أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - ما هو الإيجو؟ وكيف تمنعه من حجب سلامك الداخلي ومحبتك غير المشروطة؟ (2-2)















المزيد.....

ما هو الإيجو؟ وكيف تمنعه من حجب سلامك الداخلي ومحبتك غير المشروطة؟ (2-2)


محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)


الحوار المتمدن-العدد: 3466 - 2011 / 8 / 24 - 07:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


متابعة للجزء الأول
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=147004

لماذا ليس من السهل على الجميع أن يدع الأفكار التي تخطر له تمر من دون أن تضايقه؟ أو بالأحرى، ما الذي يحاول الإيجو فعله لإعاقة ذلك المرور السلس للأفكار؟


** نحن نفضل أن نكون على صواب على أن نكون سعداء **

إن السبب الرئيسي وراء ذلك يعود إلى الأدوار التي يلعبها الإيجو. إن بعض أكبر الأدوار هي تلك التي تتعلق "بكوننا على صواب"، أو "أفضل" أو "أدنى". فبالنسبة لمن هو تحت سيطرة الإيجو، فهو يفضل أن يكون واحدا من أولئك على أن يكون في حالة سلام نفسي.

لماذا لا نستطيع أن نتجاوز جدالاتنا الماضية؟ لماذا لا نستطيع أن نتجاوز آلامنا القديمة؟ لماذا تجعلنا الجدالات نفقد أعصابنا؟ لماذا تستدعي الكلمات الغاضبة لدينا ردات فعل تختلف عن تلك التي تستدعيها كلمات الود؟

لأن كلمات الغضب أو الود تدخل أيضا في عمل تلك الأدوار والفلاتر؛ إننا ننجر للدفاع عن تلك الأدوار، ونحن نفضل أن نكون على صواب على أن نكون سعداء. إننا نفضل أن نعيش من جديد أحداثا معينة، حتى نشعر أن مواقفنا في تلك الأحداث كانت مبررة، حتى تأتي عقولنا بطرق جديدة ندافع فيها عن أنفسنا. ولا يهم أن ذلك الحدث الذي نستدعيه قد حدث في الماضي إلى درجة فقد فيها كل صلته بالواقع ولم يعد بإمكانه أن يؤثر في حياتنا.

وبنفس الطريقة، نفضل أن نهاجم أو نغتاب أو ندين الآخرين حتى نشعر بالسمو أو بأننا أرفع منزلة على أن نشعر بالسلام النفسي. والغريب في الأمر، هو أننا نفضل أيضا أن نشعر بالدونية على أن نشعر بالسلام النفسي، فكثير من القيل والقال وتعظيم المشاهير، وغير ذلك من ممارسات يومية، يجعلنا نشعر بالدونية.
وبالنسبة للإيجو الصغير داخلنا، أي هوية في العالم هي أفضل من لاشيء، وحتى لو كانت هوية مسكنة أو هوية مثيرة للشفقة.

كيف نوقف كل ذلك الجنون؟


** بداية الحرية .. ترك الأفكار تمر **

لعلك أصبحت تعلم الآن أسرع طريقة لتحرير نفسك من كل ذلك الألم, فبمجرد أن تكون واعيا إلى أن كل ذلك الالم ناتج عن مجرد "فكرة"، تكون قد خطوت الخطوة الأولى.
وعندما تفهم كيف تعمل الأفكار، فإنك تفهم أيضا كيف تسبب الأفكار الألم. وعندما تدرك حاجة الإيجو إلى التركيز على تلك الفكرة، وكفاحه في سبيل حاجته إلى أن يكون على صواب أو كفاحه من أجل هويته أو شخصيته، سيكون ذلك رائعا بالنسبة لك.

فأنت بذلك تدرك أنه من الجنون أن تستمر في القتال مع خصم هو مجرد خصم تخيلي. من الجنون أن تنزعج وتجهد نفسك بسبب موقف أصبح في الماضي وبالتالي ليس له أي وجود فعليا. من الجنون أن تجهد نفسك وتقلق بشأن موقف في المستقبل أيضا، هو أيضا موقف لا وجود فعلي له.

