أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - مدخل لدراسة الشعر الفلسطيني في إسرائيل 1948 1967 – القسم الثاني















المزيد.....

مدخل لدراسة الشعر الفلسطيني في إسرائيل 1948 1967 – القسم الثاني


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 3839 - 2012 / 9 / 3 - 19:19
المحور: الادب والفن
    


2-. بداية أم استمرار؟
من الأسئلة التي تطرح، عادة، في دراسة الشعر الفلسطيني في إسرائيل: هل كان هذا الشعر، والأدب عامة، استمرارًا للأدب الفلسطيني قبل 48، أم هو بداية جديدة لا صلة لها بما سبقها؟ ينسب الأستاذ محمود غنايم، في كتابه عن القصّة الفلسطينية في إسرائيل، إلى الأستاذ إميل توما "أن وضع الثقافة العربية عند قيام دولة إسرائيل يمكن نعته بالبداية لا بالاستمرار". وفي الهامش إحالة أيضًا إلى كتاب الأستاذ غسّان كنفاني "أدب المقاومة في فلسطين المحتلة 1948-1966"، (محمود غنايم : المدار الصعب، حيفا، 1995، ص 37-38). الرأي ذاته، إلى حد بعيد، ذكره الأستاذ نبيه القاسم، قائلاً: "تتميز حركتنا الثقافية في هذه البلاد بأنها حديثة العهد.. وبدأت من لا شيء تقريبًا [...] وجدنا أنفسنا مبتورين عن الماضي .. ومفصولين عن الحاضر والمستقبل.. محاصرين بأبشع القيود والقوانين" (نبيه القاسم: 1975، ص 5).
مقال إميل توما المذكور نشره في مجلة "الجديد" سنة 1963، وها نحن نورد منه هنا، ببعض الإطالة، رأي الأستاذ توما بهذا الشأن: "واقعان لا يمكن تجاهلهما ميّزا وضع الجماهير العربية التي تمسكت بالبقاء في أرض الآباء والأجداد.. المثقفون العرب، سوى أقلية ضئيلة جدًا، قضت عليهم حرب فلسطين بالتشرّد مع الشعب الفلسطيني، فاستوعبت بعضهم الحركة الثقافية العربية العامّة.. هذا أولا.. وثانيا.. نهر الثقافة العربية العامة الذي كان يعرج على فلسطين، وكانت فلسطين أحد روافده الصغيرة، انقطع عن إرواء الشعب العربي في إسرائيل.. وهكذا كادت الثقافة العربية تنحصر في ما بقي في صدور ذلك النفر القليل الذي بقي من المثقفين الفلسطينيين الذين بقوا في إسرائيل [...] ولكن الحياة لا يمكن أن تخضع لقوانين تغاير نبعها.. خصوصًا وان المثقفين التقدميين الذين بقوا في البلاد جعلوا من مجلة "الجديد" منارًا للثقافة العربية القديمة ونافذة تطل على الثقافة العربية المعاصرة. وهكذا بدأ الجيل الصاعد ينمو دون أن يفقد جذوره القومية.. ودون أن يفقد إحساسه بثقافته العربية وتذوّقه لها [...] فالثقافة العامة تشرّبت في البداية عن طريق "الجديد" و"الاتحاد" وعن طريق الإذاعة، ثم فيما بعد عن طريق النشر في إسرائيل.. وإن كان هذا النشر لا يزال ضئيلا والاختيار فيه سيّئا بعض الشيء". [إميل توما، الجديد،العدد 2-1، 1963، ص 6].
وفي مقال آخر للأستاذ إميل توما نفسه يكرّر الكاتب الموقف ذاته، بشكل أو بآخر، فيرى أن العرب في إسرائيل استطاعوا المحافظة على الهوية الفلسطينية في مواجهة سياسة الاضطهاد القومي عن طريق "نتاج تلك القلّة التي عاشت سنوات وعيها الأولى في مناخ نضالية الشعب العربي الفلسطيني قبل النكبة"، وهو يقصد، بالطبع، أدباء اليسار الذين واصلوا نشاطهم الثقافي الأدبي بعد 48، وكذلك "بقيام القوى الديمقراطية بنشر نماذج التراث الفلسطيني الأفضل، النتاج الأدبي الثوري" (أنطون شلحت(إعداد):"سميح القاسم من الغضب الشوري إلى النبوة الشعرية"، منشورات الأسوار،عكا، 1983، ص 101.)
