أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - اللاحكمية














المزيد.....

اللاحكمية


محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)


الحوار المتمدن-العدد: 3378 - 2011 / 5 / 27 - 20:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اللاحكمية أو non-judgmentalism هو توجه فلسفي-اجتماعي-أخلاقي يحاول تجنب إصدار الأحكام على الأشخاص والأحداث والأفكار والمشاعر والمواقف اي باختصار كل ما يجري تقييمه ووزنه والحكم عليه و"وسمه" على مدار الساعة من قبل أغلب الناس سواء كان ذلك فعلا معلنا كتصريح برأي أو فعلا داخليا لا يتجاوز التفكير

وقد تترادف اللاحكمية هنا مع مصطلحات أخرى على بعض المستويات، فعلى مستوى نظرية المعرفة قد نعتبر أن اللاأدرية agnosticism هي موقف لاحكمي ابستمولوجي، وعلى المستوى السياسي والاجتماعي قد نعتبر جوهر الفكرة الليبرالية "دون دلالاتها واشتقاقاتها الأخرى" جوهرا لا حكميا من جهة موقفة من الحريات العامة وتقبل الآخر على اختلافه. الأفكار اللاسلطوية والأناركية (بدلالاتها الفلسفية والاجتماعية لا السياسية فقط) تحمل كذلك جانبا من اللاحكمية برفضها للسلطة باعتبارها تصدر الأحكام وتنتج الحقيقة وتحاول تشكيل الوعي وخلق الثوابت. كذلك يمكن اعتبار المواقف الحيادية إزاء الأحداث السياسية شكلا من اللاحكمية، وهذا المثال الأخير يكشف الجانب الحساس من التوجه اللاحكمي كتوجه أخلاقي قد يفسر على أنه شكل من الميوعة الفكرية واللامبالاة ونفي اي شكل للقيم الإنسانية حيث أن تساوي كل الأحداث والمواقف من ناحية السياسة مثلا قد يرى كحالة غثائية حين يساوي بين المعتدي والمعتدى عليه في حالة ما ولا يقيم الخطأ من الصواب

ذلك الجانب المتعلق بالقيم سواء كانت "قيما مطلقة مسقطة إسقاطا مثاليا من الايديولوجيا" أو "قيما مشتقة من الواقع الإنساني بترابطه وتفاعلاته المتشابكة" هو جانب يحتاج إلى وقفات كثيرة للتمييز بين اللاحكمية واللامبالاة، فاللاحكمية بالتأكيد تنفي الأشكال المطلقة للحقيقة وتتعارض مع الأديولوجيا، ولكن فهم الحقيقة وراء الموقف اللاحكمي من العالم قد يكون بداية الخيط الذي يميز جوهر اللاحكمية عن مجرد الحياد المتبلد (وإن كانت اللاحكمية تتعارض مع الانفعال وبالتالي تحمل نوعا من البلادة الحميدة)..

رغم أن اللاحكمية الآن "خاصة بشكلها الاجتماعي" هي سمة للمجتمعات المتقدمة إلا أن لها جذرا روحيا عميقا في الأساس، فهي قد ظهرت في الروحانيات الشرق اسيوية القديمة كحالة ذهنية تتيح للوعي أن يكتمل ويستوعب الكنه الحقيقي اللاحكمي للكون والذات، وبالتالي فهي حالة من التطهر الروحي من الكارما تترتبط بممارسات مثل التأمل والسعي للتيقظ وبالتالي هي ضمن هذا الفهم الهدف الأسمى والحالة الكاملة التي يحاول الإنسان الوصول إليها، والتي تتيح دخول المعجزات إلى حياته، لأن الأفق الواسع ضمن ذلك الفهم الروحاني هو وحده الذي يمكنه استقبال المعجزات والتغييرات الجذرية transformations التي تنهض بالإنسان إلى قامته الحقيقية

ولكن اللاحكمية كانت مرحلة مؤقتة ضرورية بالنسبة لبعض الفلاسفة والمفكرين الذين رأوا أن على الإنسان أن يتجرد من جميع الثوابت والأحكام المسبقة عند محاولته الوصول إلى الحقيقة، وهذا يتضمن نوعا من اللاحكمية، ولكن هذه اللاحكمية قد تتلاشى حين يصيح الباحث عن الحقيقة صيحة يوريكية تحاول إثبات شكل من الأشكال المطلقة للقيم أو الحقائق..

لإدارك جوهر اللاحكمية "كجوهر مجرد بسيط" بعيدا عن التفسيرات المعقدة والفروض الزائدة يمكن أن نفكر بمدى قرب أو بعد مفاهيم معينة من جوهر الموقف اللاحكمي للاقتراب من فهم اللاحكمية

اللاحكمية هي في حالة تنافر كبيرة مع مفاهيم مثل المقدس والمحرم والمنتهك والمشرف والحقير والقديس والبطل والدنيء

اللاحكمية أقرب لمطالب مثل رفض الإعدام وتقبل المثليين واللاعنف وحرية التعبير، وهي أقرب لتخفيف الأحكام عندما يتعلق الأمر بالقانون لأنها تسائل فكرة الجريمة والعقاب والفعل ونتيجته

اللاحكمية هي في حالة تنافر مع الانتماء والهوية والولاء... أي كلما زادت تلك التركيبات صرامة وتطرفا كلما تلاشت اللاحكمية


هل تتناقض اللاحكمية مع الفعل؟ مع القرار؟ ... هل تساعد على الوصول إلى فهم أفضل للحقيقة... لإجابة تلك الأسئلة علينا أن نفهم أن اللاحكمية هي عكس الدوغما،، وبالتالي لا يمكن أن تتحول هي نفسها إلى دوغما،، ويكفي أن نستخدمها كأداة تحررية في سبيل فهم أكثر حكمة للإنسان وللإنسانية

http://1ofamany.wordpress.com

[email protected]



#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)       Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلمى (7) ... صلاة
- حق الحياة .. في لزوم ما لا يلزم
- سلمى (6) ... بعث
- عن السجون لإيما جولدمان
- موتيات 3
- موتيات 2
- موتيات 1
- أفران أولمرت
- بين تشرينين
- هل الأناركية عنيفة.. شعبوية.. ؟
- أممية الاتحادات الأناركية : النضال من أجل حركة أناركية عالمي ...
- ما هو الإيجو؟ وكيف تمنعه من حجب سلامك الداخلي ومحبتك غير الم ...
- سلمى (5) ... عبادة
- ما هو الحب 2
- نعوم تشومسكي: عن الأناركية، الماركسية، وآمال المستقبل (4) و ...
- نعوم تشومسكي: عن الأناركية، الماركسية، وآمال المستقبل (3)
- نعوم تشومسكي: عن الأناركية، الماركسية، وآمال المستقبل (2)
- نعوم تشومسكي: عن الأناركية، الماركسية، وآمال المستقبل (1)
- ماذا لو لم تمر تلك الكذبة
- ما هو الحب


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - اللاحكمية