دوامة الوعي

محمد عبد القادر الفار
كاتب في الفضاء والمعنى
(Mohammad Abdel Qader Alfar)

الحوار المتمدن-العدد: 3849 - 2012 / 9 / 13 - 17:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

يبدأ إنسان بالتعرض لحالات "جامي فو" بشكل متكرر لم يعرفه من قبل، فيشعر أن ما يفترض به أن يكون مألوفا جدا يبدو غريبا على نحو مقشعر، ويتسلل إليه إحساس بالاغتراب عن كل شيء يعرفه...

وفجأة يشعر بثقل شديد في رأسه وبحالة انسحاب مفاجئة وسريعة تجتاح كيانه، وتتدفق إلى وعيه وقلبه مشاعر غريبة بالعودة إلى مكان ما، ويشعر وكأن هناك ما يسحبه ويرفعه إلى سطح بحر عميق لم يكن يدرك أنه جاثم في قعره ويقذف به إلى بر كان فيه من قبل، وها هو يعود إليه

وببطء ودهشة ودفء يفتح عينيه (اللتين كان يظنهما مفتوحتين) لأول مرة منذ أمد طويل، ويجد نفسه يفقد الكثير من تعقيده ونضوجه وتتلاشى تجاربه ومعلوماته وينسى ذكرياته شيئا فشيئا ليتذكر فجأة من هو، فهو طفل لا يتجاوز الخامسة كان قد غفا في سريره الصغير لساعات، وعلق في حلم جلي تباطأ به كثيرا حتى تحول إلى حقيقة دامت عشرين سنة كبر خلالها وأصبح شابا وخاض الكثير

وحين يبدأ باستعادة براءة الطفل يبدأ بفقدان ذكريات الحلم (الذي كان قبل قليل هو كل ما هنالك) بسرعة هائلة، ويعود ذهنه تماما إلى النقطة التي كان قد غفا عندها، ويعود إلى التعلق بتفاصيل ما كان يتعلق به قبل نومه ونسي تماما كل تلك الأشياء التي كان يتعلق بها في أواخر الحلم (وطوال الحلم) فقد نسي الحلم نفسه

ومنذ تلك العودة، ورغم تلاشي ذكريات الحلم والعودة بصلابة إلى الواقع الذي كان قبله، أصبحت تأتيه -من حين إلى حين- حالات "ديجا فو" غريبة، الشعور بأن شيئا ما قد حدث من قبل، بل أصبح أحيانا يستشعر الخير قبل حدوثه ويستشعر الشر قبل حدوثه، ولكنه عادة ما يعود إلى اطمئنانه إلى الرتابة حين تخيب توقعاته الأخرى، ويطمئن إلى محدوديته واعتياديته

وفجأة يشعر بثقل شديد في رأسه وبحالة انسحاب مفاجئة تجتاح كيانه ...

#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)       Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل