضة 17 فبراير 2011 في ليبيا في الشروع في تأسيس نظام ديمقراطي حقيقي؟، أم أن هناك عقبات تقف حجر عثرة في سبيل تحقيق هذا الهدف الذي يحول أي انتفاضة لتصبح ثورة؟ وهي تحديات أمنية واجتماعية واقتصادية وثقافية.. هنا سنحاول الإجابة عن بعض هذه التساؤلات.

إذا درسنا الحالة الليبية بعناية نرى أن حالة غياب الأمن والاستقرار مازالت تخيم على ليبيا بعد مرور أشهر على الإطاحة بحكم الديكتاتور القذافي وعائلته!، حالة من عدم الاستقرار المقترن بغياب الأمن والأمان،في ظل صراعات بين المليشيات المسلحة والقبائل في ظل وجود حكومة ولدت ضعيفة، وهو ما يغلف الحياة هناك بحالة من الغموض وعدم اليقين.

ليبيا ما زالت غارقة في البداوة القبلية والجهوية، والمجلس الانتقالي المنوط به إعداد البلاد للانتقال لمرحلة جديدة، ضعيف أمنيا واقتصاديا واجتماعيا، مما زاد من مخاوف الانقسامات، وزاد المستقبل غموضا، خاصة مع انتشار الميليشيات المسلحة وسيطرتها على معظم المنافذ البرية والبحرية والجوية للدولة، وبطء عملية الإصلاح والتنمية والتغيير. مما يدخل البلاد في مرحلة الخوف في الدخول إلى المجهول..

ليس خافيا على احد أن هناك أجندات وأصابع وأيادي خفية، وتوجهات داخلية وخارجية، وأنا لست من مؤيدي نظرية المؤامرة الخارجية، التي نرمي عليها كل تقصيرنا وإهمالنا.

قد يقول قائل أن ما تشهده البلاد الآن من مستجدات يعد جزءاً لا يتجزأ من انطلاقها ومضيها قدماً إلى الأمام نحو آفاق مستقبلية أكثر حرية وأفضل حالاً بعد توديعها صفحة الماضي التي كانت تتسم بالدكتاتورية ، أوأنه من المحال تغيير نمط الحياة في شهور قليلة أو حتى بضع سنوات. وان ما يحدث هو مخاض طبيعي للانتقال إلى مرحلة جديدة.

وقد يقول رأي آأخر، أن البلاد في مرحلة انتقالية، والمرحلة الانتقالية فيها الكثير من الديمقراطية التي كانت ممنوعة عبر أكثر من أربعة عقود، والناس من حقها أن تعبر عن أفكارها. لكن لا أحد يملك أن يتحدث باسم الناس، فإذا كان هناك صوت مختلف، فيجب أن نستمع لكل الأصوات، ثم يتم نقاش وطني ثم توافق وطني،على كل الخيارات المطروحة.

إن أهداف أي ثورة قد تأخذ عشر سنوات وأكثر لتحقق أهدافها بنظام ديمقراطي، فالتحول سيكون تدريجيا. لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو إذ كان بإمكان ليبيا بهذه المعطيات، أن تصبح دولة ديمقراطية؟ للإجابة على هذا السؤال، يجب علينا أولا التعرف على الطبيعة السياسية للمجتمع الليبي، ولا بد هنا من الرجوع إلى بدايات تكوين الدولة الليبية... إذ بدأت ليبيا بعد الاستقلال، تتحول نحو إقامة دولة... ولكن على الرغم من ذلك فقد فشل النظام الملكي في ليبيا في إقامة نظام ديمقراطي سليم، على الرغم من أن إدريس السنوسي، تولي الحكم بعد مبايعته ملكا على ليبيا من قبل جميع أعضاء الجمعية الوطنية التأسيسية (جمعية الستين) التي مثلت سكان الأقاليم الثلاث (برقة وطرابلس وفزان)، والتي تشكلت منها المملكة الليبية المتحدة،وبنظرة على الأحوال في ليبيا خلال حقبة العهد الملكي، والتي امتدت قرابة ثمانية عشر عاما. الشواهد كلها تؤكد، أنه على الرغم من الظروف القاسية الصعبة التي ورثها النظام الملكي من فترة ما قبل الاستقلال (معدلات الأمية العالية، وتردي الأوضاع الصحية، وضعف الموارد الطبيعية)، فإن ليبيا ، استطاعت خلال وقت قياسي أن تحقق الكثير والكثير من التغيير والتقدم عن طريق خلق ثقافة مدنية وإقامة مؤسسات المجتمع المدني من اتحادات ونقابات وجمعيات وهيئات أهلية شاركت في الشؤون العامة، كما أرست بدايات ثقافة سياسية تقوم على الحقوق والواجبات وتنص على الالتزام بالصالح العام. لكن الانتكاسة بدأت ربما بعد حظر تأسيس الأحزاب، رغم إن حظر الأحزاب خلال العهد الملكي تم بقرار إداري فقط، وبقي تكوين الجمعيات السلمية مكفولا بموجب المادة (26) من الدستور الليبي. إلى جانب أن النظام الملكي كان يومها في أسوأ حالاته الأمنية والسياسية إلى جانب ازدياد الفساد المالي واستشرائه، لدرجة أن الملك أصدر بيانه الشهير "بلغ السيل الزبى" موجهاً خطابه لرئيس الحكومة والوزراء وولاة الأقاليم، مندداً بقبول المسؤولين للرشاوى واستغلالهم لسلطاتهم ونفوذهم.