أشار غسان كنفاني أيضًا، في كتابه المذكور سابقا، إلى "الحصار الثقافي" الذي عانى منه الفلسطينيون في إسرائيل بعد 48، والى زوال المؤسسات الثقافية التي كانت في عهد الانتداب، بحيث لم يبق "أي محور ثقافي عربي يمكن أن يشكّل نواة لنوع جديد من البعث الأدبي" (كنفاني 1966، ص 11). إلا أنه لم يذكر، كما يتضح من المقتبس السابق، أن الأدب الفلسطيني بعد 48 كان بداية جديدة منبّته عما سبقها، بل كان همّه التأكيد على "الحصار الثقافي" وتدمير "المحاور الثقافية" العربية بعد 48. ثم إن كنفاني عرض لهذه المسألة بالذات ، في مجلة "الطريق" اللبنانية، مؤكدًا أن "شعر المقاومة في فلسطين هو تقليد من تقاليد شعبها، يرتدّ إلى زمن طويل، ولعلّ شعرنا في فلسطين كان سبّاقًا في استقراء المستقبل، ولذلك فقد كان دائمًا، بمعنى من المعاني، شعرًا سياسيًا. إنني أشير على وجه التخصيص إلى إبراهيم طوقان، وعبد الرحيم محمود، وخصوصًا إلى أبي سلمى (عبد الكريم الكرمي). على هذا الضوء يمكن أن نفهم شعر المقاومة في فلسطين المحتلة الآن كجزء من تيّار نضالي شعبي لم ينقطع. وهذه الحقيقة تجعل من السهل علينا أن نفهم لماذا ارتبط شعر المقاومة بدورين متلازمين هما الريادة على صعيد العمل التحرري والريادة على الصعيد الاجتماعي. لقد كان ببساطة تعبيرًا عن ذلك التيار الجماهيري، ولذلك فقد كان ملزمًا بأن يكون تقدميًا: سياسيًا واجتماعيًا (مجتة الطريق نوفمبر وديسمبر 1968، ص 17).
فهل نفهم من كلام توما وكنفاني السابق، أن الأدب العربي في إسرائيل بعد 48 كان بداية لا استمرارًا لما قبله؟ ألا يظهر بوضوح أن كليهما يعتبران هذا الأدب استمرارًا للتقاليد الأدبية في فلسطين قبل 48؟ ألا نفهم من كلام توما، بوضوح، أن النواة الأولى كانت من الأدباء الذين عاشوا وانتخوا قبل 48، ثم واصلوا هذا الإنتاج بعد 48، بالإضافة إلى ما وصل عن طريق الصحف والإذاعة إلى الأجيال الصاعدة، وان كان ضئيلاً؟ علينا أن نوضّح هنا أن عددًا لا بأس به من المثقفين كان نشأ وتثقف وكتب في عهد الانتداب، وهم من يمكن تسميتهم بالمخضرمين، وإذا كان الأستاذ توما اعتبرهم "نفرًا قليلاً"، فلأنه، كما أسلفنا، قصد "أدباء اليسار" دون سواهم. هذا الشاعر حبيب قهوجي يذكر من المخضرمين عددًا لا بأس به، ولم يذكرهم جميعًا، ويؤكّد في شهادة شخصية أن الأدب في إسرائيل كان استمرارًا لما قبله، لا بداية من الصفر: "لم يكن ما كتب في أوائل الخمسينات هو نقطة الانطلاق من الصفر في أدبنا العربي. لقد ذكرت سابقًا الشعراء والأدباء المخضرمين [مؤيد إبراهيم، جميل لبيب خوري، يوسف نخلة، الأب عبد الله قهوجي، كامل نعمة، إميل توما، جبرا نقولا، نجوى قعوار فرح]، وإنني استطيع أن أضيف إليهم بعض الشعراء ممن تتلمذوا في زمن الانتداب، وبدأت بواكير إنتاجهم تظهر في أواخر عهد الانتداب وأوائل عهد الاحتلال، وكان من أولئك حنا أبو حنا وعصام العباسي وتوفيق زياد وحبيب قهوجي وعيسى لوباني وحنا إبراهيم (حبيب قهوجي: "العرب في ظل الاحتلال الإسرائيلي" ، بيروت، 1972، ص 882؛ وانظر أيضًا:صالح أبو أصبع: "الحركة الشعرية في فلسطين المحتلة منذ عام 1948 حتى 1975 ، بيروت، 1975، ص 20؛رجاء النقاش: "محمود درويش شاعر الأرض المحتلة" بيروت، 1972، ص 8، 54؛ محمود درويش :"شيء عن الوطن" ، بيروت،1971، ص 29؛ أبو حنا 1994، ص 105).