وبحيازة ذلك الإدراك، يصبح كل ما عليك فعله هو أن تترك الفكرة تطفو، كأي فكرة منتجة. وقد تعود لتنزلق أحيانا، ولكن ذلك سيحدث فقط لأنك اعتدت فعل ذلك لسنين طويلة. ومتى أصبحت يقظا لذلك ايضا، فقد أصبحت تحوز حريتك بالفعل.

احصد الفائدة من تلك الأفكار، فإذا كانت فكرة تدعوك إلى القلق من المستقبل، فلتقم إذا باتخاذ أي خطوات لازمة، قم بالتحضير لكل ما قد يدعوك إلى القلق، ثم دع الفكرة تنزلق إلى حالها. وإذا كانت الفكرة تتعلق بموقف مؤلم يخص الماضي، فربما تكون قلقا في الحقيقة من أن يتكرر ذلك الموقف مجددا، قم في هذه الحالة أيضا بالتحضير لذلك. إذا كان ما يزعجك يتعلق بالحاضر، احصد الفائدة من ذلك القلق ودعه يمضي أيضا. اترك كل ما يزعجك من أفكار وأشخاص في حاضرك.


** لا تدع نفسك تشعر بأنك مخطئ **

عندما اكتشفت موضوع الإيجو لأول مرة وكم من الألم كان يسبب لي، بدأت بشيطنته. وأصبحت أتساءل: كيف كنت، أو كان الإيجو الذي يخصني، بذلك الحمق؟ وكم من الألم كان بإمكاني أن أتفادى لو كنت أعلم بشأنه؟ وكيف يمكنني أن أدمر هذا الإيجو، أنا أكره الإيجو، أود لو أنني لم أمتلك الإيجو في حياتي!

كيف يبدو ذلك الكلام السابق؟ هل يبدو كلاما من اللب أو القلب الحقيقي؟ هو ليس كذلك.. من المتحدث إذا؟ إنه الإيجو فعليا!! أليس كل ذلك التذمر بشأن الإيجو شبيها بكل ما كنا نتحدث عنه في السابق؟ فنحن كنا نتحدث عن قيام الإيجو بالتذمر من ماض لم يعد له وجود. يريد أن يتأكد من أن المستقبل سيكتنفه السلام، ولكن المستقبل لا وجود له ليكون المستقبل منذ الآن مكتنفا بالسلام. إ ن اللحظة الوحيدة التي يمكن أن نعيشها بسلام هي هذه اللحظة "الآن"، لأن "الآن" هو فقط ما له وجود.

كن متيقظا إذا لذلك الفخ. فلا شيء يدعو إلى الخوف. الإيجو ليس "مخطئا". إنك بتخطيئك لنفسك لامتلاكك الإيجو تعبر عن المزيد من الإيجو فقط. وليس هناك ما عليك أن تكافحه. إن كفاحك ضد الإيجو هو مزيد من الإيجو. كل ما عليك فعله هو أن تميز فعل الإيجو في كل مرة يحاول فيها أن يتدخل، وأن تجعل الأفكار تتركك بسلاسة.

كل ما عليك إذا هو أن تكون "متيقظا"، وأعني بذلك الانتباه إلى الإيجو. كن منتبها من "المصافي" أو المرشحات التي تعبر الأفكار من خلالها وتتنخل، وانتبه دائما إلى أن الإيجو بمصافيه أو فلاتره هو ما يدفعك للتصرف على ذلك النحو أو التفكير بتلك الأفكار. والأهم من كل ذلك، هو أن تنتبه إلى العدسة المكبرة التي تضعها على كل فكرة، انتبه إلى ذلك الجزء منك الذي لا يريد الإفلات من الفكرة وتركها تمضي خارج وعيك.

وليس غريبا أن علم النفس الحديث يوصي بفعل الشيء نفسه، فقط باستخدام تسميات أخرى.


** ليست كل المرشحات (المصافي أو الفلاتر) مضرة لنا.. أليس كذلك؟ **

لا بد أنه بإمكانك عند هذه النقطة أن تفكر في بعض المرشحات التي كانت مفيدة بالنسبة لك. فبعض الأفكار تبدو جيدة، تنتج بعض الانفعالات والمشاعر الرائعة، وبعضها قد يجعلك قويا أو ثريا.