زد على ذلك تصاعد المد القومي وتغلغل الدعاية الناصرية المغرضة في صفوف ونفوس الليبيين كان هذا النظام يعاني من أسوء حالات الضعف والتخبط والحيرة والضياع ! كما أن كل القوى المحلية – الطامعة في السلطة – ومنها تنظيمات صغيرة في داخل الجيش – كانت تعلم وتشعر بهذه الحقيقة مما زاد في نشاطها وسباقها المحموم للوصول قبل الآخرين لمبنى الإذاعة للإعلان عن الإستيلاء على السلطة!.

كل المؤشرات وكل التحليلات كانت تشير إلى هذا المصير ومع ذلك فلم يتخذ النظام الملكي أي إجراءات صارمة وحاسمة وجادة لحماية نفسه.

عندها بدأ الكثيرون يحسون بأن النظام القائم قد لا يكون مناسبا لمستقبل ليبيا ، ويحتاج الى اصلاحات تتوافق مع مستجدات الاوضاع.. لكن القوى الوطنية الليبية لم تعمل بما فيه الكفاية من اجل اصلاح هذا النظام، ربما لفقر تجربتها، ثم ما كان من وقوع انقلاب العسكر الذى قاد البلاد الى الهاوية في كافة المجالات، ولم يكن لها القدرة ولا الرغبة في تحقيق امال الشعب ليصبح نظاما قمعيا لا تستفيد منه إلا قلة من المقربين واولاد القائد!!،ولم يعمل على تأسيس ثقافة مدنية سياسية كان ينشدها الناس، وهو الذي بقى في الحكم لأكثر من أربعين سنة، وتهيأت له من الإمكانيات المادية والبشرية أضعاف أضعاف ما كان في متناول النظام الملكي؟.

وذلك ما حرك الجماهير من أجل القيام بالانتفاضة الشعبية التي أطاحت نظام حكم القذافي، ويبقى السؤال قائما وهو هل نهاية حكم القذافي تعني بداية دخول ليبيا للنادي الديمقراطي، في عهد جديد، وهل ستصبح ليبيا بعد ذلك دولة ديموقراطية؟

وحتى لو افترضنا ان الانتخابات في ليبيا قامت غدا.. وانتهت بفوز تيارات اسلامية، فسوف تستغل خلو الساحة الليبية في هذه المرحلة من أي منافسة،علمانية، يسارية.

وفي ظل غياب نظام سياسي مقنع للناس، فمن الطبيعي أن يكون المجال مفتوحا أمام الأحزاب ذات التوجه الاسلامي ، التي تستفيد من آلية الانتخابات من أجل تحقيق فوزها الكاسح ولكنها قد تجد صعوبة في قبول مفاهيم التعددية السياسية التي قد لا تتوافق مع توجهاتها الأيديولوجية،وهذا ما يقوض العملية الديمقراطية برمتها.