ثم إن شعراء الجيل الثاني، الذين درسوا وتثقفوا في إسرائيل بعد 48، أكّدوا غير مرة صلتهم بالشعر الفلسطيني في عهد الانتداب. يقول محمود درويش مخاطبًا الشاعر عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى): "أنت الجذع الذي نبتت عليه أغانينا، نحن امتدادك وامتداد أخويك اللذين ذهبا – إبراهيم وعبد الرحيم الذي قاتل بالكلمة وبالجسد. لا، لسنا لقطاء إلى هذا الحدّ، إننا أبناؤكم. لقد كنتَ شاعر المقاومة قبل اكتشاف النقاد لهذا التعبير، وقبل تحوله إلى تعبير شائع. يحدثنا آباؤنا عن ثوار فلسطين الذين كانوا يحملون سلاحين: البندقية والقصيدة. وكانت القصيدة لك. من ينسى غارتك الشجاعة على عروش الملوك، يوم كان الشعر نديمًا للملوك؟ ومن ينسى أغانيك ووقفاتك اليسارية عندما كانت اليسارية مغامرة توصل إلى المشانق، وتحرم الناس من رحمة الله؟" (عبد الكريم الكرمي 1971من فلسطين ريشتي ،بيروت1971 ص 9؛ وانظر أيضًا: سالم جبران في : شلحت 1982، ص 42؛ توفيق زياد: ملاحظات أساسية حول الشعر العربي الثوري في إسرائيل،مجلة الجديد، 8-9، 1966، ص 6].
بالإضافة إلى ما كانت تنشره الصحف الشيوعية من قصائد فلسطينية وعربية، يسارية في الغالب، اطّلع الشعراء في إسرائيل على كثير من الشعر العربي المعاصر، الكلاسيكي الجديد والرومانسي منه خاصة. كانت المكتبات الخاصة لدى كثيرين من المثقفين "الانتدابيين" مصدرًا متاحًا لأبناء الجيل الجديد، يستعيرون منها كتب الأدب والشعر، ثمّ أخذ الطلاب العرب في الجامعة العبرية، منذ أواسط الخمسينات خاصة، "يسرّبون" الكتب الأدبية، من شعر وقصّة، فتتداولها الأيدي، وكثيرًا ما تنسخها على الدفاتر قبل إعادتها إلى مكتبة الجامعة العبرية! على هذا النحو عرف الجيل الثاني من الشعراء والمثقفين في إسرائيل شعر المهجر وأشعار محمود حسن إسماعيل وعلي محمود طه والشابّي، بالإضافة إلى المعاصرين كالجواهري والسيّاب والبياتي والملائكة وعبد الصبور ونزار قباني وغيرهم. بل إن الأشعار التي كتبها الشعراء في الخمسينات، خاصة في النصف الثاني منها، تظهر فيها بوضوح آثار هذه القراءات أيضًا. (انظر: محمود درويش: حياتي وفضيتي وشعري، مجلة الطريق ، 1968، ص 54؛ سميح القاسم: حياتي وقضيتي وشعري، مجلة الطريق،تشرين الثاني-كانون الأول، 1968، ص 70؛ نظمي محمودبركة: الاتجاه الرومانسي في الشعر الفلسكيني المعاصر، القاهرة، 1994، ص 220؛ النقاش 1968، ص 231).
نخلص إلى القول إن الشعر العربي في إسرائيل كان امتدادًا للشعر الفلسطيني في عهد الانتداب، مواصلا بعض تقاليده أيضًا، ما في ذلك شك. كما أنه تأثر، رغم الحصار الذي ضُرب على الفلسطينيين داخل إسرائيل، بالشعر العربي المعاصر والتيارات الشعرية المهيمنة في العالم العربي آنذاك.



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدخل لدراسة الشعر الفلسطيني في إسرائيل 1948 1967
- من جديد مسلسل الاجرام في سوريا
- المؤامرة مستمرة
- مصنع للجرائم، والأكاذيب أيضا!
- لماذا التذكير بالتطهير العرقي يا سيّد أرنس؟!
- النظام السوري يتعهّد بالإصلاح!
- وعليه قسْ!
- عصر المعجزات؟
- الأساليب البعثية في إسكات الأهازيج الشعبية
- فتّشْ عن المصلحة!
- كيف يرضى العراق الحديث لنفسه مأثم التخلّي عن بيت الجواهري وق ...
- -الشعب يريد إسقاط النظام- ، في سورية أيضا!
- عودة أخيرة إلى -الأخطاء- في مجموعة درويش الأخيرة
- نظم كأنه نثر؛ التباس الحوار بين محمود درويش وقصيدة النثر
- الترادف ؛ غنى أم ثرثرة ؟
- مرثية لمحمود؟
- مجمع الأضداد / دراسة في سيرة الجواهري وشعره


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - مدخل لدراسة الشعر الفلسطيني في إسرائيل 1948 1967 – القسم الثاني