هل تتذكرون جون؟ رجل الأعمال الافتراضي الذي يتعرض للإفلاس والذي تحدثنا عنه في السابق؟ للتذكير فإن أفكار جون تبدأ على النحو: "إن تجارتي قد تعرضت للإفلاس". تلك العبارة هي حقيقة من الحقائق، وهي محايدة، لا جيدة ولا سيئة.

بعد أن تمر تلك الفكرة عبر مرشحات "الوفرة" عند جون، فإنها تصبح على النحو: "صحيح أن تجارتي قد تعرضت للإفلاس، ولكن لا بأس، فسأصبح مليونيرا من جديد خلال سنة واحدة".

نفس الفكرة حين تعبر من خلال مرشحات زوجته فيفان، تصبح على النحو: "إن تجارتي قد تعرضت للإفلاس، يا إلهي، ما العمل؟ سينتهي بي الأمر نائمة على الأرصفة! لا أحد سيحترمني بعد الآن، وسأخسر اصدقائي!"

ما الذي يعنيه ذلك الآن؟ أن تعدل مرشحاتك حتى تحصل على السلام؟ ولكن ألم نقل سابقا أن المرشحات تغطي السلام الحقيقي في داخلك؟ ..

حسنا، لعل الإجابة على ذلك هي نعم ولا في نفس الوقت.

فكلما كنت واعيا إلى مرشحاتك بشكل أكبر، كنت واعيا أكثر. وذلك يعطيك المزيد من السيطرة على الأفكار التي عبرت من خلال مرشحات سلبية. وبالممارسة، يمكن أن تعدل مرشحاتك لتصبح إيجابية، وذلك هو مصدر القوة والمشاعر الرائعة.

ولكن عليك أن تميز بين تلك المشاعر الرائعة والسلام الداخلي الحقيقي الذي ينبع من اللب. فالمشاعر التي تنتج عن المرشحات سيكون لها دائما مشاعر مضادة.

فمرشح من نوع "إن هذه الفتاة التي قابلتها حديثا ستجعلني سعيدا" له دائما شيء خفي يعاكسه في مكان ما. فلو تبين لك أنها لم تكن كما توقعتها، فإن الحقيقة المضادة تدخل على الخط، ويحدث الإحباط والجدال والحسرة.

ألا يصف ذلك معظم العلاقات العاطفية، وبالتأكيد معظم مصادر البهجة والسرور بغض النظر عن ماهيتها؟ هناك دائما فرصة لأن تنهار أو تحترق، وذلك ما يحدث عادة.
وفي نفس الوقت، من الصعب أن تمتلك مرشحا إيجابيا لكل موقف قد يصادفك في حياتك. جون مثلا لديه مرشح ممتاز عندما يتعلق الأمر بالنقود، ولكن كيف يستعامل مع المرض مثلا؟ كيف سيتعامل مع صدمة عاطفية؟


** الفرحة الحقيقية والزائفة، والحب الحقيقي والزائف **

إن الحب الحقيقي والفرحة الحقيقية ليس لهما من ضد أو معاكس، لأنهما لا يأتيان من مرشح أو فلتر ما. إن قلبك أو لبك الحقيقي لا يوجد له ضد أو عكس، فهو لا يسعى إلى أي شيء، الإيجو فقط هو ما يسعى إلى الأشياء. قلبك لا يتحدد او يتعرف بشيء معين، لذلك فهو لا ينزعج من أي خسارة. لا يمكن لأي شيء أن يعكره. لأنه من دون أي مرشحات، يكون كل شيء مجرد. الافكار عندها لا تضطر للمرور عبر أي مرشحات، وبدون مرشحات، ليس هناك ما هو جيد أو سيء، كل شيء مجرد فقط.

