أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليمان جبران - عصر المعجزات؟














المزيد.....

عصر المعجزات؟


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 3435 - 2011 / 7 / 23 - 10:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كلّ مرّة أشاهد فيها المظاهرات الحاشدة، وأسمع هتافاتها المدوّية، ضدّ النظام القمعي في سورية، أتذكّر صديقي السوري. الصديق المذكور مثقّف سوري "مهجّر"، مثل عشرات الألوف من المثقفين الذين لم يقدروا على العيش في جحيم النظام السوري، فغادروا الوطن إلى بلاد الله الواسعة. إلى أميركا، إلى أوروبا، أو إلى البلاد العربية. التقيت بهذا الصديق قبل أشهر ، في إحدى العواصم العربية، في بداية تسونامي الثورة العربية. لم يكن ذاك لقاءنا الأول؛ التقينا قبله ثلاث أربع مرات، وفي كل مرة كنّا نتبادل الحديث بيننا متقطّعا، بالتلميح أحيانا، لكنّه كان كافيا ليعرف أحدنا الآخر معرفة "من الداخل". في اللقاء الأخير، كانت بيننا محادثة طويلة، صريحة، نفث فيها الصديق كلّ ما يختزن في داخله، ولا يبوح به إلا في الخلوات، في "أربع عيون". وجدني متفائلا بالهبّات الشعبية السلمية في وجه الأنظمة الجملكيّة، وإذ تمنيت له أن يأتي الآن دور سورية، تنفّس نفسا عميقا، وأردف: لا تستعجل. ما يحدث الآن في درعا لا يعني بالضرورة مواصلته واتساعه إلى المدن الأخرى. سورية وضع خاصّ، ولا يعرفه بحقّ إلا السوريون. وهنا، أخذ الصديق يروي ويفصّل، وأنا أصغي..
في سورية عمل الأستاذ سنوات في التعليم، قبل سفره إلى الدراسة في أوروبا. في أحد الأيام، قال لي، كنا في المدرسة في طابور الصباح. الوجبة الصباحية في المدرسة لا بدّ أن تكون وجبة "عقائدية" طبعا: أناشيد تُختم بشعار البعث: "أمّة عربية واحدة ذات رسالة خالدة". كنتُ قريبا من أحد التلاميذ، تابع الصديق، فسمعته يقول الشعار بألفاظ مغايرة. انفردتُ به وسألته: ماذا قلت يا شاطر، فكان جوابه: أمّة عربية بائدة ذات رسالة فاسدة! من علّمك هذا، سألته. أجاب : علّمني


هذا أبي، سجنوه عشرين سنة، بدون محاكمة، ومنذ خروجه من السجن ونحن في
بيتنا لا نردّد الشعار إلا على هذا النحو!
هل تعرف النكتة المتداولة بين السوريين، سألني. إذا التقيت بسوري في وسط باريس وألقيت عيه السلام ردّ عليك التحيّة بأحسن منها. فإذا تابعت وسألته: كيف الأوضاع، أخذ يتلفّت يمنة ويسرة! يصعب لغير السوري تصوّر قسوة هذا النظام وإجرامه. ربّما بعض الأنظمة العسكريّة التي حكمت أميركا اللاتينية، وسقطت كلّها إلى غير رجعة.
ألا تذكر المجزرة المروّعة في حماة في الثمانينات؟ ثلاثة أسابيع حاصر حافظ الأسد حماة، بالجنود والدبابات والطائرات، بقيادة أخيه رفعت الأسد، ولم يغادر فيها بيتا مصونا. بعض التقارير تذكر عشرة آلاف شهيد، وأخرى تذكر عشرين. ماذا فعل الأسد نفسه في تل الزعتر بإخوتكم الفلسطينيين، وفي طرابلس؟ هل تعرف لماذا أخاف الحديث ضدّ النظام علانية؟ لي في سورية أقارب، ولا أريد لهم عقابا بسببي! أنا أزعم أن نظام البعث السوري أوحش وأبشع من النازية حتى. النازية، يا أخي، ذبحت الشيوعيين واليهود، أما هذا النظام فيذبح أبناء شعبه دونما تمييز. إذا كان بشار ورث الحكم عن أبيه، فقد ورث عنه أيضا تاريخا أسود يرشل دما وجريمة وفسادا!
قلت للصديق: لكنّ الظروف اليوم مختلفة؛ العالم انفتح، وسائل الاتصال لا تدع حدثا يمرّ في العتمة، حتى الاتحاد السوفييتى الجبار سقط. أرجو أن يكون تفاؤلك في محلّه، قال، لكن لا شيء مضمونا في سورية البعث. على كلّ حال، خروج مظاهرة صغيرة، في سورية، يُعتبر معجزة، وها هي درعا أخذت تتظاهر وقد كسرت حاجز الخوف. من يدري، لعلّنا في عصر المعجزات!



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأساليب البعثية في إسكات الأهازيج الشعبية
- فتّشْ عن المصلحة!
- كيف يرضى العراق الحديث لنفسه مأثم التخلّي عن بيت الجواهري وق ...
- -الشعب يريد إسقاط النظام- ، في سورية أيضا!
- عودة أخيرة إلى -الأخطاء- في مجموعة درويش الأخيرة
- نظم كأنه نثر؛ التباس الحوار بين محمود درويش وقصيدة النثر
- الترادف ؛ غنى أم ثرثرة ؟
- مرثية لمحمود؟
- مجمع الأضداد / دراسة في سيرة الجواهري وشعره


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليمان جبران - عصر المعجزات؟