ومعنى ذلك أن مشروع تأسيس نظام ديموقراطي في ليبيا عقب الانتفاضة الثورية في 17فبراير قد فشل فشلاً ذريعاً، لأن هيمنة جماعة معينة - حتى ولو كان ذلك في انتخابات نزيهة - النظام السياسي الليبي، وبذلك تكون قد قضت على طابع الثورة لما حدث في 17 فبراير، ما يجعلنا نقرر أنها بذلك كانت مجرد انتفاضة جماهيرية فشلت في أن تتحول إلى ثورة حقيقية، لأنها لم تحقق اهدافها السياسية، والتي جوهرها هو تطبيق الديموقراطية تطبيقاً حقيقياً لا إقصاء فيه لأي فصيل سياسي.

وبصفة عامة نجد أن المشكلة القائمة في ليبيا في الوقت الحاضر تنحصر في حقيقة أن المنافسة السياسية تتجه نحو السيطرة على السلطة أكثر من كونها تتجه إلى إقامة نظام الدولة، وهو نظام في منتهى الصعوبة في هذه المرحلة من التطور السياسي في ليبيا،هذه المرحلة في تحقيق هذا الهدف وبالتالي فإن أقصى ما يحققه المواطنون من نجاحات سياسية سوف ينحصر في مدى اقتراب البعض من السلطة والحصول على الامتيازات التي تحقق النجاح للبعض.

وحين نصل أخيراً إلى التجانس الاجتماعي والتي يعني تذويب الاثنيات المختلفة (عرب وبربر) والقبائل المتناحرة لتشكيل نسيج اجتماعي جديد يقوم على التجانس وفق رؤى عصرية للحياة لا تقبل التمييز بين المواطنين، فإننا سنجد أن الوضع في ليبيا ما زال غارقا في البداوة القبلية والجهوية.

ويبدو أن تأسيس مجتمع متجانس يعلو على القبلية والجهوية مسألة تحوطها الشكوك، نظراً لتجذر البنى الاجتماعية التقليدية، ومقاومة أنصارها لأي انفتاح ديموقراطي، فمعنى ذلك أننا إزاء انتفاضة شعبية لم تتحول بعد إلى ثورة حقيقية!!.



#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليبيا.. انقلاب عسكري أم حرب أهلية؟
- الشعب الليبي سيقول كلمته في النهاية..
- الفدرالية .. ومستقبل ليبيا
- الذكرى الاولى لانتفاضة الربيع الليبي
- المرأة التي أشعلت فتيل الثورة
- من حفر الحفرة يا سعادة المستشار؟
- أليس فيكم من رجل رشيد ؟!
- ليبيا تتجه نحو التقسيم، انتبهوا قبل فوات الأوان!!
- حزب ميدان الشجرة..!!
- تحكيم العقل أو الفوضى ..
- من يحكم ليبيا الان؟
- الحوار المتمدن ... شكرا
- الربيع العربي أم الربيع الإسلامي؟
- سبع ساعات من الرعب داخل ثكنة كتيبة الفضيل
- نهاية كذبة الاصلاح . . نهاية المستبد الصغير
- هتافات وتعبيرات رافقت ثورة 17 فبراير
- ليبيا لا تبنى إلا بالحب . . أولويات المرحلة المقبلة في ليبيا
- بنغازيات ... منارة خريبيش
- من أجل قيام دولة المؤسسات في ليبيا ،سيدي المستشار عبد الجليل ...
- بنغازي... العودة الى النبع الاول


المزيد.....




- نتنياهو لعائلات رهائن: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم.. وسندخل ...
- مصر.. الحكومة تعتمد أضخم مشروع موازنة للسنة المالية المقبلة. ...
- تأكيد جزائري.. قرار مجلس الأمن بوقف إسرائيل للنار بغزة ملزم ...
- شاهد: ميقاتي يخلط بين نظيرته الإيطالية ومساعدة لها.. نزلت من ...
- روسيا تعثر على أدلة تورّط -قوميين أوكرانيين- في هجوم موسكو و ...
- روسيا: منفذو هجوم موسكو كانت لهم -صلات مع القوميين الأوكراني ...
- ترحيب روسي بعرض مستشار ألمانيا الأسبق لحل تفاوضي في أوكرانيا ...
- نيبينزيا ينتقد عسكرة شبه الجزيرة الكورية بمشاركة مباشرة من و ...
- لليوم السادس .. الناس يتوافدون إلى كروكوس للصلاة على أرواح ض ...
- الجيش الاسرائيلي يتخذ من شابين فلسطينيين -دروعا بشرية- قرب إ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد السلام الزغيبي - 17 فبراير ثورة أم أنتفاضة؟