ومرة أخرى، كن حذرا. فإذا كنت في حالة ألم، اخرج منها؛ إذا كنت مريضا، اذهب إلى طبيب. إذا كنت في وسط حريق، أطفئها ! فأنا أتحدث عن الألم النفسي هنا لا الجسدي. إن الألم الجسدي هو دائما مؤشر على وجود خلل ما. إن علي التأكيد على ذلك، فقد قرأت عن بعض القصص المروعة عن بعض الناس الذين تمادوا في الممارسة التي نتحدث عنها، كفتاة مراهقة مثلا ماتت بسبب البرد حيث فكرت أنها بعدم مقاومة الشعور بالبرد ستجتاز الأمر، وذلك ليس ما أدعو إليه هنا. تذكروا، دعوا الفكرة تدخل، احصدوا الفائدة منها، ثم دعوها تغادر. هذا كل ما أقوله. فإذا كنت تشعر بالبرد فإن أفكارك ستخبرك بضرورة الذهاب إلى مكان دافئ، افعل ذلك! ولكن متى ما وصلت إلى هناك، دع الفكرة تتركك، فهي قد أصبحت من الماضي ولا حاجة إلى التذمر منها، دع الفكرة تنزلق من ذهنك.

هذا ليس مجرد تكلف روحاني، فأنا لا أكتب عن شيء لم يعمل معي شخصيا. وأنا لا أزعم أنني شخص مستنير، ولكنني قد استخدمت ما أحدثك عنه للتغلب على السلبية، من الاكتئاب البالغ إلى الهموم البسيطة.

هل يمكنك الآن أن ترى من أين ينبع الحب الحقيقي واللامشروط؟ إنك لا تستطيع أن تأمر نفسك بأن تمتلك محبة لا مشروطة. إن إخبارك نفسك بأنك ستحب شخصا معينا بغض النظر عما يفعله أو تفعله لن ينجح، لأن الإيجو هو الذي يتحدث إليك في هذه الحالة. فما الذي سيحدث لمحبتك اللامشروطة عندما يبدأ ذلك الشخص بالصراخ، أو عندما يغشك، أو عندما يأخذ بطاقاتك الائتمانية وينفق إلى حدها الأقصى؟

ستحاول أن تسيطر على الإيجو وتكافحه، في الوقت الذي عليك فيه أن تترك كل شيء يطفو ويمر. إن مكافحة اللاشعور ستجعلك تغرق فيه أكثر.

إنك بدون الإيجو لا تريد شيئا. لذا لا توجد شروط لمحبتك. لا شيء يمكن أن يجعلك تغضب وتتوقف عن حبهم. لا شيء تخسره بالنسبة لك. الحب مجرد. الفرحة مجردة. لا يوجد جيد وسيء. كل شيء مجرد وكما هو.

(ملاحظة: إن محبة شخص ما لا تعني أن عليك أن تتركه يفعل ما يشاء، فإذا كان يؤذيك، فإن عليك أن تفعل شيئا بخصوص ذلك ! )


** القوة الحقيقية والزائفة **

الأمر نفسه ينطبق على القوة. وعليك أن تميز بين القوة المادية والقوة الروحية. فتطوير مرشحات إيجابية قوية سيعطيك الكثير من القوة المادية.

ومع ذلك، ورغم أنني لا أستطيع أن أتحدث عن القوة الروحية –لأنني لست مستنيرا بعد- فإن لدي شعورا بأن تطويرك للمرشحات الإيجابية قد يضرك على المدى الطويل. قد يكون جيدا لك مؤقتا، ولكنه سيرسخ الإيجو بعمق شديد يصبح معه التخلص منه أصعب.

فالإيجو مهما كان إيجابيا، هو- بالنسبة لكثير من عظام المعلمين الروحانيين- عائق أمام النمو الروحي.


** إزالة الإيجو **

إذا، وللطموحين: كيف يمكن أن نزيل الإيجو؟ إن التيقظ والانتباه لا يبقيك فقط غير متأثر بالإيجو، بل يؤدي أيضا إلى تقليل وتصغير الإيجو ببطء.
لأنه إذا كان السماح للإيجو بالعمل على الأفكار سيقوي الإيجو، فإن عدم تغذيته بالأفكار سيجعله يتلاشى بالتدريج.

وبمعرفتك أنك تتصرف أو تستجيب أو تفكر تحت تأثير تلك المرشحات، فإنك تبدأ في رؤيتها على حقيقتها. وكلما كنت واعيا أكثر، كنت قادرا أكثر على اكتشاف الأنماط والأدوار والهويات التابعة لها. ويشبه ذلك كرة الثلج، تبدأ بطيئة، ثم تكتسب الزخم سريعا، لتبدأ في رؤية البدائل عن السلوك والتفكير بالطريقة التي كنت تتبعها طوال حياتك.

وعندما تطور الشجاعة والقوة الداخلية للبدء في التصرف بطريقة تتلاءم مع داخلك – اللب الذي يغمره السلام والحب والسرور- فإن كل تلك البقع ستتلاشى، فالإيجو لا يمكن أن يحيا من دون أفكار أو أفعال تغذيه.

قد يخطر للمرء هنا: وما الذي سيمنعنا من التصرف بطريقة أسوأ؟ متى ما عرفنا مرشحاتنا واكتشفنا أن بوسعنا أن نتصرف على نحو مختلف، لماذا لا نصبح أعنف وأسوأ مما كنا؟ لماذا لا نصبح أكثر أنانية؟

الإجابة هي أنه من المستحيل عمليا أن تكون واعيا وتختار إيذاء الآخرين. فإيذاء الآخرين يسبب شعورا سيئا لديك، وفي المحصلة أنت تؤذي نفسك بذلك، ولا أحد يختار واعيا أن يؤذي نفسه. الإيجو فقط قد يختار ذلك. فإذا كنت تتصرف بشكل سلبي -سواء كان ذلك التصرف كبيرا أو صغيرا- فأنت لست واعيا، أنت في هذه الحالة شخص غير واع لديه بعض المفاهيم والأفكار عن "الوعي" و"الروحانية" في رأسه.

وكيف نميز بين الأفعال الخيرة التي تأتي من الإيجو والأفعال الخيرة التي تأتي من اللب؟

كن منتبها، هل تريد الحصول على شيء ما من وراء التصرف بطيبة؟ عندما تبتسم لأحدهم أو تعاونه في شيء ما، هل تسعى إلى شيء من خلال ذلك؟ سواء كان التقدير أو العرفان أو المديح أو معروفا مقابلا؟ إذا كان الأمر كذلك فالإيجو هو مصدر تلك الطيبة. ولكن إذا كنت كنت تعطي بحق بدون التفكير في الحصول على أي شيء في مقابل ذلك العطاء، فإن ذلك الفعل ينبع من المساحات بين الإيجو؛ تلك المساحات من وعيك التي لم تلطخها بقع الإيجو.. من اللب.


** المعاناة والبقع **

هناك طريقة أخرى يمكنك من خلالها إزالة الإيجو؛ بأن تزيل، قطعة بقطعة، كل ما تتعرف وتتحدد من خلاله. لكن معظم الناس لا يأتون على هذه العملية باختيارهم، فهي تحدث لهم عوضا عن ذلك.

كيف تعمل هذه العملية؟

كما قلنا، فإن كل بقعة أو قطعة من الإيجو تمثل شيئا، مثل التحدد من خلال الأشياء، أو المجموعات، أو الجسم، وهكذا. فما الذي يحدث عندما يزال أحد تلك الأشياء؟
لنأخذ امرأة جميلة مثلا، تحدد نفسها من خلال مظهرها. ما الذي يحدث عندما تخسر جمالها؟ قد تكون الخسارة بطيئة وتدريجية، بفعل العمر مثلا، وقد تكون سريعة، كأن تتعرض إلى حادث يتركها مشوهة. لا فرق. وبغض النظر عما ستخسره، أكان مالا أو سيارة أو مكانة اجتماعية أو سياسية او حبيبا، فإن النتيجة واحدة.
إحدى البقع التي تلطخ دائرتها النقية التي تمثل لبها وإدراكها الداخلي (التي تحدثنا عنها في بداية الموضوع) سيتم اقتلاعها، (وذلك يشبه أن تزال من على النظارة الملطخة بشتى الصبغات والبقع، بقعة ما، ليصبح ما يرى من خلالها على حقيقته لا يتلون بلون آخر كما كان يحدث).. هذه البقعة التي ستقتلع هي البقعة التي تمثل "تحدد تلك المرأة بمظهرها". وإذا لم ترد تلك المرأة اقتلاع تلك البقعة، فإن تلك العملية ستكون مؤلمة بقدر ما تؤلم عملية اقتلاع الذراع.

هنا نصبح أمام احتمالين:

الاحتمال الأول: الالم يسبب بقعة جديدة، ربما أكبر واقوى، لتحل مكان تلك البقعة. ما عساها تكون؟ ربما بوسعك أن تخمن. قد تكون المرارة أو الغضب أو السخط أو الإحباط أو السخرية. أو قد تكون لعب دور الضحية، فقد ينتهي الأمر بها إلى أن تصبح تشعر بالكبرياء عن طريق الشعور بالمظلومية، لتحصل على شكل ملتو من السرور عن طريق التذمر والنواح.

ردة الفعل تلك قد تحدث أيضا إذا قمت باختيارك بإزالة جزء من هويتك أو شخصيتك التي تتحدد من خلالها. فإذا كنت تتعرف من خلال المال، يمكنك أن تتبرع به كله لتصبح ناسكا. ولكنك في هذه الحالة قد تكون استبدلت بذلك الجزء من إيجوك جزءا جديدا؛ هوية "روحانية" وبالتالي "أفضل" من الناس العادية "الأقل" من الناسك!
تحذير: هذا ليس تشجيعا أو تزكية للقيام بأي فعل أحمق. فإذا كنت تتعرف من خلال مظهرك، فإن قيامك بتشويه نفسك ليس طريقا للاستنارة، ونفس الأمر ينطبق على التضحية بكل ما تملك. فأيا كان ما تتعرف من خلاله، يكفي أن تكون منتبها له وأن لا تتعلق به، ولا تجعله جزءا من هويتك.

ولكن ما الاحتمال الآخر؟

الاحتمال الثاني: بعد أن ينتهي الأثر الأولي للخسارة، وقبل تنصيب هوية جديدة، شيء في داخلك يلاحظ ذلك الحيز الذي تركته الخسارة. شيء في داخلك يلاحظ أن ما تبقى ليس الألم، يلاحظ أنه تحت كل تلك البقع لا يوجد مجرد فراغ أو موت. بل على العكس، كلما كان الخسارة أكبر وبالتالي الجزء المقتلع من الإيجو أكبر، انكشف جزء أكبر من اللب الحقيقي.

لذا فإن ذلك الجزء منك يحاول استكشاف ذلك اللب، لديه الفضول للمعرفة، ويتقبل الخسارة، ولكنه لا يتبع المحرك الغريزي الذي يدعوه لملء ذلك الفراغ الذي تركته البقعة ببقعة أخرى، بدور آخر، بمرشح آخر.

فما الذي تبقى؟ إنه اللب؛ الوعي الحقيقي. لا يمكن تعريف هذا اللب، لأن تعريفه سيختزله إلى مجرد مفهوم، وسيصبح جزءا من الشكل؛ الإيجو. ولكنني أعرفه عنه شيئا واحدا : انه جميل.

- تم -

ترجمة: محمد عبد القادر الفار

النص الأصلي لإربان مونك:
http://www.urbanmonk.net/59/what-your-ego-is-and-how-to-stop-it-from-obscuring-your-inner-peace-and-unconditional-love/


















#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)       Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بانغلوس ينتظر البيان رقم واحد
- مقابلة مع نعوم تشومسكي سنة 1995
- عن اللاحكمية .. والتعادلية .. والتحرر من تعين الذات
- عن الديمقراطية: ليس كل ما يلمع ذهبا
- إضاءات على اللاحكمية
- اللاحكمية
- سلمى (7) ... صلاة
- حق الحياة .. في لزوم ما لا يلزم
- سلمى (6) ... بعث
- عن السجون لإيما جولدمان
- موتيات 3
- موتيات 2
- موتيات 1
- أفران أولمرت
- بين تشرينين
- هل الأناركية عنيفة.. شعبوية.. ؟
- أممية الاتحادات الأناركية : النضال من أجل حركة أناركية عالمي ...
- ما هو الإيجو؟ وكيف تمنعه من حجب سلامك الداخلي ومحبتك غير الم ...
- سلمى (5) ... عبادة
- ما هو الحب 2


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - ما هو الإيجو؟ وكيف تمنعه من حجب سلامك الداخلي ومحبتك غير المشروطة؟ (2-2)